للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوْصَافِ وَقْتُ الدَّعْوَةِ لَا الْعُلُوقِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ: أَمَةٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَعَبْدٍ وَلَدَتْ فَادَّعَوْهُ فَالْحُرُّ الْمُسْلِمُ أَوْلَى لِاجْتِمَاعِ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ فِيهِ مَعَ الْمِلْكِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُسْلِمٌ بَلْ مَنْ بَعْدَهُ فَقَطْ فَالذِّمِّيُّ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ، وَالْمُكَاتَبُ وَالْعَبْدُ وَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ لَكِنَّ نَيْلَ الْوَلَدِ تَحْصِيلُ الْإِسْلَامِ دُونَ الْحُرِّيَّةِ ثُمَّ الْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ مِلْكٍ، وَالْوَلَدُ عَلَى شَرَفِ الْحُرِّيَّةِ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبٌ، وَادَّعَى الْمُدَبَّرُ وَالْعَبْدُ لَا يَثْبُتُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النَّسَبُ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ مِلْكٌ وَلَا شُبْهَةُ مِلْكٍ قِيلَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْجَوَابُ فِي الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ وُهِبَتْ لَهُ أَمَةٌ وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُزَوَّجَ مِنْهَا أَيْضًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَيْنَ رَجُلٍ وَأَبِيهِ وَجَدِّهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَوْهُ كُلُّهُمْ فَالْجَدُّ أَوْلَى اهـ.

وَقَيَّدَ بِكَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ادَّعَى نَسَبَهُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَأَعْتَقَهُ الْآخَرُ وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مَعًا كَانَتْ الدَّعْوَةُ أَوْلَى مِنْ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ تَسْتَنِدُ إلَى حَالَةِ الْعُلُوقِ وَالْإِعْتَاقِ فَيُقْتَصَرُ عَلَى الْحَالِ اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي كَوْنِهَا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُقَيِّدْ بِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقَدْرِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عُشْرُهَا وَلِلْآخَرِ تِسْعَةُ أَعْشَارِهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ مَعًا فَإِنَّهُ ابْنُهُمَا ابْنُ هَذَا كُلُّهُ وَابْنُ ذَلِكَ كُلُّهُ فَإِنْ مَاتَ وَرِثَاهُ نِصْفَيْنِ، وَإِنْ جَنَى عَقَلَ عَوَاقِلُهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ جَنَتْ الْأَمَةُ فَعَلَى صَاحِبِ الْعُشْرِ عُشْرُ مُوجَبِ الْجِنَايَةِ وَعَلَى الْآخَرِ تِسْعَةُ أَعْشَارِ مُوجَبِهَا وَكَذَا أَوْلَادُهَا لَهُمَا عَلَى هَذَا وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ اشْتَرَيَا عَبْدًا لَيْسَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ أَحَدُهُمَا عُشْرَهُ وَالْآخَرُ تِسْعَةَ أَعْشَارِهِ، ثُمَّ ادَّعَيَاهُ مَعًا فَهُوَ ابْنُهُمَا لَا يُفَضَّلُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي النَّسَبِ فَإِنْ جَنَى فَجِنَايَتُهُ عَلَى عَوَاقِلِهِمَا أَعْشَارًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِمَا اثْنَيْنِ لِلِاخْتِلَافِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِمَا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ وَإِنْ كَثُرُوا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَثْبُتُ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَا غَيْرُ وَقَالَ زُفَرُ: يَثْبُتُ مِنْ خَمْسَةٍ فَقَطْ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ الْإِمَامِ، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ لَوْ تَنَازَعَ فِيهِ امْرَأَتَانِ قُضِيَ بِهِ أَيْضًا بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يُقْضَى لِلْمَرْأَتَيْنِ وَكَذَلِكَ يَثْبُتُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِلْخَمْسِ وَلَوْ تَنَازَعَ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يُقْضَى لِلرَّجُلِ وَلَا يُقْضَى لِلْمَرْأَتَيْنِ، وَإِذَا تَنَازَعَ فِيهِ رَجُلَانِ وَامْرَأَتَانِ كُلُّ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ لَا تُصَدِّقُهُ عَلَى ذَلِكَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُقْضَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَلَا يُقْضَى بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ اهـ.

وَأَفَادَ بِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا أَنَّهَا تَخْدُمُ كُلًّا مِنْهُمَا يَوْمًا، وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَتْ وَلَا ضَمَانَ لِلْحَيِّ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لِرِضَا كُلٍّ مِنْهُمَا بِعِتْقِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا تَسْعَى لِلْحَيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِعَدَمِ تَقَوُّمِهَا وَعَلَى قَوْلِهِمَا تَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لَهُ وَلَوْ أَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا عَتَقَتْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلسَّاكِتِ وَلَا سِعَايَةَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَتَسْعَى إنْ كَانَ مُعْسِرًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَعَلَى هَذَا مَحَلُّ قَوْلِ الْإِمَامِ: الْعِتْقُ يَتَجَزَّأُ فِي الْقِنَّةِ أَمَّا فِي أُمِّ الْوَلَدِ فَعِتْقُهَا لَا يَتَجَزَّأُ اتِّفَاقًا وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُجْتَبَى، وَفِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَنْصِبَاءُ مُخْتَلِفَةً بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ السُّدُسُ وَلِلْآخَرِ الرُّبُعُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ وَلِلْآخَرِ مَا بَقِيَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمْ، وَيَصِيرُ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَارِيَةِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لَا يَتَعَدَّى إلَى نَصِيبِ صَاحِبِهِ حَتَّى تَكُونَ الْخِدْمَةُ وَالْكَسْبُ وَالْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ مِنْهُ فِي نَصِيبِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ يُزَوَّجَ مِنْهَا) الَّذِي فِي الْفَتْحِ " بَلْ " بَدَلَ " بَيْنَ " وَهُوَ أَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي أُمِّ الْوَلَدِ فَعِتْقُهَا لَا يَتَجَزَّى اتِّفَاقًا) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِعْتَاقِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ، وَتَخْصِيصُهُ بِأُمِّ الْوَلَدِ يُفِيدُ تَجَزِّيَ إعْتَاقِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ أَمَّا الْمُدَبَّرُ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ " فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ " مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُدَبَّرُ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ وَضَمِنَ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ عَتَقَ الْمُدَبَّرُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْوَلَاءُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ هَهُنَا ثَبَتَ مِنْ جِهَةِ الْمُدَبَّرِ فِي الْحَقِيقَةِ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُعْتَقِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَقَ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ لَا يَمْلِكُ نَصِيبَ الشَّرِيكِ هَهُنَا؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ إلَخْ فَعَدَمُ تَغَيُّرِ الْوَلَاءِ أَيْ بَقَاؤُهُ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ كُلُّهُ مِنْ جِهَةِ الْمُعْتِقِ، وَإِلَّا كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَاتَبَا عَبْدَهُمَا ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا جَازَ وَالْمُكَاتَبُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ عَجَزَ، وَيَكُونُ الشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ التَّضْمِينِ وَبَيْنَ السِّعَايَةِ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ وَالْعِتْقِ عِنْدَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ لَوْ مُوسِرًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَنِصْفِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ حَتَّى مَاتَ عَنْ مَالٍ كَثِيرٍ أَخَذَ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ نِصْفَ الْمُكَاتَبَةِ مِنْ مَالِهِ، وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ إعْتَاقَ الْمُكَاتَبِ يَتَجَزَّى عِنْدَهُ وَلِذَا تَخَيَّرَ الشَّرِيكُ بَيْنَ الِاسْتِسْعَاءِ وَالْعِتْقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>