للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِهْلِيزِهِ، وَفِي الثَّانِي لَا، وَأَمَّا صَحْنُ الدَّارِ أَوْ الْبَيْتِ فَفِي الْكَافِي لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ فُلَانٍ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَدَخَلَ فِي صَحْنِ دَارِهِ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَدْخُلَ الْبَيْتَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ حِنْثِهِ الدُّخُولُ فِي الْبَيْتِ، وَلَمْ يُوجَدْ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا فِي عُرْفِهِمْ، وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَالدَّارُ وَالْبَيْتُ وَاحِدٌ فَيَحْنَثُ إنْ دَخَلَ صَحْنَ الدَّارِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ قَامَ عَلَى كَنِيفِ شَارِعٍ أَوْ ظُلَّةٍ شَارِعَةٍ إنْ كَانَ مَفْتَحُ الْكَنِيفِ وَالظُّلَّةِ فِي الدَّارِ كَانَ حَانِثًا.

وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ دَخَلَ حَانُوتًا مُشْرَعًا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ إلَى الطَّرِيقِ، وَلَيْسَ لَهُ بَابٌ فِي الدَّارِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الدَّارِ مَا أَحَاطَتْ بِهِ الدُّورُ، وَإِنْ دَخَلَ بُسْتَانًا فِي تِلْكَ الدَّارِ فَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ كَانَ فِي وَسَطِهَا حَنِثَ. اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ فَدَخَلَ إصْطَبْلَه لَا يَحْنَثُ، وَفِي الْخُلَاصَةِ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى النَّسَفِيِّ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ فُلَانٍ فَجَلَسَ عَلَى دُكَّانٍ عَلَى بَابِهِ إنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، وَهُوَ تَبَعٌ لِبَيْتِهِ يَحْنَثُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ.

وَعَلَى هَذَا لَوْ دَخَلَ حَوْشًا بِجَنْبِ الْبَيْتِ يَحْنَثُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارَ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْوُقُوفِ عَلَى سَطْحِهَا أَوْ حَائِطِهَا أَوْ شَجَرَةٍ فِيهَا أَوْ عَتَبَةٍ دَاخِلِ الْبَابِ وَدِهْلِيزِهَا أَوْ صَحْنِهَا أَوْ كَنِيفِهَا أَوْ ظُلَّتِهَا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ أَوْ بُسْتَانِهَا الَّذِي فِي وَسَطِهَا وَيَحْنَثُ بِدُخُولِهَا عَلَى أَيٍّ صِفَةٍ كَانَ الْحَالِفُ رَاكِبًا كَانَ أَوْ مَاشِيًا أَوْ مَحْمُولًا بِأَمْرِهِ حَافِيًا أَوْ مُنْتَعِلًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ جَاءَ إلَى بَابِهَا، وَهُوَ يَشْتَدُّ فِي الْمَشْيِ أَيْ يَعْدُو فَانْعَثَرَ أَوْ انْزَلَقَ فَوَقَعَ فِي الدَّارِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ دَفَعَتْهُ الرِّيحُ، وَأَوْقَعَتْهُ فِي الدَّارِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ الِامْتِنَاعَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ فَجَمَحَتْ وَانْفَلَتَتْ، وَأَدْخَلَتْهُ فِي الدَّارِ، وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ إمْسَاكَهَا لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ أَدْخَلَهُ إنْسَانٌ مُكْرَهًا فَخَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ دَخَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُخْتَارًا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَحْنَثُ. اهـ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ بِالدُّخُولِ مُكْرَهًا بِدَلِيلِ عَدَمِ الْحِنْثِ، وَقَدْ وُجِدَ بِالدُّخُولِ ثَانِيًا مُخْتَارًا فَحَنِثَ وَسَيَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ إيضَاحُهُ وَوَضْعُ الْقَدَمِ كَالدُّخُولِ فِيمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَجَازًا عَنْ الدُّخُولِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي الْأُصُولِ، وَهَذَا كُلُّهُ بِاعْتِبَارِ الدَّارِ، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ صِفَتِهَا بِالْإِضَافَةِ إلَى فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إذَا دَخَلَ دَارًا مُضَافَةً إلَى فُلَانٍ سَوَاءٌ كَانَ يَسْكُنُهَا بِالْمِلْكِ أَوْ بِالْإِجَارَةِ أَوْ بِالْعَارِيَّةِ، وَفِي الْمُجْتَبَى لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْتُ دَارَ زَيْدٍ فَعَبْدِي حُرٌّ، وَإِنْ دَخَلْتُ دَارَ عَمْرٍو فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَدَخَلَ دَارَ زَيْدٍ، وَهِيَ فِي يَدِ عَمْرٍو بِإِجَارَةِ يُعْتَقُ وَتَطْلُقُ إذَا لَمْ يَنْوِ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا صُدِّقَ. اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ، وَلَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا وَدَارُ غَلَّةٍ فَدَخَلَ دَارَ الْغَلَّةِ لَا يَحْنَثُ إذَا لَمْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى دَارِ الْغَلَّةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ دَارِهِ مُطْلَقًا دَارٌ يَسْكُنُهَا. اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ ابْنَتِهِ وَابْنَتُهُ تَسْكُنُ فِي دَارِ زَوْجِهَا أَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ أُمِّهِ وَأُمُّهُ تَسْكُنُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا فَدَخَلَ الْحَالِفُ حَنِثَ. اهـ.

وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ هِيَ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ أَوْلَادَ زَوْجَتِهِ لَا يَطْلُعُونَ إلَى بَيْتِهِ فَطَلَعَ وَاحِدٌ هَلْ يَحْنَثُ فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّهُ جَمْعٌ لَيْسَ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ الْفُقَرَاءَ أَوْ الْمَسَاكِينَ أَوْ الرِّجَالَ فَكَلَّمَ وَاحِدًا مِنْهُمْ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ رِجَالًا أَوْ نِسَاءً. اهـ.

فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْجَمْعَ الْمُعَرَّفَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ كَالْمُفْرَدِ وَغَيْرِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِلْإِضَافَةِ، وَعَدَمِهَا بِدَلِيلِ مَا فِي الْوَاقِعَاتِ أَيْضًا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ إخْوَةَ فُلَانٍ وَالْأَخُ وَاحِدٌ فَإِنْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: يُعْتَقُ وَتَطْلُقُ) هَكَذَا رَأَيْته فِي الْمُجْتَبَى فَقَوْلُهُ فِي النَّهْرِ لَمْ يُعْتَقْ بِزِيَادَةِ لَمْ سَبْقُ قَلَمٍ (قَوْلُهُ: وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ ابْنَتِهِ إلَخْ) سَيَأْتِي آخِرَ كِتَابِ الْأَيْمَانِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: لَا أُكَلِّمُ الْفُقَرَاءَ أَوْ الْمَسَاكِينَ إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْتُ بَنِي آدَمَ أَوْ الرِّجَالَ أَوْ النِّسَاءَ حَنِثَ بِالْفَرْدِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْكُلَّ إلْحَاقًا لِلْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ بِالْجِنْسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ} [الأحزاب: ٥٢] فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْجَمِيعِ فَإِذَا لَمْ يَنْوِ حَنِثَ بِالْفَرْدِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ بِالْيَمِينِ مَنْعُ نَفْسِهِ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ فِي وُسْعِهِ إثْبَاتُ كُلِّ الْجِنْسِ فَيَنْصَرِفُ إلَى مَا دُونَهُ وَذَلِكَ مَجْهُولٌ فَصَرَفْنَاهُ إلَى الْأَدْنَى، وَهُوَ الْوَاحِدُ لِتَيَقُّنِهِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْبَحْرِ يَنْصَرِفُ إلَى قَطْرَةٍ مِنْهُ، وَفِي مَاءَ هَذَا الْكُوزِ إلَى جَمِيعِهِ، وَفِي لَا يَأْكُلُ هَذَا الطَّعَامَ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَأْكُلْهُ كُلَّهُ دُفْعَةً، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَعْضِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ إنْ أَمْكَنَهُ أَكْلُهُ فِي عُمُرِهِ لَا يَحْنَثُ بِالْبَعْضِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَكْلِ بَيْعٌ لَا يَحْنَثُ بِالْبَعْضِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَرِدُ عَلَى جَمِيعِهِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَلَوْ نَوَى الْكُلَّ صُدِّقَ دِيَانَةً، وَقَضَاءً، وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْتُ الرَّجُلَ فَكَلَّمَ رَجُلًا، وَقَالَ عَنَيْتُ بِالْيَمِينِ غَيْرَهُ يُصَدَّقُ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ بِخِلَافِ إنْ كَلَّمْتُ رَجُلًا؛ لِأَنَّهُ مُنَكَّرٌ فَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ التَّخْصِيصِ فِيهِ.

وَلَوْ قَالَ لَا آكُلُ التَّمْرَ أَوْ تَمْرًا أَوْ الطَّعَامَ أَوْ طَعَامًا أَوْ لَا أَشْرَبُ الْمَاءَ أَوْ مَاءً فَإِنَّ الْمُعَرَّفَ وَالْمُنَكَّرَ فِيهِ سَوَاءٌ لِكَوْنِهِ اسْمَ جِنْسٍ فَيَقَعُ عَلَى الْأَدْنَى، وَإِنْ كَانَ مُنَكَّرًا، وَفِي الْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ يَحْنَثُ بِالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى الْجَمْعِ، وَلَهُ نِيَّةُ الزَّائِدِ وَالْمُفْرَدِ لَا الْمُثَنَّى؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ الْمُنَكَّرَ عَامٌّ وَالْعَامُّ لَا يَتَعَرَّضُ لِلْمُثَنَّى؛ لِأَنَّهُ لَا إشْعَارَ لَهُ بِعَدَدٍ خَاصٍّ. اهـ. مُلَخَّصًا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>