إلَى السِّكَّةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ سِكَّةَ فُلَانٍ فَدَخَلَ مَسْجِدًا فِي تِلْكَ السِّكَّةِ، وَلَمْ يَدْخُلْ السِّكَّةَ لَا يَحْنَثُ رَجُلٌ جَالِسٌ فِي الْبَيْتِ مِنْ الْمَنْزِلِ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ فَالْيَمِينُ عَلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ الَّذِي كَانَ جَالِسًا فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ الْبَيْتِ يُسَمَّى مَنْزِلًا وَدَارًا هَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَإِنْ كَانَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ فَالْيَمِينُ عَلَى دُخُولِ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ وَتِلْكَ الدَّارِ فَإِنْ قَالَ عَنَيْتُ ذَلِكَ الْبَيْتَ الَّذِي كُنْتُ جَالِسًا فِيهِ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّ فِي الْفَارِسِيَّةِ خانه اسْمٌ لِلْكُلِّ هَذَا إذَا لَمْ يُشِرْ إلَى بَيْتٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ أَشَارَ إلَى بَيْتٍ بِعَيْنِهِ فَالْعِبْرَةُ لِلْإِشَارَةِ امْرَأَةٌ حَلَفَتْ أَنْ لَا يَدْخُلَ زَوْجُهَا دَارَهَا فَبَاعَتْ دَارَهَا فَدَخَلَ الزَّوْجُ، وَهِيَ تَسْكُنُهَا إنْ كَانَتْ نَوَتْ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارًا تَسْكُنُهَا الْمَرْأَةُ لَا تَبْطُلُ الْيَمِينُ بِالْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا نِيَّةٌ فَالْيَمِينُ عَلَى دَارٍ مَمْلُوكَةٍ لَهَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُعْتَبَرُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ سَبَبُ الْيَمِينِ إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ لِغَيْظٍ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ تَبْطُلُ الْيَمِينُ بِالْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ لِضَرَرِ الْجِيرَانِ لَا تَبْطُلُ الْيَمِينُ بِالْبَيْعِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَحَلَّةَ كَذَا فَدَخَلَ دَارًا لَهَا بَابَانِ أَحَدُهُمَا مَفْتُوحٌ فِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ وَالْآخَرُ مَفْتُوحٌ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى حَنِثَ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ تُنْسَبُ إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَحَلَّتَيْنِ، وَعَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ فَدَخَلَ الْمَسْلَخَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ مِنْ دُخُولِ الْحَمَّامِ ذَلِكَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَمَاتَ صَاحِبُ الدَّارِ ثُمَّ دَخَلَ الْحَالِفُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهَا انْتَقَلَتْ إلَى الْوَرَثَةِ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهَا بَقِيَتْ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لَا يَحْنَثُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا يَشْتَرِيهَا فُلَانٌ فَاشْتَرَى فُلَانٌ دَارًا وَبَاعَهَا مِنْ الْحَالِفِ فَدَخَلَ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ اشْتَرَى فُلَانٌ دَارًا، وَوَهَبَهَا لِلْحَالِفِ ثُمَّ دَخَلَ الْحَالِفُ حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ قَرْيَةَ كَذَا فَدَخَلَ أَرَاضِيِ الْقَرْيَةِ لَا يَحْنَثُ وَتَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى عُمْرَانِهَا، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي قَرْيَةِ كَذَا فَشَرِبَ فِي كُرُومِهَا وَضَيَاعِهَا لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْكُرُومُ وَالضِّيَاعُ فِي الْعُمْرَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْكَلَامُ عَلَى الْبَلْدَةِ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ كُورَةَ كَذَا أَوْ رُسْتَاقَ كَذَا فَدَخَلَ الْأَرَاضِيَ حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَغْدَادَ فَمِنْ أَيِّ الْجَانِبَيْنِ دَخَلَ حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَدِينَةَ السَّلَامِ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَدْخُلْ مِنْ نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ؛ لِأَنَّ اسْمَ بَغْدَادَ يَتَنَاوَلُ الْجَانِبَيْنِ، وَمَدِينَةُ السَّلَامِ لَا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الرَّيَّ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الرَّيَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَتَنَاوَلُ الْمَدِينَةَ وَالنَّوَاحِيَ وَرُوِيَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَدِينَةِ حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى الرَّيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ إلَى الْمَدِينَةِ، وَلَا إلَى الرُّسْتَاقِ بِعَيْنِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ، وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ لَا تَفْسُدُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَغْدَادَ فَمَرَّ بِهَا فِي سَفِينَةٍ رَوَى هِشَامٌ أَنَّهُ يَحْنَثُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَدْخُلْ إلَى الْجِدَّةَ، وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْبَغْدَادِيَّ إذَا جَاءَ مِنْ الْمَوْصِلِ فِي السَّفِينَةِ فَدَخَلَ بَغْدَادَ فَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ، وَهُوَ فِي السَّفِينَةِ تَلْزَمُهُ صَلَاةُ الْإِقَامَةِ لَا صَلَاةُ السَّفَرِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ فِي الْفُرَاتِ فَرَكِبَ سَفِينَةً فِي الْفُرَاتِ أَوْ كَانَ عَلَى الْفُرَاتِ جِسْرٌ فَمَرَّ عَلَى الْجِسْرِ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَدْخُلْ الْمَاءَ.
وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ فَاشْتَرَى صَاحِبُهَا بِجَنْبِ الدَّارِ بَيْتًا، وَفَتَحَ بَابَ الْبَيْتِ إلَى هَذِهِ الدَّارِ وَجَعَلَ طَرِيقَهُ فِيهَا وَسَدَّ الْبَابَ الَّذِي كَانَ لِلْبَيْتِ قِبَلَ ذَلِكَ فَدَخَلَ الْحَالِفُ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ قَالَ مُحَمَّدٌ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ صَارَ مِنْ الدَّارِ. اهـ.
مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُرُورِ بِالسَّفِينَةِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَغْدَادَ كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَهُ فَإِنْ قَصَدَهُ بِالدُّخُولِ حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ لَا يَحْنَثُ، وَكَذَلِكَ إنْ دَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَ غَيْرِهِ فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ فِي مَسْجِدٍ أَوْ ظُلَّةٍ أَوْ سَقِيفَةٍ أَوْ دِهْلِيزِ دَارٍ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: أَوْ دِهْلِيزَ دَارٍ لَمْ يَحْنَثْ) هَكَذَا بَعْضُ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا يَحْنَثُ بِدُونِ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute