النَّكِرَةِ هَذَا فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ، وَفِي النَّوَازِلِ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَنِسَاءٍ طَوَالِقُ فَدَخَلَتْ الدَّارَ، وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا، وَعَلَى غَيْرِهَا وَالِاعْتِمَادُ عَلَى هَذَا دُونَ مَا ذُكِرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ بِغَيْرِ خُسْرَانٍ يُشْتَرَطُ قَبُولُهَا عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ وَتَفْسِيرُ غَيْرِ الْخُسْرَانِ إنْ وَهَبَتْ الْمَهْرَ ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ. اهـ.
وَفِي الْعُمْدَةِ لَوْ قَالَ لَا أَدَعُ فُلَانًا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ مِلْكًا لَهُ فَالْمَنْعُ بِالْقَوْلِ، وَفِي الْمِلْكِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَاسْتَعَارَ فُلَانٌ دَارَ جَارِهِ وَاتَّخَذَ فِيهَا وَلِيمَةً وَدَخَلَهَا الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ. اهـ.
فَقَوْلُهُمْ إنَّ الْمُسْتَعَارَةَ تُضَافُ إلَيْهِ مَعْنَاهُ إذَا سَكَنَهَا لَا إذَا اتَّخَذَ فِيهَا وَلِيمَةً، وَفِي الْعِدَّةِ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ وَأَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَإِذَا دَخَلَ الْأُولَى يَحْنَثُ، وَإِنْ دَخَلَ الثَّانِيَةَ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ أَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ بِنَصْبِ اللَّامِ فَإِنْ دَخَلَ الدَّارَ الْأُولَى أَوَّلًا ثُمَّ دَخَلَ الثَّانِيَةَ يَحْنَثُ، وَإِنْ دَخَلَ الثَّانِيَةَ أَوَّلًا ثُمَّ دَخَلَ الْأُولَى لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ أَوْ بِمَنْزِلِهِ حَتَّى. اهـ.
وَفِي مَآلِ الْفَتَاوَى قَالَ لَا أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ أَوْ دَارَ الْفُلَانِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ دَخَلَ دَارًا اشْتَرَاهَا بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يَحْنَثُ. اهـ.
ثُمَّ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْكَلَامِ عَلَى السُّكْنَى؛ لِأَنَّهَا تَعْقُبُ الدُّخُولَ (قَوْلُهُ: لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ الْبَيْتَ أَوْ الْمَحَلَّةَ فَخَرَجَ وَبَقِيَ مَتَاعُهُ، وَأَهْلُهُ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ سَاكِنًا بِبَقَاءِ أَهْلِهِ، وَمَتَاعِهِ فِيهَا عَرْفًا فَإِنَّ السُّوقِيَّ فِي عَامَّةِ نَهَارِهِ فِي السُّوقِ وَيَقُولُ أَسْكُنُ بِبَلْدَةِ كَذَا وَالْبَيْتُ وَالْمَحَلَّةُ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ وَالْمَحَلَّةُ هِيَ الْمُسَمَّاةُ فِي عُرْفِنَا بِالْحَارَةِ قَيَّدَ بِالثَّلَاثَةِ وَالسِّكَّةُ كَالْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْيَمِينُ عَلَى الْمِصْرِ أَوْ الْبَلْدَةِ لَا يَتَوَقَّفُ الْبِرُّ عَلَى نَقْلِ الْمَتَاعِ وَالْأَهْلِ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاكِنًا فِي الَّذِي انْتَقَلَ عَنْهُ عُرْفًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْمِصْرِ وَالْقَرْيَةُ بِمَنْزِلَةِ الْمِصْرِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْجَوَابِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَأَطْلَقَ السَّاكِنَ فَشَمِلَ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِسُكْنَاهُ أَوْ لَا، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْمُسْتَقِلِّ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ لَوْ كَانَ سُكْنَاهُ تَبَعًا كَابْنٍ كَبِيرٍ سَاكِنٍ مَعَ أَبِيهِ أَوْ امْرَأَةٍ مَعَ زَوْجِهَا فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْكُنُ هَذِهِ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ وَتَرَكَ أَهْلَهُ، وَمَالَهُ، وَهِيَ زَوْجَهَا، وَمَالَهَا لَا يَحْنَثُ،.
وَقَيَّدَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَيْضًا بِأَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلَوْ عَقَدَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَثُ إذَا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِسُكْنَاهُ.
وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْأَوْلَى وَالْكُلُّ مُقَيَّدٌ بِالْإِمْكَانِ، وَلِذَا قَالُوا لَوْ بَقِيَ فِيهَا أَيَّامًا يَطْلُبُ مَنْزِلًا آخَرَ حَتَّى يَجِدَهُ أَوْ خَرَجَ وَاشْتَغَلَ بِطَلَبِ دَارٍ أُخْرَى لِنَقْلِ الْأَهْلِ وَالْمَتَاعِ أَوْ خَرَجَ لِطَلَبِ دَابَّةٍ لِيَنْقُلَ عَلَيْهَا الْمَتَاعَ فَلَمْ يَجِدْ أَيَّامًا لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَمْتِعَةٌ كَثِيرَةٌ فَاشْتَغَلَ بِنَقْلِهَا بِنَفْسِهِ، وَهُوَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَكْرِيَ دَابَّةً فَلَمْ يَسْتَكْرِ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَوْ أَبَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَنْتَقِلَ وَغَلَبَتْهُ وَخَرَجَ هُوَ، وَلَمْ يُرِدْ الْعَوْدَ إلَيْهِ أَوْ مُنِعَ هُوَ مِنْ الْخُرُوجِ بِأَنْ أُوثِقَ أَوْ مُنِعَ مَتَاعُهُ فَتَرَكَهُ أَوْ وَجَدَ بَابَ الدَّارِ مُغْلَقًا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى فَتْحِهِ، وَلَا عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الْخُرُوجِ بِهَدْمِ بَعْضِ الْحَائِطِ، وَلَمْ يَهْدِمْ لَا يَحْنَثُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْوَجْهِ الْمَعْهُودِ عِنْدَ النَّاسِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أَخْرُجْ مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ الْيَوْمَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَقُيِّدَ، وَمُنِعَ عَنْ الْخُرُوجِ أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تَجِيئِي اللَّيْلَةَ إلَى الْبَيْتِ فَأَنْت طَالِقٌ فَمَنَعَهَا وَالِدُهَا حَيْثُ تَطْلُقُ فِيهِمَا فِي الصَّحِيحِ وَالْفَرْقُ أَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ الْفِعْلُ، وَهُوَ السُّكْنَى، وَهُوَ مُكْرَهٌ فِيهِ، وَلِلْإِكْرَاهِ تَأْثِيرٌ فِي إعْدَامِ الْفِعْلِ وَالشَّرْطُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ عَدَمُ الْفِعْلِ، وَلَا أَثَرَ لِلْإِكْرَاهِ فِي إبْطَالِ الْعَدَمِ، وَإِنْ كَانَ الْيَمِينُ فِي اللَّيْلِ فَلَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ حَتَّى أَصْبَحَ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ.
وَفِي التَّجْنِيسِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ سَكَنْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ، وَكَانَتْ الْيَمِينُ بِاللَّيْلِ فَإِنَّهَا مَعْذُورَةٌ حَتَّى تُصْبِحَ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُكْرَهِ فِي هَذِهِ السُّكْنَى؛ لِأَنَّهَا تَخَافُ الْخُرُوجَ لَيْلًا، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا؛ لِأَنَّهُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُمْ إنَّ الْمُسْتَعَارَةَ تُضَافُ إلَيْهِ مَعْنَاهُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ كَأَنَّهُ يَخُصُّ بِهِ كَلَامَهُمْ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهُ إذْ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ فِي الْمُسْتَعَارَةِ لِلسُّكْنَى فَخَرَجَ الْمُسْتَعَارَةُ لِاتِّخَاذِ الْوَلِيمَةِ وَنَحْوِهَا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْيَمِينُ عَلَى الْمِصْرِ أَوْ الْبَلَدِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ قَيَّدَ بِالثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ وَالسِّكَّةُ كَالْمَحَلَّةِ اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْمَعْلُولِ، وَعِلَّتِهِ، وَفِي النَّهْرِ، وَفِي مِصْرِنَا يُعَدُّ سَاكِنًا بِتَرْكِ أَهْلِهِ، وَمَتَاعِهِ فِيهَا، وَلَوْ خَرَجَ وَحْدَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ. اهـ.
قَالَ الرَّمْلِيُّ: كَوْنُهُ يُعَدُّ سَاكِنًا مُطْلَقًا غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ إنَّمَا يُعَدُّ سَاكِنًا إذَا كَانَ قَصْدُهُ الْعَوْدَ أَمَّا إذَا خَرَجَ مِنْهَا لَا يَقْصِدُ الْعَوْدَ لَا يُعَدُّ سَاكِنًا، وَلَعَلَّهُ مُقَيَّدٌ بِذَلِكَ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ، وَكَذَا لَوْ أَبَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَنْتَقِلَ إلَخْ تَأَمَّلْ