للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا يُؤْكَلُ كُلُّهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَالْفَتْوَى عَلَى ذَلِكَ. اهـ.

وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِهَذَا الرُّطَبِ فَصَارَ تَمْرًا ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَبْطُلْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمُوصَى بِهِ قَدْ فَاتَ، وَفَوَاتُ بَعْضِ الْمُوصَى بِهِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَهَا، وَفِي الْيَمِينِ تَنَاوُلُ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِعِنَبٍ ثُمَّ صَارَ زَبِيبًا ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرُّطَبَ وَالتَّمْرَ صِنْفٌ وَاحِدٌ لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْعِنَبِ وَالزَّبِيبِ فَإِنَّهُ تَبْدِيلٌ، وَهَلَاكٌ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَأْكُلُ بُسْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا لَا يَحْنَثُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبُسْرٍ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ عِنَبًا فَأَكَلَ زَبِيبًا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ جَوْزًا فَأَكَلَ مِنْهُ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا، وَكَذَلِكَ اللَّوْزُ وَالْفُسْتُقُ وَالْبُنْدُقُ وَالتِّينُ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُ الرَّطْبَ وَالْيَابِسَ جَمِيعًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَفِي لَا يَأْكُلُ رُطَبًا أَوْ بُسْرًا أَوْ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا، وَلَا بُسْرًا حَنِثَ بِالْمُذَنِّبِ) ، وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ يُقَالُ بُسْرٌ مُذَنِّبٌ، وَقَدْ ذَنَّبَ إذَا بَدَا الْإِرْطَابُ مِنْ قِبَلِ ذَنَبِهِ، وَهُوَ مَا سَفَلَ مِنْ جَانِبِ الْقِمْعِ وَالْعَلَاقَةِ، وَأَمَّا الرُّطَبُ فَهُوَ مَا أَدْرَكَ مِنْ تَمْرِ النَّخْلِ الْوَاحِدَةُ رُطَبَةٌ فَالرُّطَبُ الْمُذَنِّبُ هُوَ الَّذِي أَكْثَرُهُ رُطَبٌ وَشَيْءٌ قَلِيلٌ مِنْهُ بُسْرٌ وَالْبُسْرُ الْمُذَنِّبُ عَكْسُهُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا لَا يَحْنَثُ فِي الرُّطَبِ بِالْبُسْرِ الْمُذَنِّبِ، وَلَا فِي الْبُسْرِ بِالرُّطَبِ الْمُذَنِّبِ؛ لِأَنَّ الرُّطَبَ الْمُذَنِّبَ يُسَمَّى رُطَبًا وَالْبُسْرُ الْمُذَنِّبُ يُسَمَّى بُسْرًا وَصَارَ كَمَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى الشِّرَاءِ، وَلَهُ أَنَّ الرُّطَبَ الْمُذَنِّبَ مَا يَكُونُ فِي ذَنَبِهِ قَلِيلُ بُسْرٍ وَالْبُسْرُ الْمُذَنِّبُ عَلَى عَكْسِهِ فَصَارَ أَكْلُهُ أَكْلُ الْبُسْرِ وَالرُّطَبِ، وَكُلُّ وَاحِدِ مَقْصُودٌ فِي الْأَكْلِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يُصَادِفُ الْجُمْلَةَ فَيَتْبَعُ الْقَلِيلُ فِيهِ الْكَثِيرَ، وَفِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَحَاصِلُ الْمَسَائِلِ أَرْبَعٌ وِفَاقِيَّتَانِ وَخِلَافِيَّتَانِ فَالْوِفَاقِيَّتَانِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا فَأَكَلَ رُطَبًا مُذَنِّبًا، وَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بُسْرًا فَأَكَلَ بُسْرًا مُذَنِّبًا فَيَحْنَثُ فِيهِمَا اتِّفَاقًا وَالْخِلَافِيَّتَانِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا فَأَكَلَ بُسْرًا مُذَنِّبًا، وَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بُسْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا مُذَنِّبًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَحْنَثُ بِشِرَاءِ كِبَاسَةِ بُسْرٍ فِيهَا رُطَبٌ فِي لَا يَشْتَرِي رُطَبًا) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي رُطَبًا فَاشْتَرَى كِبَاسَةَ بُسْرٍ فِيهَا رُطَبٌ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُصَادِفُ جُمْلَتَهُ وَالْمَغْلُوبُ تَابِعٌ، وَلَوْ كَانَ الْيَمِينُ عَلَى الْأَكْلِ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ يُصَادِفُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودًا وَصَارَ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي شَعِيرًا أَوْ لَا يَأْكُلُ فَاشْتَرَى حِنْطَةً فِيهَا حَبَّاتُ شَعِيرٍ أَوْ أَكَلَهَا يَحْنَثُ فِي الْأَكْلِ دُونَ الشِّرَاءِ لِمَا قَدَّمْنَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي أَلْيَةً فَاشْتَرَى شَاةً مَذْبُوحَةً كَانَ حَانِثًا، وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي رَأْسًا وَالْكِبَاسَةُ بِكَسْرِ الْكَافِ عُنْقُودُ النَّخْلِ وَالْجَمْعُ كَبَائِسُ قَالَ فِي التَّبْيِينِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الْمَسِّ حَيْثُ يَحْنَثُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ الْمَسَّ فِيهَا مُتَصَوَّرٌ حَقِيقَةً، وَاسْمُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بَاقٍ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَمَسُّ قُطْنًا أَوْ كَتَّانًا فَمَسَّ ثَوْبًا اُتُّخِذَ مِنْهُ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ لِزَوَالِ اسْمِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ عَنْهُ فَصَارَ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا أَوْ زُبْدًا أَوْ لَا يَمَسُّهُ فَأَكَلَ لَبَنًا أَوْ مَسَّهُ.

(قَوْلُهُ: وَبِسَمَكٍ فِي لَا يَأْكُلُ لَحْمًا) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ السَّمَكِ، وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى لَحْمًا فِي الْقُرْآنِ لِلْعُرْفِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّ التَّسْمِيَةَ الَّتِي وَقَعَتْ فِي الْقُرْآنِ مَجَازِيَّةٌ لَا حَقِيقِيَّةٌ؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ مُنْشَؤُهُ مِنْ الدَّمِ، وَلَا دَمَ فِي السَّمَكِ لِسُكُونِهِ فِي الْمَاءِ، وَلِذَا حَلَّ بِلَا ذَكَاةٍ فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ بِالْأَلْيَةِ تَنْعَقِدُ مِنْ الدَّمِ، وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهَا لِمَكَانِ الْعُرْفِ، وَهِيَ أَنَّهَا لَا تُسَمَّى لَحْمًا، وَأَيْضًا يَمْنَعُ أَنَّ اسْمَ اللَّحْمِ بِاعْتِبَارِ الِانْعِقَادِ مِنْ الدَّمِ لَا بِاعْتِبَارِ الِالْتِحَامِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً فَرَكِبَ كَافِرًا أَوْ لَا يَجْلِسُ عَلَى وَتَدٍ فَجَلَسَ عَلَى جَبَلٍ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ مَعَ تَسْمِيَتِهَا فِي الْقُرْآنِ دَابَّةً، وَأَوْتَادًا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ أَمَّا إذَا نَوَاهُ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>