للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ، وَمَا يُطْبَخُ مَعَ الْأَدْهَانِ يُسَمَّى مَزُورَةً. اهـ.

وَمُرَادُهُ غَيْرُ دُهْنِ اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَبِيخًا لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْمَزُورَةِ الَّتِي تُفْعَلُ لِلْمَرِيضِ قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِالطَّبِيخِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا فَأَكَلَ خُبْزًا أَوْ فَاكِهَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْكَلُ عَلَى وَجْهِ التَّطَعُّمِ كَانَ حَانِثًا، وَإِنْ أَكَلَ مَالَهُ طَعْمٌ لَكِنْ لَا يُؤْكَلُ عَلَى وَجْهِ التَّطَعُّمِ كَالسَّقَمُونْيَا وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا فَأَكَلَ مِلْحًا أَوْ خَلًّا أَوْ كَامِخًا أَوْ زَيْتًا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ يُؤْكَلُ فَهُوَ طَعَامٌ فَقَدْ جَعَلَ مُحَمَّدٌ الْخَلَّ طَعَامًا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْخَلُّ لَيْسَ بِطَعَامٍ قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ: وَحَقِيقَةُ الطَّعَامِ مَا يُطْعَمُ، وَلَكِنْ يَخْتَصُّ فِي الْعُرْفِ بِبَعْضِ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّ السَّقَمُونْيَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَدْوِيَةِ الْكَرِيهَةِ لَا تُسَمَّى طَعَامًا. اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا فَأَكَلَ شَيْئًا يَسِيرًا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ قَلِيلَ الطَّعَامِ طَعَامٌ، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ فُلَانٍ فَأَكَلَ مِنْ نَبِيذِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَالنَّبِيذُ شَرَابٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ طَعَامٌ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي طَعَامًا لَا يَحْنَثُ إلَّا بِشِرَاءِ الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْوَاقِعَاتِ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا فَأَكَلَ دَوَاءً إنْ كَانَ مِنْ الدَّوَاءِ الَّذِي لَا يَكُونُ لَهُ طَعْمٌ، وَلَا يَكُونُ غِذَاءً وَيَكُونُ مُرًّا كَرِيهًا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى طَعَامًا، وَإِنْ كَانَ دَوَاءً لَهُ حَلَاوَةٌ مِثْلُ الْحَلَنْجَبِينَ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ لَهُ طَعْمًا وَيَكُونُ بِهِ غِذَاءً حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ فُلَانٍ فَأَكَلَ مِنْ خَلِّهِ بِطَعَامِ نَفْسِهِ أَوْ بِزَيْتِهِ أَوْ بِمِلْحِهِ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مِنْ طَعَامِهِ. اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا فَاضْطُرَّ إلَى أَكْلِ مَيْتَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ.

(قَوْلُهُ: وَالرَّأْسُ مَا يُبَاعُ فِي مِصْرِهِ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا انْصَرَفَتْ يَمِينُهُ إلَى مَا يُكْبَسُ فِي التَّنَانِيرِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَتُبَاعُ فِيهَا مِنْ رُءُوسِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَا يُبَاعُ فِي مِصْرِهِ أَيْ مِنْ الرُّءُوسِ غَيْرَ نَيِّئٍ وَخَصَّهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِرُءُوسِ الْبَقَر وَالْغَنَم عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا بِالْغَنَمِ خَاصَّةً، وَهُوَ اخْتِلَافُ عَصْرٍ، وَفِي زَمَانِنَا هُوَ خَاصٌّ بِالْغَنَمِ فَوَجَبَ عَلَى الْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي كُلِّ مِصْرٍ وَقَعَ فِيهِ حَلِفُ الْحَالِفِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَمَا فِي التَّبْيِينِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ اعْتِبَارُ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ إنْ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهَا، وَإِلَّا فَالْعُرْفِ إلَى آخِرِهِ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ إنَّمَا هُوَ لِلْعُرْفِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ، وَلِذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْأَصْلُ الْمَذْكُورُ مَنْظُورًا إلَيْهِ لَمَا تَجَاسَرَ أَحَدٌ عَلَى خِلَافِهِ فِي الْفُرُوعِ. اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ وَالِاعْتِمَادُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْعُرْفِ وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ فِي الْأَكْلِ يَقَعُ عَلَى الْكُلِّ إذَا أَكَلَ مَا يُسَمَّى رَأْسًا، وَفِي الشِّرَاءِ يَقَعُ عَلَى رَأْسِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْغَنَمِ خَاصَّةً، وَلَا يَقَعُ عَلَى رَأْسِ الْإِبِلِ بِالْإِجْمَاعِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ فِي الْأَكْلِ خَاصٌّ بِمَا يُبَاعُ فِي مِصْرِهِ، وَفِي الْمُغْرِبِ يُكْبَسُ فِي التَّنُّورِ يُطَمُّ بِهِ التَّنُّورُ أَوْ يُدْخَلُ فِيهِ مِنْ كَبَسَ الرَّجُلُ رَأْسَهُ فِي قَمِيصِهِ إذَا أَدْخَلَهُ.

(قَوْلُهُ: وَالْفَاكِهَةُ التُّفَّاحُ وَالْبِطِّيخُ وَالْمِشْمِشُ لَا الْعِنَبُ وَالرُّمَّانُ وَالرُّطَبُ وَالْقِثَّاءُ وَالْخِيَارُ) ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا يَحْنَثُ فِي الرُّمَّانِ وَالْعِنَبِ وَالرُّطَبِ أَيْضًا وَالْأَصْلُ أَنَّ الْفَاكِهَةَ اسْمٌ لِمَا يُتَفَكَّهُ بِهِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ أَيْ يُتَنَعَّمُ بِهِ زِيَادَةً عَلَى الْمُعْتَادِ وَالرَّطْبُ وَالْيَابِسُ فِيهِ سَوَاءٌ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ التَّفَكُّهُ بِهِ مُعْتَادًا حَتَّى لَا يَحْنَثُ بِيَابِسِ الْبِطِّيخِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي التُّفَّاحِ، وَأَخَوَاتِهَا فَيَحْنَثُ بِهَا وَغَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْبُقُولِ بَيْعًا، وَأَكْلًا فَلَا يَحْنَثُ بِهِمَا، وَأَمَّا الْعِنَبُ وَالرُّطَبُ وَالرُّمَّانُ فَهُمَا يَقُولَانِ مَعْنَى التَّفَكُّهِ مَوْجُودٌ فِيهِمَا فَإِنَّهَا أَعَزُّ الْفَوَاكِهِ وَالتَّنَعُّمُ بِهَا يَفُوقُ التَّنَعُّمَ بِغَيْرِهَا وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ إنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِمَّا يُتَغَذَّى بِهَا وَيُتَدَاوَى بِهَا فَأَوْجَبَ قُصُورًا فِي مَعْنَى التَّفَكُّهِ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ، وَلِهَذَا كَانَ الْيَابِسُ مِنْهَا مِنْ التَّوَابِلِ أَوْ مِنْ الْأَقْوَاتِ وَذَكَرَ فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ أَنَّ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ فَأَبُو حَنِيفَةَ أَفْتَى عَلَى

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>