إلَّا إذَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ، وَلَوْ أَكَلَ خُبْزَ الْأُرْزِ بِالْعِرَاقِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ عِنْدَهُمْ حَتَّى لَوْ كَانَ بِطَبَرِسْتَانَ أَوْ فِي بَلَدٍ طَعَامُهُمْ ذَلِكَ حَنِثَ، وَلَا يَحْنَثُ بِخُبْزِ الشَّعِيرِ إنْ كَانَ مِصْرِيًّا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَادُونَ إلَّا خُبْزَ الْبُرِّ وَيَحْنَثُ الْحِجَازِيُّ وَالْيَمَنِيُّ بِخُبْزِ الذُّرَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْتَادُونَهُ وَدَخَلَ فِي الْخُبْزِ الْكَمَاجُ؛ لِأَنَّهُ خُبْزٌ وَزِيَادَةٌ لِلِاخْتِصَاصِ بِاسْمِ الزِّيَادَةِ لَا لِلنَّقْصِ، وَلَا يَحْنَثُ بِالثَّرِيدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُبْزًا مُطْلَقًا، وَفِي الْخُلَاصَةِ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ فَأَكَلَهُ بَعْدَمَا تَفَتَّتَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُبْزًا، وَلَا يَحْنَثُ بِالْعَصِيدِ وَالطَّطْمَاجِ، وَلَا يَحْنَثُ لَوْ دَقَّهُ فَشَرِبَهُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي حِيلَةٍ: أَكْلُهُ أَنْ يَدُقَّهُ فَيُلْقِيَهُ فِي عَصِيدَةٍ وَيُطْبَخَ حَتَّى يَصِيرَ الْخُبْزُ هَالِكًا، وَقَدْ سُئِلَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ عَنْ بَدْوِيٍّ اعْتَادَ أَكْلَ خُبْزِ الشَّعِيرِ فَدَخَلَ الْبَلْدَةَ الْمُعْتَادَ فِيهَا أَكْلُ خُبْزِ الْحِنْطَةِ وَاسْتَمَرَّ هُوَ لَا يَأْكُلُ إلَّا الشَّعِيرَ فَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا قَالَ فَقُلْتُ: لَا يَنْعَقِدُ إلَّا عَلَى عُرْفِ نَفْسِهِ فَيَحْنَثُ بِالشَّعِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى عُرْفِ النَّاسِ إلَّا؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ يَتَعَاطَاهُ فَهُوَ مِنْهُمْ فَيَنْصَرِفُ كَلَامُهُ لِذَلِكَ، وَهَذَا مُنْتَفٍ فِيمَنْ لَمْ يُوَافِقْهُمْ بَلْ هُوَ مُجَانِبٌ لَهُمْ. اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ يَحْنَثُ بِأَكْلِ الزَّمَاوَرْدَ، وَهُوَ مَا يُقْطَعُ مِنْ الْخُبْزِ مُسْتَدِيرًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَحْشُوًّا بِالْبِيضِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ أَكَلَ الْخُبْزَ مَبْلُولًا حَنِثَ، وَفِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ الرُّقَاقِ. اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّ ذَلِكَ بِالرُّقَاقِ الْبِيسَانِيِّ بِمِصْرَ أَمَّا الرُّقَاقُ الَّذِي يُحْشَى بِالسُّكْرِ وَاللَّوْزِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ اسْمِ الْخُبْزِ فِي عُرْفِنَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزَ فُلَانَةَ الْخَابِزَةِ وَالْخَابِزَةُ هِيَ الَّتِي تَضْرِبُ الْخُبْزَ فِي التَّنُّورِ دُونَ الَّتِي تَعْجِنُهُ وَتُهَيِّئُوهُ لِلضَّرْبِ فَإِنْ أَكَلَ مِنْ خُبْزِ الَّتِي ضَرَبَتْهُ حَنِثَ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالشِّوَاءِ وَالطَّبِيخِ عَلَى اللَّحْمِ) فَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الشِّوَاءَ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ اللَّحْمِ دُونَ الْبَاذِنْجَانِ وَالْجَزَرِ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ اللَّحْمُ الْمَشْوِيُّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا يُشْوَى مِنْ بَيْضٍ وَغَيْرِهِ لِمَكَانِ الْحَقِيقَةِ، وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الطَّبِيخَ فَهُوَ عَلَى مَا يُطْبَخُ مِنْ اللَّحْمِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ التَّعْمِيمَ مُتَعَذِّرٌ فَيُصْرَفُ إلَى خَاصٍّ هُوَ مُتَعَارَفٌ، وَهُوَ اللَّحْمُ الْمَطْبُوخُ بِالْمَاءِ إلَّا إذَا نَوَى غَيْرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَشْدِيدًا، وَإِنْ أَكَلَ مِنْ مَرَقِهِ يَحْنَثُ لِمَا فِيهِ مِنْ أَجْزَاءِ اللَّحْمِ؛ وَلِأَنَّهُ يُسَمَّى طَبِيخًا، وَإِنْ كَانَ لَا يُسَمَّى لَحْمًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَفِي الْبَدَائِعِ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَبِيخِ امْرَأَتِهِ فَسَخَّنَتْ لَهُ قِدْرًا قَدْ طَبَخَهَا غَيْرُهَا إنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الطَّبْخَ فِعْلُ مَنْ طَبَخَ، وَهُوَ الْفِعْلُ الَّذِي يَسْهُلُ بِهِ أَكْلُ اللَّحْمِ وَذَلِكَ وُجِدَ مِنْ الْأَوَّلِ لَا مِنْهَا. اهـ.
وَفِي التَّجْرِيدِ قِيلَ اسْمُ الطَّبْخِ يَقَعُ بِوَضْعِ الْقِدْرِ لَا بِإِيقَادِ النَّارِ، وَقِيلَ لَوْ أَوْقَدَ غَيْرُهَا فَوَضَعَتْ هِيَ الْقِدْرَ لَا يَحْنَثُ. اهـ.
وَفِي عُرْفِنَا لَيْسَ وَاضِعُ الْقَدْرِ طَابِخًا قَطْعًا، وَمُجَرَّدُ الْإِيقَادِ كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ يُسَمَّى صَبِيَّ الطَّبَّاخِ يَعْنِي مُعِينَهُ، وَالطَّبَّاخُ هُوَ الْمُوَكَّلُ بِوَضْعِ التَّوَابِلِ، وَإِنْ لَمْ يُوقِدْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ شَيْئَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ الطَّبِيخَ لَيْسَ هُوَ اللَّحْمُ خَاصَّةً، وَإِنَّمَا هُوَ مَا يُطْبَخُ بِالْمَاءِ مِنْ اللَّحْمِ حَتَّى إنَّ مَا يُتَّخَذُ قَلِيَّةً مِنْ اللَّحْمِ لَا يُسَمَّى طَبِيخًا فَلَا يَحْنَثُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ قِيلَ إنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْمَطْبُوخَ بِالْمَاءِ قُلْنَا لَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي الشِّوَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِيهِ إذَا أَكَلَ لَحْمًا مَطْبُوخًا بِالْمَاءِ؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ الْمَشْوِيَّ هُوَ الَّذِي لَمْ يُطْبَخْ بِالْمَاءِ، وَقَدْ جَعَلَهُمَا وَاحِدًا. الثَّانِي أَنَّ الطَّبِيخَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَطْبُوخِ مِنْ اللَّحْمِ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْأُرْزِ إذَا طُبِخَ بِوَدَكٍ، وَكَذَا الْعَدَسُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا طُبِخَ بِزَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ الطَّبِيخُ يَقَعُ عَلَى الشَّحْمِ أَيْضًا زَادَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى مَا طُبِخَ بِالْأَلْيَةِ أَيْضًا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اللَّحْمَ بِالْمَاءِ طَبِيخٌ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ. اهـ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ سَمَكًا مَطْبُوخًا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى طَبِيخًا فِي الْعُرْفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ، وَفِي الْمُغْرِبِ الْوَدَكُ مِنْ الشَّحْمِ أَوْ اللَّحْمِ مَا تَحَلَّبَ مِنْهُ، وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ وَدَكُ الْمَيْتَةِ مِنْ ذَلِكَ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ الدُّهْنُ الْخَاصُّ، وَهُوَ دُهْنُ الشَّحْمِ أَوْ اللَّحْمِ قَالَ فِي
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute