للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِبَيْعِهِ فِي الْيَمِينِ عَلَى بَيْعِ الشَّحْمِ قَالَ الْقَاضِي الْإِسْبِيجَابِيُّ إنْ أُرِيدَ بِشَحْمِ الظَّهْرِ شَحْمُ الْكُلْيَةِ فَقَوْلُهُمَا أَظْهَرُ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ شَحْمُ اللَّحْمِ فَقَوْلُهُ أَظْهَرُ. اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ صَحَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْأَصَحِّ، وَقَيَّدَ بِشَحْمِ الظَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِشَحْمِ الْبَطْنِ اتِّفَاقًا، وَذَكَرَ فِي الْكَافِي أَنَّ الشُّحُومَ أَرْبَعَةٌ شَحْمُ الْبَطْنِ وَشَحْمُ الظَّهْرِ وَشَحْمٌ مُخْتَلَطٌ بِالْعَظْمِ وَشَحْمٌ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْعَاءِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَحْنَثُ بِشَحْمِ الْبَطْنِ وَالثَّلَاثَةُ عَلَى الْخِلَافِ. اهـ.

وَالْيَمِينُ عَلَى شِرَاءِ اللَّحْمِ كَهِيَ عَلَى أَكْلِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَمَا فِي الْكَافِي لَا يَخْلُو مِنْ نَظَرٍ بَلْ لَا يَنْبَغِي خِلَافٌ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ بِمَا عَلَى الْأَمْعَاءِ فِي الْعَظْمِ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ إنَّ أَحَدًا لَمْ يَقُلْ بِأَنَّ مُخَّ الْعَظْمِ شَحْمٌ. اهـ.

وَكَذَا لَا يَنْبَغِي خِلَافٌ فِي الْحِنْثِ بِمَا عَلَى الْأَمْعَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي تَسْمِيَتِهِ شَحْمًا. اهـ.

وَفَسَّرَ فِي الْهِدَايَةِ شَحْمَ الظَّهْرِ بِأَنَّهُ اللَّحْمُ السَّمِينُ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِشِرَاءِ اللَّحْمِ إذَا اشْتَرَى شَحْمَ الظَّهْرِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْآمِرِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ دَلِيلٌ لِلْإِمَامِ أَيْضًا كَمَا فِي الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ: وَبِأَلْيَةٍ فِي شَحْمًا، وَلَحْمًا) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ أَلْيَةٍ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا؛ لِأَنَّهَا نَوْعٌ ثَالِثٌ حَتَّى لَا تُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ اللُّحُومِ وَالشُّحُومِ فَلَا يَتَنَاوَلُهَا اللَّفْظُ مَعْنًى، وَلَا عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَبِالْخُبْزِ فِي هَذَا الْبُرَّ) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْخُبْزِ فِي حَلِفِهِ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْبُرَّ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْقَضْمِ مِنْ عَيْنِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَقَالَا إنْ أَكَلَ مِنْ خُبْزِهَا حَنِثَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْهُ عُرْفًا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ لَهَا حَقِيقَةً مُسْتَعْمَلَةً فَإِنَّهَا تُغْلَى وَتُقْلَى وَتُؤْكَلُ قَضْمًا، وَهِيَ قَاضِيَةٌ عَلَى الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَهُ، وَلَوْ قَضَمَهَا حَنِثَ عِنْدَهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ لِعُمُومِ الْمَجَازِ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ فُلَانٍ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ حَنِثَ فِي الْخُبْزِ أَيْضًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَصَحَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْهُمَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ عَيْنِهَا.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْمُحِيطِ إنَّمَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ عَيْنِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ إذَا لَمْ تَكُنْ نَيِّئَةً بِأَنْ كَانَتْ مَقْلِيَّةً كَالْبَلِيلَةِ فِي عُرْفِنَا أَمَّا إذَا قَضَمَهَا نَيِّئَةً لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ أَصْلًا.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ مِنْ دَقِيقِهَا أَوْ سَوِيقِهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْأَوْلَى عِنْدَ الْإِمَامِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَقَالُوا لَوْ أَكَلَ مِنْ سَوِيقِهَا حَنِثَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فَيَحْتَاجُ أَبُو يُوسُفَ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْخُبْزِ وَالسَّوِيقِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحِنْطَةَ إذَا ذُكِرَتْ مَقْرُونَةً بِالْأَكْلِ يُرَادُ بِهَا الْخُبْزُ دُونَ السَّوِيقِ وَمُحَمَّدٌ اعْتَبَرَ عُمُومَ الْمَجَازِ.

وَأَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ فَشَمِلَ مَا إذَا نَوَى عَيْنَهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا نَوَى أَكْلَ الْخُبْزِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْحِنْطَةِ مُعَيَّنَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حِنْطَةً يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَوَابُهُ كَجَوَابِهِمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَحَكُّمٌ وَالدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ الْمُتَّفَقُ عَلَى إيرَادِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ يَعُمُّ الْمُعَيَّنَةَ وَالنَّكِرَةَ، وَهُوَ أَنَّ عَيْنَهَا مَأْكُولٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ هَذِهِ الْحِنْطَةَ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي هَذَا الدَّقِيقَ يَحْنَثُ بِخُبْزِهِ لَا بِسَفِّهِ) أَيْ فِي حَلِفِهِ لَا يَأْكُلُ هَذَا الدَّقِيقَ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ بِخِلَافِ الْحِنْطَةِ فَانْصَرَفَ إلَى مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ فَلَوْ اسْتَفَّهُ كَمَا هُوَ لَمْ يَحْنَثْ عَلَى الصَّحِيحِ لِتَعَيُّنِ الْمَجَازِ مُرَادًا كَمَا لَوْ أَكَلَ عَيْنَ النَّخْلَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ عَنَى أَكْلَ الدَّقِيقِ بِعَيْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ خُبْزِهِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْحَقِيقَةَ، وَفِي الْمُحِيطِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَكَلَ مِنْ عَصِيدَتِهِ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤْكَلُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَكْلَ الدَّقِيقِ هَكَذَا يَكُونُ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ فَيَنْصَرِفُ إلَى مَا هُوَ مُعْتَادٌ بَيْنَهُمْ. اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ هَذَا الدَّقِيقِ فَاتَّخَذَ مِنْهُ خَبِيصًا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَخَافُ أَنْ يُحْنِثَهُ. اهـ.

وَمِنْ الْخَبِيصِ الْحَلْوَاءُ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ حَنِثَ بِمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ لَكَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَالْخُبْزُ مَا اعْتَادَهُ بَلَدُهُ فَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا حَنِثَ بِأَكْلِ خُبْزِ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ) ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَادُ فِي غَالِبِ الْبِلَادِ فَلَوْ أَكَلَ مِنْ خُبْزِ الْقَطَائِفِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُبْرًا مُطْلَقًا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: بَلْ لَا يَنْبَغِي خِلَافٌ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ بِمَا عَلَى الْأَمْعَاءِ فِي الْعَظْمِ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ بِمَا فِي الْعَظْمِ فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَمْعَاءِ لَعَلَّهُ مِنْ زِيَادَاتِ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِشِرَاءِ اللَّحْمِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا الشَّحْمُ بَدَلَ اللَّحْمِ، وَهِيَ أَظْهَرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>