للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ لِزَيْدٍ إنْ رَأَيْتُ عَمْرًا فَلَمْ أُعْلِمْكَ فَعَبْدِي حُرٌّ فَرَآهُ مَعَ زَيْدٍ فَسَكَتَ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا أَوْ قَالَ هُوَ عَمْرٌو لَا يُعْتَقُ عِنْدَهُمَا. وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ لَا يُعْطِيهِ حَتَّى يَأْذَنَ فُلَانٌ فَمَاتَ فُلَانٌ ثُمَّ أَعْطَاهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَيَضْرِبَنَّهُ أَوْ لَيُكَلِّمَنَّهُ، وَمِنْهَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تَهَبِي لِي صَدَاقَكِ الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ، وَقَالَ أَبُوهَا إنْ وَهَبْتِ لَهُ صَدَاقَكِ فَأُمُّكِ طَالِقٌ فَحِيلَةُ عَدَمِ حِنْثِهِمَا أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْهُ بِمَهْرِهَا ثَوْبًا مَلْفُوفًا وَتَقْبِضَهُ فَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ لَمْ يَحْنَثْ أَبُوهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَهَبْ صَدَاقَهَا، وَلَا الزَّوْجُ؛ لِأَنَّهَا عَجَزَتْ عَنْ الْهِبَةِ عِنْدَ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ سَقَطَ عَنْ الزَّوْجِ بِالْبَيْعِ ثُمَّ إذَا أَرَادَتْ عَوْدَ الصَّدَاقِ رَدَّتْهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ الْكُلُّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَمِنْهَا مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ رَجُلٌ قَالَ إنْ لَمْ أَدْخُلْ اللَّيْلَةَ الْبَلَدَ، وَلَمْ أَلْقَ فُلَانًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَدَخَلَ، وَلَمْ يُصَادِفْهُ فِي مَنْزِلِهِ فَلَمْ يَلْقَهُ حَتَّى أَصْبَحَ إنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ غَابَ عَنْ الْمَنْزِلِ وَقْتَ الْحَلِفِ يَحْنَثُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا لَا يَحْنَثُ. اهـ.

وَمِنْهَا مَا فِي الْمُبْتَغَى، وَفِي يَمِينِهِ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تَصِلْ صَلَاةَ الْفَجْرِ غَدًا فَأَنْت كَذَا لَا يَحْنَثُ بِحَيْضِهَا بُكْرَةً فِي الْأَصَحِّ. اهـ.

وَمِنْهَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ بَعْدَمَا أَصْبَحَ إنْ لَمْ أُجَامِعْكِ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَأَنْت طَالِقٌ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ أَصْبَحَ وَقَعَ يَمِينُهُ عَلَى اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ نَهَارًا فَيَنْصَرِفُ إلَى اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَإِنْ نَوَى تِلْكَ اللَّيْلَةَ لَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَرْعًا لِمَسْأَلَةِ الْكُوزِ. وَمِنْهَا قَالَ إنْ نِمْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَامْرَأَتُهُ كَذَا، وَقَدْ انْفَجَرَ الصُّبْحُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ، وَهُوَ النَّوْمُ فِي اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ لَا يُتَصَوَّرُ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ صُمْتُ أَمْسِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَبِتْ اللَّيْلَةَ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِمَا. وَمِنْهَا لَوْ غَابَ الرَّجُلُ عَنْ دَارِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَجَعَ فَظَنَّ أَنَّ الْمَرْأَةَ غَائِبَةٌ عَنْ الدَّارِ فَقَالَ إنْ لَمْ آتِ بِامْرَأَتِي إلَى دَارِي اللَّيْلَةَ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَتْ الْمَرْأَةُ كُنْتُ فِي هَذِهِ الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَإِنْ قَالَتْ كُنْتُ غَائِبَةً فَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَرُدِّي الدِّينَارَ الَّذِي أَخَذْتِيهِ مِنْ كِيسِي فَأَنْت طَالِقٌ فَإِذَا الدِّينَارُ فِي كِيسِهِ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الْبِرَّ هُنَا لَمْ يُتَصَوَّرْ فَلَمْ تَنْعَقِدْ الْيَمِينُ فَلَا يَتَرَتَّبُ الْحِنْثُ بِمَنْزِلَةِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ، وَمِنْهَا قَوْمٌ حَلَّفَهُمْ السُّلْطَانُ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا خَرَاجَ تِلْكَ الْبَلْدَةِ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ فَأُدِّيَ الْخَرَاجُ كُلُّهُ لَكِنَّ بَعْضَهُمْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْبَاقِينَ أَوْ أَدَّى الْخَرَاجَ كُلَّهُ رَجُلٌ وَاحِدٌ غَيْرُهُمْ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ لَمْ يَحْنَثُوا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَدَّى وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَوْ غَيْرِهِمْ لَمْ يَبْقَ الْخَرَاجُ عَلَيْهِمْ فَلَا يُتَصَوَّرُ شَرْطُ الْبِرِّ فَتَبْطُلُ الْيَمِينُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ بِوَقْتٍ الْكُلُّ فِي الْوَاقِعَاتِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا شَيْئًا مِنْ مَسَائِلِ هَذَا النَّوْعِ فِي تَعَلُّقِ الطَّلَاقِ عِنْدَ قَوْلِهِمْ وَزَوَالُ الْمِلْكِ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يُبْطِلُهَا.

(قَوْلُهُ: حَلَفَ لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ أَوْ لَيَقْلِبَنَّ هَذَا الْحَجَرَ ذَهَبًا حَنِثَ لِلْحَالِ) يَعْنِي عِنْدَنَا، وَقَالَ زُفَرُ لَا تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ عَادَةً فَأَشْبَهَ الْمُسْتَحِيلَ حَقِيقَةً، وَلَنَا أَنَّ الْبِرَّ مُتَصَوِّرٌ حَقِيقَةً بِكَسْرِ الْوَاوِ

ــ

[منحة الخالق]

إمْكَانُ الْبِرِّ، وَقَدْ فَاتَ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْجَوْهَرَةِ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ صُعُودِ السَّمَاءِ، وَقَلْبِ الْحَجَرِ ذَهَبًا أَنَّ الْمُؤَقَّتَةَ يَتَعَلَّقُ انْعِقَادُهَا بِآخِرِ الْوَقْتِ عِنْدَهُمَا يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدًا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ لَمْ تَنْعَقِدْ صَحِيحٌ فِي الْكُلِّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ قِيلَ بِالْبُطْلَانِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ، وَقِيلَ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ إلَّا فِي آخِرِ الْوَقْتِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ لَا يُعْطِيهِ حَتَّى يَأْذَنَ فُلَانٌ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِدُونِ تَقْيِيدِهِ بِالْيَوْمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْفَتْحِ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ إذَا أَطْلَقَ، وَكَانَ فِيهِ مَاءٌ فَصُبَّ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا عَجَزَتْ عَنْ الْهِبَةِ عِنْدَ الْغُرُوبِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ لَمْ يُمْكِنْهَا ذَلِكَ إذْ الْهِبَةُ لَا تُتَصَوَّرُ فِيمَا سَقَطَ مِنْ الْمَهْرِ فَالْمُرَادُ مِنْ الْعَجْزِ هُنَا هُوَ عَدَمُ الْإِمْكَانِ، وَأَقُولُ: قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ كَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ، وَأَنَّ الْإِبْرَاءَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ صَحِيحٌ فَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْهِبَةِ بَعْدَمَا ذَكَرَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْبَرَاءَةِ فِي هَذَا فَيَكُونُ مِمَّا اُسْتُثْنِيَ هُنَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ بَعْدَ قَوْلِهِ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ صَحِيحٌ، وَعَنْ هَذَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِبْرَائِهَا عَنْ الْمَهْرِ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهَا لَا يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ فَإِذَا أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ، وَقَعَ وَرَجَعَ عَلَيْهَا. اهـ فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَحَلَّ اهـ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَزَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَثُرَ وُقُوعُهُمَا فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ التَّقْيِيدُ بِالْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِنَاءً عَلَى تَقْيِيدِ مَسْأَلَةِ الْقَتْلِ وَالْكُوزِ بِهِ وَمَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ، وَمَا شَاكَلَهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْإِسْبِيجَابِيِّ، وَقَدْ صَحَّحَ الزَّيْلَعِيُّ خِلَافَهُ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا لِعَدَمِ إمْكَانِ تَصَوُّرِ الْبِرِّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ اللَّيْلَةِ مَعَ غَيْبَتِهِ عَنْ الْمَنْزِلِ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَا فِي الْمُبْتَغَى إلَخْ) سَيَأْتِي عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَحَنِثَ فِي لَا يَصُومُ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يَحْنَثُ، وَذَكَرَ فِيهَا قَوْلًا ثَالِثًا فَرَاجِعْهُ هُنَاكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>