للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّهِيرِيَّةِ.

وَفِي الْوَاقِعَاتِ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ الْيَوْمَ فَقَرَأَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجِهَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَإِذَا قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَإِذَا نَوَى مَا فِي سُورَةِ النَّمْلِ يَحْنَثُ، وَإِنْ نَوَى غَيْرَ مَا فِي سُورَةِ النَّمْلِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ بِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ فَنَظَرَ فِيهَا حَتَّى إذَا أَتَى إلَى آخِرِهَا لَا يَحْنَثُ بِالِاتِّفَاقِ أَبُو يُوسُفَ سَوَّى بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَقْرَأُ كِتَابَ فُلَانٍ وَمُحَمَّدٌ فَرَّقَ فَقَالَ الْمَقْصُودُ مِنْ قِرَاءَةِ كِتَابِ فُلَانٍ فَهْمُ مَا فِيهِ، وَقَدْ حَصَلَ أَمَّا الْمَقْصُودُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَيْنُ الْقِرَاءَةِ إذْ الْحُكْمُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ ثُمَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فِي قَوْلِهِ لَا يَقْرَأُ كِتَابَ فُلَانٍ إذَا قَرَأَ سَطْرًا حَنِثَ وَبِنِصْفِ السَّطْرِ لَا؛ لِأَنَّ نِصْفَ السَّطْرِ لَا يَكُونُ مَفْهُومَ الْمَعْنَى غَالِبًا وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ اهـ.

(قَوْلُهُ: يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا فَعَلَى الْجَدِيدَيْنِ فَإِذَا قَالَ يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَهُوَ عَلَى اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِنْ كَلَّمَهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْيَوْمِ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ يُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: ١٦] وَالْكَلَامُ لَا يَمْتَدُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ فِي فَصْلِ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ يَوْمَ أُكَلِّمُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ الْيَوْمَ، وَلَا غَدًا فَالْيَمِينُ عَلَى بَقِيَّةِ الْيَوْمِ، وَعَلَى غَدٍ، وَلَا تَدْخُلُ اللَّيْلَةُ الَّتِي بَيْنَهُمَا فِي الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَقْتَيْنِ بِحَرْفِ النَّفْيِ فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْفِيًّا عَلَى الْإِفْرَادِ أَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧] ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ الْيَوْمَ وَغَدًا دَخَلَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي بَيْنَ الْيَوْمِ وَالْغَدِ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ هَاهُنَا جَمَعَ بَيْنَ الْوَقْتِ الثَّانِي وَبَيْنَ الْأَوَّلِ بِحَرْفِ الْجَمْعِ، وَهِيَ الْوَاوُ فَصَارَ وَقْتًا وَاحِدًا فَدَخَلَتْ اللَّيْلَةُ الْمُتَخَلِّلَةُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ يَوْمَيْنِ تَدْخُلُ فِيهِ اللَّيْلَةُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي اللَّيْلِ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا، وَلَا يَوْمَيْنِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ يَحْنَثُ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ عَلَى يَوْمَيْنِ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي يَحْنَثُ، وَإِنْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى النَّهَارَ صُدِّقَ) ؛ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ، وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِيهِ أَيْضًا أَطْلَقَ فِي تَصْدِيقِهِ فَشَمِلَ الدِّيَانَةَ وَالْقَضَاءَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً.

(قَوْلُهُ: وَلَيْلَةً أَكْمَلَهُ عَلَى اللَّيْلِ) ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ كَالنَّهَارِ لِلْبَيَاضِ خَاصَّةً، وَلَا يَجِيءُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مُطْلَقِ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْيَوْمِ، وَمَا وَرَدَ فِي أَشْعَارِ بَعْضِ الْعَرَبِ مِنْ إطْلَاقِهَا عَلَى مُطْلَقِ الْوَقْتِ فَإِنَّمَا هُوَ فِي صِيغَةِ الْجَمْعِ، وَكَلَامُنَا فِي الْمُفْرَدِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ لَيْلَةً فَالْيَمِينُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ إلَى أَنْ يَجِيءَ مِثْلُهَا مِنْ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ فَيَدْخُلُ النَّهَارُ الَّذِي بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ، وَقَالَ لَا أُكَلِّمُهُ اللَّيْلَةَ فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ سَقَطَتْ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَلَّمْتُهُ إلَّا أَنْ يَقْدَمَ زَيْدٌ أَوْ حَتَّى أَوْ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ أَوْ حَتَّى فَكَذَا فَكَلَّمَ قَبْلَ قُدُومِهِ أَوْ إذْنِهِ حَنِثَ وَبَعْدَهُمَا لَا) أَيْ، وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ الْقُدُومِ أَوْ الْإِذْنِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ غَايَةٌ وَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ قَبْلَ الْغَايَةِ، وَمُنْتَهِيَةٌ بَعْدَهَا فَلَا يَحْنَثُ بِالْكَلَامِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْيَمِينِ أَمَّا حَتَّى فَكَوْنُهَا لِلْغَايَةِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا إلَّا أَنْ فَالْأَصْلُ فِيهَا أَنَّهَا لِلِاسْتِثْنَاءِ وَتُسْتَعَارُ لِلشَّرْطِ وَالْغَايَةِ إذَا تَعَذَّرَ الِاسْتِثْنَاءُ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ مَا قَبْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ وَالْغَايَةِ يُخَالِفُ مَا بَعْدَهُ.

قَيَّدَ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ فَإِنَّهُ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ لَا تَطْلُقُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ حَتَّى مَاتَ فُلَانٌ طَلُقَتْ، وَهِيَ هُنَا لِلشَّرْطِ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ لَمْ يَقْدَمْ فُلَانٌ فَأَنْت طَالِقٌ، وَلَا تَكُونُ لِلْغَايَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ لَهَا فِيمَا يَحْتَمِلُ التَّأْقِيتَ وَالطَّلَاقُ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُهُ مَعْنًى فَتَكُونُ فِيهِ لِلشَّرْطِ وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ فَكَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ فُلَانٌ قَبْلَ قُدُومِهِ حَنِثَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ كَلَامُهُ يَوْمَ الْقُدُومِ، وَقَدْ وُجِدَ، وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ الْقُدُومِ قَالُوا يَجِبُ أَنْ لَا يَحْنَثَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْقُدُومَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا، وَلَا يَوْمَيْنِ إلَخْ) قَالَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْخَلَّاطِيِّ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ يَوْمًا، وَلَا يَوْمَيْنِ فَكَلَّمَهُ فِي الثَّالِثِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ مُعَادٌ مَعَ النَّفْيِ، وَفَاءً بِالِاسْتِبْدَادِ أَصْلُهُ لَا آكُلُ خُبْزًا، وَلَا تَمْرًا فَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ مُعْتَدٌّ مِنْهُمَا، وَفِي يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ إذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِعَاطِفٍ فَلَا تَدَاخُلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>