للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَجْلِ الطَّيْلَسَانِ فَكَانَتْ الْإِضَافَةُ لِلتَّعْرِيفِ فَتَعَلَّقَتْ الْيَمِينُ بِالْمُعَرَّفِ، وَلِهَذَا لَوْ كَلَّمَ الْمُشْتَرِيَ لَا يَحْنَثُ وَذِكْرُ الطَّيْلَسَانِ لِلتَّمْثِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ صَاحِبَ هَذِهِ الدَّارِ، وَهَذَا الطَّعَامِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ قَيَّدَ بِهَذِهِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ طَيْلَسَانَ فُلَانٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَ فُلَانٍ، وَفِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ وَالطَّيْلَسَانُ مُعَرَّبُ تَيْلَسَانِ أَبْدَلُوا التَّاءَ طَاءً مِنْ لِبَاسِ الْعَجَمِ مُدَوَّرٌ أَسْوَدُ لُحْمَتُهُ وَسَدَاهُ صُوفٌ.

(قَوْلُهُ: الزَّمَانُ وَالْحِينُ، وَمُنَكَّرُهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ) ؛ لِأَنَّ الْحِينَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الزَّمَانُ الْقَلِيلُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: ١٧] ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ تَعَالَى {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: ١] ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ قَالَ تَعَالَى {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: ٢٥] ، وَهَذَا هُوَ الْوَسَطُ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ لَا يُقْصَدُ بِالْمَنْعِ لِوُجُودِ الِامْتِنَاعِ فِيهِ عَادَةً وَالْمَدِيدُ لَا يُقْصَدُ غَالِبًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبَدِ، وَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ يَتَأَبَّدُ فَتَعَيَّنَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَكَذَا الزَّمَانُ يُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ الْحِينِ فَيُقَالُ مَا رَأَيْتُكَ مُنْذُ حِينٍ، وَمُنْذُ زَمَانٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَمَّا إذَا نَوَى شَيْئًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ كَلَامِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْحِينِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْإِثْبَاتَ وَالنَّفْيَ فَإِذَا قَالَ لَأَصُومَنَّ حِينًا أَوْ الْحِينَ فَهُوَ كَقَوْلِهِ لَا أُكَلِّمُهُ حِينًا أَوْ الْحِينَ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ مِنْ، وَقْتِ الْيَمِينِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَأَصُومَنَّ حِينًا أَوْ زَمَانًا كَانَ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ أَيَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ شَاءَ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ. اهـ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ الْأَحَايِينَ أَوْ الْأَزْمِنَةَ بِالْجَمْعِ فَهُوَ عَلَى عَشْرِ مَرَّاتٍ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ كَذَا، وَكَذَا يَوْمًا فَهُوَ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَلَوْ قَالَ كَذَا كَذَا فَهُوَ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ الْبِضْعَ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى تِسْعَةٍ فَيُحْتَمَلُ عَلَى أَقَلِّهَا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الشِّتَاءَ فَأَوَّلُ ذَلِكَ إذَا لَبِسَ النَّاسُ الْحَشْوَ وَالْفِرَاءَ وَآخِرُهُ إذَا أَلْقَوْهَا فِي الْبَلَدِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ وَالصَّيْفُ عَلَى ضِدِّهِ، وَهُوَ مِنْ حِينِ إلْقَاءِ الْحَشْوِ إلَى لُبْسِهِ وَالرَّبِيعُ آخِرُ الشِّتَاءِ، وَمُسْتَقْبَلُ الصَّيْفِ إلَى أَنْ يَيْبَسَ الْعُشْبُ وَالْخَرِيفُ فَصْلُ مَا بَيْنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى اللُّغَةِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ إلَى الْمَوْسِمِ قَالَ يُكَلِّمُهُ إذَا أَصْبَحَ يَوْمُ النَّحْرِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْمَوْسِمِ وَغُرَّةُ الشَّهْرِ وَرَأْسُ الشَّهْرِ أَوَّلُ لَيْلَةٍ وَيَوْمُهَا، وَأَوَّلُ الشَّهْرِ إلَى مَا دُونَ النِّصْفِ وَآخِرُهُ إذَا مَضَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ وَآخِرَ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ فَعَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمِ الْخَامِسَ عَشَرَ وَالسَّادِسَ عَشَرَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَالدَّهْرُ وَالْأَبَدُ الْعُمْرُ وَدَهْرٌ مُجْمَلٌ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الدَّهْرَ مُعَرَّفًا أَوْ الْأَبَدَ مُعَرَّفًا أَوْ مُنَكَّرًا فَهُوَ الْعُمُرُ أَيْ مُدَّةَ حَيَاةِ الْحَالِفِ، وَأَمَّا الدَّهْرُ مُنَكَّرًا فَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَقَالَا هُوَ كَالْحِينِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِمَا يَقُولُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الشِّتَاءَ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ الصَّيْفُ مَا يَكُونُ عَلَى الْأَشْجَارِ الْوَرَقُ وَالثِّمَارُ، وَالْخَرِيفُ مَا يَكُونُ عَلَى الْأَشْجَارِ الْأَوْرَاقُ دُونَ الثِّمَارِ وَالشِّتَاءُ مَا لَا يَكُونُ عَلَى الْأَشْجَارِ الثِّمَارُ وَالْأَوْرَاقُ، وَالرَّبِيعُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَشْجَارِ الْأَوْرَاقُ، وَلَا يَخْرُجُ الثِّمَارُ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَهَذَا أَقْرَبُ الْأَقَاوِيلِ إلَى الضَّبْطِ وَالْإِحَاطَةِ، وَقَلَّمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ إلَّا أَنَّهُ يَتَقَدَّمُ فِي الْبَعْضِ وَيَتَأَخَّرُ فِي الْبَعْضِ، وَفِي الصُّغْرَى وَالْمُخْتَارُ إذَا كَانَ الْحَالِفُ فِي بَلْدَةٍ لَهُمْ حِسَابٌ يَعْرِفُونَ الصَّيْفَ وَالشِّتَاءَ بِالْحِسَابِ مُسْتَمِرًّا يُصْرَفُ إلَيْهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ: وَأَوَّلُ الشَّهْرِ إلَى مَا دُونَ النِّصْفِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخَامِسَ عَشَرَ لَيْسَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ أَوَّلُ الشَّهْرِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَآخِرُ الشَّهْرِ مِنْ الْيَوْمِ السَّادِسَ عَشَرَ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ وَآخِرُ أَوَّلِ الشَّهْرِ الْيَوْمُ الْخَامِسَ عَشَرَ، وَأَوَّلُ آخِرِ الشَّهْرِ السَّادِسَ عَشَرَ، وَإِنْ كَانَ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَأَوَّلُ الشَّهْرِ إلَى وَقْتِ الزَّوَالِ مِنْ الْخَامِسَ عَشَرَ، وَمَا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ آخِرَ الْبَابِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَوَّلُ الشَّهْرِ قَبْلَ مُضِيِّ النِّصْفِ، وَعَنْ الثَّانِي فِيمَنْ قَالَ لَا أُكَلِّمُكَ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَأَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ آخِرِهِ فَعَلَى الْخَامِسَ عَشَرَ وَالسَّادِسَ عَشَرَ. اهـ. وَهَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ الْخِلَافَ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ) يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ فَإِنْ قِيلَ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَجْمَعُوا فِيمَنْ قَالَ إنْ كَلَّمْتُهُ دُهُورًا أَوْ شُهُورًا أَوْ سِنِينًا أَوْ جُمَعًا أَوْ أَيَّامًا يَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ فَكَيْفَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا أَدْرِي مَا الدَّهْرُ قُلْنَا هَذَا تَفْرِيعٌ لِمَسْأَلَةِ الدَّهْرِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُعَرِّفُ الدَّهْرَ كَمَا فَرَّعَ مَسَائِلَ الْمُزَارَعَةِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى جَوَازَهَا قَالَهُ ابْنُ الضِّيَاءِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هُوَ إشَارَةٌ إلَى سَوْقِ الْخِلَافِ فِي الدَّهْرِ الْمُنَكَّرِ الَّذِي قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ، وَأَمَّا الدَّهْرُ مُنَكَّرًا إلَخْ لَا أَنَّهُ تَصْحِيحٌ لِقَوْلِهِمَا لَكِنْ قَالَ فِي النَّهْرِ وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُرْوَ عَنْ الْإِمَامِ شَيْءٌ فِي مَسْأَلَةٍ وَجَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>