للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرِكَةِ فِي الْبَلْدَةِ لَا يَحْنَثُ.

وَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَعْمَلَ بِشَرِكَةِ فُلَانٍ حَنِثَ، وَإِنْ دَفَعَ أَحَدَهُمَا إلَى صَاحِبِهِ مَالًا مُضَارَبَةً فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ شَرِكَةٌ فِي عُرْفِنَا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا فَأَخْرَجَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَرَاهِمَهُ وَاشْتَرَكَا حَنِثَ الْحَالِفُ خَلَطَا أَوْ لَمْ يَخْلِطَا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا فَشَارَكَهُ بِمَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا ثُمَّ إنَّ الْحَالِفَ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا بِضَاعَةً، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْلُ فِيهِ بِرَأْيِهِ فَشَارَكَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ الْمَالُ الرَّجُلَ الَّذِي حَلَفَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ لَا يُشَارِكَهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيكًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَبْضِعَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الرِّبْحِ فَكَانَ الْعَامِلُ شَرِيكًا لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْمُسْتَبْضِعِ مُضَارِبٌ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ لَهُ حَقٌّ فِي الرِّبْحِ فَكَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ شَرِيكًا لِلْمُضَارِبِ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَبْضِعُ حَلَفَ أَنْ لَا يُشَارِكَ أَحَدًا فَدَفَعَ الْمَالَ شَرِيكُهُ بِإِذْنِ الْمُسْتَبْضِعِ لَا يَحْنَثُ رَجُلٌ قَالَ لِأَخِيهِ إنْ شَارَكْتُك فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ ثُمَّ بَدَا لَهُمَا أَنْ يَشْتَرِكَا قَالُوا إنْ كَانَ لِلْحَالِفِ ابْنٌ كَبِيرٌ يَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ الْحَالِفُ مَالَهُ إلَى ابْنِهِ مُضَارَبَةً وَيَجْعَلُ لِابْنِهِ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ الرِّبْحِ وَيَأْذَنُ لِابْنِهِ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ بِرَأْيِهِ ثُمَّ أَنَّ لِلِابْنِ أَنْ يُشَارِكَ عَمَّهُ فَإِذَا فَعَلَ الِابْنُ ذَلِكَ كَانَ لِلِابْنِ مَا شَرَطَ لَهُ الْأَبُ مِنْ الرِّبْحِ وَالْفَاضِلُ عَلَى ذَلِكَ إلَى النِّصْفِ يَكُونُ لِلْأَبِ، وَلَا يَحْنَثُ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ أَجْنَبِيٌّ فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ. اهـ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إلَى أَنَّ الدَّفْعَ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْمُحِيطِ حَلَفَ لَا يَدْفَعُ إلَى فُلَانٍ مَالَهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَمِنَهُ وَنَقَدَهُ بِضَمَانِهِ فَهُوَ حَانِثٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَنْقَدَهُ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَحَالَهُ عَلَيْهِ فَأَعْطَاهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ وَالْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَحْنَثُ بِأَدَائِهِ، وَكَذَا إذَا تَبَرَّعَ رَجُلٌ بِالْأَدَاءِ. اهـ.

ثُمَّ قَالَ: وَفِي النَّوَازِلِ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تَكُونِي غَسَلْت هَذِهِ الْقَصْعَةَ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَمَرَتْ الْمَرْأَةُ خَادِمَهَا بِغَسْلِ الْقَصْعَةِ فَغَسَلَتْهَا فَإِنْ كَانَ مِنْ عَادَةِ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا تَغْسِلُ بِنَفْسِهَا لَا غَيْرُ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهَا أَنَّهَا لَا تَغْسِلُ إلَّا بِخَادِمِهَا، وَعَرَفَ الزَّوْجُ ذَلِكَ لَا يَقَعُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهَا أَنَّهَا تَغْسِلُ بِنَفْسِهَا وَبِخَادِمِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ إلَّا إذَا عَنَى الزَّوْجُ الْآمِرَ بِالْغَسْلِ فَلَا يَقَعُ. اهـ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إلَى أَنَّ الْإِعْطَاءَ كَذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ حَلَفَ لَيُعْطِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ أَحَالَهُ فَقَبَضَ بَرَّ، وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ حَنِثَ اهـ.

وَإِذَا حَنِثَ بِالْأَمْرِ فِي حَلِفِهِ لَا يَقْضِي دَيْنَهُ بَرَّ بِالتَّوْكِيلِ فِي حَلِفِهِ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ، وَكَذَا فِي قَبْضِهِ نَفْيًا، وَإِثْبَاتًا فَإِذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ مِنْ فُلَانٍ حَقَّهُ فَأَخَذَ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ كَفِيلِهِ أَوْ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْمَطْلُوبِ بَرَّ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ وَالْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَطْلُوبِ لَمْ يَبَرَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْحَوَالَةَ وَالْكَفَالَةَ قَالَ فِي الْمُحِيطِ حَلَفَ لَا يَكْفُلُ عَنْهُ شَيْئًا فَكَفَلَ نَفْسَهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ كَفَلَ بِهِ لَا عَنْهُ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَنْهُ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ لَا فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ يُقَالُ كَفَلَ عَنْهُ أَيْ بِمَالِهِ، وَكَفَلَ بِهِ أَيْ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَفَلَ عَنْ كَفِيلِهِ بِأَمْرِهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ مَا كَفَلَ عَنْهُ وَإِنَّمَا كَفَلَ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَكْفُلُ فُلَانًا أَوْ لِفُلَانٍ فَكَفَلَ بِنَفْسِهِ حَنِثَ، وَلَوْ كَفَلَ عَنْهُ بِالْمَالِ لَا يَحْنَثُ حَلَفَ لَا يَكْفُلُ عَنْ فُلَانٍ فَأَحَالَهُ فُلَانٌ عَلَى الْحَالِفِ لِغَرِيمِهِ إنْ كَانَ لِلْمُحْتَالِ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمُحِيلِ يَحْنَثُ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ فِي الْحَوَالَةِ مَا فِي الْكَفَالَةِ وَزِيَادَةً؛ لِأَنَّ فِيهَا الْتِزَامًا وَضَمَانًا. اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ حَلَفَ لَا يُوصِي بِوَصِيَّةٍ فَوَهَبَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شَيْئًا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَصِيَّةٍ لَكِنْ أَعْطَى الشَّرْعُ لَهَا حُكْمَ الْوَصِيَّةِ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ حُكْمِ الْحِنْثِ. اهـ.

وَفِي الْوَاقِعَاتِ حَلَفَ لَا يَأْتَمِنُ فُلَانًا عَلَى شَيْءٍ فَأَرَاهُ دِرْهَمًا، وَقَالَ اُنْظُرْ إلَى هَذَا، وَلَمْ يُفَارِقْهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَابَّتَهُ، وَقَالَ أَمْسِكْهَا حَتَّى أُصَلِّيَ فَهُوَ حَانِثٌ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ التَّوْلِيَةَ، وَقَدْ صَارَتْ حَادِثَةَ الْفَتْوَى فَسُئِلَتْ عَنْ قَاضِي الْقُضَاةِ لَوْ حَلَفَ لَا يُوَلِّي فُلَانًا الْقَضَاءَ فَوَكَّلَ مِنْ وَلَّاهُ فَأَجَبْت يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قِسْمِ مَا لَا حُقُوقَ لَهُ فَيَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ.

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>