للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَوْلُهُ (وَدُخُولُ اللَّامِ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالصِّيَاغَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ كَإِنْ بِعْت لَك ثَوْبًا لِاخْتِصَاصِ الْفِعْلِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ بِأَمْرِهِ كَانَ مِلْكُهُ أَوْ لَا وَعَلَى الدُّخُولِ وَالضَّرْبِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْعَيْنِ كَإِنْ بِعْت ثَوْبًا لَك لِاخْتِصَاصِهَا بِهِ بِأَنْ كَانَ مِلْكَهُ أَمْرَهُ أَوْ لَا) يَعْنِي أَنَّ اللَّامَ إذَا تَعَلَّقَتْ بِفِعْلٍ قَبْلهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفِعْلُ تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَلِي اللَّامُ الْفِعْلَ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَفْعُولِ أَوْ تَلِي الْمَفْعُولَ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ إنْ بِعْت لَك ثَوْبًا إنْ اشْتَرَيْت لَك ثَوْبًا إنْ آجَرْت لَك بَيْتًا إنْ صَنَعْت لَك خَاتَمًا إنْ خِطْت لَك ثَوْبًا إنْ بَنَيْت لَك بَيْتًا فَإِنَّ اللَّامَ لِلِاخْتِصَاصِ وَالْوَجْهُ الظَّاهِرُ فِيهَا التَّعْلِيلُ، وَوَجْهُ إفَادَتِهَا الِاخْتِصَاصَ أَنَّهَا تُضِيفُ مُتَعَلِّقَهَا، وَهُوَ الْفِعْلُ لِمَدْخُولِهَا، وَهُوَ كَافُ الْخِطَابِ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُخَاطَبَ مُخْتَصٌّ بِالْفِعْلِ، وَكَوْنُهُ مُخْتَصًّا بِهِ يُفِيدُ أَنْ لَا يُسْتَفَادَ إطْلَاقُ فِعْلِهِ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَذَلِكَ يَكُونُ بِأَمْرِهِ، وَإِذَا بَاعَ بِأَمْرِهِ كَأَنْ يَبِيعَهُ إيَّاهُ مِنْ أَجْلِهِ، وَهِيَ لَامُ التَّعْلِيلِ فَصَارَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْ أَجْلِهِ فَإِذَا دَسَّ الْمُخَاطَبُ ثَوْبَهُ بِلَا عِلْمِهِ فَبَاعَهُ لَمْ يَكُنْ بَاعَهُ مِنْ أَجْلِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِالْعِلْمِ بِأَمْرِهِ وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا كَوْنُ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا النِّيَابَةُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَعْنِي مَا إذَا وَقَعَتْ عَقِبَ الْمَفْعُولِ كَإِنْ بِعْت ثَوْبًا لَك فَهِيَ لِلِاخْتِصَاصِ أَيْضًا، وَهُوَ اخْتِصَاصُ الْعَيْنِ بِالْمُخَاطَبِ، وَهُوَ كَوْنُ الْعَيْنِ مَمْلُوكَةً لِلْمُخَاطَبِ فَيَحْنَثُ إذَا بَاعَ ثَوْبًا مَمْلُوكًا لِلْمُخَاطَبِ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ يُوجَدُ مَعَ أَمْرِهِ، وَعَدَمِ أَمْرِهِ، وَهُوَ بَيْعُ ثَوْبٍ مُخْتَصٍّ بِالْمُخَاطَبِ؛ لِأَنَّ اللَّامَ هُنَا أَقْرَبُ إلَى الِاسْمِ الَّذِي هُوَ الثَّوْبُ مِنْهُ لِلْفِعْلِ وَالْقُرْبُ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ.

وَأَمَّا الثَّانِي أَعْنِي مَا إذَا كَانَ الْفِعْلُ لَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ مِثْلُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَضَرْبِ الْغُلَامِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النِّيَابَةَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ عَقِبَ الْفِعْلِ أَوْ عَقِبَ الْعَيْنِ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِاخْتِصَاصِ الْعَيْنِ بِالْمُخَاطَبِ نَحْوُ إنْ أَكَلْت لَك طَعَامًا أَوْ طَعَامًا لَك أَوْ شَرِبْت لَك شَرَابًا أَوْ شَرَابًا لَك أَوْ ضَرَبْت لَك غُلَامًا أَوْ غُلَامًا لَك أَوْ دَخَلَتْ لَك دَارًا لَك فَيَحْنَثُ بِدُخُولِ دَارٍ تُنْسَبُ إلَى الْمُخَاطَبِ وَبِأَكْلِ طَعَامٍ يَمْلِكُهُ سَوَاءٌ كَانَ بِعِلْمِهِ أَوْ بِأَمْرِهِ أَوْ دُونَهُمَا.

وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْأَكْلِ رَجُلٌ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَبِيعُ لِفُلَانٍ ثَوْبًا فَبَاعَ الْحَالِفُ ثَوْبًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لِيُجِيزَ صَاحِبُ الثَّوْبِ حَنِثَ الْحَالِفُ أَجَازَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ بَاعَهُ الْحَالِفُ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ بَيْعُهُ لِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا. اهـ.

فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَيْعُهُ لِأَجْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ لَا، وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْأَمْرِ بِأَنْ يَقْصِدَ الْحَالِفُ بَيْعَهُ لِأَجْلِ فُلَانٍ، وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ هُنَا يُخَالِفُهُ مَعَ أَنَّهُ هُوَ الْحُكْمُ فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ بِأَنْ كَانَ بِأَمْرِهِ لَكَانَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَا فِي تَعْلِيقِ الْعِتْقِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَصَارَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْ أَجْلِهِ) زَادَ فِي النَّهْرِ سَوَاءٌ كَانَ مَمْلُوكًا أَوْ لَا. اهـ.

وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَيْعُهُ لِأَجْلِهِ إلَخْ) أَقُولُ: يُؤَيِّدُهُ مَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ وَشَرْحِهِ لِلْفَارِسِيِّ رَجُلٌ قَالَ لِزَيْدٍ إنْ بِعْتُ لَك ثَوْبًا فَعَبْدِي حُرٌّ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَدَفَعَ زَيْدٌ ثَوْبًا إلَى رَجُلٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الْحَالِفِ لِيَبِيعَهُ فَدَفَعَهُ الْمَأْمُورُ إلَى الْحَالِفِ، وَقَالَ لَهُ بِعْهُ لِي أَوْ قَالَ بِعْهُ، وَلَمْ يَقُلْ لِزَيْدٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْحَالِفُ أَنَّهُ ثَوْبُ زَيْدٍ فَبَاعَهُ جَاهِلًا بِكَوْنِهِ ثَوْبَ زَيْدٍ لَمْ يَحْنَثْ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ اللَّامَ فِي بِعْت لَك دَخَلَتْ عَلَى فِعْلٍ قَابِلٍ لِلْمِلْكِ، وَهُوَ الْبَيْعُ، وَلِهَذَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ فَكَانَتْ لِاخْتِصَاصِ الْفِعْلِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَهُوَ زَيْدٌ وَوُجُودُ الِاخْتِصَاصِ بِزَيْدٍ إنَّمَا يَكُونُ بِأَمْرِ الْحَالِفِ أَوْ بِعِلْمِ الْحَالِفِ أَنَّهُ بَاعَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الثَّوْبُ لِزَيْدِ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَإِذَا بَاعَ لِغَيْرِ زَيْدٍ لَا يَكُونُ قَاصِدًا تَمْلِيكَ فِعْلِ الْبَيْعِ مِنْ زَيْدٍ سَوَاءٌ كَانَ الثَّوْبُ مَمْلُوكًا لِزَيْدٍ أَمْ لِغَيْرِهِ وَلِهَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَبِيعَ مَالَ رَجُلٍ آخَرَ تَكُونُ الْأُجْرَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا عَلَى الْمَالِكِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْحَالِفَ مَنَعَ نَفْسَهُ بِالْيَمِينِ عَنْ الْتِزَامِ الْحُقُوقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَيْدٍ، وَلَمْ يَلْتَزِمْ حَيْثُ بَاعَ بِأَمْرِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ الْإِضَافَةِ إلَيْهِ، وَلِهَذَا يَرْجِعُ بِالْحُقُوقِ عَلَى الرَّسُولِ دُونَ الْمُرْسِلِ. اهـ.

فَقَوْلُهُ وَوُجُودُ الِاخْتِصَاصِ يَزِيدُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بَيْعُهُ لِأَجَلِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهِ أَمْ لَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي التَّعْلِيلِ مِنْ أَنَّهُ صَارَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْ أَجْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَتَصْرِيحُهُمْ هُنَا بِاشْتِرَاطِ الْأَمْرِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ دَسَّ الْمُخَاطَبُ ثَوْبَهُ بِلَا عِلْمِ الْحَالِفِ فَبَاعَهُ كَمَا مَرَّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِلَا أَمْرٍ أَنَّهُ يَحْنَثُ لِوُجُودِ الْبَيْعِ لِأَجْلِهِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ وَبِهَذَا تَتَّفِقُ عِبَارَاتُهُمْ وَيَنْدَفِعُ عَنْهَا التَّنَافِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرَادَ إلَخْ) يُنَافِي هَذِهِ الْإِرَادَةَ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ شَرْحِ التَّلْخِيصِ بِتَعْلِيقِ الْعِتْقِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ الْأَمْرَ غَيْرُ شَرْطٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>