للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالطَّلَاقِ، وَكَلَامُ قَاضِي خَانْ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي الْفَتَاوَى أَيْضًا رَجُلٌ قَالَ إنْ بِعْت لَك ثَوْبًا فَعَبْدِي حُرٌّ فَهَذَا عَلَى أَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا بِأَمْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَانَ الثَّوْبُ مِلْكًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ قَالَ إنْ بِعْت ثَوْبًا لَك فَهُوَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا مِلْكًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. اهـ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ غَيْرِهَا بَعِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ عَنْ الْجَامِعِ وَذَكَرَ الْفَرْعَ الْمَذْكُورَ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الْأَكْلِ عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ، وَفِي الْمُحِيطِ أَيْضًا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لِفُلَانٍ فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالشِّرَاءِ، وَالْآمِرُ يَنْوِي الشِّرَاءَ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ لَهُ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يَقَعُ لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَدَ نَفَاذًا عَلَيْهِ فَيَنْفُذُ عَلَيْهِ فَلَا يَقَعُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. اهـ.

وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ الْمَفْعُولَ بِهِ أَوْ لَا، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لِفُلَانٍ ثَوْبًا فَأَمَرَهُ فُلَانٌ أَنْ يَشْتَرِيَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثَوْبًا فَاشْتَرَاهُ لَا يَحْنَثُ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لِعَبْدِهِ ثَوْبًا فَاشْتَرَاهُ لَا يَحْنَثُ. اهـ.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَمَرَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَفْعَلَهُ لِنَفْسِهِ لَا مُطْلَقَ الْأَمْرِ كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَغَيْرِهِ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الضَّرْبَ فَشَمِلَ ضَرْبَ الْغُلَامِ وَضَرْبَ الْوَلَدِ وَوَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ التَّعْبِيرُ بِضَرْبِ الْغُلَامِ فَاخْتَلَفُوا فِي الْغُلَامِ فَذَكَرَ ظَهِيرُ الدِّينِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُلَامِ الْوَلَدُ دُونَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ ضَرْبَ الْعَبْدِ يَحْتَمِلُ النِّيَابَةَ وَالْوَكَالَةَ فَصَارَ نَظِيرَ الْإِجَارَةِ لَا نَظِيرَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْغُلَامُ يُطْلَقُ عَلَى الْوَلَدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: ١٠١] وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعَبْدُ لِلْعُرْفِ؛ وَلِأَنَّ الضَّرْبَ مِمَّا لَا يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ، وَلَا يَلْزَمُ بِهِ فَانْصَرَفَ إلَى الْمَحَلِّ الْمَمْلُوكِ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.

قَوْلُهُ (فَإِنْ نَوَى غَيْرَهُ صُدِّقَ فِيمَا عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنْ نَوَى غَيْرَ مَا هُوَ ظَاهِرٌ كَلَامُهُ صُدِّقَ فِيمَا فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ دِيَانَةً، وَقَضَاءً بِأَنْ بَاعَ ثَوْبًا مَمْلُوكًا لِلْمُخَاطَبِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَنَوَى بِالِاخْتِصَاصِ الْمِلْكَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَلَوْلَا نِيَّتَهُ لَمَا حَنِثَ أَوْ بَاعَ ثَوْبًا لِغَيْرِ الْمُخَاطَبِ بِأَمْرِ الْمُخَاطَبِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَنَوَى الِاخْتِصَاصَ بِالْأَمْرِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَلَوْلَا نِيَّتُهُ لَمَا حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَخْفِيفٌ فَيُصَدِّقُهُ الْقَاضِي أَيْضًا قُيِّدَ بِمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى مَا فِيهِ تَخْفِيفٌ كَعَكْسِ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ دِيَانَةً؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ كَلَامَهُ، وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ بَيْنَ الدِّيَانَةِ وَالْقَضَاءِ لَا يَتَأَتَّى فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا مُطَالِبَ لَهَا (قَوْلُهُ: إنْ بِعْته أَوْ ابْتَعْته فَهُوَ حُرٌّ فَعَقَدَ بِالْخِيَارِ) (حَنِثَ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهُوَ الْبَيْعُ وَالْمِلْكُ فِيهِ قَائِمٌ فَيَنْزِلُ الْجَزَاءُ، وَكَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ قَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ، وَهُوَ الشِّرَاءُ وَالْمِلْكُ قَائِمٌ فِيهِ، وَقَوْلُهُ عَقَدَ بِالْخِيَارِ أَيْ بَاعَ فِي الْأُولَى وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَاشْتَرَى فِي الثَّانِيَةِ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ، وَكَوْنُ الْمِلْكِ مَوْجُودًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا أَنَّ الْبَائِعَ إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ لَا يَخْرُجُ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِهِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَمْلُوكٌ

ــ

[منحة الخالق]

كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْفَرْعَ الْمَذْكُورَ فِي الْخَانِيَّةِ) الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَذْكُورِ، وَفَاعِلُ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ خِلَافُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ لَوْ بَاعَ الْحَالِفُ ثَوْبًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَكِنَّهُ أَجَازَ الْبَيْعَ فَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَحْنَثُ، وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ، وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ جَزَمَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا نَوَى بِالِاخْتِصَاصِ الْمِلْكَ عَلَى مَا سَيَأْتِي. اهـ.

قَدْ عَلِمْت مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ التَّصْرِيحَ بِمَا يُؤَيِّدُ الْفَرْعَ الْمَذْكُورَ فِي الْخَانِيَّةِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَلَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَى نِيَّةِ الِاخْتِصَاصِ بِالْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ الْمَفْعُولَ بِهِ أَوْ لَا) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَمَايُزَ الْأَقْسَامِ أَعْنِي تَارَةً تَدْخُلُ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ عَلَى الْعَيْنِ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالتَّصْرِيحِ بِالْمَفْعُولِ فَلَا جَرَمَ صَرَّحَ بِهِ. اهـ.

أَقُولُ: أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَدَمُ اشْتِرَاطٍ بِالتَّصْرِيحِ بِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَعْنِي إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْفِعْلِ لَا مُطْلَقًا، وَادِّعَاءُ أَنَّ تَمَايُزَ الْأَقْسَامِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى التَّصْرِيحِ بِهِ إنْ أُرِيدَ بِهِ مُطْلَقًا فَمَمْنُوعٌ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ فِيمَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْعَيْنِ فَمُسَلَّمٌ، وَلَكِنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَمَرَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَفْعَلَهُ لِنَفْسِهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ مُقْتَضَى التَّوْجِيهِ السَّابِقِ يَعْنِي تَوْجِيهَ كَوْنِهَا لِلتَّعْلِيلِ حِنْثُهُ حَيْثُ كَانَ الشِّرَاءُ لِأَجْلِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَمْرَهُ بِبَيْعِ مَالِ غَيْرِهِ مُوجِبٌ لِحِنْثِهِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِكَوْنِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُلَامِ الْوَلَدُ) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي تَغَيُّرِ الْغُلَامِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ النِّيَابَةَ وَالْكَلَامُ فِيمَا لَا يَحْمِلُهَا كَذَا فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَنَوَى بِالِاخْتِصَاصِ الْمِلْكَ) ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>