لِلْمُشْتَرِي عِنْدَهُمَا.
وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَلِأَنَّ هَذَا الْعِتْقَ بِتَعْلِيقِهِ وَالْمُعَلَّقُ كَالْمُنَجَّزِ، وَلَوْ نَجَّزَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ الْعِتْقَ يَثْبُتُ الْمِلْكُ سَابِقًا عَلَيْهِ فَكَذَا هَذَا، قَيَّدَ بِالْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ بِأَنْ قَالَ إنْ بِعْته فَهُوَ حُرٌّ فَبَاعَهُ بَيْعًا صَحِيحًا بِلَا خِيَارٍ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بَاتَ مِنْ جِهَتِهِ، وَكَذَا إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ بِالْخِيَارِ لِلْبَائِعٍ لَا يَعْتِقُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ بَائِعِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَسَوَاءٌ أَجَازَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُجِزْ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ إذَا أَجَازَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ مُسْتَنِدٌ إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ بِدَلِيلِ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ تَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ إنْ ابْتَعْته؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ مَلَكْته فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَا يَعْتِقُ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ، وَهُوَ الْمِلْكُ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ عِنْدَهُ كَمَا عُرِفَ فِي بَابِهِ، وَقَيَّدَ بِالتَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ لَوْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ عِنْدَ الْإِمَامِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَكَلُّمُهُ بِالْإِعْتَاقِ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ حَتَّى سَقَطَ خِيَارُهُ، وَإِنَّمَا يَعْتِقُ عَلَى الْقَرِيبِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ، وَلَا مِلْكَ لِلْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ، وَالشَّارِعُ إنَّمَا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالشِّرَاءِ أَمَّا هُنَا فَالْإِيجَابُ الْمُعَلَّقُ صَارَ مُنَجَّزًا عِنْدَ الشَّرْطِ وَصَارَ قَائِلًا أَنْتَ حُرٌّ فَيَنْفَسِخُ الْخِيَارُ ضَرُورَةً كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ هَلْ تَنْحَلُّ يَمِينُهُ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ قَالَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ تَنْحَلُّ يَمِينُهُ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا تَنْحَلُّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُرَادُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْيَمِينِ عُرْفًا الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ لَا الشِّرَاءُ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مِنْ جِهَةِ الْحَالِفِ لَا يَقَعُ إلَّا بِالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ وَصَارَ تَقْدِيرُ الْمَسْأَلَةِ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُك لِنَفْسِي فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَاشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ لَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ فَكَذَا هَذَا وَبِهَذَا الْحَرْفِ يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ اشْتَرَيْت غُلَامًا فَأَنْت طَالِقٌ فَاشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْحَلُّ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ لَمْ يُوجَدْ مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ مِنْ قِبَلِهِ يَقَعُ عَلَى امْرَأَتِهِ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ أَمَّا هُنَا بِخِلَافِهِ. اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ بِعْت مِنْك شَيْئًا فَأَنْت حُرَّةٌ ثُمَّ بَاعَهَا نِصْفَهَا مِنْ الزَّوْجِ الَّذِي وُلِدَتْ مِنْهُ أَوْ بَاعَ نِصْفَهَا مِنْ أَبِيهَا لَا يَقَعُ عِتْقُ الْمَوْلَى عَلَيْهَا بِالْيَمِينِ، وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَقَعَ عِتْقُ الْمَوْلَى عَلَيْهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوِلَادَةَ مِنْ الزَّوْجِ وَالنَّسَبِ مِنْ الْأُمِّ مُقَدَّمٌ فَيَقَعُ مَا تَقَدَّمَ سَبَبُهُ أَوَّلًا، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت مِنْ هَذِهِ الْجَارِيَةِ شَيْئًا فَهِيَ مُدَبَّرَةٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا هُوَ وَزَوْجُهَا الَّذِي وُلِدَتْ مِنْهُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِزَوْجِهَا، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا تَدْبِيرُ الْمُشْتَرِي لِلْمَعْنَى الَّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ. اهـ.
وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ حَلَفَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى الْبَيْعِ فَبَاعَ بَيْعًا فِيهِ خِيَارٌ لِلْبَائِعٍ أَوْ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَحَنِثَ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ قَالَ مُحَمَّدٌ سَمِعَتْ أَبَا يُوسُفَ قَالَ فِيمَنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَضَتْ مُدَّةُ الثَّلَاثِ وَوَجَبَ الْبَيْعُ يَعْتِقُ، وَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ صَحِيحٌ لِأَنَّ اسْمَ الْبَيْعِ عِنْدَهُ لَا يَتَنَاوَلُ الْبَيْعَ الْمَشْرُوطَ فِيهِ الْخِيَارُ فَلَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا بِنَفْسِ الْقَبُولِ بَلْ عِنْدَ سُقُوطِ الْخِيَارِ وَالْعَبْدِ فِي مِلْكِهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَعْتِقُ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ خِيَارِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ، وَأَصْلٌ فِيهِ أَصْلًا وَهُوَ أَنَّ كُلَّ بَيْعٍ يُوجِبُ الْمِلْكَ أَوْ تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ يَحْنَثُ بِهِ، وَمَا لَا فَلَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
قَوْلُهُ (وَكَذَا بِالْفَاسِدِ وَالْمَوْقُوفِ لَا بِالْبَاطِلِ) أَيْ يَحْنَثُ إذَا عُقِدَ فَاسِدًا أَوْ مَوْقُوفًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُوَ مُجْمَلٌ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهُوَ مَا إذَا قَالَ إنْ بِعْتُك فَأَنْت حُرٌّ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute