للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَبَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي غَائِبًا عَنْهُ بِأَمَانَةٍ أَوْ رَهْنٍ يَعْتِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَقْدِ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَا إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ بَعْدُ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَكَانَ حَاضِرًا عِنْدَهُ، وَقْتَ الْعَقْدِ يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَابِضًا لَهُ عَقِبَ الْعَقْدِ فَمَلَكَهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فِي بَيْتِهِ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ كَالْمَغْصُوبِ يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَمَانَةً أَوْ كَانَ مَضْمُونًا بِغَيْرِهِ كَالرَّهْنِ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا عَقِبَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَفِي الْمُحِيطِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ تَتَارَكَا الْبَيْعَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ شِرَاءً صَحِيحًا قَالَ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ حَنِثَ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ حَقِيقَةً فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَارْتَفَعَتْ بِخِلَافِ النِّكَاحِ.

لَوْ حَلَفَ، وَقَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا فَاسِدًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا صَحِيحًا طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَنْحَلَّ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنِكَاحٍ مُطْلَقٍ. اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ تَامٌّ لَيْسَ فِي الْمَحَلِّ مَا يُنَافِي انْعِقَادَهُ إلَّا أَنَّهُ تَرَاخَى حُكْمُهُ، وَهُوَ الْمِلْكُ، وَأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى نُقْصَانٍ فِيهِ، وَكَذَا إذَا عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الْمَاضِي بِأَنْ قَالَ إنْ كُنْت اشْتَرَيْت الْيَوْمَ أَوْ قَالَ إنْ كُنْت بِعْت الْيَوْمَ. اهـ.

وَأَمَّا فِي الْمَوْقُوفِ فَصُورَتُهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ الْبَائِعَ أَنْ يَبِيعَهُ لِشَخْصٍ غَائِبٍ قَبِلَ عَنْهُ فُضُولِيٌّ فَيَعْتِقُ الْعَبْدُ عَلَى الْبَائِعِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَإِذَا كَانَ الْحَالِفُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِبَيْعِ الْفُضُولِيِّ لَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عِنْدَ إجَازَةِ الْبَائِعِ فَيَعْتِقُ الْعَبْدُ، وَفِي التَّبْيِينِ مَا يُخَالِفُهُ، وَأَمَّا إذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي أَوْ لَا يَبِيعُ فَاشْتَرَى أَوْ بَاعَ مَوْقُوفًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، وَأَمَّا بِالْعَقْدِ الْبَاطِلِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ لِانْعِدَامِ مَعْنَاهُ، وَهُوَ مَا ذُكِرَ، وَلِانْعِدَامِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ، وَهُوَ الْمِلْكُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ. وَفِي الْمُحِيطِ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي الْيَوْمَ شَيْئًا فَاشْتَرَى عَبْدًا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ أَوْ اشْتَرَى عَيْنًا لَمْ يَأْمُرْهُ صَاحِبُهُ بِالْبَيْعِ حَنِثَ قَبْلَ إجَازَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ فَاسِدٌ وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ بَيْعٌ حَقِيقَةً لِمَا بَيَّنَّا، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ مَالٌ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِدَمٍ أَوْ مَيْتَةٍ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ لِعَدَمِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ؛ لِأَنَّهُمَا مَالٌ، وَلَوْ اشْتَرَى مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ فِي الْمَحَلِّ مَا يُنَافِي التَّمْلِيكَ وَالتَّمَلُّكَ، وَهُوَ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ فَلَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ فِيهِ تَمْلِيكًا فَلَا يَتَحَقَّقُ بَيْعًا إلَّا أَنَّ فِي الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ يَحْنَثُ إنْ أَجَازَ الْقَاضِي أَوْ الْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّ الْمُنَافِيَ زَالَ بِالْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَبِإِجَازَةِ الْمُكَاتَبِ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ فَارْتَفَعَ الْمُنَافِي فَتَمَّ الْعَقْدُ. اهـ.

وَهَذَا إذَا اشْتَرَى هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَلَوْ اشْتَرَى بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ هَذَا الْفَصْلَ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَحْنَثُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ إذَا حَلَفَ لَيَبِيعَنِّ هَذِهِ، وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ أَوْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ أَوْ هَذَا الْحُرُّ الْمُسْلِمُ فَبَاعَهُمْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَفِي التَّبْيِينِ مَا يُخَالِفُهُ) الْمُخَالَفَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ حَيْثُ صَرَّحَ فِيهَا بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِالشِّرَاءِ ثُمَّ قَالَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا عِنْدَ الْإِجَازَةِ كَالنِّكَاحِ وَنَقُولُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ الْحِلُّ، وَلَمْ يَنْعَقِدْ الْمَوْقُوفُ لِإِفَادَتِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمِلْكُ دُونَ الْحِلِّ، وَلِهَذَا تُجَامِعُهُ الْحُرْمَةُ فَيَحْنَثُ فِيهِ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَفِي النِّكَاحِ مِنْ وَقْتِ الْإِجَازَةِ. اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا فِي التَّبْيِينِ قَوْلُ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ جَعَلَ مُقَابِلَهُ رِوَايَةً عَنْ الثَّانِي قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ يَحْنَثُ بِالشِّرَاءِ أَنَّهُ إذَا أَجَازَ صَاحِبُ الْعَبْدِ الْبَيْعَ ظَهَرَ أَنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ. اهـ.

قُلْتُ: الظَّاهِرُ خِلَافُهُ بَلْ الظَّاهِرُ حِنْثُهُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ وَيَحْنَثُ بِالشِّرَاءِ مِنْ فُضُولِيٍّ أَوْ بِخَمْرٍ أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ إذْ الذَّاتُ لَا تَخْتَلُّ لِخَلَلٍ فِي الصِّفَةِ قَالَ شَارِحُهُ الْفَارِسِيُّ حَنِثَ لِوُجُودِ شَرْطِ الْحِنْثِ، وَهُوَ ذَاتُ الْبَيْعِ بِوُجُودِ رُكْنِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَفِدْ الْمِلْكَ فِي الْحَالِ لِمَانِعٍ، وَهُوَ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ فِي الْأَوَّلِ وَاتِّصَالُ الْمُفْسِدِ بِهِ فِي الثَّانِي وَالْخِيَارُ فِي الثَّالِثِ وَإِفَادَةُ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ صِفَةُ الْبَيْعِ لَا ذَاتِهِ فَإِنَّ الْعَرَبَ وَضَعَتْ لَفْظَ الْبَيْعِ لِمُبَادَلَةِ الْمَالِ بِالْمَالِ مَعَ أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ الْأَحْكَامَ، وَلَا الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ، وَمَتَى وُجِدْت الذَّاتُ لَا تَخْتَلُّ لِخَلَلٍ وُجِدَ فِي الصِّفَاتِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي أَوْ لَا يَبِيعُ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَعْنِي إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِالطَّلَاقِ بِأَنَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَبِيعُ أَوْ لَا أَشْتَرِي أَوْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ بِعْت أَوْ اشْتَرَيْت فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ. اهـ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ مَا فِي قَوْلِهِ وَفِي التَّبْيِينِ مَا يُخَالِفُهُ فَهُوَ نَقْلٌ لِمَا فِي التَّبْيِينِ بِالْمَعْنَى لَا بِاللَّفْظِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ) كَذَا وُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِالدَّمِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ اشْتَرَاهُ إلَخْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَحْرِيفِ النُّسَّاخِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>