الْبَتْرَاءُ تَأْنِيثُ الْأَبْتَرِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَقْطُوعُ الذَّنَبِ ثُمَّ صَارَ يُقَالُ لِلنَّاقِصِ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ إلَى فَرْعٍ مَذْكُورٍ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ صَلَّيْت رَكْعَةً فَأَنْت حُرٌّ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ تَكَلَّمَ لَا يَعْتِقُ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَتَقَ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ الْأُولَى مَا صَلَّى رَكْعَةً؛ لِأَنَّهَا بُتَيْرَاءُ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً فَهَلْ يَتَوَقَّفُ حِنْثُهُ عَلَى قُعُودِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ إنْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِعْلِ، وَهُوَ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً لَا يَحْنَثُ قَبْلَ الْقَعْدَةِ، وَإِنْ عَقَدَهَا عَلَى الْفَرْضِ، وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْمُثْنَى فَكَذَلِكَ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَقْعُدَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ يَحْنَثُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَتَشَهَّدَ بَعْدَ الْأَرْبَعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِيهَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي خَلْفَ فُلَانٍ فَأَمَّهُ فُلَانٌ، وَقَامَ الْحَالِفُ عَنْ يَمِينِهِ حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ.
وَإِنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ لَمْ يَدِينَ فِي الْقَضَاءِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ قَالَ لَا أُصَلِّي مَعَك فَصَلَّيَا خَلْفَ إمَامٍ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا غَيْرُهُمَا، وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا فَشَرَعَ فِي الصَّلَاةِ وَنَوَى أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا فَجَاءَ قَوْمٌ وَاقْتَدُوا بِهِ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ أَمَّهُمْ، وَقَصْدُهُ أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا أَمْرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا نَوَى ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ دِيَانَةً وَإِنْ أَشْهَدَ الْحَالِفُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُصَلِّي صَلَاةَ نَفْسِهِ، وَلَا يَؤُمُّ أَحَدًا لَا يَحْنَثُ قَضَاءً وَدِيَانَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّى هَذَا الْحَالِفُ بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ أَمَّ النَّاسَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ يَمِينَهُ انْصَرَفَتْ إلَى الصَّلَاةِ الْمُطْلَقَةِ، وَلَوْ أَمَّهُمْ فِي النَّافِلَةِ حَنِثَ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِمَامَةُ فِي النَّوَافِلِ مَنْهِيًّا عَنْهَا، وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُ إذَا نَوَى أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا فَصَلَّى خَلْفَهُ رَجُلَانِ جَازَتْ صَلَاتُهُمَا، وَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ أَنْ يَقْصِدَ الْإِمَامَةَ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ خَلْفَ فُلَانٍ أَوْ قَالَ مَعَ فُلَانٍ فَكَبَّرَ مَعَهُ ثُمَّ أَحْدَثَ فَذَهَبَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ عَادَ بَعْدَمَا خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ فَأَتَمَّ بِصَلَاتِهِ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ أَنَّهُ كَبَّرَ مَعَ فُلَانٍ وَنَامَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى حَتَّى فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ ثُمَّ انْتَبَهَ فَاتَّبَعَهُ وَصَلَّى تَمَامَ صَلَاتِهِ مَعَهُ حَنِثَ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ مَعَ فُلَانٍ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فَقَدَّمَ الْحَالِفَ فَصَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ بِصَلَاةِ فُلَانٍ فَدَخَلَ مَعَهُ فِي الظُّهْرِ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَمَا صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَتَقَدَّمَ الْحَالِفُ فَصَلَّى الْحَالِفُ مَا بَقِيَ وَسَلَّمَ فَقَدْ صَلَّى الظُّهْرَ بِصَلَاةِ فُلَانٍ، وَهُوَ حَانِثٌ، وَكَذَا لَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ مِنْهَا رَكْعَةً وَصَلَّى مَا بَقِيَ فَقَدْ صَلَّى بِصَلَاتِهِ فَيَكُونُ حَانِثًا، وَلَوْ حَلَفَ لَيُصَلِّيَنَّ هَذَا الْيَوْمَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِالْجَمَاعَةِ وَيُجَامِعُ امْرَأَتَهُ، وَلَا يَغْتَسِلُ سُئِلَ الْإِمَامُ ابْنُ الْفَضْلِ عَنْ هَذَا فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِالْجَمَاعَةِ ثُمَّ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ إنْ عَقَدَ إلَى قَوْلِهِ لَا يَحْنَثُ قَبْلَ الْقَعْدَةِ) مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِعْلِ، وَهُوَ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً يَحْنَثُ قَبْلَ الْقَعْدَةِ لِمَا ذَكَرْته. اهـ.
وَهَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي النَّهْرِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْعُقْدَةَ رُكْنٌ زَائِدٌ وَجَبَتْ لِلْخَتْمِ فَلَا تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْحِنْثِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لِمَا ذَكَرْته فَهَذَا اسْتِظْهَارٌ مِنْهُ لِخِلَافِ مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ لَا سَقَطَتْ مِنْ عِبَارَةِ النَّهْرِ، وَقَدْ رَاجَعْت عِبَارَةَ الظَّهِيرِيَّةِ فَرَأَيْتهَا مُوَافِقَةً لِمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَتَشَهَّدَ بَعْدَ الْأَرْبَعِ، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي الْفَجْرَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَتَشَهَّدَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَتَشَهَّدَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَقَدَهَا عَلَى الْفَرْضِ إلَخْ) تَوَقَّفَ فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ إلَخْ ثُمَّ قَالَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ عَقَدَهَا إلَخْ أَيْ نَوَى بِحَلِفِهِ لَا يُصَلِّي صَلَاةَ خُصُوصِ الْفَرْضِ أَوْ صَرَّحَ بِهِ فِي يَمِينِهِ بِأَنْ قَالَ لَا أُصَلِّي صَلَاةً مَفْرُوضَةً فَلِهَذَا يَحْنَثُ إذَا صَلَّى مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، وَلَوْ قَبْلَ الْقُعُودِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ فَوَضَحَ الْفَرْقُ. اهـ. وَيَحْتَاجُ إلَى التَّأَمُّلِ فِي وَجْهِهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَشْهَدَ الْحَالِفُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ مَا فِي الْجُمُعَةِ لَا يُعْتَبَرُ الْإِشْهَادُ وَتُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ فَإِذَا لَمْ يَنْوِ إمَامَةَ أَحَدٍ بَلْ نَوَى فِيهَا الصَّلَاةَ لِنَفْسِهِ جَازَتْ الْجُمُعَةُ لَهُ، وَلَهُمْ فِي الِاسْتِحْسَانِ وَحَنِثَ قَضَاءً لَا دِيَانَةً صَرَّحَ بِهِ الْبَزَّازِيِّ. اهـ.
أَيْ حَنِثَ قَضَاءً أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ، وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَوْ أَشْهَدَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ أَنْ يُصَلِّيَ لِنَفْسِهِ لَمْ يَحْنَثْ دِيَانَةً، وَلَا قَضَاءً (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَّ النَّاسِي فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لَا يَحْنَثُ إلَخْ) هَذَا النَّقْلُ مَعَ التَّعْلِيلِ يَدْفَعُ مَا بَحَثَهُ فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ وَيَنْبَغِي إذَا أَمَّهُمْ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَنْ يَكُونَ كَالْأَوَّلِ إنْ أَشْهَدَ صُدِّقَ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَفِي الدِّيَانَةِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِالْجَمَاعَةِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ بَقِيَّةَ النَّهَارِ إلَى الْغُرُوبِ فَكَيْفَ يَبَرُّ بِثَلَاثِ صَلَوَاتٍ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا يَشْمَلُ اللَّيْلَةَ بِقَرِينَةِ الْخَمْسِ صَلَوَاتٍ فَمَا الْحَاجَةُ إلَى مُجَامَعَتِهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ بِالْجَمَاعَةِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْأَلْغَازِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.
قُلْتُ: وَلَعَلَّ