للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى حَدِّ الْعَبِيدِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ اهـ.

وَيَثْبُتُ الْإِحْصَانُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِعِلْمِ الْقَاضِي وَلَا يَحْلِفُ الْقَاذِفُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَقْذُوفَ مُحْصَنٌ.

كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت وَأَنْتِ كَافِرَةٌ وَهِيَ فِي الْحَالِ مُسْلِمَةٌ، فَإِنَّهُ يَجِبُ اللِّعَانُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ زَنَيْت وَأَنْتِ أَمَةٌ وَهِيَ فِي الْحَالِ حُرَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِلْأَجْنَبِيَّةِ يَجِبُ الْحَدُّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: قَذَفْتُك وَأَنْتِ كَافِرَةٌ أَوْ وَأَنْتِ أَمَةٌ اهـ.

وَخَرَجَ غَيْرُ الْعَفِيفِ؛ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ يَنْتَظِمُ الْعِفَّةَ أَيْضًا قَالَ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: ٥] أَيْ الْعَفَائِفُ وَلِأَنَّ الْمَقْذُوفَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَفِيفًا فَالْقَاذِفُ صَادِقٌ فَالشَّرَائِطُ الْخَمْسَةُ لِلْإِحْصَانِ دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] ، فَإِذَا فُقِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا يَكُونُ مُحْصَنًا وَفِي الْقُنْيَةِ قُذِفَ وَهُوَ مُصْلِحٌ ظَاهِرًا وَلَمْ يَكُنْ عَفِيفًا فِي السِّرِّ يُعْذَرُ فِي مُطَالَبَةِ الْقَاذِفِ بِالْحَدِّ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَفِيفًا فِي السِّرِّ إِنَّهُ مِنْ الزِّنَا، وَإِنْ كَانَ زَانِيًا لَمْ يَكُنْ قَذْفُهُ مُوجِبًا لِلْحَدِّ فَكَيْفَ يُعْذَرُ اهـ.

وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ عَنْ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ الْعِفَّةَ عَنْ الْوَطْءِ الْحَرَامِ وَلِذَا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ الْمُرْتَدَّةَ حُدَّ قَاذِفُهُ وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ فَوَطِئَهَا، فَإِنِّي أَحُدُّ قَاذِفَهُ كَذَا فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ.

قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ هَذَا خِلَافُ مَا فِي الْأَصْلِ قَالَ ثُمَّ كُلُّ شَيْءٍ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ حَرَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَأَحَلَّهُ بَعْضُهُمْ، فَإِنِّي أَحُدُّ قَاذِفَهُ وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ وَطِئَ أَمَته فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجٍ لَهَا، فَإِنِّي أَحُدُّ قَاذِفَهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِي أَمَتِهِ صَحِيحٌ وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجٍ لَهَا فَأَحْبَلَهَا أَوْ لَمْ يُحْبِلْهَا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ قَاذِفُهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ كُلُّ مَنْ دَرَأْت الْحَدَّ عَنْهُ وَجَعَلْت عَلَيْهِ الْمَهْرَ وَأُثْبِتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، فَإِنِّي أَحُدُّ قَاذِفَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً لِرَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَخَلَ بِهَا، فَإِنِّي أَحُدُّ قَاذِفَهُ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى أَمَةً فَوَطِئَهَا ثُمَّ اسْتَبَانَ أَنَّهَا أُخْتُهُ حُدَّ قَاذِفُهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الرُّقَيَّاتِ أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَنَى بِفُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّةِ امْرَأَةٌ مَعْرُوفَةٌ سَمَّوْهَا وَوَصَفُوا الزِّنَا فَأَثْبَتُوهُ، وَالْمَرْأَةُ غَائِبَةٌ فَرُجِمَ الرَّجُلُ ثُمَّ إنَّ رَجُلًا قَذَفَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ الْغَائِبَةَ فَخَاصَمَتْهُ إلَى الْقَاضِي الَّذِي قَضَى عَلَى الرَّجُلِ بِالرَّجْمِ قَالَ الْقِيَاسُ أَنْ يُحَدَّ قَاذِفُهَا؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا قَضَى عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا لَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ لَا أَحُدَّ قَاذِفَهَا ثُمَّ قَالَ وَكَمَا يَزُولُ الْإِحْصَانُ بِالزِّنَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَزُولُ بِالزِّنَا مِنْ وَجْهٍ فَكُلُّ وَطْءٍ حَرُمَ لِعَدَمِ مِلْكِ الْمُتْعَةِ مِنْ وَجْهٍ فَهُوَ زِنًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَذَلِكَ كَوَطْءِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكُلُّ وَطْءٍ حَرُمَ مَعَ قِيَامِ مِلْكِ الْمُتْعَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِعَارِضٍ كَوَطْءِ الْمَرْأَةِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ لَا يَزُولُ بِهِ الْإِحْصَانُ.

وَإِذَا وَطِئَ أَمَته الْمَجُوسِيَّةَ لَا يَزُولُ إحْصَانُهُ لِقِيَامِ مِلْكِ الْمُتْعَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً وَطِئَهَا أَبُوهُ أَوْ وَطِئَ هُوَ أُمَّهَا وَوَطِئَهَا فَقَذَفَهُ إنْسَانٌ فَلَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ بِالْإِجْمَاعِ

ــ

[منحة الخالق]

وَأَحْكَامُهَا أَحْكَامُ الْبَالِغِينَ (قَوْلُهُ: وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت وَأَنْتِ كَافِرَةٌ إلَخْ) قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ اللِّعَانِ نَقْلًا عَنْ الْفَتْحِ وَلَوْ أَسْنَدَ الزِّنَا بِأَنْ قَالَ زَنَيْت وَأَنْتِ صَبِيَّةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ وَهُوَ مَعْهُودٌ وَهِيَ الْآنَ أَهْلٌ فَلَا لِعَانَ بِخِلَافِ وَأَنْتِ ذِمِّيَّةٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَعُمْرُهَا أَقَلُّ تَلَاعَنَا لِاقْتِصَارِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِلْأَجْنَبِيَّةِ يَجِبُ الْحَدُّ) ؛ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ يَوْمَ تَكَلَّمَ بِزِنَاهَا وَالْمُعْتَبَرُ عِنْدَنَا فِي الْقَذْفِ حَالُ ظُهُورِهِ دُونَ حَالِ الْإِضَافَةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ قَالَ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ أَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَصْلِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَ فِي الْقَذْفِ حَالُ ظُهُورِهِ دُونَ حَالِ الْإِضَافَةِ لَزِمَ أَنْ يُحَدَّ فِي قَوْلِهِ زَنَيْت بِك وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ وَكَذَا فِي نَظَائِرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.

وَأَجَابَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ فِي الصَّغِيرَةِ لَيْسَ بِقَذْفٍ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ مِنْهَا إذْ ذَاكَ وَلِذَا لَمْ يَسْقُطْ بِهِ إحْصَانُهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ وَالْكَافِرَةِ فَيُحَدُّ لِتَصَوُّرِهِ وَلِذَلِكَ يَسْقُطُ الْإِحْصَانُ فَلَمْ يَدْخُلْ الْأَوَّلُ فِي الْأَصْلِ. اهـ.

وَإِلَى هَذَا أَشَارَ فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ قَالَ زَنَيْت وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ لَمْ يُحَدَّ لِعَدَمِ الْإِثْمِ (قَوْلُهُ: قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ رَفْعَ الْعَارِ مُجَوِّزٌ لَا مُلْزِمٌ وَإِلَّا لَامْتَنَعَ عَفْوُهُ عَنْهُ وَأُجْبِرَ عَلَى الدَّعْوَى وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ. اهـ.

قُلْت بَلْ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ تَجْنِيسِ النَّاصِرِيِّ وَحَسَنٌ أَنْ لَا يُرْفَعَ الْقَاذِفُ إلَى الْقَاضِي وَلَا يُطَالِبَهُ بِالْحَدِّ وَحَسَنٌ مِنْ الْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ لِلْمَقْذُوفِ قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا أَوْ دَعْهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ الْعِفَّةُ عَنْ الْوَطْءِ الْحَرَامِ) نُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْوَطْءِ الْحَرَامِ الَّذِي لَيْسَ بِزِنًا الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَالْوَطْء بِشُبْهَةٍ مَعَ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ الْعِفَّةُ عَنْهُمَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَرَادَ الْحَرَامَ لِغَيْرِهِ وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي آخِرَ الْمَقُولَةِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَكَذَا مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَمَنْ قَذَفَ امْرَأَةً لَمْ يَدْرِ أَبُو وَلَدِهَا إلَخْ فَرَاجِعْهُ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجٍ لَهَا إلَخْ) أَقُولُ: قَدَّمَ أَوَّلَ كِتَابِ الْحُدُودِ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ لَا يُحَدُّ لِلزِّنَا وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ بِالزِّنَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ أَيْضًا أَوَّلَ بَابِ الْوَطْءِ الَّذِي لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَسَيَأْتِي أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ أَوْ وَطِئَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ أَنَّهُ دَخَلَ فِيهِ جَارِيَةُ ابْنِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>