للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ الْقَطْعُ وَإِذَا وَجَبَ تَقْوِيمُ الْمَسْرُوقِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ يُقَوَّمُ بِأَعَزِّ النُّقُودِ أَوْ بِنَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي يُرَوَّجُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْغَالِبِ فَالْأَوَّلُ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ وَالثَّانِي رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ عَنْهُ.

وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ لِتَقْوِيمِ الْوَاحِدِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْوِيمِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ لَهُمَا مَعْرِفَةٌ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحُدُودِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا مَا ثَبَتَ بِهِ السَّرِقَةُ فَلَا قَطْعَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُقَوِّمِينَ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَأُطْلِقَ فِي قَدْرِ النِّصَابِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ فَلَوْ سَرَقَ وَاحِدٌ نِصَابًا مِنْ جَمَاعَةٍ قُطِعَ وَلَوْ سَرَقَ اثْنَانِ نِصَابًا مِنْ وَاحِدٍ لَا قَطْعَ عَلَيْهِمَا فَالْعِبْرَةُ لِلنِّصَابِ فِي حَقِّ السَّارِقِ لَا الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْحِرْزُ وَاحِدًا فَلَوْ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ مَنْزِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا قَطْعَ وَالْبُيُوتُ مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ بِمَنْزِلَةِ بَيْتٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ سَرَقَ مِنْ عَشْرَةِ أَنْفُسٍ فِي دَارِ كُلِّ وَاحِدٍ فِي بَيْتٍ عَلَى حِدَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِرْهَمًا قُطِعَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ عَظِيمَةً وَفِيهَا حَجَرٌ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَخَرَجَ بِاشْتِرَاطِ النِّصَابِ مَا إذَا سَرَقَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ فَوَضَعَهُ عَلَى بَابِ الدَّارِ ثُمَّ دَخَلَ فَأَخَذَ ثَوْبًا آخَرَ يُسَاوِي تِسْعَةَ دَرَاهِمَ فَأَخْرَجَهُ عَلَيْهِ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ الْمَأْخُوذُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَأُطْلِقَ فِي الدَّرَاهِمِ فَانْصَرَفَتْ إلَى الْجِيَادِ فَلَوْ سَرَقَ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ سَتُّوقَةً فَلَا قَطْعَ إلَّا أَنْ تَكُونَ كَثِيرَةً تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا مِنْ الْجِيَادِ، وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ اشْتِرَاطِ النِّصَابِ اشْتِرَاطُ أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ مَالًا مُقَوَّمًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا كَالْمُغَيَّرَةِ فَلَا قَطْعَ فِي حُصُرِ الْمَسْجِدِ وَأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُحْرَزَةً وَلَا بُدَّ مِنْ انْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا لِمَا سَيُصَرَّحُ بِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ السَّارِقِ لَيْسَ بِأَخْرَسَ وَلَا أَعْمَى لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَوْ نَطَقَ ادَّعَى شُبْهَةً وَالْأَعْمَى جَاهِلٌ بِمَالِ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ مُحْرَزَةً بِمَكَانٍ أَوْ حَافِظٍ بَيَانٌ لِكَوْنِ الْحِرْزِ عَلَى قِسْمَيْنِ حِرْزٌ بِنَفْسِهِ وَهُوَ كُلُّ بُقْعَةٍ مُعَدَّةٍ لِلْإِحْرَازِ مَمْنُوعٌ الدُّخُولَ فِيهَا إلَّا بِإِذْنٍ كَالدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ وَالْخِيَمِ وَالْخَزَائِنِ وَالصَّنَادِيقِ وَحِرْزٌ بِغَيْرِهِ وَهُوَ كُلُّ مَكَان غَيْرِ مُعَدٍّ لِلْإِحْرَازِ وَفِيهِ حَافِظٌ كَالْمَسَاجِدِ وَالطُّرُقِ وَالصَّحْرَاءِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ سَرَقَ الْمَدْفُونَ فِي الْمَفَازَةِ يُقْطَعُ. اهـ.

وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ السَّرِقَةُ فِي دَارِ عَدْلٍ فَلَا يُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَدَارِ الْبَغْيِ فَلَوْ سَرَقَ بَعْضُ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْبَعْضِ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَأُخِذَ السَّارِقُ لَا يَقْطَعُهُ الْإِمَامُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ دَلَالَةِ الْقَصْدِ إلَى النِّصَابِ الْمَأْخُوذِ وَعَلَيْهِ ذَكَرَ فِي التَّجْنِيسِ مِنْ عَلَامَةِ النَّوَازِلِ سَرَقَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ دُونَ الْعَشَرَةِ وَعَلَى طَرَفِهِ دِينَارٌ مَشْدُودٌ لَا يُقْطَعُ وَذَكَرَ مِنْ عَلَامَةِ فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ إذَا سَرَقَ ثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةً وَفِيهِ دَرَاهِمُ مَصْرُورَةٌ لَا يُقْطَعُ قَالَ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّوْبُ وِعَاءً لِلدَّرَاهِمِ، فَإِنْ كَانَ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِيهِ يَقَعُ عَلَى سَرِقَةِ الدَّرَاهِمِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ كِيسًا فِيهِ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ يُقْطَعُ وَإِنْ كَانَ الْكِيسُ يُسَاوِي دِرْهَمًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ يَدٌ صَحِيحَةٌ فَخَرَجَ السَّارِقُ مِنْ السَّارِقِ وَلَا بُدَّ أَنْ يُخْرِجَهُ ظَاهِرًا حَتَّى لَوْ ابْتَلَعَ دِينَارًا فِي الْحِرْزِ وَخَرَجَ لَا يُقْطَعُ وَلَا يُنْتَظَرُ أَنْ يَتَغَوَّطَهُ بَلْ يَضْمَنُ مِثْلَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ وَهُوَ سَبَبُ الضَّمَانِ لِلْحَالِ فَقَدْ عَلِمْت مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمُخْتَصَرِ قَاصِرٌ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ هِيَ أَخْذُ مُكَلَّفٍ نَاطِقٍ يَصِيرُ صَاحِبَ يَدٍ يُسْرَى وَرِجْلٍ يُمْنَى صَحِيحَتَيْنِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ جِيَادٍ أَوْ مِقْدَارَهَا مَقْصُودَةً ظَاهِرَةَ الْإِخْرَاجِ خُفْيَةً مِنْ صَاحِبِ يَدٍ صَحِيحَةٍ مِمَّا لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ مِنْ الْمَالِ الْمَعْمُولِ لِلْغَيْرِ مِنْ حِرْزٍ بِلَا شُبْهَةٍ وَتَأْوِيلٍ فِي دَارِ الْعَدْلِ لَكَانَ أَوْلَى، وَقَدْ عَلِمْت فَوَائِدَ الْقُيُودِ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَشَرَطَ أَصْحَابُنَا لِقَطْعِ الْيَدِ الْيُمْنَى أَنْ تَكُونَ الْيَدُ الْيُسْرَى وَالرِّجْلُ الْيُمْنَى صَحِيحَتَيْنِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُجْتَبَى مِنْ الشُّرُوطِ وَفِي التَّحْقِيقِ أَنَّ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِاشْتِرَاطِ النِّصَابِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ آخِرَ الْفَصْلِ الْآتِي وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ مَرَّتَيْنِ فَصَاعِدًا إنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا اطِّلَاعُ الْمَالِكِ فَأَصْلَحَ النَّقْبَ أَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ فَالْإِخْرَاجُ الثَّانِي سَرِقَةٌ أُخْرَى كَذَا فِي السِّرَاجِ. اهـ.

أَيْ فَلَا يَجِبُ الْقَطْعُ إنْ لَمْ يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ نِصَابًا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَخَلَّلْ ذَلِكَ قُطِعَ، وَقَدْ رَأَيْته فِي الْجَوْهَرَةِ صَرَّحَ بِهِ فَيَتَقَيَّدُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ سَرَقَ الْمَدْفُونَ إلَخْ) ذَكَرَ الْمَقْدِسِيَّ عِنْدَ مَسْأَلَةِ النَّبَّاشِ أَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ ذَكَرَ فِي التَّجْنِيسِ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ ثُبُوتِ دَلَالَةِ الْقَصْدِ لَكِنْ ظَاهِرُ عِبَارَةِ التَّجْنِيسِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ عَلِمَ مَا فِي الثَّوْبِ وَفِي الْفَتْحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ سَرَقَ ثَوْبًا لَا يُسَاوِي عَشَرَةً مَصْرُورَةً عَلَيْهِ عَشَرَةٌ قَالَ يُقْطَعُ إذَا عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ مَالًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الْفَتْحِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ ظُهُورُ قَصْدِ الْمَسْرُوقِ، فَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ قَصْدَ النِّصَابِ مِنْ الْمَالِ قُطِعَ وَإِلَّا لَا وَعَلَى هَذِهِ فَمَسْأَلَةُ الْعِلْمِ بِالْمَصْرُورِ وَعَدَمِهِ صَحِيحَةٌ إلَّا أَنَّ كَوْنَهُ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ وَمَا تَقَدَّمَ هُوَ مَا إذَا لَمْ يُقِرَّ بِعِلْمِهِ بِمَا فِي الثَّوْبِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ دَلَالَةُ الْقَصْدِ إلَيْهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ كِيسًا فِيهِ الدَّرَاهِمُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَمْ أَقْصِدْ لَمْ أَعْلَمْ. اهـ. وَهُوَ تَوْفِيقٌ حَسَنٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>