للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّدْءِ وَالْمَدَدِ فِيهَا) أَيْ فِي الْغَنِيمَةِ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي السَّبَبِ وَهُوَ الْمُجَاوَزَةُ أَوْ شُهُودُ الْوَقْعَةِ وَإِذَا لَحِقَهُمْ الْمَدَدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجُوا الْغَنِيمَةَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ شَارَكُوهُمْ فِيهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ عِنْدَنَا بِالْإِحْرَازِ أَوْ بِقِسْمَةِ الْإِمَامِ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِبَيْعِهِ الْمَغَانِمَ فِيهَا لِأَنَّ بِكُلٍّ مِنْهَا يَتِمُّ الْمِلْكُ فَتَنْقَطِعُ شَرِكَةُ الْمَدَدِ وَالرِّدْءُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ بِمَعْنَى الْعَوْنِ وَالْمَدَدِ الْجَمَاعَةُ النَّاصِرُونَ لِلْجُنْدِ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمُقَاتِلَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْجُنْدِيُّ الَّذِي لَمْ يُقَاتِلْ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ وَاحِدٌ عَلَى آخَرَ بِشَيْءٍ حَتَّى أَمِيرُ الْعَسْكَرِ، وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ لِاسْتِوَاءِ الْكُلِّ فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْمُحِيطِ الْمُتَطَوِّعُ فِي الْغَزْوِ وَصَاحِبُ الدِّيوَانِ فِي الْغَنِيمَةِ سَوَاءٌ اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا قَسَمَ الْإِمَامُ الْغَنِيمَةَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَأَقَامَ عَدْلَيْنِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَنْقُضُ وَيُعَوَّضُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ لَا لِسُوقِيٍّ بِلَا قِتَالٍ) أَيْ لَا شَرِكَةَ لِلسُّوقِيِّ فِي الْغَنِيمَةِ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ لَا سَهْمًا وَلَا رَضْخًا لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ الْمُجَاوَزَةُ عَلَى قَصْدِ الْقِتَالِ فَانْعَدَمَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ فَيُعْتَبَرُ السَّبَبُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ الْقِتَالُ فَيُقَيَّدُ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ فَارِسًا أَوْ رَاجِلًا عِنْدَ الْقِتَالِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ الْمُرْتَدَّ إذَا أَسْلَمَ وَلَحِقَ بِالْجَيْشِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إنْ لَمْ يُقَاتِلْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ.

وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ السُّوقِيَّ إذَا قَاتَلَ ظَهَرَ أَنَّ قَصْدَهُ الْقِتَالَ وَالتِّجَارَةَ تَبَعٌ لَهُ فَلَا يَضُرُّهُ كَالْحَاجِّ إذَا اتَّجَرَ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ وَلَا يَنْقُصُ أَجْرُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا مَنْ مَاتَ فِيهَا وَبَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا يُوَرَّثُ نَصِيبَهُ) لِأَنَّ الْإِرْثَ يَجْرِي فِي الْمِلْكِ وَلَا مِلْكَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ وَإِنَّمَا الْمِلْكُ بَعْدَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ صَرَّحُوا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ أَنَّ مَعْلُومَ الْمُسْتَحَقِّ لَا يُوَرَّثُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَفِي قَوْلٍ يُوَرَّثُ وَلَمْ أَرَ تَرْجِيحًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فَإِنْ كَانَ مَاتَ بَعْدَ خُرُوجِ الْغَلَّةِ وَإِحْرَازِ النَّاظِرِ لَهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ يُوَرَّثُ نَصِيبُ الْمُسْتَحَقِّ لِتَأَكُّدِ الْحَقِّ فِيهِ فَإِنَّ الْغَنِيمَةَ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا يَتَأَكَّدُ الْحَقُّ فِيهَا لِلْغَانِمِينَ وَلَا مِلْكَ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مَعَ أَنَّ النَّصِيبَ يُوَرَّثُ فَكَذَا فِي الْوَظِيفَةِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ فِي يَد الْمُتَوَلِّي لَا يُوَرَّثُ نَصِيبُهُ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْغَنِيمَةِ وَسَيَأْتِي أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ قَبْلَ خُرُوجِ الْعَطَاءِ لَا يُوَرَّثُ نَصِيبُهُ سَوَاءٌ مَاتَ فِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجُوا الْغَنِيمَةَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ) أَيْ وَقَبْلَ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى الْبَلَدِ لِمَا فِي الشرنبلالية عِنْدَ قَوْلِ الدُّرَرِ وَمَدَدًا يَلْحَقُهُمْ ثَمَّةَ وَتَقْيِيدُهُ لُحُوقَ الْمَدَدِ بِدَارِ الْحَرْبِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ الْعَسْكَرُ بَلَدًا بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتَظْهَرُوا عَلَيْهِ ثُمَّ لَحِقَهُمْ الْمَدَدُ لَمْ يُشَارِكْهُمْ لِأَنَّهُ صَارَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَصَارَتْ الْغَنِيمَةُ مُحْرَزَةً بِدَارِ الْإِسْلَامِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الِاخْتِيَارِ اهـ.

وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَإِذَا لَحِقَهُمْ الْمَدَدُ إلَخْ مُصَوَّرٌ فِيمَا إذَا غَنِمُوا مِنْهُمْ وَلَمْ يَظْهَرُوا عَلَيْهِمْ وَلَمْ تَصِرْ دَارَ إسْلَامٍ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ أَنَّ عَسْكَرًا دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ وَقَاتَلُوا أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ مَدَائِنِهِمْ وَقَهَرُوا أَهْلَهَا وَاسْتَوْلُوا عَلَيْهَا وَفَتَحُوهَا وَأَظْهَرُوا فِيهَا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ حَتَّى صَارَتْ الْمَدِينَةُ دَارَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَقْسِمُوا الْغَنَائِمَ حَتَّى لَحِقَهُمْ الْمَدَدُ لَا يُشَارِكُوهُمْ فِيهَا اهـ.

(قَوْلُهُ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْغَنِيمَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ لِلْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنُ وَقْفٌ فَلَمْ يَسْتَوْفِيَا حَتَّى مَاتَا سَقَطَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الصِّلَةِ وَكَذَا الْقَاضِي وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ لِأَنَّهُ كَالْأُجْرَةِ اهـ.

وَجَزَمَ فِي الْبُغْيَةِ بِأَنَّهُ يُورَثُ بِخِلَافِ رِزْقِ الْقَاضِي وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْقَاضِي لَيْسَ صِلَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا أَجْرًا لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْعِبَادَةِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُمَا فَبِالنَّظَرِ إلَى الْأُجْرَةِ يُورَثُ مَا يَسْتَحِقُّ إذَا اُسْتُحِقَّ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِظُهُورِ الْغَلَّةِ وَقَبْضِهَا فِي يَدِ النَّاظِرِ وَبِالنَّظَرِ إلَى الصِّلَةِ لَا يُورَثُ وَإِنْ قَبَضَهُ النَّاظِرُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبِهَذَا عَرَفْت أَنَّ الْقِيَاسَ عَلَى الْغَنِيمَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ وَبَيَانٌ فِي الْوَقْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ.

مَا فِي النَّهْرِ وَلَمْ أَرَ لَهُ فِي الْوَقْفِ ذِكْرًا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ أَيْضًا هَذَا وَقَوْلُ النَّهْرِ أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْقَاضِي لَيْسَ صِلَةً مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ قُبَيْلَ الرِّدَّةِ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ أَيْضًا نَعَمْ مَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ وَنَحْوُهُ فِيهِ مَعْنَى الصِّلَةِ وَمَعْنَى الْأُجْرَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مَنْشَأُ الْخِلَافِ الْمَحْكِيِّ فِي الدُّرَرِ لَكِنَّ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبُغْيَةِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ جَانِبِ الْأُجْرَةِ فِي حَقِّهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا سِيَّمَا عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ جَوَازِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَعَنْ هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مَشَى الْعَلَّامَةُ الطَّرَسُوسِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُدَرِّسَ وَنَحْوَهُ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ يُعْطَى بِقَدْرِ مَا بَاشَرَ وَيَسْقُطُ الْبَاقِي بِخِلَافٍ الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَالذُّرِّيَّةِ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ مُسْتَحِقٌّ مِنْهُمْ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ وَقْتُ ظُهُورِ الْغَلَّةِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مَا خَرَجَتْ الْغَلَّةُ وَلَوْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا صَارَ مَا يَسْتَحِقُّهُ لِوَرَثَتِهِ وَإِلَّا سَقَطَ كَمَا حَرَّرَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَالْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>