للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَتَصَدَّقُ وَسُئِلَ الْخُجَنْدِيُّ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِلْخِدْمَةِ فِي سَفَرِهِ وَلِحَرْسِ مَالِهِ فَذَهَبَ عَلَى الشَّرْطِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ غَزَا هَذَا الْأَجِيرُ بِفَرَسِ الْمُسْتَأْجِرِ وَسِلَاحُهُ مَعَ الْكُفَّارِ وَأَخَذَ مِنْهُمْ غَنَائِمَ كَثِيرَةً لِمَنْ تَكُونُ قَالَ إنْ شَرَطَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ مَا أَصَابَ الْأَجِيرُ يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ يَكُونُ لَهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْخِدْمَةِ فَحَسْبُ فَالْمُصَابُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَوْ لَهُ فُرْسَانٌ) يَعْنِي لَوْ كَانَ لَهُ فُرْسَانٌ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا سَهْمَيْنِ فَلَا يُسْهِمُ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُسْهِمُ لِفَرَسَيْنِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَسْهَمَ لِفَرَسَيْنِ» وَلِأَنَّ الْوَاحِدَةَ قَدْ يَعِي فَيَحْتَاجُ إلَى الْآخَرِ وَلَهُمَا «أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ أَوْسٍ قَادَ فَرَسَيْنِ فَلَمْ يُسْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا لِفَرَسٍ» وَلِأَنَّ الْقِتَالَ لَا يَتَحَقَّقُ بِفَرَسَيْنِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَلَا يَكُونُ السَّبَبُ الظَّاهِرُ مُفْضِيًا إلَى الْقِتَالِ عَلَيْهِمَا فَيُسْهِمُ لِوَاحِدٍ وَلِهَذَا لَا يُسْهِمُ لِثَلَاثَةِ أَفْرَاسٍ وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْفِيلِ كَمَا أَعْطَى سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَهْمَيْنِ وَهُوَ رَاجِلٌ وَفِي النِّهَايَةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرُ مَا بَيَّنَّا فِي النِّكَاحِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ إلَّا لِخَادِمٍ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ لِخَادِمَيْنِ (قَوْلُهُ وَالْبَرَاذِينُ كَالْعَتَاقِ) لِأَنَّ الْإِرْهَابَ مُضَافٌ إلَى جِنْسِ الْخَيْلِ فِي الْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: ٦٠] وَاسْمُ الْخَيْلِ يَنْطَلِقُ عَلَى الْبَرَاذِينِ وَالْعِرَابِ وَالْهَجِينِ وَالْمَقْرِفِ إطْلَاقًا وَاحِدًا وَلِأَنَّ الْعَرَبِيَّ إنْ كَانَ فِي الطَّلَبِ وَالْهَرَبِ أَقْوَى فَالْبِرْذَوْنُ أَصْبَرُ وَأَلْيَنُ عِطْفًا فَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَنْفَعَةٌ مُعْتَبَرَةٌ فَاسْتَوَيَا وَالْبِرْذَوْنُ التُّرْكِيُّ مِنْ الْخَيْلِ وَالْجَمْعُ الْبَرَاذِينُ وَخِلَافُهَا الْعِرَابُ، وَالْأُنْثَى بِرْذَوْنَةٌ وَعِتَاقُ الْخَيْلِ وَالطَّيْرِ كَرَائِمُهَا كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ الْعِتَاقُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ كِرَامُ الْخَيْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْبَرَاذِينُ خَيْلُ الْعَجَمِ وَالْهَجِينُ الَّذِي أَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَأُمُّهُ عَجَمِيَّةٌ وَالْمَقْرِفُ عَكْسُهُ (قَوْلُهُ لَا الرَّاحِلَةُ وَالْبَغْلُ) أَيْ لَا يَكُونَانِ كَالْعِتَاقِ فَلَا يُسْهَمُ لَهُمَا لِأَنَّ الْإِرْهَابَ لَا يَقَعُ بِهِمَا إذْ لَا يُقَاتَلُ عَلَيْهِمَا.

(قَوْلُهُ وَالْعِبْرَةُ لِلْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ) لِأَنَّ الْمُجَاوَزَةَ نَفْسَهَا قِتَالٌ لِأَنَّهُمْ يُلْحِقُونَ الْخَوْفَ بِهَا وَالْحَالَةُ بَعْدَهَا حَالَةُ الدَّوَامِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِهَا وَلِأَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى حَقِيقَةِ الْقِتَالِ مُتَعَسِّرٌ وَكَذَا عَلَى شُهُودِ الْوَقْعَةِ لِأَنَّهُ حَالَةُ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ فَتُقَامُ الْمُجَاوَزَةُ مَقَامَهُ إذْ هُوَ السَّبَبُ الْمُفْضِي إلَيْهِ ظَاهِرًا إذَا كَانَ عَلَى قَصْدِ الْقِتَالِ فَيُعْتَبَرُ حَالُ الشَّخْصِ حَالَةَ الْمُجَاوَزَةِ فَارِسًا أَوْ رَاجِلًا فَلَوْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَارِسًا فَنَفَقَ فَرَسُهُ اسْتَحَقَّ سَهْمَ الْفُرْسَان وَلَوْ كَانَ بِقَتْلِ رَجُلٍ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ مِنْهُ فَإِذَا بَقِيَ فَرَسُهُ وَقَاتَلَ رَاجِلًا لِضِيقِ الْمَكَانِ يَسْتَحِقُّهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَإِنْ دَخَلَهَا رَاجِلًا فَاشْتَرَى فَرَسًا اسْتَحَقَّ سَهْمَ رَاجِلٍ، وَهَذَا إذَا هَلَكَ فَرَسُهُ فَإِنْ دَخَلَهَا فَارِسًا ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَجَرَهُ أَوْ وَهَبَهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفَارِسِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَصْدِهِ بِالْمُجَاوَزَةِ الْقِتَالُ فَارِسًا وَكَذَا إذَا بَاعَهُ حَالَ الْقِتَالِ عَلَى الْأَصَحِّ لِدَلَالَتِهِ عَلَى غَرَضِ التِّجَارَةِ إلَّا إذَا بَاعَهُ مُكْرَهًا كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفَارِسِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَعَارَهُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَأَمَّا إذَا دَخَلَ عَلَى فَرَسٍ مَغْصُوبٍ أَوْ مُسْتَعَارٍ أَوْ مُسْتَأْجَرٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ الْمَالِكُ فَقَاتَلَ رَاجِلًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَلَمْ أَرَ تَرْجِيحًا وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ اسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْفَارِسِ لِحُصُولِ الْإِرْهَابِ وَلَا صُنْعَ لَهُ فِي الِاسْتِرْدَادِ فَصَارَ كَالْهَلَاكِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَقَدْ كَتَبْته قَبْلَ مُرَاجَعَةِ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ رَأَيْته قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ وَمُقْتَضَى كَوْنِهِ جَاوَزَ بِفَرَسٍ لِقَصْدِ الْقِتَالِ عَلَيْهِ تَرْجِيحُ الِاسْتِحْقَاقِ إلَّا أَنْ يُزَادَ فِي أَجْزَاءِ السَّبَبِ بِفَرَسٍ مَمْلُوكٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَرِدَّ الْمُعِيرُ وَغَيْرُهُ حَتَّى قَاتَلَ عَلَيْهِ كَانَ فَارِسًا اهـ.

قَالُوا وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْفَرَسُ صَالِحًا لِلْقِتَالِ بِأَنْ يَكُونَ صَحِيحًا كَبِيرًا حَتَّى لَوْ دَخَلَ بِمَهْرٍ أَوْ مَرِيضٍ لَا يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِ الْقِتَالَ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ زَالَ الْمَرَضُ وَصَارَ بِحَالٍ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ قَبْلَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ بِقَتْلِ رَجُلٍ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَوْتُ الْفَرَسِ بَعْدَ الدُّخُولِ لِدَارِ الْحَرْبِ بِسَبَبِ قَتْلِ رَجُلٍ لَهَا وَأَخْذُ الْقِيمَةِ مِنْ قَاتِلِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>