للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَنِيمَةِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُسْهِمَ لَهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُسْهِمُ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا طَالَ الْمُكْثُ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَتَّى بَلَغَ الْمَهْرُ وَصَارَ صَالِحًا لِلرُّكُوبِ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ لَا يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ اهـ.

وَكَانَ الْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْإِرْهَابَ حَاصِلٌ بِالْكَبِيرِ الْمَرِيضِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَهْرِ وَفِيهَا لَوْ غُصِبَ فَرَسُهُ مِنْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَدَخَلَ رَاجِلًا ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ فِيهَا سَهْمُ الْفَارِسِ، وَكَذَا لَوْ رَكِبَ رَجُلٌ عَلَيْهِ وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَكَذَا لَوْ نَفَرَ الْفَرَسُ فَاتَّبَعَهُ وَدَخَلَ رَاجِلًا وَكَذَا إذَا ضَلَّ مِنْهُ فَدَخَلَ رَاجِلًا ثُمَّ وَجَدَهُ فِيهَا فَإِنَّ صَاحِبَهُ لَا يُحَرِّمُ سَهْمَ الْفَرَسِ وَلَوْ وَهَبَهَا وَدَخَلَ رَاجِلًا وَدَخَلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَارِسًا ثُمَّ رَجَعَ فِيهَا اسْتَحَقَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ سَهْمَ الْفَارِسِ فِيمَا أَصَابَهُ قَبْلَ الرُّجُوعِ وَسَهْمَ الرَّاجِلِ فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَهُ وَالرَّاجِعُ رَاجِلٌ مُطْلَقًا كَالْبَائِعِ فَاسِدًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إذَا اسْتَرَدَّهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِلْفَسَادِ وَكَالْمُسْتَحَقِّ لِلْفَرَسِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَكَالرَّاهِنِ إذَا افْتَكَّهَا فِيهَا وَلَوْ بَاعَهَا ثُمَّ وَهَبَ لَهُ أُخْرَى وَسُلِّمَتْ كَانَ فَارِسًا وَلَوْ اسْتَرَدَّهَا الْمُؤَجِّرُ أَوْ الْمُعِيرُ فَمَلَكَ غَيْرَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ فَالثَّانِيَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْأُولَى وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بِإِجَارَةٍ وَالثَّانِي كَذَلِكَ أَوْ بِعَارِيَّةٍ وَالثَّانِي كَذَلِكَ فَالثَّانِي يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بِإِجَارَةٍ وَالثَّانِي عَارِيَّةً فَإِنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ. وَلَوْ اشْتَرَاهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَتَقَابَضَا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُمَا رَاجِلَانِ، وَلَوْ نَقَدَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبَضَهَا بَعْدَهُ فَالْمُشْتَرِي فَارِسٌ وَالْفَرَسُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يُقَاتِلُ هَذَا مَرَّةً وَهَذَا أُخْرَى لَا سَهْمَ لَهُ إلَّا إذَا أَجَرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَالسَّهْمُ لِلْمُسْتَأْجَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلِلْمَمْلُوكِ وَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَالذِّمِّيِّ الرَّضْخُ لَا السَّهْمُ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ لَا يُسْهِمُ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ وَكَانَ يَرْضَخُ لَهُمْ وَلَمَّا اسْتَعَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْيَهُودِ عَلَى الْيَهُودِ لَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ يَعْنِي لَمْ يُسْهِمْ لَهُمْ وَلِأَنَّ الْجِهَادَ عِبَادَةٌ وَالذِّمِّيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَالرَّضْخُ فِي اللُّغَةِ إعْطَاءُ الْقَلِيلِ وَهُنَا إعْطَاءُ الْقَلِيلِ مِنْ سَهْمِ الْغَنِيمَةِ وَظَاهِرُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ يَرْضَخُ لَهُمْ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا يَرْضَخُ لِلْعَبْدِ إذَا قَاتَلَ لِأَنَّهُ دَخَلَ لِخِدْمَةِ الْمَوْلَى فَصَارَ كَالتَّاجِرِ وَالْمَرْأَةِ وَكَذَا الصَّبِيُّ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَيْهِ وَالْمَرْأَةُ إنَّمَا يَرْضَخُ لَهَا إذَا كَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى لِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْقِتَالِ فَيُقَامُ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْإِعَانَةِ مَقَامَ الْقِتَالِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى حَقِيقَةِ الْقِتَالِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَظَاهِرُهُ تَخْصِيصُ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْإِعَانَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ إنَّ الْإِعَانَةَ مِنْهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ الْقِتَالِ كَخِدْمَةِ الْغَانِمِينَ وَحِفْظِ مَتَاعِهِمْ اهـ.

وَهُوَ الْحَقُّ كَمَا لَا يَخْفَى وَالذِّمِّيُّ إنَّمَا يَرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ أَوْ دَلَّ عَلَى الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى السَّهْمِ فِي الدَّلَالَةِ إذَا كَانَتْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ وَلَا يَبْلُغُ فِيهِ السَّهْمُ إذَا قَاتَلَ لِأَنَّهُ جِهَادٌ، وَالْأَوَّلُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِهِ فَلَا يُسَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ فِي حُكْمِ الْجِهَادِ وَدَلَّ كَلَامُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ بِالْكَافِرِ عَلَى الْقِتَالِ إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَأَطْلَقَ الْعَبْدَ فَشَمِلَ الْمُكَاتَبَ لِقِيَامِ الرِّقِّ وَتَوَهُّمِ عَجْزِهِ فَيَمْنَعُهُ الْمَوْلَى عَنْ الْقِتَالِ وَقَيَّدَ بِالْمَذْكُورِينَ لِأَنَّ الْأَجِيرَ لَا يُسْهَمُ لَهُ وَلَا يَرْضَخُ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِ الْأَجْرِ وَالنَّصِيبِ مِنْ الْغَنِيمَةِ إلَّا إذَا قَاتَلَ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ يُرْضَخُ لَهُ فِيمَا أُصِيبَ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ عِتْقِهِ وَالذِّمِّيُّ الْمُقَاتِلُ مَعَ الْإِمَامِ إذَا أَسْلَمَ يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ كَامِلٍ فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَ إسْلَامِهِ اهـ. وَظَاهِرُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّ الْعَبْدَ يُرْضَخُ لَهُ بِشَرْطَيْنِ أَذِنَ الْمَوْلَى بِالْقِتَالِ لَهُ وَأَنْ يُقَاتِلَ فَعَلَيْهِ لَوْ قَاتَلَ بِلَا إذْنٍ لَا يَرْضَخُ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَكَانَ الْفَرْقُ إلَخْ) ذَكَرَ الْفَرْقَ فِي شَرْحِ السِّيَرِ بِأَنَّ الْمَرِيضَ كَانَ صَالِحًا لِلْقِتَالِ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ تَعَذَّرَ لِعَارِضٍ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ فَإِذَا زَالَ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ مَا كَانَ صَالِحًا ابْتِدَاءً فِي دَارِ الْحَرْبِ فَيَكُونُ كَمَنْ اشْتَرَى فَرَسًا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَيُوَضِّحُ الْفَرْقَ أَنَّ الصَّغِيرَةَ لَا تَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِخِدْمَةِ الزَّوْجِ وَالْمَرِيضَةَ تَسْتَوْجِبُ لِأَنَّهَا كَانَتْ صَالِحَةً وَلَكِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ بِعَارِضٍ.

(قَوْلُهُ وَالذِّمِّيُّ إنَّمَا يُرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ أَوْ دَلَّ عَلَى الطَّرِيقِ) قَالَ فِي الْحَوَاشِي الْيَعْقُوبِيَّةِ لَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ حُكْمِ الدَّلَالَةِ عَلَى الطَّرِيقِ بِالذِّمِّيِّ لِأَنَّ الْعَبْدَ أَيْضًا إذَا دَلَّ يُعْطَى لَهُ أُجْرَةُ الدَّلَالَةِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ إرَادَةَ التَّخْصِيصِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا قَاتَلَ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَذْكُورِينَ فَإِنَّهُ يُرْضَخُ لَهُمْ إذَا قَاتَلُوا وَلَا يُسْهَمُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّ الْعَبْدَ يُرْضَخُ لَهُ بِشَرْطَيْنِ إلَخْ) وَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ الْعَبْدُ إذَا كَانَ مَعَ مَوْلَاهُ يُقَاتِلُ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ يُرْضَخُ لَهُ وَكَذَا الصَّبِيُّ وَالذِّمِّيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالْمُكَاتَبُ يُرْضَخُ لَهُمْ لِأَنَّ الْعَبْدَ تَبَعٌ لِلْحُرِّ فَإِنَّهُ يُقَاتِلُ بِأُذُنِ الْمَوْلَى وَأَهْلُ الذِّمَّةِ تَبَعٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَلِهَذَا لَوْ أَرَادُوا يُنَصِّبُونَ رَايَةً لِأَنْفُسِهِمْ لَا يُمَكَّنُونَ وَالصَّبِيُّ تَبَعٌ لِلرَّجُلِ فَلَا تَجُوزُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ الْقِتَالُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُسَوَّى بَيْنَ الْفَرَسِ وَبَيْنَ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>