الْمَجْنُونَ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَيَرْضَخُ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِأَنَّ السَّبَبَ وُجِدَ فِي حَقِّهِمَا وَهُوَ الْقِتَالُ إلَّا أَنَّهُمَا تَبَعٌ فَصَارَا كَالْعَبْدِ مَعَ الْمَوْلَى اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْخُمُسُ لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَقُدِّمَ ذَوُو الْقُرْبَى الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ وَلَا حَقَّ لِأَغْنِيَائِهِمْ) لِأَنَّ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ الرَّاشِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ قَسَّمُوهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا وَكَفَى بِهِمْ قُدْوَةً وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «يَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِهَ لَكُمْ غُسَالَةَ النَّاسِ وَأَوْسَاخَهُمْ وَعَوَّضَكُمْ مِنْهَا بِخُمُسِ الْخُمُسِ» وَالْعِوَضُ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ مَنْ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ الْمُعَوِّضُ وَهُمْ الْفُقَرَاءُ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُمْ لِلنُّصْرَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَّلَ فَقَالَ إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مَعِي هَكَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ النَّصْرِ قُرْبُ النُّصْرَةِ لَا قُرْبُ الْقَرَابَةِ وَالْيَتِيمُ صَغِيرٌ لَا أَبَ لَهُ فَيَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْيَتَامَى مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى فِي سَهْمِ الْيَتَامَى الْمَذْكُورِينَ دُونَ أَغْنِيَائِهِمْ، وَالْمِسْكِينُ مِنْهُمْ فِي سَهْمِ الْمَسَاكِينِ وَفُقَرَاءِ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ. فَإِنْ قِيلَ فَلَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ فِي ذِكْرِ اسْمِ الْيَتِيمِ حَيْثُ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ لَا بِالْيُتْمِ أُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ دَفْعُ تَوَهُّمِ أَنَّ الْيَتِيمَ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَيْئًا لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا بِالْجِهَادِ وَالْيَتِيمُ صَغِيرٌ فَلَا يَسْتَحِقُّهَا وَمِثْلُهُ مَا ذُكِرَ فِي التَّأْوِيلَاتِ لِلشَّيْخِ أَبِي مَنْصُورٍ لَمَّا كَانَ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى يَسْتَحِقُّونَ بِالْفَقْرِ فَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِمْ فِي الْقُرْآنِ أَجَابَ بِأَنَّ أَفْهَامَ بَعْضِ النَّاسِ قَدْ تَقْتَضِي إلَى أَنَّ الْفَقِيرَ مِنْهُمْ لَا يَسْتَحِقُّ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الصَّدَقَةِ وَلَا تَحِلُّ لَهُمْ وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْخُمُسَ يُصْرَفُ لِذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَبِهِ نَأْخُذُ اهـ.
فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الصَّرْفِ إلَى الْأَقْرِبَاءِ الْأَغْنِيَاءِ فَلْيُحْفَظْ وَفِي التُّحْفَةِ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَصَارِفُ الْخُمُسِ عِنْدَنَا لَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى لَوْ صَرَفَ إلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَازَ كَمَا فِي الصَّدَقَاتِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَطْلَقَ فِي ذَوِي الْقُرْبَى وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ دُونَ غَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَضَعَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَتَرَكَ بَنِي نَوْفَلٍ وَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ مَعَ أَنَّ قَرَابَتَهُمْ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ عَبْدَ مَنَافٍ الْجَدُّ الثَّالِثُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوْلَادُ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ وَنَوْفَلٍ وَعَبْدِ شَمْسٍ (قَوْلُهُ وَذِكْرُهُ تَعَالَى لِلتَّبَرُّكِ) أَيْ لِلتَّبَرُّكِ بِاسْمِهِ تَعَالَى فِي افْتِتَاحِ الْكَلَامِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ لَهُ إذْ هُوَ الْغَنِيُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِأَنَّ السَّلَفَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَسَرُّوهُ بِمَا ذُكِرَ وبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ بِأَنَّ سَهْمَ اللَّهِ تَعَالَى ثَابِتٌ يُصْرَفُ إلَى بِنَاءِ بَيْتِ الْكَعْبَةِ إنْ كَانَتْ قَرِيبَةً وَإِلَّا فَإِلَى مَسْجِدِ كُلِّ بَلْدَةٍ ثَبَتَ فِيهَا الْخُمُسُ (قَوْلُهُ وَسَهْمُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَقَطَ بِمَوْتِهِ كَالصَّفِيِّ) لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَحِقُّهُ بِرِسَالَتِهِ وَلَا رَسُولَ بَعْدَهُ وَالصَّفِيُّ شَيْءٌ كَانَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَصْطَفِيه لِنَفْسِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ مِثْلُ دِرْعٍ أَوْ سَيْفٍ أَوْ جَارِيَةٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُصْرَفُ سَهْمُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْخَلِيفَةِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ دَخَلَ جَمْعٌ ذَوُو مَنَعَةٍ دَارَهُمْ بِلَا إذْنٍ خُمِّسَ مَا أَخَذُوا وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا ذَوِي مَنَعَةٍ لَا يُخَمَّسُ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ هُوَ
ــ
[منحة الخالق]
لِلْمَالِكِ لَا أَنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِالنَّصِّ وَلَا نَصَّ هُنَا وَإِذَا لَمْ تَجُزْ التَّسْوِيَةُ لَا يُسْهَمُ لَهُ فَيُرْضَخُ لِلْعَبْدِ إنْ كَانَ فِي خِدْمَةِ مَوْلَاهُ وَلَا يُقَاتِلُ اهـ.
قُلْت لَكِنَّ قَوْلَ الْوَلْوَالِجِيِّ إذَا كَانَ مَعَ مَوْلَاهُ مُقَاتِلٌ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ يُرْضَخُ لَهُ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بَلْ يُرْضَخُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَقَالَ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ بِالْقِتَالِ فَلَا شَيْءَ لَهُ قِيَاسًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ فَكَانَ حَالُهُ كَحَالِ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ إنْ قَاتَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ اسْتَحَقَّ الرَّضْخَ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرْضَخُ لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَنْ الِاكْتِسَابِ وَعَمَّا يَتَمَحَّضُ مَنْفَعَةً وَهُوَ نَظِيرُ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ فِي الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ إذَا أَجَرَ نَفْسَهُ وَسَلِمَ مِنْ الْعَمَلِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي الْحَوَاشِي الْيَعْقُوبِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ مَأْذُونًا بِالْقِتَالِ وَقَاتَلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ السَّهْمُ الْكَامِلُ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ.
وَقَدْ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِهَذَا الظَّاهِرِ فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ وَسَوَاءٌ قَاتَلَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
(قَوْلُهُ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الصَّرْفِ إلَى الْأَقْرِبَاءِ الْأَغْنِيَاءِ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ تَرْجِيحٌ لِإِعْطَائِهِمْ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ سَكَتَ عَنْ اشْتِرَاطِ الْفَقْرِ فِيهِمْ لِلْعِلْمِ بِهِ اهـ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلَتْ كَلَامَ الْحَاوِي رَأَيْته شَاهِدًا لِمَا فِي الْبَحْرِ وَهَذِهِ عِبَارَتُهُ وَأَمَّا الْخُمْسُ فَيُقْسَمُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِلْيَتَامَى وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٌ لِابْنِ السَّبِيلِ يَدْخُلُ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى فِيهِمْ وَيُقَدَّمُونَ وَلَا يُدْفَعُ لِأَغْنِيَائِهِمْ شَيْءٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إلَخْ إذْ لَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ فِي النَّهْرِ لَكَانَتْ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ عَيْنُ مَا قَبْلَهَا.
(قَوْلُهُ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْخُلَفَاءَ