الْمَأْخُوذُ قَهْرًا وَغَلَبَةً لَا اخْتِلَاسًا وَسَرِقَةً وَالْخُمُسُ وَظِيفَتُهَا وَالْقَهْرُ مَوْجُودٌ فِي الْأَوَّلِ وَالِاخْتِلَاسُ فِي الثَّانِي وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْصُرَهُمْ إذْ لَوْ خَذَلَهُمْ كَانَ فِيهِ وَهَنٌ بِالْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ الْوَاحِدَةِ وَالِاثْنَيْنِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نُصْرَتُهُمْ وَالتَّقْيِيدُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَلَهُمْ مَنَعَةٌ فَإِنَّهُ يُخَمَّسُ بِالْأَوْلَى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنَعَةٌ كَوَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ دَخَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُخَمَّسُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُمْ الْإِمَامُ فَقَدْ الْتَزَمَ نُصْرَتَهُمْ بِالْإِمْدَادِ فَصَارَ كَالْمَنَعَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّاخِلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ يُخَمَّسُ مَا أَخَذَهُ مُطْلَقًا وَبِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ كَانَ ذَا مَنَعَةٍ خُمِّسَ وَإِلَّا لَا وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ الْإِمَامُ مَا أَصَبْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ لَا خُمُسَ فِيهِ فَإِنْ كَانُوا لَا مَنَعَةَ لَهُمْ جَازَ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ مَنَعَةٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْخُمُسَ فِي الْأَوَّلِ وَاجِبٌ بِقَوْلِ الْإِمَامِ فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي وَلِذَا لَوْ دَخَلُوا بِغَيْرِ إذْنِهِ خُمِّسَ مَا أَخَذُوهُ.
(قَوْلُهُ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ بِقَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ وَبِقَوْلِهِ لِلسَّرِيَّةِ جَعَلْت لَكُمْ الرُّبْعَ بَعْدَ الْخُمْسِ) أَيْ بَعْدَمَا دَفَعَ الْخُمُسَ لِلْفُقَرَاءِ لِأَنَّ التَّحْرِيضَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: ٦٥] وَهَذَا نَوْعُ تَحْرِيضٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ لَكَانَ أَوْلَى. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ لَا بَأْسَ لِلْإِمَامِ لَا يُخَالِفُهُ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْدُوبِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ فَلَمْ تَكُنْ مُطَّرِدَةً لِمَا تَرَكَهُ أَوْلَى ثُمَّ قَدْ يَكُونُ التَّنْفِيلُ بِمَا ذُكِرَ وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوْ بِقَوْلِ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ فَمَا ذُكِرَ فِي الْمُخْتَصَر مِثَالٌ لَا قَيْدَ لَكِنْ قَالُوا لَوْ قَالَ لِلْعَسْكَرِ كُلُّ مَا أَخَذْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ بِالسَّوِيَّةِ بَعْدَ الْخُمُسِ أَوْ لِلسَّرِيَّةِ لَمْ يَجُزْ
ــ
[منحة الخالق]
الرَّاشِدِينَ إنَّمَا اقْتَسَمُوا الْخُمُسَ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَلَوْ كَانَ كَمَا ذَكَرَ لَقَسَمُوهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَرَفَعُوا سَهْمَهُ لِأَنْفُسِهِمْ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَيْ بَعْدَمَا دَفَعَ الْخُمْسَ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَاَلَّذِي فِي الْفَتْحِ بِدُونِ مَا وَهُوَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّحْرِيضَ مَنْدُوبَةٌ إلَيْهِ كَذَا وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّحْرِيضَ وَاجِبٌ لِلنَّصِّ الْمَذْكُورِ لَكِنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ فِي التَّنْفِيلِ لِيَكُونَ التَّنْفِيلُ وَاجِبًا بَلْ يَكُونُ بِغَيْرِهِ أَيْضًا مِنْ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَالتَّرْغِيبِ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا كَانَ التَّنْفِيلُ أَحَدَ خِصَالِ التَّحْرِيضِ كَانَ التَّنْفِيلُ وَاجِبًا مُخَيَّرًا ثُمَّ إذَا كَانَ هُوَ أَدْعَى الْخِصَالِ إلَى الْمَقْصُودِ يَكُونُ إسْقَاطُ الْوَاجِبِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّا يَسْقُطُ بِهِ أَوْلَى وَهُوَ الْمَنْدُوبُ فَصَارَ الْمَنْدُوبُ اخْتِيَارَ الْإِسْقَاطِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ لَا هُوَ فِي نَفْسِهِ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ مُخَيَّرٌ وَأَمَّا مَا قِيلَ فِي التَّنْفِيلِ تَرْجِيحُ الْبَعْضِ وَتَوْهِينُ آخَرِينَ وَتَوْهِينُ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَالْإِحْرَامُ التَّنْفِيلُ لِاسْتِلْزَامِهِ مَحْرَمًا اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ لِلسَّرِيَّةِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلْعَسْكَرِ لَكِنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ الْعَسْكَرِ وَالسَّرِيَّةِ فَقَالَ وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُنْفِلَ بِكُلِّ الْمَأْخُوذِ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ الْكُلِّ وَإِنْ فَعَلَهُ مَعَ السَّرِيَّةِ جَازَ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ إلَيْهِ وَقَدْ تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ اهـ.
وَكَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ نَفَلَ السَّرِيَّةَ بِالْكُلِّ جَازَ وَذَكَرَ فِي الِاخْتِيَارِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَنَفَلَ فِي الدُّرَرِ عَنْ النِّهَايَةِ عَنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ نَحْوَهُ قُلْت لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ لِلسَّرَخْسِيِّ التَّفْصِيلُ فِي السَّرِيَّةِ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ بَعَثَ أَمِيرُ الْمُصَيِّصَةِ سَرِيَّةً لَا يَنْبَغِي أَنْ يُنْفِلَ لَهُمْ مَا أَصَابُوا بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَ الْإِمَامُ مَعَ الْجَيْشِ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ بَعَثَ سَرِيَّةً وَنَفَلَ لَهُمْ مَا أَصَابُوا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّ السَّرِيَّةَ فِي الْأَوَّلِ يَخْتَصُّونَ بِمَا أَصَابُوا قَبْلَ تَنْفِيلِ الْإِمَامِ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْمُصَيِّصَةِ مَعَهُمْ شَرِكَةٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُصَيِّصَةَ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَوَطَّنَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يُشَارِكُ الْجَيْشَ فِيمَا أَصَابُوا فَلَيْسَ فِي هَذَا التَّنْفِيلِ إلَّا إبْطَالَ الْخُمُسِ وَفِي الثَّانِي لَا يَخْتَصُّونَ بِالْمُصَابِ قَبْلَ التَّنْفِيلِ فَهَذَا تَنْفِيلٌ لِلتَّخْصِيصِ عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيض فَيَصِحُّ اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ بَعَثَ السَّرِيَّةَ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّنْفِيلُ بِكُلِّ مَا أَصَابُوا لِأَنَّهُمْ صَارُوا بِمَنْزِلَةِ الْجَيْشِ مِنْ الْعَسْكَرِ لِأَنَّهُمْ كُلُّ الْعَسْكَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَعَثَ السَّرِيَّةَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُمْ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَسْكَرِ خَصَّهُمْ بِمَا أَصَابُوا لِلتَّحْرِيضِ وَهَذَا شَأْنُ التَّنْفِيلِ مِنْ زِيَادَةِ الْبَعْضِ عَلَى غَيْرِهِمْ لِلتَّحْرِيضِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَةٍ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بَعَثَ السَّرِيَّةَ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ وَنَفَلَهُمْ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ أَوْ قَبْلَ الْخُمُسِ كَانَ بَاطِلًا لِأَنَّهُ مَا خَصَّ بَعْضَهُمْ بِالتَّنْفِيلِ وَلَيْسَ مَقْصُودُهُ فِيهِ إبْطَالَ الْخُمُسِ وَإِبْطَالَ تَفْضِيلِ الْفَارِسِ عَلَى الرَّاجِلِ فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا إذَا الْتَقَوْا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَفِي التَّنْفِيلِ هُنَاكَ مَعْنَى التَّخْصِيصِ لَهُمْ لِأَنَّ الْجَيْشَ شُرَكَاؤُهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ فَفِي التَّنْفِيلِ تَخْصِيصُهُمْ بِبَعْضِ الْمُصَابِ وَهُوَ مُسْتَقِيمٌ اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّنْفِيلَ الْعَامَّ لَا يَصِحُّ وَذَلِكَ فِي الْعَسْكَرِ وَفِي السَّرِيَّةِ الْمَبْعُوثَةِ مِنْ دَارِنَا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَسْكَرِ وَوَجْهُ بُطْلَانِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى التَّخْصِيصِ أَيْ زِيَادَةُ الْبَعْضِ عَلَى الْبَاقِي بِخِلَافِ السَّرِيَّةِ الْمَبْعُوثَةِ مِنْ الْعَسْكَرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَكِنَّ التَّنْفِيلَ لِلسَّرِيَّةِ الْمَبْعُوثَةِ مِنْ دَارِنَا لَا يَصِحُّ إذَا كَانَ التَّنْفِيلُ لِلْكُلِّ بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَا أَصَابُوهُ بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصٌ بِخِلَافِ مَا إذَا نَفَلَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute