لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ السَّهْمَانِ الَّذِي أَوْجَبَهَا الشَّرْعُ إذْ فِيهِ تَسْوِيَةُ الْفَارِسِ بِالرَّاجِلِ وَكَذَا لَوْ قَالَ مَا أَصَبْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ الْخُمْسِ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ الْخُمُسِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ ذَكَرَهُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَذَا بِعَيْنِهِ يُبْطِلُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ لِاتِّحَادِ اللَّازِم فِيهِمَا وَهُوَ بُطْلَانُ السُّهْمَانِ الْمَنْصُوصَةِ بِالتَّسْوِيَةِ بَلْ وَزِيَادَةُ حِرْمَانِ مَنْ لَمْ يُصِبْ شَيْئًا أَصْلًا بِانْتِهَائِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ وَالْفَرْعُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْحَوَاشِي وَبِهِ أَيْضًا يَنْتَفِي مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَوْ نَفَلَ بِجَمِيعِ الْمَأْخُوذِ جَازَ إذَا رَأَى
الْمَصْلَحَةَ
وَفِيهِ زِيَادَةُ إيحَاشِ الْبَاقِينَ وَزِيَادَةُ الْفِتْنَةِ اهـ.
وَيَدْخُلُ الْإِمَامُ نَفْسَهُ فِي قَوْلِهِ مِنْ قَتَلَ قَتِيلًا اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ وَلَا تُهْمَةَ بِخِلَافِ مَا إذَا خَصَّصَ نَفْسَهُ بِقَوْلِهِ مَنْ قَتَلْته لِلتُّهْمَةِ إلَّا إذَا عَمَّمَ بَعْدَهُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا خَصَّهُمْ بِقَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مِنْكُمْ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَسْتَحِقُّ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا اشْتَرَكَ رَجُلَانِ فِي قَتْلِ حَرْبِيٍّ اشْتَرَكَا فِي سَلَبِهِ وَقَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ بِأَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مُبَارِزًا يُقَاوِمُ الْكُلَّ فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا لَا يَسْتَحِقُّونَ سَلَبَهُ وَيَكُونُ غَنِيمَةً وَإِنْ قَيَّدَهُ الْإِمَامُ بِقَوْلِهِ وَحْدَهُ لَا يَسْتَحِقَّانِ سَلَبَهُ وَلَوْ كَانَ الْخِطَابُ لِوَاحِدٍ فَشَارَكَهُ آخَرُ اسْتَحَقَّ الْمُخَاطَبُ وَحْدَهُ وَلَوْ خَاطَبَ وَاحِدًا فَقَتَلَ الْمُخَاطَبُ رَجُلَيْنِ فَلَهُ سَلَبُ الْأَوَّلِ خَاصَّةً إلَّا إذَا قَتَلَهُمَا مَعًا فَلَهُ وَاحِدَةٌ وَالْخِيَارُ فِي تَعْيِينِهِ لِلْمُقَاتِلِ لَا لِلْإِمَامِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعُمُومِ فَقَتَلَ رَجُلٌ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ اسْتَحَقَّ سَلَبَهُمَا وَيَسْتَحِقُّ السَّلَبَ مَنْ يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ أَوْ الرَّضْخَ فَيَشْتَمِلُ الذِّمِّيَّ وَالتَّاجِرَ وَالْمَرْأَةَ وَالْعَبْدَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مِنْهُمْ مُبَاحَ الْقَتْلِ حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ بِقَتْلِ النِّسَاءِ وَالْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَانِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي اسْتِحْقَاقِ السَّلَبِ سَمَاعُ الْقَاتِلِ مَقَالَةَ الْإِمَامِ حَتَّى لَوْ قَتَلَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ فَلَهُ السَّلَبُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْإِمَامِ إسْمَاعُ الْأَفْرَادِ وَإِنَّمَا وُسْعُهُ إشَاعَةُ الْخِطَابِ وَقَدْ وُجِدَ.
وَلَوْ نَفَلَ السَّرِيَّةَ بِالرُّبْعِ وَسَمِعَ الْعَسْكَرُ دُونَهَا فَلَهُمْ النَّفَلُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مَنْ قَتْل قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ قِتَالٍ فِي تِلْكَ السَّفَرِ مَا لَمْ يَرْجِعُوا وَإِنْ مَاتَ الْوَالِي أَوْ عُزِلَ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ الثَّانِي وَإِنْ قَالَ حَالَةَ الْقِتَالِ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ مَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِدِرْعٍ فَلَهُ كَذَا، جَازَ، وَكَذَا بِدِرْعَيْنِ وَلَا يَجُوزُ مَا زَادَ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ مَنْ دَخَلَ بِفَرَسِ كَذَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالرِّمَاحُ وَالْأَقْوَاسُ كَالدِّرْعِ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِالْإِمَامِ لِأَنَّ أَمِيرَ السَّرِيَّةِ إذَا نَهَاهُ الْإِمَامُ عَنْ
ــ
[منحة الخالق]
أَصَابَ مِنْهُمْ شَيْئًا لِلْمُصِيبِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَتَيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلسَّرِيَّةِ الْمَبْعُوثَةِ مِنْ دَارِنَا مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ وَمَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ دُونَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ جَازَ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّخْصِيصِ لِأَنَّ الْقَاتِلَ وَالْمُصِيبَ يَخْتَصُّ بِالنَّفْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا نَفَلَ لَهُمْ الثُّلُثَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصُ الْبَعْضِ وَلَا إبْطَالُ حَقِّ أَحَدٍ مِنْ الْغَانِمِينَ اهـ.
وَعَلَى هَذَا يُقَالُ فِي الْعَسْكَرِ أَيْضًا لَوْ قَالَ لَهُمْ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ دُونَ مَنْ بَقِيَ جَازَ قِيَاسًا عَلَى السَّرِيَّةِ الْمَبْعُوثَةِ مِنْ دَارِنَا لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ حُكْمًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ السُّهْمَانِ الَّذِي أَوْجَبَهَا الشَّرْعُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ فَهُوَ عَلَى الْحِكَايَةِ اهـ.
قُلْت لَكِنْ فِي الْمِصْبَاحِ السَّهْمُ النَّصِيبُ وَالْجَمْعُ أَسْهُمٌ وَسُهْمَانٌ بِالضَّمِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا هُنَا بِالضَّمِّ جَمْعُ سَهْمٍ لَكِنْ كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِاَلَّتِي بَدَلَ الَّذِي لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُثَنَّى لَقَالَ اللَّذَيْنِ أَوْجَبَهُمَا الشَّرْعُ مَعَ أَنَّ إتْيَانَهُ بِالْأَلِفِ عَلَى قَصْدِ الْحِكَايَةِ بَعِيدٌ فَيَتَعَيَّنُ مَا قُلْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا بِعَيْنِهِ يُبْطِلُ إلَخْ) أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ فِيهِ تَخْصِيصُ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ وَهُوَ مَعْنَى التَّنْفِيلِ كَمَا عَلِمْت مِمَّا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا بِخِلَافِ مَا أَصَبْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصُ الْبَعْضِ بَلْ فِيهِ إبْطَالُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ قَصْدًا وَكَذَا فِيهِ إبْطَالُ الْخُمُسِ قَصْدًا إنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ الْخُمُسِ وَأَمَّا قَوْلُهُ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إبْطَالُ التَّفَاوُتِ وَإِبْطَالُ الْخُمُسِ أَيْضًا لَكِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَمَا يَظْهَرُ مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ السِّيَرِ وَكَذَا قَالَ فِي السِّيَرِ وَلَوْ قَالَ لَهُمْ الْإِمَامُ لَا خُمُسَ عَلَيْكُمْ فِيمَا أَصَبْتُمْ أَوْ الْفَارِسُ وَالرَّاجِلُ سَوَاءٌ فِيمَا أَصَبْتُمْ كَانَ بَاطِلًا فَكَذَلِكَ كُلُّ تَنْفِيلٍ لَا يُفِيدُ إلَّا ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ إبْطَالُ الْخُمُسِ عَنْ السَّلَبِ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ قُلْنَا هُنَاكَ الْمَقْصُودُ بِالتَّنْفِيلِ التَّحْرِيضُ وَتَخْصِيصُ الْقَاتِلِينَ بِإِبْطَالِ شَرِكَةِ الْعَسْكَرِ عَنْ الْإِسْلَابِ ثُمَّ يَثْبُتُ إبْطَالُ الْخُمُسِ عَنْهَا تَبَعًا وَقَدْ ثَبَتَ تَبَعًا مَا لَا يَثْبُتُ قَصْدًا (قَوْلُهُ وَإِذَا اشْتَرَكَ رَجُلَانِ إلَخْ) قَيَّدَ بِهِمَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ فَالْقِيَاسُ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ لِلْعُمُومِ وَلَكِنَّهُ قَبِيحٌ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ الْعَسْكَرُ كُلُّهُمْ عَلَى قَتْلِهِ فَلَهُمْ سَلَبُهُ وَلَيْسَ مُرَادُهُ ذَلِكَ وَالِاسْتِحْسَانُ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا أَحْسَنُهَا أَنَّهُ إنْ قَتَلَهُ قَوْمٌ يَرَى النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ الْقَتِيلَ لَوْ خُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كَانَ يَنْتَصِفُ مِنْهُمْ فَلَهُمْ سَلَبُهُ وَإِلَّا فَلَا وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ.
(قَوْلُهُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَخْ) وَكَذَا فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ لَوْ قَالَ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ