للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ذِمِّيًّا فَهُوَ مُنَاقِضٌ لِمَا ذَكَرَهُ هُنَا وَقَدَّمْنَا جَوَابَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهِمْ وَلَهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ دَيْنٌ حَلَّ دَمُهُ) أَيْ فَإِنْ رَجَعَ الْمُسْتَأْمَنُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَقَدْ جَازَ قَتْلُهُ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ أَمَانَهُ بِالْعَوْدِ إلَيْهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِكَوْنِهِ ذِمِّيًّا أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ صَارَ حَرْبِيًّا كَمَا سَيَأْتِي وَجَوَازُ قَتْلِهِ بِعَوْدِهِ لَيْسَ مَوْقُوفًا عَلَى كَوْنِهِ لَهُ دَيْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ فَلَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ فَإِنْ أُسِرَ أَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ سَقَطَ دَيْنُهُ وَصَارَتْ وَدِيعَتُهُ فَيْئًا وَإِنْ قُتِلَ وَلَمْ يَظْهَرْ أَوْ مَاتَ فَقَرْضُهُ وَوَدِيعَتُهُ لِوَرَثَتِهِ) بَيَانُ الْحُكْمِ أَمْوَالُهُ الْمَتْرُوكَةُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إذَا رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّ أَمَانَهُ بَطَلَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ وَأَمَّا فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الَّتِي فِي دَارِنَا فَبَاقٍ وَلِهَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَالَهُ وَعَلَى وَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ.

وَفِي السِّرَاجِ لَوْ بَعَثَ مَنْ يَأْخُذُ الْوَدِيعَةَ وَالْقَرْضَ وَجَبَ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ فَفِي ثَلَاثَةٍ يَسْقُطُ دَيْنُهُ وَتَصِيرُ وَدِيعَتُهُ غَنِيمَةً الْأَوَّلُ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى الدَّارِ وَيَأْخُذُوهُ، الثَّانِي أَنْ يَظْهَرُوا وَيَقْتُلُوهُ، الثَّالِثُ أَنْ يَأْخُذُوهُ مُسَبَّبًا مِنْ غَيْرِ ظُهُورٍ فَقَوْلُهُ فَإِنْ أُسِرَ بَيَانٌ لِلثَّالِثِ وَقَوْلُهُ أَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِينَ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَقْتُلُوهُ أَوَّلًا لَكِنْ شَامِلٌ لِمَا إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ وَهَرَبَ وَأَنَّ مَالَهُ يَبْقَى لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ فِي الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يَأْخُذُوهُ أَوْ يَقْتُلُوهُ وَإِنَّمَا صَارَتْ وَدِيعَتُهُ غَنِيمَةً لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ تَقْدِيرًا لِأَنَّ يَدَ الْمُودِعِ كَيَدِهِ فَيَصِيرُ فَيْئًا تَبَعًا لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا سَقَطَ الدَّيْنُ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْيَدِ عَلَيْهِ بِوَاسِطَةِ الْمُطَالَبَةِ وَقَدْ سَقَطَتْ وَيَدُ مَنْ عَلَيْهِ أَسْبَقُ إلَيْهِ مِنْ يَدِ الْعَامَّةِ فَتَخْتَصُّ بِهِ فَيَسْقُطُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ مِنْهُ كَدَيْنِهِ لِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ وَلَيْسَتْ يَدُ الْغَاصِبِ كَيَدِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ حُكْمُ الرَّهْنِ قَالُوا وَالرَّهْنُ لِلْمُرْتَهِنِ بِدِينِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُبَاعُ وَيُسْتَوْفَى دَيْنُهُ وَالزِّيَادَةُ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ فِي حُكْم الْوَدِيعَةِ وَهِيَ فَيْءٌ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَصَارَ مَالُهُ فَيْئًا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَخُصُّ الْوَدِيعَةَ لِأَنَّ مَا عِنْدَ شَرِيكِهِ وَمُضَارِبِهِ وَمَا فِي بَيْتِهِ فِي دَارِنَا كَذَلِكَ وَفِي وَجْهَيْنِ يَبْقَى مَالُهُ عَلَى حَالِهِ فَيَأْخُذُهُ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ وَرَثَتُهُ إنْ مَاتَ الْأَوَّلُ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى الدَّارِ فَيَهْرُبَ الثَّانِي أَنْ يَقْتُلُوهُ وَلَمْ يَظْهَرُوا عَلَى الدَّارِ أَوْ يَمُوتَ لِأَنَّ نَفْسَهُ لَمْ تَصِرْ مَغْنُومَةً فَكَذَلِكَ مَالُهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالدَّيْنِ بَدَلَ الْقَرْضِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ سَائِرَ الدُّيُونِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ غَنِيمَةً لَا خُمُسَ فِيهِ وَإِنَّمَا يُصْرَفُ كَمَا يُصْرَفُ الْخَرَاجُ وَالْجِزْيَةُ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ بِخِلَافِ الْغَنِيمَةِ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ بِمُبَاشَرَةِ الْغَانِمِينَ وَبِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَدِيعَتُهُ فَيْءٌ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَكُونُ فَيْئًا لِلسَّرِيَّةِ الَّتِي أَسَرَتْ الرَّجُلُ وَيَعْتِقُ مُدَبَّرُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ فِي دَارِنَا وَأُمُّ وَلَدِهِ بِأَسْرِهِ وَفِي الْمُغْرِبِ ظَهَرَ عَلَيْهِ غَلَبَ وَظَهَرَ عَلَى اللِّصِّ غَلَبَ اهـ.

فَيَنْبَغِي ضَبْطُ الْمُخْتَصَرِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ دَيْنٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَدَانَهُ فِي دَارِنَا ثُمَّ رَجَعَ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بَاقٍ لِبَقَاءِ الْمُطَالَبَةِ وَيَنْبَغِي أَوْ يُوَفِّي مِنْ مَالِهِ الْمَتْرُوكِ وَلَوْ صَارَتْ وَدِيعَتُهُ فَيْئًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ جَاءَنَا حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ وَلَهُ زَوْجَةٌ ثُمَّ وَوَلَدٌ وَمَالٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ هُنَا ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَالْكُلُّ فَيْءٌ) بَيَانٌ لِحُكْمِ مَا تَرَكَهُ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ صَارَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا إمَّا بِإِسْلَامِهِ أَوْ بِصَيْرُورَتِهِ ذِمِّيًّا فَتَقْيِيدُهُ بِإِسْلَامِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ لِيُفْهَمَ مِنْهُ حُكْمُ الْآخَرِ بِالْأُولَى أَمَّا الْمَرْأَةُ وَأَوْلَادُهُ الْكِبَارُ فَلِأَنَّهُمْ حَرْبِيُّونَ كِبَارٌ وَلَيْسُوا بِأَتْبَاعٍ وَكَذَلِكَ مَا فِي بَطْنِهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا لَمَا قُلْنَا أَنَّهُ جُزْؤُهَا وَأَمَّا أَوْلَادُهُ الصِّغَارُ فَلِأَنَّ الصَّغِيرَ إنَّمَا يَتْبَعُ أَبَاهُ فِي الْإِسْلَامِ عِنْدَ اتِّحَادِ الدَّارِ وَمَعَ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ لَا يَتَحَقَّقُ وَلِذَا أَطْلَقَ فِي الْوَلَدِ لِيَشْمَلَ الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ وَالْجَنِينَ وَلَوْ سُبِيَ الصَّبِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَصَارَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِأَبِيهِ لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ إخْرَاجِهِ وَهُوَ فَيْءٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا أَمْوَالُهُ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ مُحْرَزَةً

ــ

[منحة الخالق]

النَّفَقَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا تُسَافِرُ مُطَلَّقَةٌ بِوَلَدِهَا وَقَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا جَوَابَهُ لَمْ أَرَ لَهُ جَوَابًا هُنَاكَ نَعَمْ قَالَ فِي النَّهْرِ هُنَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَجَدْت بِخَطِّ شَيْخِي لَيْسَ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي قُوبِلَتْ مَعَ نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الْجُمْلَةَ وَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقَعَ سَهْوًا اهـ.

يَعْنِي: مِنْ الْكَاتِبِ وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ أَيْسَرُ الْأَجْوِبَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَقْدِيمَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يُؤْذِنُ بِتَرْجِيحِهِ وَهَذَا لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ إنَّمَا كَانَتْ فَيْئًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا فِي يَدِهِ حُكْمًا وَلَا كَذَلِكَ الرَّهْنُ اهـ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَقُولُ: لَمَّا كَانَ الزَّائِدُ عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ كَانَ فِي يَدِهِ حُكْمًا فَالْحَقُّ مَا فِي الْبَحْرِ وَأَمَّا حَدِيثُ التَّرْجِيحِ بِتَقْدِيمِ الْقَوْلِ فَلَيْسَ بِمُطَّرِدٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَتَبَّعَ اهـ.

وَنَحْوُهُ فِي حَوَاشِي أَبِي السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>