للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا لِأَنَّ وَضْعَ الْخَرَاجِ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يُقِرَّ أَهْلَهَا عَلَى الْكُفْرِ كَمَا فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ وَذَكَرَ فِي الْمُغْرِبِ مَعْزِيًّا إلَى كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ أَبُو يُوسُفَ فِي الْأَمَالِي حُدُودُ أَرْضِ الْعَرَبِ مَا وَرَاءَ حُدُودِ أَرْضِ الْكُوفَةِ إلَى أَقْصَى صَخْرٍ بِالْيَمَنِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ عَدَنَ أَبْيَنَ إلَى الشَّامِ وَمَا وَالَاهَا.

وَفِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ قَالَ الْكَرْخِيُّ هِيَ أَرْضُ الْحِجَازِ وَتِهَامَةَ وَالْيَمَنِ وَمَكَّةَ وَالطَّائِفِ وَالْبَرِّيَّة يَعْنِي الْبَادِيَةَ قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَرْضُ الْعَرَبِ مِنْ الْعُذَيْبِ إلَى مَكَّةَ وَعَدَنَ أَبْيَنَ إلَى أَقْصَى حَجَرٍ بِالْيَمَنِ بِهَمْزَةٍ وَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ مِمَّا لَمْ أَجِدْهُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ مَنْ رَوَى إلَى أَقْصَى حَجْرٍ بِالسُّكُونِ وَفَسَّرَهُ بِالْجَانِبِ فَقَدْ حَرَّفَ لِوُقُوعِ صَخْرٍ مَوْقِعَهُ وَكَأَنَّهُمَا ذَكَرَا ذَلِكَ تَأْكِيدًا لِلتَّحْدِيدِ وَإِلَّا فَهُوَ عَنْهُ مَنْدُوحَةٌ اهـ.

مَا فِي الْمُغْرِبِ وَجَزِيرَةِ الْعَرَبِ بِمَعْنَى أَرْضِهَا وَمَحَلَّتِهَا وَفِي الْبِنَايَةِ الْعُذَيْبُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَاءٌ لِتَمِيمٍ وَالْحَجَرُ بِفَتْحَتَيْنِ بِمَعْنَى الصَّخْرَةِ وَمُهَرَةُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالسُّكُونِ اسْمُ رَجُلٍ وَقِيلَ اسْمُ قَبِيلَةٍ يُنْسَبُ إلَيْهَا الْإِبِلُ الْمَهْرِيَّةُ وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْمُقَامُ بِهِ فَيَكُونُ بِمُهَرَةٍ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ بِالْيَمَنِ اهـ.

وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ أَهْلُهَا أَوْ فُتِحَتْ قَهْرًا وَقُسِّمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ فَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى ابْتِدَاءِ التَّوْظِيفِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْعُشْرِ أَلْيَقُ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَكَذَا هُوَ أَحَقُّ حَيْثُ يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْخَارِجِ وَالْعَنْوَةُ بِالْفَتْحِ الْقَهْرُ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ (قَوْلُهُ وَالسَّوَادُ وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً وَأُقِرَّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ أَوْ فُتِحَ صُلْحًا خَرَاجِيَّةٌ) أَمَّا السَّوَادُ فَالْمُرَادُ بِهِ سَوَادُ الْعِرَاقِ فَلِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَضَعَ عَلَيْهِ الْخَرَاجَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهُوَ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَتَنَقَّلَ فِيهِ أَثَرٌ مُعَيَّنٌ وَفِي الْبِنَايَةِ الْمُرَادُ بِالسَّوَادِ الْقُرَى وَبِهِ صَرَّحَ التُّمُرْتَاشِيُّ وَسُمِّيَ السَّوَادُ لِخُضْرَةِ أَشْجَارِهِ وَزُرُوعِهِ وَقَالَ الْإِتْرَازِيُّ الْمُرَادُ مِنْ السَّوَادِ الْمَذْكُورِ سَوَادُ الْكُوفَةِ وَهُوَ سَوَادُ الْعِرَاقِ وَحْدَهُ مِنْ الْعُذَيْبِ إلَى عَقَبَةِ حُلْوَانَ عَرْضًا وَمِنْ الْعَلْثِ إلَى عَبَّادَانَ طُولًا وَأَمَّا سَوَادُ الْبَصْرَةِ فَالْأَهْوَازُ وَفَارِسُ اهـ.

وَتَقَدَّمَ ضَبْطُ الْعُذَيْبِ وَحُلْوَانُ بِضَمِّ الْحَاءِ اسْمُ بَلَدٍ وَالْعَلْثُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ قَرْيَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْعَلَوِيَّةِ عَلَى شَرْقَيْ دِجْلَةَ وَهُوَ أَوَّلُ الْعِرَاقِ وَعَبَّادَانُ بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ حِصْنٌ صَغِيرٌ عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ وَفِي الْمِثْلِ مَا وَرَاءَ عَبَّادَانَ قَرْيَةٌ.

وَفِي شَرْحِ الْوَجِيزِ طُولُ سَوَادِ الْعِرَاقِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ فَرْسَخًا وَعَرْضُهُ ثَمَانُونَ فَرْسَخًا وَمِسَاحَتُهُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ أَلْفَ جَرِيبٍ كَذَا فِي الْبِنَايَةِ وَأَمَّا مَا أَقَرَّ أَهْلُهَا عَلَيْهَا سَوَاءٌ فُتِحَتْ قَهْرًا أَوْ صُلْحًا فَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى ابْتِدَاءِ التَّوْظِيفِ عَلَى الْكَافِرِ وَالْخَرَاجُ أَلْيَقُ بِهِ وَيَلْحَقُ بِمَا أَقَرَّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ مَا نَقَلَ إلَيْهَا غَيْرُ أَهْلِهَا مِنْ الْكُفَّارِ فَإِنَّهَا خَرَاجِيَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا أَقَرَّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ تَبَعًا لِلْقُدُورِيِّ وَقَيَّدَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ بِأَنْ يَصِلَ إلَيْهَا مَاءُ الْأَنْهَارِ لِتَكُونَ خَرَاجِيَّةً وَمَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا مَاءُ الْأَنْهَارِ وَاسْتُخْرِجَ مِنْهَا عَيْنٌ فَهِيَ أَرْضُ عُشْرٍ لِأَنَّ الْعُشْرَ يَتَعَلَّقُ بِالْأَرَاضِيِ النَّامِيَةِ وَنَمَاؤُهَا بِمَائِهَا فَيُعْتَبَرُ السَّقْيُ بِمَاءِ الْعُشْرِ أَوْ بِمَاءِ الْخَرَاجِ اهـ.

وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي أَقَرَّ أَهْلُهَا عَلَيْهَا لَوْ كَانَتْ تُسْقَى بِعَيْنٍ أَوْ بِمَاءِ السَّمَاءِ لَمْ تَكُنْ الْإِخْرَاجِيَّةُ لِأَنَّ أَهْلَهَا كُفَّارٌ وَالْكَفَّارَةُ وَلَوْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِمْ أَرْضٌ عُشْرِيَّةٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعُشْرِيَّةُ قَدْ تُسْقَى بِعَيْنٍ أَوْ بِمَاءِ السَّمَاءِ لَا تَبْقَى عَلَى الْعُشْرِيَّةُ بَلْ تَصِيرُ خَرَاجِيَّةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فَكَيْفَ بَدَأَ الْكَافِرُ بِتَوْظِيفِ الْعُشْرِ ثُمَّ كَوْنُهَا عُشْرِيَّةً عِنْدَ مُحَمَّدٍ إذَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ كَذَلِكَ أَمَّا فِي الِابْتِدَاءِ فَهُوَ أَيْضًا يَمْنَعُهُ وَالْعِبَارَةُ الَّتِي نَقَلَهَا عَنْ الْجَامِعِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لَيْسَتْ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَدْ أَطَالَ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي تَقْرِيرِهِ ثُمَّ قَالَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً وَإِنْ أَقَرَّ الْكُفَّارُ عَلَيْهَا لَا يُوَظَّفُ عَلَيْهِمْ إلَّا الْخَرَاجُ وَلَوْ سُقِيَتْ بِمَاءِ الْمَطَرِ وَإِنْ قُسِّمَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَا يُوَظَّفُ إلَّا الْعُشْرُ وَإِنْ سُقِيَتْ بِمَاءِ الْأَنْهَارِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالتَّفْصِيلُ فِي الْأَرْضِ الْمُحْيَاةِ الَّتِي لَمْ تُقْسَمْ وَلَمْ يُقَرَّ أَهْلُهَا عَلَيْهَا بِأَنْ أَحْيَاهَا مُسْلِمٌ فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا مَاءُ الْأَنْهَارِ فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ أَوْ مَاءُ عَيْنٍ وَنَحْوُهُ فَعُشْرِيَّةٌ اهـ.

وَفِي التَّبْيِينِ أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ أَمَّا الْكَافِرُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ مِنْ أَيِّ مَاءٍ سَقَى لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُبْتَدَأُ بِالْعُشْرِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّفْصِيلُ فِي حَالَةِ الِابْتِدَاءِ إجْمَاعًا إلَى آخِرِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَأَقَرَّ أَهْلُهَا عَلَيْهَا أَنَّ الْإِمَامَ أَقَرَّهُمْ عَلَى مِلْكِهِمْ لِلْأَرَاضِيِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَأَرْضُ السَّوَادِ مَمْلُوكَةٌ لِأَهْلِهَا يَجُوزُ بَيْعُهُمْ لَهَا وَتَصَرُّفُهُمْ فِيهَا وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ مِنْ عَدَنَ أَبْيَنَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هِيَ مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْيُمْنِ أُضِيفَتْ إلَى أَبْيَنَ بِوَزْنِ أَبْيَضَ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ عَدَنَ بِهَا أَيْ أَقَامَ كَذَا فِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يُؤْخَذُ مِمَّا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>