للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ أَسْلَمُوا سَقَطَتْ الْجِزْيَةُ عَنْ رُءُوسِهِمْ وَلَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ عَنْ أَرَاضِيهِمْ اهـ.

وَإِذَا بَاعَهَا انْتَقَلَتْ بِوَظِيفَتِهَا مِنْ الْخَرَاجِ وَكَذَا إذَا مَاتَ انْتَقَلَتْ إلَى وَرَثَتِهِ كَذَلِكَ وَإِذَا وَقَفَهَا مَالِكُهَا بَقِيَ الْخَرَاجُ عَلَى حَالِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِوُجُوبِهِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ وَأَرْضِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَفِي الْهِدَايَةِ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَضَعَ عَلَى مِصْرَ الْخَرَاجَ حِينَ افْتَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَذَا أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى وَضْعِ الْخَرَاجِ عَلَى الشَّامِ اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْمَأْخُوذُ الْآنَ مِنْ أَرَاضِي مِصْرَ إنَّمَا هُوَ بَدَلُ إجَارَةٍ لَا خَرَاجَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَرَاضِيَ لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لِلزُّرَّاعِ وَهُوَ بَعْدَمَا قُلْنَا إنَّ أَرْضَ مِصْرَ خَرَاجِيَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَأَنَّهُ لِمَوْتِ الْمَالِكِينَ شَيْئًا فَشَيْئًا مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافِ وَرَثَةٍ فَصَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ لَا يَصِحَّ بَيْعُ الْإِمَامِ وَلَا شِرَاؤُهُ مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ لِشَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّ نَظَرَهُ فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ كَنَظَرِهِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ عَقَارِهِ إلَّا لِضَرُورَةِ عَدَمِ وُجُودِ مَا يُنْفِقُهُ سِوَاهُ فَلِذَا كَتَبْت فِي فَتْوَى رُفِعَتْ إلَيَّ فِي شِرَاءِ السُّلْطَانِ الْأَشْرَفِ بِرِسْبَايْ الْأَرْضُ مِمَّنْ وَلَّاهُ نَظَرَ بَيْتِ الْمَالِ هَلْ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي وَلَّاهُ فَكَتَبْت إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى جَازَ ذَلِكَ اهـ.

كَأَنَّهُ أَجَابَ لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَخْفَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ.

أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُفْتَى بِهِ لَا يَنْحَصِرُ جَوَازُ بَيْعِ عَقَارِ الْيَتِيمِ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ فِيهِ وَفِيمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْهُ أَوْ رَغِبَ فِيهِ بِضَعْفِ قِيمَتِهِ فَكَذَلِكَ نَقُولُ لِلْإِمَامِ بَيْعُ الْعَقَارِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ إذَا رَغِبَ فِيهِ بِضَعْفِ قِيمَتِهِ عَلَى الْمُفْتَى

ــ

[منحة الخالق]

أَنَّ مَا تُؤْخَذُ فِي بِلَادِنَا الشَّامِيَّةِ مُزَارَعَةٌ بِالْحِصَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لِلزُّرَّاعِ وَتَأَمَّلْ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ فِي رِسَالَتِهِ التُّحْفَةِ الْمُرْضِيَةِ أَنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ فِي الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ عَلَى أَرْبَابِهَا إلَى أَنْ لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ فَحِينَئِذٍ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ فَيُؤَجِّرُهَا الْإِمَامُ وَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ كَدَارٍ صَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَاخْتَارَ السُّلْطَانُ اسْتِغْلَالَهَا فَإِنَّهُ يُؤَجِّرُهَا وَيَأْخُذُ أُجْرَتَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِبَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا اخْتَارَ بَيْعَهَا فَلَهُ ذَلِكَ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ لِحَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ كَمَا بَيَّنَّاهُ اهـ.

قَوْلُهُ فَيُؤَجِّرُهَا الْإِمَامُ يَعْنِي بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُزَارِعِينَ أَنْ يُؤَجِّرُوهَا لِأَنْفُسِهِمْ بِمَالٍ يَأْخُذُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ غَيْرَ مَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَيَظْهَرُ بِهِ جَهْلُ مُزَارِعِي الْأَرَاضِي السُّلْطَانِيَّةِ وَأَرَاضِي الْوَقْفِ بِبِلَادِنَا بِأُجْرَةٍ يَأْخُذُهَا الْمُزَارِعُ لِنَفْسِهِ وَأَفْتَيْت بِعَدَمِ جَوَازِهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ بَدَلُ إجَارَةٍ لَا خَرَاجٍ) ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة السُّلْطَانُ إذَا دَفَعَ أَرَاضِي لَا مَالَك لَهَا وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى الْأَرَاضِي الْمُمَلَّكَةَ إلَى قَوْمٍ لِيُعْطُوا الْخَرَاجَ جَازَ وَطَرِيقُ الْجَوَازِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا إقَامَتُهُمْ مَقَامَ الْمُلَّاكِ فِي الزِّرَاعَةِ وَإِعْطَاءِ الْخَرَاجِ أَوْ الْإِجَارَةِ بِقَدْرِ الْخَرَاجِ وَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ خَرَاجًا فِي حَقِّ الْإِمَامِ أُجْرَةً فِي حَقِّهِمْ اهـ.

أَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا عُشْرَ عَلَى الْمُزَارِعِينَ فِي الْأَرَاضِي الشَّامِيَّةِ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَرَاضِي الْمُمَلَّكَةِ فَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ خَرَاجًا فَهُوَ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْعُشْرِ وَإِنْ كَانَ أُجْرَةً فَالْمُسْتَأْجِرُ لَا عُشْرَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا الْعُشْرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ نَعَمْ عِنْدَ هُمَا الْعُشْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَكِنَّ هَذَا الْمَأْخُوذَ لَيْسَ أُجْرَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهُ خَرَاجٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ نَقُولُ الْإِمَامُ بَيْعُ الْعَقَارِ إلَخْ) قَالَ فِي رِسَالَتِهِ التُّحْفَةِ الْمُرْضِيَةِ ثُمَّ ظَاهِرُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ لِلْإِمَامِ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ فَصْلِ الْخَرَاجِ مَا نَصُّهُ أَرْضُ خَرَاجٍ مَاتَ مَالِكُهَا فَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَيَأْخُذَ الْخَرَاجَ مِنْ أُجْرَتِهَا وَفِي سِيَرِ وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ فِي بَابِ الْبَاءِ لَوْ أَرَادَ السُّلْطَانُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِنَفْسِهِ يَأْمُرُ غَيْرَهُ بِأَنْ يَبِيعَهَا ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ لِنَفْسِهِ اهـ.

فَقَدْ أَفَادَ جَوَازَ الْبَيْعِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِشَيْءٍ مَعَ أَنَّهَا بِمَوْتِ مَالِكِهَا صَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ إذْ الْمَفْرُوضُ أَنْ لَيْسَ لِمَالِكِهَا وَارِثٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَلَوْ خَلَّفَ مَالِكُهَا وَارِثًا لَكَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ وَالْخَرَاجُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِيهَا وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا لِأَنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ فِي أَرَاضِي الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ مُؤْنَةٌ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَصَرَّحَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ وِلَايَةً عَامَّةً وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَالِاعْتِيَاضُ عَنْ الْمُشْتَرَكِ الْعَامِّ جَائِزٌ مِنْ الْإِمَامِ وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ صَحَّ بَيْعُهُ اهـ.

فَقَوْلُهُ شَيْئًا نَكِرَةً فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَيَعُمُّ الْمَنْقُولَ وَالْعَقَارَ وَالدُّورَ وَالْأَرَاضِيَ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>