للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَوْظِيفَ الْخَرَاجِ عَلَى أَرْضٍ ابْتِدَاءً وَزَادَ عَلَى وَظِيفَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَزِدْ لَمَّا أَخْبَرَاهُ بِزِيَادَةِ الطَّاقَةِ كَذَا فِي الْكَافِي وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي فُتِحَتْ بَعْدَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَوْ كَانَتْ تُزْرَعُ الْحِنْطَةَ فَأَرَادَ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهَا دِرْهَمَيْنِ وَقَفِيزًا وَهِيَ تُطِيقُهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَمَعْنَى عَدَمِ الْإِطَاقَةِ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْهَا لَمْ يَبْلُغْ ضِعْفَ الْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ فَيَنْقُصُ مِنْهُ إلَى نِصْفِ الْخَارِجِ كَذَا أَفَادَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَظَاهِرُ مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّ النُّقْصَانَ عِنْدَ الْإِطَاقَةِ لَا يَجُوزُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ نَقَلَ فِي الْبِنَايَةِ عَنْ الْكَاكِيِّ أَنَّهُ إذَا جَازَ النُّقْصَانُ عِنْدَ قِيَامِ الطَّاقَةِ فَعِنْدَ عَدَمِ الطَّاقَةِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَلَا خَرَاجَ إنْ غَلَبَ عَلَى أَرْضِهِ الْمَاءُ أَوْ انْقَطَعَ أَوْ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ) لِأَنَّهُ فَاتَ التَّمَكُّنُ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَهُوَ النَّمَاءُ التَّقْدِيرِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْخَرَاجِ وَفِيمَا إذَا اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَاتَ النَّمَاءُ التَّقْدِيرِيُّ بِرَيٍّ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ وَكَوْنُهُ نَامِيًا فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ شَرْطٌ كَمَا فِي الزَّكَاةِ أَوْ يُدَارُ الْحُكْمُ عَلَى الْحَقِيقَةِ عِنْدَ خُرُوجِ الْخَارِجِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ ذَهَابَ كُلِّ الْخَارِجِ أَوْ بَعْضِهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْأَوَّلِ أَمَّا فِي الثَّانِي قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ بَقِيَ مِقْدَارُ الْخَرَاجِ وَمِثْلُهُ بِأَنْ بَقِيَ مِقْدَارُ دِرْهَمَيْنِ وَقَفِيزَيْنِ يَجِبُ الْخَرَاجُ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ مِقْدَارِ الْخَرَاجِ يَجِبُ نِصْفُهُ قَالَ مَشَايِخُنَا وَالصَّوَابُ فِي هَذَا أَنْ يُنْظَرَ أَوَّلًا إلَى مَا أَنْفَقَ هَذَا الرَّجُلُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ ثُمَّ يُنْظَرَ إلَى الْخَارِجِ فَيُحْسَبَ مَا أَنْفَقَ أَوَّلًا مِنْ الْخَارِجِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ أُخِذَ مِنْهُ مِقْدَارُ مَا بَيَّنَّا وَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْخَرَاجَ يَسْقُطُ بِالِاصْطِلَامِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ السَّنَةِ مِقْدَارُ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ أَمَّا إذَا بَقِيَ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ وَأَطْلَقَ الْآفَةَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا كَالْغَرَقِ وَالِاحْتِرَاقِ وَشِدَّةِ الْبَرْدِ أَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ سَمَاوِيَّةٍ وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا كَأَكْلِ الْقِرَدَةِ وَالسِّبَاعِ وَالْأَنْعَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَسْقُطُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ هَلَاكَ الْخَارِجِ قَبْلَ الْحَصَادِ يَسْقُطُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الدُّودَةَ وَالْفَأْرَةَ إذَا أَكَلَا الزَّرْعَ لَا يُقَسَّطُ الْخَرَاجُ وَقَيَّدَ بِالزَّرْعِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْقَائِمِ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَصَادِ لَا يَسْقُطُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ.

وَقَيَّدَ بِالْخَرَاجِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَسْقُطُ بِالْأُولَيَيْنِ وَأَمَّا بِالثَّالِثِ فَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ سَنَةً ثُمَّ اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَمَا وَجَبَ مِنْ الْأَجْرِ قُبَيْلَ الِاصْطِلَامِ لَا يَسْقُطُ وَمَا وَجَبَ بَعْدَ الِاصْطِلَامِ يَسْقُطُ لِأَنَّ الْأَجْرَ إنَّمَا يَجِبُ بِإِزَاءِ الْمَنْفَعَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَمَا اسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَمَا لَمْ يَسْتَوْفِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي حَقِّهِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْخَرَاجِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ اهـ.

قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَمِمَّا حُمِدَ مِنْ سِيَرِ الْأَكَاسِرَةِ أَنَّهُمْ إذَا أَصَابَ بَعْضَ زَرْعِ الرَّعِيَّةِ آفَةٌ غَرِمُوا لَهُ مَا أَنْفَقَ فِي الزِّرَاعَةِ مِنْ بَيْتِ مَالِهِمْ وَقَالَ: التَّاجِرُ شَرِيكٌ فِي الْخُسْرَانِ كَمَا هُوَ شَرِيكٌ فِي الرِّبْحِ فَإِذَا لَمْ يُعْطِهِ الْإِمَامُ شَيْئًا فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ لَا يُغَرِّمَهُ الْخَرَاجَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ عَطَّلَهَا صَاحِبُهَا أَوْ أَسْلَمَ أَوْ اشْتَرَى مُسْلِمٌ أَرْضَ خَرَاجٍ يَجِبُ) أَيْ الْخَرَاجُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ التَّمَكُّنَ كَانَ ثَابِتًا وَهُوَ الَّذِي فَوَّتَهُ قَالُوا مَنْ انْتَقَلَ إلَى أَحْسَنِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْأَعْلَى لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ضَيَّعَ الزِّيَادَةَ كَمَا إذَا كَانَتْ صَالِحَةً لِلزَّعْفَرَانِ فَزَرَعَ الشَّعِيرَ وَهَذَا يُعْرَفُ وَلَا يَفْنَى بِهِ كَيْ لَا يَتَجَرَّأَ الظَّلَمَةُ عَلَى أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ لِأَنَّا لَوْ أَفْتَيْنَا بِذَلِكَ يَدَّعِي كُلُّ ظَالِمٍ فِي أَرْضٍ لَيْسَ هَذَا شَأْنُهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَزْرَعُ الزَّعْفَرَانَ فَيَأْخُذُ خَرَاجَهُ فَيَكُونُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا.

قَيَّدَ بِكَوْنِهِ الْمُعَطَّلَ لِأَنَّهُ لَوْ مَنَعَهُ

ــ

[منحة الخالق]

وِفَاقًا وَخِلَافًا ثُمَّ بَحَثَ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُطِقْ الْخُمُسَ لِقِلَّةِ الرِّيعِ وَكَثْرَةِ الْمُؤَنِ يَنْقُص وَأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الرِّضَى عَلَى دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ عَلَى عَدَدِ الْأَشْجَارِ يَنْبَغِي الْجَوَازُ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْكَافِي لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ الْخَرَاجَ الْمُوَظَّفَ إلَى خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ اهـ.

قَالَ وَكَذَلِكَ عَكْسُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ تَعْلِيلِهِ لِأَنَّهُ قَالَ لِأَنَّ فِيهِ نَقْضَ الْعَهْدِ وَهُوَ حَرَامٌ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مُفْرَدٌ.

(قَوْلُهُ كَذَا أَفَادَهُ فِي الْخُلَاصَةِ) حَيْثُ قَالَ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَا تُطِيقُ أَنْ يَكُونَ الْخَرَاجُ خَمْسَةً بِأَنْ كَانَ الْخَارِجُ لَا يَبْلُغُ عَشْرَةً يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ نِصْفِ الْخَارِجِ اهـ.

وَفِي هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَرَضِينَ الَّتِي وَظَّفَ عَلَيْهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ثُمَّ نَقَصَ نُزُلُهَا وَضَعُفَتْ الْآنَ أَوْ غَيْرَهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الدُّودَةَ وَالْفَأْرَةَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَلْحَقَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْجَرَادَ بِمَا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ وَأَنَّهُ يَسْقُطُ بِأَكْلِهِ الْخَرَاجُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الدُّودَةَ وَالْفَأْرَةَ فِي مَعْنَى الْجَرَادِ فِي عَدَمِ إمْكَانِ الدَّفْعِ وَبِمِثْلِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ صَرَّحَ مُلَّا مِسْكِينٌ وَفِي النَّهْرِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ قَوْلَهُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ إلَخْ وَأَقُولُ: فِي كَوْنِ الدُّودَةِ لَيْسَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ لَا يَنْبَغِي التَّرَدُّدُ فِي كَوْنِهَا سَمَاوِيَّةً وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>