مُؤْنَةً وَالْمَزَارِعُ أَكْثَرُهَا مُؤْنَةً وَالرِّطَابُ بَيْنَهُمَا وَالْوَظِيفَةُ تَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِهَا فَجَعَلَ الْوَاجِبَ فِي الْكَرْمِ أَعْلَاهَا وَفِي الزَّرْعِ أَدْنَاهَا وَفِي الرَّطْبَةِ أَوْسَطَهَا وَالْجَرِيبُ أَرْضٌ طُولُهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهَا كَذَلِكَ لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي الذِّرَاعِ فَفِي كُتُبِ الْفِقْهِ أَنَّهُ سَبْعُ قَبَضَاتٍ وَهُوَ ذِرَاعُ كِسْرَى يَزِيدُ عَلَى ذِرَاعِ الْعَامَّةِ بِقَبْضَةٍ.
وَفِي الْمُغْرِبِ أَنَّهُ سِتُّ قُبْضَانٍ وَالْقَبْضَةُ أَرْبَعُ أَصَابِعَ اهـ.
وَفِي الْكَافِي مَا قِيلَ الْجَرِيبُ سِتُّونَ فِي سِتِّينَ حِكَايَةً عَنْ جَرِيبِهِمْ فِي أَرَاضِيهِمْ وَلَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ فِي الْأَرَاضِي كُلِّهَا بَلْ جَرِيبُ الْأَرْضِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ فَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلَدٍ مُتَعَارَفُ أَهْلِهِ اهـ.
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي مِصْرَ الْفَدَّانُ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ غَيْرَهُ لَكِنَّ مَا فِي الْكَافِي مَرْدُودٌ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّقْدِيرِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقُيِّدَ بِصَلَاحِيَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي غَيْرِ الصَّالِحِ لَهَا وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا زَرَعَهُ صَاحِبُهُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً أَوْ مِرَارًا أَوْ لَمْ يَزْرَعْهُ وَلَمْ يَذْكُرْهَا تَقْدِيرُ الصَّاعِ لِلِاكْتِفَاءِ بِمَا قَدَّمَهُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ مِنْ أَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ كُلَّ مَزْرُوعٍ فِيهِ فَيُؤْخَذُ قَفِيزٌ مِمَّا زُرِعَ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرُ أَوْ عَدَسًا أَوْ ذُرَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَمْ يُقَدَّرْ الدِّرْهَمُ لِلِاكْتِفَاءِ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الزَّكَاةِ مِنْ أَنَّ الْعَشَرَةَ مِنْهَا بِوَزْنِ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ وَذَكَرَ الْعَيْنِيُّ أَنَّهُ يُعْطِي الدِّرْهَمَ مِنْ أَجْوَدِ النُّقُودِ الرَّطْبَةِ بِفَتْحِ الرَّاءِ الأسفست الرَّطْبَ وَالْجَمْعُ رِطَابٌ وَفِي كِتَابِ الْعُشْرِ الْبُقُولُ غَيْرُ الرِّطَابِ وَإِنَّمَا الْبُقُولُ مِثْلُ الْكُرَّاثِ وَالرِّطَابُ هُوَ الْقِثَّاءُ وَالْبِطِّيخُ وَالْبَاذِنْجَانُ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِيمَا عِنْدِي مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ فَحَسْبُ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَفِي الْعَيْنِيِّ الرَّطْبَةُ الْبِرْسِيمُ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَسَّرَ بِمَا فِي كِتَابِ الْعُشْرِ كَمَا لَا يَخْفَى وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الرَّطْبَةِ شَيْءٌ مِنْ الْخَارِجِ وَقَيَّدَ بِالِاتِّصَالِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً فِي جَوَانِبِ الْأَرْضِ وَوَسَطُهَا مَزْرُوعَةً فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَكَذَا لَوْ غَرَسَ أَشْجَارًا غَيْرَ مُثْمِرَةٍ وَلَوْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ مُلْتَفَّةً لَا يُمْكِنُ زِرَاعَةُ أَرْضِهَا فَهِيَ كَرْمٌ ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ أَنْبَتَ أَرْضَهُ كَرْمًا فَعَلَيْهِ خَرَاجُهَا إلَى أَنْ تَطْعَمَ فَإِذَا أَطْعَمَتْ فَإِنْ كَانَ ضِعْفُ وَظِيفَةِ الْكَرْمِ فَفِيهِ وَظِيفَةُ الْكَرْمِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَنِصْفُهُ إلَى أَنْ يَنْقُصَ عَنْ قَفِيزٍ وَدِرْهَمٍ فَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَقَفِيزٌ اهـ.
وَفِي الْبِنَايَةِ الْمُتَّصِلُ مَا يَتَّصِلُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ عَلَى وَجْهٍ تَكُونُ كُلُّ الْأَرْضِ مَشْغُولَةً بِهَا وَفِي الْهِدَايَةِ وَفِي دِيَارنَا وَظَّفُوا مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي الْأَرَاضِي كُلِّهَا وَتَرَكَ كَذَلِكَ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ اهـ قُلْت وَكَذَا فِي غَالِبِ أَرَاضِي مِصْرَ لَا يُؤْخَذُ خَرَاجُهَا إلَّا دَرَاهِمَ بِخِلَافِ أَرَاضِي الصَّعِيدِ فَإِنَّ غَالِبَ خَرَاجِهَا الْقَمْحُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَصْنَافِ كَالزَّعْفَرَانِ وَالْبُسْتَانِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ يُوضَعُ عَلَيْهَا بِحَسَبِ الطَّاقَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَوْظِيفُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَدْ اُعْتُبِرَ فِي ذَلِكَ الطَّاقَةُ فَنَعْتَبِرُهَا فِيمَا لَا تَوْظِيفَ فِيهِ قَالُوا أَوْ نِهَايَةُ الطَّاقَةِ أَنْ يَبْلُغَ الْوَاجِبُ نِصْفَ الْخَارِجِ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّنْصِيفَ عَيْنُ الْإِنْصَافِ لَمَّا كَانَ لَنَا أَنْ نَقْسِمَ الْكُلَّ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَالْبُسْتَانُ كُلُّ أَرْضٍ يَحُوطُهَا حَائِطٌ وَفِيهَا نَخِيلٌ مُتَفَرِّقَةٌ وَأَشْجَارٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ خَرَاجَ الْمَقَّاسَةِ لِظُهُورِهِ فَإِذَا مَنَّ الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ جَعَلَ عَلَى أَرَاضِيهمْ نِصْفَ الْخَارِجِ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ رُبْعَهُ.
قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَا يُزَادُ عَلَى النِّصْفِ وَلَا يَنْقُصُ عَنْ الْخُمْسِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُطِقْ مَا وَظَّفَ نَقَصَ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُطِقْ الْأَرْضُ مَا جُعِلَ عَلَيْهَا مِنْ الْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ السَّابِقِ نُقِضَ عَنْهَا مَا لَا تُطِيقُهُ وَجَعَلَ عَلَيْهَا مَا تُطِيقُهُ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا وَظَّفَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ وَإِنْ طَاقَتْهَا الْأَرْضُ لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِعَامِلَيْهِ لَعَلَّكُمَا حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ فَقَالَا بَلْ حَمَّلْنَاهَا مَا تُطِيقُ وَلَوْ زِدْنَا لَأَطَاقَتْ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْأَرَاضِيَ الَّتِي صَدَرَ التَّوْظِيفُ فِيهَا مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْ مِنْ إمَامٍ بِمِثْلِ وَظِيفَةِ عُمَرَ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا أَرَادَ الْإِمَامُ
ــ
[منحة الخالق]
عُشْرِيَّةٍ قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ (قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ قَفِيزٌ مِمَّا زُرِعَ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَرَادَ بِالْقَفِيزِ الصَّاعَ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالْعِرَاقِيِّ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْنَاءَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلَ ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ هُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثُ رِطْلٍ وَهُوَ صَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ لِظُهُورِهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَهُوَ كَالْمُوَظِّفِ مَصْرِفًا وَكَالْعُشْرِ مَأْخَذًا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الرِّطَابِ وَالزَّرْعِ وَالْكَرْمِ وَالنَّخْلِ الْمُتَّصِلِ وَغَيْرِهِ فَيُقْسَمُ الْجَمِيع عَلَى حَسَبِ مَا تُطِيقُ الْأَرْضُ مِنْ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ أَوْ الْخُمُسِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ كَالْعُشْرِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْخَارِجِ وَلِذَا يَتَكَرَّرُ وَيَتَكَرَّرُ الْخَارِجُ فِي السَّنَةِ وَإِنَّمَا يُفَارِقُهُ فِي الْمَصْرِفِ فَكُلُّ شَيْءٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ وَتَجْرِي الْأَحْكَامُ الَّتِي قُرِّرَتْ فِي الْعُشْرِ فِيهِ