للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّرْجِ فَلَا يَرْكَبُ خَيْلًا وَلَا يَعْمَلُ بِالسِّلَاحِ وَيُظْهِرُ الْكُسْتِيجُ وَيَرْكَبُ سَرْجًا كَالْأُكُفِ) إظْهَارًا لِلصَّغَارِ عَلَيْهِمْ وَصِيَانَةً لِضَعَفَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ يُكَرَّمُ وَالذِّمِّيُّ يُهَانُ فَلَا يُبْتَدَأُ بِالسَّلَامِ وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ عَلَامَةً مُمَيِّزَةً فَلَعَلَّهُ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ لَمْ يَأْمُرْهُمْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَعْرُوفِينَ بِأَعْيَانِهِمْ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ زِيٌّ عَالٍ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا وَجَبَ التَّمْيِيزُ وَجَبَ بِمَا فِيهِ صَغَارٌ لَا إعْزَازٌ لِأَنَّ إذْلَالَهُمْ لَازِمٌ بِغَيْرِ أَذًى مِنْ ضَرْبٍ أَوْ صَفْعٍ بِلَا سَبَبٍ يَكُونُ مِنْهُ بَلْ الْمُرَادُ اتِّصَافُهُ بِهَيْئَةٍ وَضِيعَةٍ وَالزِّيُّ بِالْكَسْرِ اللِّبَاسُ وَالْهَيْئَةُ وَأَصْلُهُ زِوْيٌ كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَفِي الدِّيوَانِ الزِّيُّ الزِّينَةُ وَالْكُسْتِيجُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ خَيْطٌ غَلِيظٌ بِقَدْرِ الْأُصْبُعِ يَشُدُّهُ الذِّمِّيُّ فَوْقَ ثِيَابِهِ دُونَ مَا يَتَزَيَّنُونَ بِهِ مِنْ الزَّنَانِيرِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُجْمَعِ بِالصُّوفِ وَقَيَّدَ بِالْخَيْلِ لِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يَرْكَبُوا الْحُمُرَ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى سُرُوجٍ كَهَيْئَةِ الْأُكُفِ وَهُوَ جَمْعُ إكَافٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَالسَّرْجُ الَّذِي عَلَى هَيْئَتِهِ هُوَ مَا يُجْعَلُ عَلَى مُقَدِّمِهِ شِبْهُ الرُّمَّانَةِ وَالْوِكَافُ لُغَةً وَمِنْهُ أَوَكَفَ الْحِمَارُ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَالْإِكَافُ الْبَرْذَعَةُ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ وَاخْتَارَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَنْ لَا يَرْكَبُوا أَصْلًا إلَّا إذَا خَرَجُوا إلَى قَرْيَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ كَانَ مَرِيضًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَيَرْكَبُ ثُمَّ يَنْزِلُ فِي مَجَامِعِ الْمُسْلِمِينَ إذَا مَرَّ بِهِمْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِيهِ وَإِذَا عُرِفَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْعَلَامَةُ فَلَا يَتَعَيَّنُ مَا ذُكِرَ بَلْ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ مَا يَتَعَارَفُهُ أَهْلُهُ.

وَفِي بِلَادِنَا جُعِلَتْ الْعَلَامَةُ فِي الْعِمَامَةِ فَأَلْزَمُوا النَّصَارَى الْعِمَامَةَ الزَّرْقَاءَ وَالْيَهُودَ بِالْعِمَامَةِ الصَّفْرَاءِ وَاخْتَصَّ الْمُسْلِمُونَ بِالْبَيْضَاءِ اهـ.

لَكِنَّ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مَا يُفِيدُ مَنْعَ الْعِمَامَةِ لَهُمْ فَإِنَّهُ قَالَ وَكُسْتِيجَانِ النَّصَارَى قَلَنْسُوَةٌ سَوْدَاءُ مِنْ اللِّبْدِ مُضَرَّبَةٌ وَزُنَّارٌ مِنْ الصُّوفِ وَأَمَّا لِبْسُ الْعِمَامَةِ وَزُنَّارُ الْإِبْرَيْسَمِ فَجَفَاءٌ فِي حَقِّ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَمَكْسَرَةٌ لِقُلُوبِهِمْ اهـ.

أَطْلَقَ الذِّمِّيُّ فَشَمِلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَلِذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَيَجِبُ أَنْ تَتَمَيَّزَ نِسَاؤُهُمْ عَنْ نِسَائِنَا فِي الطُّرُقَاتِ وَالْحَمَّامَاتِ وَيُجْعَلُ عَلَى دُورِهِمْ عَلَامَاتٌ كَيْ لَا يَقِفَ عَلَيْهَا سَائِلٌ يَدْعُو لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَيُمْنَعُونَ عَنْ لِبَاسٍ يَخْتَصُّ بِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالزُّهْدِ وَالشَّرَفِ اهـ.

وَصَرَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِمَنْعِهِمْ مِنْ الثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ حَرِيرًا أَوْ غَيْرَهُ كَالصُّوفِ الْمُرَبَّعِ وَالْجُوخِ الرَّفِيعِ وَالْأَبْرَادِ الرَّفِيعَةِ قَالَ وَلَا شَكَّ فِي وُقُوعِ خِلَافِ هَذَا فِي هَذِهِ الدِّيَارِ وَلَا شَكَّ فِي مَنْعِ اسْتِكْتَابِهِمْ وَإِدْخَالِهِمْ فِي الْمُبَاشَرَةِ الَّتِي يَكُونُ بِهَا مُعَظَّمًا عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ بَلْ رُبَّمَا يَقِفُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ خِدْمَةً لَهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَتَغَيَّرَ خَاطِرُهُ مِنْهُ فَيَسْعَى بِهِ عِنْدَ مُسْتَكْتِبِهِ سِعَايَةً تُوجِبُ لَهُ مِنْهُ الضَّرَرَ اهـ.

وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلَازِمَ الذِّمِّيُّ الصَّغَارَ فِيمَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ فِي كُلِّ شَيْءٍ اهـ.

فَعَلَى هَذَا يُمْنَعُ مِنْ الْقُعُودِ حَالَ قِيَامِ الْمُسْلِمِ عِنْدَهُ وَاخْتَارَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَحْثًا أَنَّهُ إذَا اسْتَعْلَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَلَّ لِلْإِمَامِ قَتْلُهُ وَاسْتَثْنَى فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ مَنْعِ الْخَيْلِ مَا إذَا وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ بِأَنْ اسْتَعَانَ بِهِمْ الْإِمَامُ فِي الْمُحَارَبَةِ وَالذَّبِّ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَلْحَقَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة الْبَغْلَ بِالْحِمَارِ فِي جَوَازِ رُكُوبِهِ لَهُمْ وَصَرَّحَ بِمَنْعِهِمْ مِنْ الْقَلَانِسِ الصِّغَارِ وَإِنَّمَا تَكُونُ طَوِيلَةً مِنْ كِرْبَاسٍ مَصْبُوغَةٍ بِالسَّوَادِ مُضَرَّبَةٍ مُبَطَّنَةٍ وَيَجِبُ تَمْيِيزُهُمْ فِي النِّعَالِ أَيْضًا فَيَلْبَسُونَ الْمَكَاعِبَ الْخَشِنَةَ الْفَاسِدَةَ اللَّوْنِ تَحْقِيرًا لَهُمْ وَشَرْطٌ فِي الْخَيْطِ الَّذِي يَعْقِدُهُ عَلَى وَسَطِهِ أَنْ يَكُونَ غَلِيظًا غَيْرَ مَنْقُوشٍ وَأَنْ لَا يَجْعَلَ لَهُ حَلْقَةً وَإِنَّمَا يَعْقِدُهُ عَلَى الْيَمِينِ أَوْ الشِّمَالِ وَشَرْطٌ فِي الْقَمِيصِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ذَيْلُهُ قَصِيرًا وَأَنْ يَكُونَ جَيْبُهُ عَلَى صَدْرِهِ كَمَا يَكُونُ لِلنِّسَاءِ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا يُؤْخَذُ عَبِيدُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالْكُسْتِيجَانِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَقَعَ الظُّهُورُ عَلَيْهِمْ.

فَأَمَّا إذَا وَقَعَ مَعَهُمْ الصُّلْحُ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّهُمْ يُتْرَكُونَ عَلَى ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْدَ هَذَا أَنَّ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ تُشْتَرَطُ بِعَلَامَةٍ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>