للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدَةٍ أَوْ بِعَلَامَتَيْنِ أَوْ بِالثَّلَاثِ قَالَ بَعْضُهُمْ بِعَلَامَةٍ وَاحِدَةٍ أَمَّا عَلَى الرَّأْسِ كَالْقَلَنْسُوَةِ الطَّوِيلَةِ الْمَضْرَبَةِ أَوْ عَلَى الْوَسَطِ كَالْكُسْتِيجُ أَوْ عَلَى الرِّجْلِ كَالنَّعْلِ وَالْمُكَعَّبُ عَلَى خِلَافِ نِعَالِنَا أَوْ مَكَاعِبِنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بُدَّ مِنْ الثَّلَاثِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي النَّصْرَانِيِّ يَكْتَفِي بِعَلَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي الْيَهُودِيِّ بِعَلَامَتَيْنِ وَفِي الْمَجُوسِ بِالثَّلَاثِ وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي بَعْضُهُمْ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ فِي الْكُلِّ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ وَكَانَ الْحَاكِمُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ يَقُولُ إنْ صَالَحَهُمْ الْإِمَامُ وَأَعْطَاهُمْ الذِّمَّةَ بِعَلَامَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَأَمَّا إذَا فَتَحَ بَلَدًا عَنْوَةً وَقَهْرًا كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُلْزِمَهُمْ الْعَلَامَاتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.

وَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ إظْهَارُ الذُّلِّ وَالصَّغَارِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَدَمُ تَعْظِيمِهِمْ لَكِنْ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ إذَا دَخَلَ يَهُودِيٌّ الْحَمَّامَ هَلْ يُبَاحُ لِلْخَادِمِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَخْدُمَهُ إنْ خَدَمَهُ طَمَعًا فِي فُلُوسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لَهُ إنْ كَانَ لِمَيْلِ قَلْبِهِ إلَى الْإِسْلَامِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَا أُدْخِلَ ذِمِّيٌّ عَلَى مُسْلِمٍ فَقَامَ لَهُ إنْ قَامَ طَمَعًا فِي مَيْلِهِ إلَى الْإِسْلَامِ فَلَا بَأْسَ وَبِهِ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَ مَا ذَكَرْنَا أَوْ قَامَ تَعْظِيمًا لِغِنَاهُ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ اهـ.

قَالَ الطَّرَسُوسِيُّ إنْ قَامَ تَعْظِيمًا لِذَاتِهِ وَمَا هُوَ عَلَيْهِ كَفَرَ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ فَكَيْفَ يَتَعَظَّمُ الْكُفْرُ اهـ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ الذِّمِّيُّ إذَا اشْتَرَى دَارًا فِي الْمِصْرِ ذَكَرَ فِي الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ وَإِنْ اشْتَرَاهَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا مِنْ الْمُسْلِمِ وَذَكَرَ فِي الْإِجَارَاتِ أَنَّهُ يَجُوزُ الشِّرَاءُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَلَا يَتْرُكُ الذِّمِّيُّ أَنْ يَتَّخِذَ بَيْتَهُ صَوْمَعَةً فِي الْمِصْرِ يُصَلِّي فِيهِ اهـ.

وَفِي الصُّغْرَى وَذَكَرَ فِي الْإِجَارَاتِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ إلَّا إذَا كَثُرَ فَحِينَئِذٍ يُجْبَرُ اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة يُمَكَّنُونَ مِنْ الْمُقَامِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عَلَى رِوَايَةٍ عَامَّةٍ الْكُتُب إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَمْصَارِ الْعَرَبِ كَأَرْضِ الْحِجَازِ وَعَلَى رِوَايَةِ الْعُشْرِ كَمَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ دَارِهِ يُخْرَجُونَ مِنْ الْمِصْرِ وَبِهِ أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا تَكَارَى أَهْلُ الذِّمَّةِ دُورًا فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لِيَسْكُنُوا فِيهَا جَازَ لِأَنَّهُمْ إذَا أُسْكِنُوا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ رَأَوْا مَعَالِمَ الْإِسْلَامِ وَمَحَاسِنَهُ وَشَرَطَ الْحَلْوَانِيُّ قِلَّتَهُمْ بِحَيْثُ يُمَكَّنُونَ مِنْ الْمُقَامِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إلَّا فِي أَمْصَارِ الْعَرَبِ كَأَرْضِ الْحِجَازِ أَمَّا إذَا كَثُرُوا بِحَيْثُ تَعَطَّلَ بِسَبَبِ سُكْنَاهُمْ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ تَقَلَّلُوا يُمْنَعُونَ مِنْ السُّكْنَى فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَيُأْمَرُونَ بِأَنْ يَسْكُنُوا نَاحِيَةً لَيْسَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ وَهُوَ مَحْفُوظٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ يُمَكَّنُونَ أَنْ يَسْكُنُوا فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ وَفِي أَسْوَاقِهِمْ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ ذَلِكَ تَعُودُ إلَى الْمُسْلِمِينَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَنْتَقِضُ عَهْدُهُ بِالْإِبَاءِ عَنْ الْجِزْيَةِ وَالزِّنَا بِمُسْلِمَةٍ وَقَتْلِ مُسْلِمٍ وَسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِأَنَّ الْغَايَةَ الَّتِي يَنْتَهِي بِهَا الْقِتَالُ الْتِزَامُ الْجِزْيَةِ لَا أَدَاؤُهَا وَالِالْتِزَامُ بَاقٍ فَيَأْخُذُهَا الْإِمَامُ مِنْهُ جَبْرًا وَالْإِبَاءُ الِامْتِنَاعُ وَأَمَّا الزِّنَا فَيُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِ وَفِي الْقَتْلِ يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ مِنْهُ وَأَمَّا السَّبُّ فَكُفْرٌ وَالْمُقَارِنُ لَهُ لَا يَمْنَعُهُ فَالطَّارِئُ لَا يَرْفَعُهُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ إذَا نَكَحَ مُسْلِمَةً وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَيُعَزَّرَانِ وَكَذَا السَّاعِي بَيْنَهُمَا وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ لِوُقُوعِهِ بَاطِلًا كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ مِنْ بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ وَذَكَرَ الْعَيْنِيُّ وَفِي رِوَايَةٍ مَذْكُورَةٍ وَفِي وَاقِعَاتِ حُسَامٍ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ امْتَنَعُوا عَنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ يُنْتَقَضُ الْعَهْدُ وَيُقَاتَلُونَ وَهُوَ قَوْلُ الثَّلَاثَةِ اهـ.

وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهَا رِوَايَةً وَدِرَايَةً كَمَا أَنَّ قَوْلَ الْعَيْنِيِّ وَاخْتِيَارِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ الذِّمِّيُّ إذَا اشْتَرَى إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ خِلَافِيَّةٌ وَاَلَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ التَّفْضِيلُ فَلَا نَقُولُ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا وَلَا بِعَدَمِهِ مُطْلَقًا بَلْ يَدُورُ الْحُكْمُ عَلَى الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَالضَّرَرِ وَالْمَنْفَعَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ قَوْلَ الْعَيْنِيِّ وَاخْتِيَارِي إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ عِبَارَةُ الْعَيْنِيِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ يُنْتَقَضُ بِهِ لِأَنَّهُ يَنْقُضُ الْإِيمَانَ فَالْأَمَانُ أَوْلَى وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَاخْتِيَارِي هَذَا فَقَوْلُهُ هَذَا إشَارَةٌ إلَى النَّقْضِ لَا إلَى الْقَتْلِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ النَّقْضِ عَدَمُ الْقَتْلِ وَقَوْلُهُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الرَّاوِيَةِ فَاسِدٌ إذَا صَرَّحُوا قَاطِبَةً بِأَنَّهُ يُعَزَّرُ عَلَى ذَلِكَ وَيُؤَدَّبُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ قَتْلِهِ زَجْرًا لِغَيْرِهِ إذْ يَجُوزُ التَّرَقِّي فِي التَّعْزِيرِ إلَى الْقَتْلِ إذَا عَظُمَ مُوجِبُهُ.

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَدَمُ النَّقْضِ بِهِ كَمَذْهَبِنَا عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ مِنْ عَدَمِ الِانْتِقَاضِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ وَقَدْ حَقَّقَ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِهِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ عَلَى مَنْ سَبَّ الرَّسُولَ وَصَحَّحَ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ انْتِقَاضِ الْعَهْدِ اهـ.

كَلَامُ ابْنِ السُّبْكِيّ فَانْظُرْ إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ مِنْ عَدَمِ الِانْتِقَاضِ أَنْ لَا يُقْتَلَ وَلَيْسَ فِي الْمَذْهَبِ مَا يَنْفِي قَتْلَهُ خُصُوصًا إذَا أَظْهَرَ مَا هُوَ الْغَايَةُ فِي التَّمَرُّدِ وَعَدَمِ الِاكْتِرَاثِ وَالِاسْتِخْفَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>