للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ الضَّمَانِ هَذَا إذَا أَعَادَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَمَّا إذَا أَعَادَهَا بَعْدَمَا تَحَوَّلَ يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَتْ دَابَّةٌ فَرَكِبَهَا ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا فَتَرَكَهَا فِي مَكَانِهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ هُوَ ضَامِنٌ وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ لَا وَكَذَا إذَا أَخَذَ الْخَاتَمَ مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى أُصْبُعِهِ بَعْدَمَا انْتَبَهَ وَلَوْ أَعَادَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَبِهَ مِنْ تِلْكَ النَّوْمَةِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ اتِّفَاقًا اهـ.

وَالتَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّهَا عَدَمُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْوَجْهُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا وَأَطْلَقَ فِي الْإِشْهَادِ فَانْصَرَفَ إلَى مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَهُوَ عَدْلَانِ وَلِذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَظَاهِرُ الْمَبْسُوطِ اشْتِرَاطُ عَدْلَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَعَرَّفَ إلَى أَنْ عَلِمَ أَنَّ رَبَّهَا لَا يَطْلُبُهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى أَشْهَدَ فَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّعْرِيفَ شَرْطٌ أَيْضًا وَأَنَّ الْإِشْهَادَ لَا يَكْفِي لِنَفْيِ الضَّمَانِ وَهَكَذَا شُرِطَ فِي الْمُحِيطِ لِنَفْيِ الضَّمَانِ الْإِشْهَادُ وَإِشَاعَةُ التَّعْرِيفِ وَحُكِيَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِيهِ اخْتِلَافًا فَقَالَ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ أَدْنَى مَا يَكُونُ مِنْ التَّعْرِيفِ أَنْ يُشْهِدَ عِنْدَ الْأَخْذِ وَيَقُولَ آخُذُهَا لِأَرُدَّهَا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ لَمْ يُعَرِّفْهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَفَى وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ يَأْتِي عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَيُنَادِي اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ الْإِشْهَادُ أَيْ التَّعْرِيفُ وَقْتَ الْأَخْذِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْهُ قَبْلَ هَلَاكِهَا لِيَعْرِفَ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِيَرُدَّهَا لَا لِنَفْسِهِ اهـ.

وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ عِنْدَ الْأَخْذِ بِاتِّفَاقِ الْمَشَايِخِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ يَكْفِي هَذَا الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْأَخْذِ عَنْ التَّعْرِيفِ بَعْدَهُ أَوْ لَا وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ التَّعْرِيفَ بَعْدَ الْأَخْذِ يَكْفِي عَنْ الْإِشْهَادِ وَقْتَ الْأَخْذِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَمْ يَجْعَلْ لِلتَّعْرِيفِ مُدَّةً اتِّبَاعًا لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنَّهُ بَنَى الْحُكْمَ عَلَى غَالِبِ الرَّأْيِ فَيُعَرِّفُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى رَأْيِهِ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَطْلُبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْجَوْهَرَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّهُ التَّقْدِيرُ بِالْحَوْلِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَدَّرَ بِحَوْلٍ اُخْتُلِفَ فِيهِ قِيلَ يُعَرِّفُهَا كُلَّ جُمُعَةٍ وَقِيلَ كُلَّ شَهْرٍ وَقِيلَ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَالَ السَّرَخْسِيُّ حُكِيَ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ بِبَلْخٍ وَجَدَ لُقَطَةً وَكَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا وَقَدْ قَالَ فِي نَفْسِهِ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهَا وَلَوْ عَرَّفْتهَا فِي الْمِصْرِ رُبَّمَا يَظْهَرُ صَاحِبُهَا فَخَرَجَ مِنْ الْمِصْرِ حَتَّى انْتَهَى إلَى رَأْسِ بِئْرٍ فَدَلَّى رَأْسَهُ فِي الْبِئْرِ وَجَعَلَ يَقُولُ وَجَدْت كَذَا فَمَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَنْشُدُ ذَلِكَ فَدُلُّوهُ عَلَيَّ وَبِجَنْبِ الْبِئْرِ رَجُلٌ يُرَقِّعُ شَمْلَتَهُ وَكَانَ صَاحِبَ اللُّقَطَةِ فَتَعَلَّقَ بِهِ حَتَّى أَخَذَهَا مِنْهُ لِيَعْلَمَ أَنَّ الْمَقْدُورَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتْرُكَ مَا لَزِمَهُ شَرْعًا وَهُوَ إظْهَارُ التَّعْرِيفِ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَكْثُرُ هَمُّك مَا يُقَدَّرُ يَكُونُ وَمَا تُرْزَقُ يَأْتِيك» اهـ.

وَهُوَ خَطَأٌ مِنْ هَذَا الْمُلْتَقِطِ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَعْرِيفٍ اتِّفَاقًا.

قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ ثُمَّ التَّعْرِيفُ إنَّمَا يَكُونُ جَهْرًا فِي الْأَسْوَاقِ وَفِي أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَفِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ وَفِي الْجَامِعِ وَإِنْ كَانَتْ شَيْئًا لَا يَبْقَى عَرَّفَهُ حَتَّى يَخَافَ فَسَادَهُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ اهـ.

كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ وَجَدَ اللُّقَطَةَ رَجُلَانِ عَرَّفَاهَا جَمِيعًا وَاشْتَرَكَا فِي حُكْمِهَا اهـ.

وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا كَانَ صَبِيًّا عَرَّفَهَا وَلِيُّهُ زَادَ فِي الْقُنْيَةِ أَوْ وَصِيُّهُ ثُمَّ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ تَمْلِيكِهَا لِلصَّبِيِّ لَوْ كَانَ فَقِيرًا لِأَنَّهُ يَعْلَمُ بِالْأُولَى وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ الصَّدَقَةُ بِهَا مِنْ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِضْرَارِ عَلَى احْتِمَال أَنْ لَا يُجِيزَ مَالِكُهَا إذَا حَضَرَ وَالْعَيْنُ هَالِكَةٌ مِنْ يَدِ الْفَقِيرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَلَيْسَ فِي إمْسَاكِهَا أَوْ تَمْلِيكِهَا ضَرَرٌ ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا إذَا تَصَدَّقَ بِهَا الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ ثُمَّ ظَهَرَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ وَضَمِنَهَا أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ فِي مَالِهِمَا دُونَ الصَّبِيِّ اهـ.

وَإِذَا صَحَّ هَذَا الْبَحْثُ فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِ تَصَدُّقِهِمَا حِينَئِذٍ وَفِي الْقَامُوسِ التَّعْرِيفُ الْإِعْلَامُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ وَيُعْطِيَهَا حَتَّى يُعَرِّفَهَا يُرِيدُ إذَا عَجَزَ عَنْ التَّعْرِيفِ بِنَفْسِهِ اهـ.

فَأَفَادَ جَوَازَ الِاسْتِنَابَةِ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>