للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّهَادَةَ بِالْوَقْفِ بِدُونِ الدَّعْوَى مَقْبُولَةٌ وَلِذَا قَالُوا لَوْ بَاعَ ثُمَّ ادَّعَى الْوَقْفِيَّةَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ وَلَا يَحْلِفُ فَإِنْ بَرْهَنَ تُقْبَلُ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَا لِصِحَّةِ الدَّعْوَى بَلْ لِأَنَّ الْبُرْهَانَ يُقْبَلُ عَلَيْهِ بِلَا دَعْوَى كَالشَّهَادَةِ عَلَى عِتْقِ الْأَمَةِ فِي الْمُخْتَارِ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مِنْ غَيْرِ الْمُتَوَلِّي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.

وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَضَى بِالْوَقْفِيَّةِ بِالشَّهَادَةِ الْقَائِمَةِ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى يَصِحُّ لِأَنَّ حُكْمَهُ هُوَ التَّصَدُّقُ بِالْغَلَّةِ وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِالشَّهَادَةِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى. اهـ.

وَقَيَّدَ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُمَا لَوْ حَكَّمَا رَجُلًا لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِلُزُومِ الْوَقْفِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ بِحُكْمِ الْمُحَكَّمِ لَا يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ وَلِلْقَاضِي أَنْ يُبْطِلَهُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَهَلْ الْقَضَاءُ بِهِ قَضَاءٌ عَلَى النَّاسِ كَافَّةً كَالْحُرِّيَّةِ أَوْ لَا قَالَ قَاضِي خَانْ أَرْضٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا وَقْفٌ وَبَيَّنَ شَرَائِطَ الْوَقْفِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْوَقْفِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكٌ قَالُوا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْوَقْفِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِحْقَاقِ الْمِلْكِ وَلَيْسَ بِتَحْرِيرٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ وَقْفٍ وَمِلْكٍ وَبَاعَهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً جَازَ بَيْعُ الْمِلْكِ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَبَاعَهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَبْدِ دَلَّ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْوَقْفِ بِمَنْزِلَةِ الْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ وَفِي الْمِلْكِ الْقَضَاءُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يَلْتَقِي الْمِلْكَ مِنْهُ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْغَيْرِ فَكَذَلِكَ فِي الْوَقْفِ. اهـ.

ذَكَرَهُ فِي بَابِ مَا يُبْطِلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَعَزَاهُ فِي الْخُلَاصَةِ إلَى الْفَتَاوَى الصُّغْرَى ثُمَّ قَالَ بِخِلَافِ الْعَبْدِ إذَا ادَّعَى الْعِتْقَ عَلَى إنْسَانٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْعِتْقِ ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْعِتْقِ قَضَاءٌ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ لَمْ نَرَ لِهَذَا رِوَايَةً لَكِنْ سَمِعْت أَنَّ فَتْوَى السَّيِّدِ الْإِمَامِ أَبِي شُجَاعٍ عَلَى هَذَا وَفِي فَوَائِدِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ وَرُكْنِ الْإِسْلَامِ عَلِيٍّ السَّعْدِيِّ أَنَّ الْوَقْفَ كَالْعِتْقِ فِي عَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالْوَقْفِيَّةِ لِأَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَمَا صَحَّ بِشَرَائِطِهِ لَا يَبْطُلُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ وَهَكَذَا فِي النَّوَازِلِ. اهـ.

وَذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَهَلْ يُقَدَّمُ الْخَارِجُ عَلَى ذِي الْيَدِ وَلَا تَرْجِيحَ لِلْوَقْفِ عَلَى الْمِلْكِ أَوْ لَا قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَمُتَوَلٍّ ذُو يَدٍ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى الْوَقْفِ فَبَرْهَنَ الْخَارِجُ عَلَى الْمِلْكِ يُحْكَمُ بِالْمِلْكِ لِلْخَارِجِ فَلَوْ بَرْهَنَ الْمُتَوَلِّي بَعْدَهُ عَلَى الْوَقْفِ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ مَعَ مَنْ يَدَّعِي تَلَقِّيَ الْوَقْفِ مِنْ جِهَتِهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى الْوَقْفِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى الْمِلْكِ كَمَنْ ادَّعَى قِنًّا وَقَالَ ذُو الْيَدِ هُوَ مِلْكِي وَحَرَّرْته فَإِنَّهُ يَقْضِي بِبَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ وِفَاقًا بِقَوْلِهِمَا يُفْتَى. اهـ.

فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ تَقْدِيمُ الْخَارِجِ وَفِيهِ

ــ

[منحة الخالق]

فَيُرْفَعُ الْخِلَافُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَا لِصِحَّةِ الدَّعْوَى إلَخْ) يَقُولُ الْفَقِيرُ مُجَرِّدُ هَذِهِ الْحَوَاشِيَ: رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ عَلَى هَامِشِ الْبَحْرِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَا نَصُّهُ أَقُول نَعَمْ ذَكَرَ هَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى الثَّانِيَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ قَالَ وَفِي الْمُلْتَقِطِ بَاعَ أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا وَفِي الذَّخِيرَةِ أَوْ كَانَ وَقْفًا عَلَيَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ لَا يَحْلِفُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى لِلتَّنَاقُضِ وَإِنْ بَرْهَنَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يُقْبَلُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الدَّعْوَى فِي الْوَقْفِ كَمَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْجَوَابَ عَلَى إطْلَاقِهِ غَيْرُ مَرْضِيٍّ فَإِنَّ الْوَقْفَ لَوْ كَانَ حَقَّ اللَّهِ فَالْجَوَابُ مَا قَالَهُ وَإِنْ حَقَّ الْعَبْدِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدَّعْوَى. اهـ.

كَلَامُ الْبَزَّازِيِّ فِي الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى وَلْيُفْتَ بِالصَّحِيحِ وَهُوَ التَّفْصِيلُ كَمَا عَلِمْتَ لَا مَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَقَدْ تَبِعَ صَاحِبَ الْبَحْرِ أَخُوهُ صَاحِبُ النَّهْرِ فَذَكَرَ مَا قَالَهُ الْبَزَّازِيُّ فِي الْوَقْفِ وَعَلِمْت أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّحِيحَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فَلْيُتَأَمَّلْ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِ شَيْخِنَا الْمَرْحُومِ عَبْدِ الْحَيِّ. اهـ.

مَا رَأَيْتُهُ فِي الْهَامِشِ وَقَدْ أَوْضَحَ الْمَقَامَ سَيِّدِي الْمُحَشِّي فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَفِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى يَصِحُّ الْقَضَاءُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا فِي الْوَقْفِ الْمُتَمَحِّضِ لِلَّهِ تَعَالَى كَالْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسْجِدِ أَمَّا فِي الْوَقْفِ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ لَا تُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَكَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ عُلَمَائِنَا وَقِيلَ تُسْمَعُ بِدُونِهَا لِأَنَّ آخِرَهُ لِجِهَةِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ طَوِيلٌ ذَكَرَهُ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ بِحُكْمِ الْمُحَكَّمِ لَا يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ) فِي الْجَوْهَرَةِ أَمَّا الْمُحَكَّمُ فَفِيهِ خِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ اهـ.

لَكِنَّ الَّذِي فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ هُوَ الْأَوَّلُ وَفِي الْإِسْعَافِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَضَاءِ الْمُحَكَّمِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ مُجْتَهِدًا يَرَى لُزُومَ الْوَقْفِ فَأَمْضَى رَأْيَهُ فِيهِ وَعَزَمَ عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ أَوْ مُقَلِّدًا فَسَأَلَ فَأُفْتَى بِالْجِوَازِ فَقَبِلَهُ وَعَزَمَ عَلَى ذَلِكَ الْوَقْفِ وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهِ وَإِنْ تَبَدَّلَ رَأْيُ الْمُجْتَهِدِ وَأَفْتَى الْمُقَلِّدَ بِعَدَمِ اللُّزُومِ بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ.

فَهَذَا مِمَّا يُزَادُ عَلَى مَا يَلْزَمُ بِهِ الْوَقْفُ فَلْيُنْتَبَهْ لَهُ لَكِنْ قَالَ فِي النَّهْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ لَهُ الظَّاهِرُ ضَعْفُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>