للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ بَعْضُهُمْ يُبَاحُ لِلْقَوْمِ أَنْ يُفْطِرُوا بِهَذَا التُّفَّاحِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ وَقْفًا لِلْمَسْجِدِ يُصْرَفُ إلَى عِمَارَتِهِ شَجَرَةٌ عَلَى طَرِيقِ الْمَارَّةِ جُعِلَتْ وَقْفًا عَلَى الْمَارَّةِ يُبَاحُ تَنَاوُلُ ثَمَرِهَا لِلْمَارَّةِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ وَلَوْ كَانَتْ الثِّمَارُ عَلَى أَشْجَارِ رِبَاطِ الْمَارَّةِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ النِّزَالُ فِي سَعَةٍ مِنْ تَنَاوُلِهَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ غَارِسَهَا جَعَلَهَا لِلْفُقَرَاءِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ مِنْ سَاكِنِي الرِّبَاطِ فَالْأَحْوَطُ لَهُ أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ تَنَاوُلِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ ثِمَارًا لَا قِيمَةَ لَهَا كَالتُّوتِ. اهـ.

وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ هِيَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لِلدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْأَشْجَارِ هَلْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثِمَارِهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ شَرْطَ الْوَاقِفِ فِيهَا وَفِي الْحَاوِي وَمَا غُرِسَ فِي الْمَسَاجِدِ مِنْ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ إنْ غُرِسَ لِلسَّبِيلِ وَهُوَ الْوَقْفُ عَلَى الْعَامَّةِ كَانَ لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَإِنْ غُرِسَ لِلْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَّا إلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ كَسَائِرِ الْوَقْفِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ غَرَضَ الْغَارِسِ. اهـ.

وَمُقْتَضَاهُ فِي الْبَيْتِ الْمَوْقُوفِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ الشَّرْطَ أَنْ يَأْخُذَهَا الْمُتَوَلِّي لِيَبِيعَهَا وَيَصْرِفَهَا فِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَكْلُ مِنْهَا وَفِي الْقَنِيَّةِ يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ غَرْسُ الْأَشْجَارِ وَالْكُرُومِ فِي الْأَرَاضِيِ الْمَوْقُوفَةِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْأَرْضِ بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّي دُونَ حَفْرِ الْحِيَاضِ وَإِنَّمَا يَحِلُّ لِلْمُتَوَلِّي الْإِذْنُ فِيمَا يَزِيدُ الْوَقْفُ بِهِ خَيْرًا قَالَ مُصَنِّفُهَا قُلْتُ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَقُّ قَرَارِ الْعِمَارَةِ فِيهَا أَمَّا إذَا كَانَ لَا يُحَرَّمُ الْحَفْرُ وَالْغَرْسُ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِهَا. اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ عَنْ شَجَرَةِ وَقْفٍ يَبِسَ بَعْضُهَا وَبَقِيَ بَعْضُهَا فَقَالَ مَا يَبِسَ مِنْهَا فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ غَلَّتِهَا وَمَا بَقِيَ مَتْرُوكٌ عَلَى حَالِهَا. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَالَ الْفَضْلِيُّ وَبَيْعُ الْأَشْجَارِ الْمَوْقُوفَةِ مَعَ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ قَبْلَ الْقَلْعِ كَبَيْعِ الْأَرْضِ وَقَالَ أَيْضًا إنْ لَمْ تَكُنْ مُثْمِرَةً يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ الْقَلْعِ أَيْضًا لِأَنَّهُ غَلَّتُهَا وَالْمُثْمِرَةُ لَا تُبَاعُ إلَّا بَعْدَ الْقَلْعِ كَبِنَاءِ الْوَقْفِ اهـ.

قَوْلُهُ (وَلَا يُمْلَكُ الْوَقْفُ) بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ كَمَا نَقَلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «تَصَدَّقْ بِأَصْلِهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ» وَلِأَنَّهُ بِاللُّزُومِ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ وَبِلَا مِلْكٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْبَيْعِ أَفَادَ بِمَنْعِ تَمْلِيكِهِ وَتَمَلُّكِهِ مَنْعُ رَهْنِهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي رَهْنُهُ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ الْمُتَوَلِّي إذَا رَهَنَ أَرْضَ الْوَقْفِ بِدَيْنٍ لَا يَصِحُّ وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْجَمَاعَةِ إذَا رَهَنُوا فَإِنْ سَكَنَ الْمُرْتَهِنُ الدَّارَ قَالَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ لَمْ تَكُنْ نَظَرًا لِلْوَقْفِ وَكَذَلِكَ مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا بَاعَ مَنْزِلًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمَسْجِدِ فَسَكَنَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ عُزِلَ هَذَا الْمُتَوَلِّي وَوُلِّيَ غَيْرُهُ فَادَّعَى الثَّانِي الْمَنْزِلَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَبْطَلَ الْقَاضِي بَيْعَ الْمُتَوَلِّي وَسَلَّمَ الدَّارَ إلَى الْمُتَوَلِّي الثَّانِي فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَجْرُ الْمِثْلِ. اهـ.

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ الْمُتَوَلِّيَ أَوْ غَيْرَهُ بَلْ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّي بِالْأَوْلَى وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ سَكَنَ بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ مُرَاعَاةً لِلْوَقْفِ وَفِي الْقُنْيَةِ سَكَنَهَا ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ لِصَغِيرٍ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ وَفِي الْمُحِيطِ فَإِنْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ فَالْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْبَائِعَ

ــ

[منحة الخالق]

الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ فَالشَّجَرَةُ وَقْفٌ وَإِلَّا فَهِيَ لَهُ وَلَهُ رَفْعُهَا (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَاهُ فِي الْبَيْتِ الْمَوْقُوفِ إلَى قَوْلِهِ لِيَبِيعَهَا) أَيْ لِيَبِيعَ الْأَثْمَارَ لَا الْأَشْجَارَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ غَرَضَ الْغَارِسِ وَقْفُهَا وَسَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ شَجَرَةُ وَقْفٍ فِي دَارِ وَقْفٍ خَرِبَتْ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَبِيعَ الشَّجَرَةَ وَيُعَمِّرَ الدَّارَ وَلَكِنْ يُكْرِي الدَّارَ وَيَسْتَعِينُ بِالْكِرَاءِ عَلَى عِمَارَةِ الدَّارِ لَا بِالشَّجَرَةِ اهـ.

وَهَذَا مَعَ خَرَابِ الدَّارِ فَكَيْفَ يَجُوزُ بَيْعُهَا مَعَ عِمَارَتِهَا ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدْفَعُهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ مُعَامَلَةً قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ كَانَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ شَجَرٌ فَدَفَعَهُ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ مَثَلًا جَازَ اهـ. فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَسَكَنَهَا الْمُشْتَرِي) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ لَعَلَّهُ اتِّفَاقِيٌّ بَلْ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ كَافٍ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ) وَنَصُّهُ سم مح سَكَنَ الدَّارَ سِنِينَ يَدَّعِي الْمِلْكَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لِلْوَقْفِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى اهـ.

قَالَ الرَّمْلِيُّ مَا فِي الْقُنْيَةِ مَذْهَبُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَوُجُوبُ الْأُجْرَةِ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْعَافِ وَصَاحِبُ الْقُنْيَةِ نَقَلَ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا مَرَّ) الْإِشَارَةُ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فِي الْعِبَارَةِ الَّتِي نَقَلْنَاهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ إلَخْ) فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَارًا وَقْفًا مِنْ مُؤَجِّرٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ أَنَّهُ هَدَمَهَا بِيَدِهِ الْعَادِيَةِ وَغَيَّرَ مَعَالِمَهَا وَجَعَلَهَا طَاحُونًا أَوْ فُرْنًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ هَدْمُ مَا بَنَاهُ وَإِعَادَةُ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ كَمَا كَانَتْ أَوْ لَا أَجَابَ يَنْظُرُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَا غَيَّرَهَا إلَيْهِ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَأَكْثَرَ رِيعًا أَخَذَ مِنْهُ الْأُجْرَةَ وَبَقِيَ مَا عَمَّرَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي الْعِمَارَةِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَا أَكْثَرَ رِيعًا أُلْزِمَ بِهَدْمِ مَا صَنَعَ وَإِعَادَةِ الْوَقْفِ إلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>