للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَعُودُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ لِعَدَمِ اسْتِثْنَائِهِمْ شَيْئًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُمْلَكُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يُمْلَكُ وَلَا يُبَاعُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَقْفِيَّةَ لَا تَبْطُلُ بِالْخَرَابِ وَلَا تَعُودُ إلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَوَارِثِهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُرْسَلًا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ شَرْطُ الِاسْتِبْدَالِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَسْتَبْدِلَ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَرْضَ الْوَقْفِ سَبْخَةً لَا يُنْتَفَعُ بِهَا لِأَنَّ سَبِيلَ الْوَقْفِ أَنْ يَكُونَ مُؤَبَّدًا لَا يُبَاعُ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الِاسْتِبْدَالِ بِالشَّرْطِ وَبِدُونِ الشَّرْطِ لَا تَثْبُتُ فَهُوَ كَالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ عَنْ شَرْطِ الْخِيَارِ لَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ وَإِنْ لَحِقَهُ فِي ذَلِكَ غَبْنٌ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْمَسْجِدِ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ خَرَابًا فَأَمَّا بَيْعُ النَّقْضِ فَيَصِحُّ وَنَقَلَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي وَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ مَكَانَهُ آخَرَ وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ بِثَمَنِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ لِلْمَسْجِدِ لَا يُبَاعُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا ضَعُفَتْ الْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ عَنْ الِاسْتِغْلَالِ وَالْقَيِّمُ يَجِدُ بِثَمَنِهَا أُخْرَى هِيَ أَكْثَرُ رِيعًا كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا مَا هُوَ أَكْثَرُ رِيعًا وَفِي الْفَتَاوَى قَيِّمُ وَقْفٍ خَافَ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ مِنْ وَارِثٍ يَغْلِبُ عَلَى أَرْضِ وَقْفٍ يَبِيعُهَا وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا وَكَذَا كُلُّ قَيِّمٍ إذَا خَافَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَبِيعُ وَمَا يُوَافِقُ هَذَا مَا رَوَى الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ فِي بَابَيْ الْأَسِيرِ فِي الدَّفْتَرِ الثَّانِي ذَكَرَ مَسْأَلَةً ثُمَّ قَالَ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ خَطَأُ مَنْ يُجَوِّزُ اسْتِبْدَالَ الْوَقْفِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ كَانَ يُفْتِي بِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ ثُمَّ رَجَعَ اهـ.

مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يُجَوِّزُ الِاسْتِبْدَالَ فِي الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ إذَا ضَعُفَتْ الْأَرْضُ مِنْ الرِّيعِ وَنَحْنُ لَا نُفْتِي بِهِ وَقَدْ شَاهَدْنَا فِي الِاسْتِبْدَالِ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصَى فَإِنَّ ظَلَمَةَ الْقُضَاةِ جَعَلُوهُ حِيلَةً إلَى إبْطَالِ أَكْثَرِ أَوْقَافِ الْمُسْلِمِينَ وَفَعَلُوا مَا فَعَلُوا. اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ سُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ إذَا تَعَطَّلَتْ وَتَعَذَّرَ اسْتِغْلَالُهَا هَلْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ مَكَانَهَا أُخْرَى قَالَ نَعَمْ قِيلَ إنْ لَمْ تَتَعَطَّلْ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ بِثَمَنِهَا مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا هَلْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا قَالَ لَا وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ بَيْعَهُ تَعَطَّلَ أَوْ لَمْ يَتَعَطَّلْ وَكَذَا لَمْ يُجَوِّزْ الِاسْتِبْدَالَ بِالْوَقْفِ وَهَكَذَا فَتْوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ مُحَمَّدٍ فِي فَصْلِ الْعِمَارَةِ إذَا ضَعُفَتْ الْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ عَنْ الِاسْتِغْلَالِ وَالْقَيِّمُ يَجِدُ بِثَمَنِهَا أَرْضًا أُخْرَى أَكْثَرَ رِيعًا لَهُ أَنْ يَبِيعَ هَذِهِ الْأَرْضَ وَيَشْتَرِيَ وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ هِشَامٌ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ الْوَقْفُ إذَا صَارَ بِحَيْثُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَسَاكِينُ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِلْقَاضِي وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مَسْأَلَةً تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ بِالْوَقْفِ وَصُورَتُهَا الْكُفَّارُ إذَا اسْتَوْلَوْا عَلَى بَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ وَقَسَمُوهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَأَصَابَ رَجُلٌ مِنْ الْغَانِمِينَ أَرْضًا فَجَعَلَهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلْمَسَاكِينِ وَدُفَعه اإلَى قَيِّمٍ يَقُومُ عَلَيْهَا ثُمَّ حَضَرَ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا قَالُوا وَهَذَا لِأَنَّهُ زَالَ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ فَلَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ حَقُّ الْمِلْكِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْوَقْفُ بَاطِلٌ حَتَّى كَانَ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَبِيعَ الْوَقْفَ حَالَ حَيَاتِهِ فَإِذَا مَاتَ يَصِيرُ مِيرَاثًا عَنْهُ فَكَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ حَقُّ الْأَخْذِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ خَاصَّةً فَإِنَّ اتِّخَاذَ الْمَسْجِدِ عِنْدَهُ صَحِيحٌ وَيَزُولُ عَنْ مُلَيْكَةِ مُتَّخَذِهِ فَلَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ حَقُّ الْأَخْذِ فِيهِ. اهـ.

وَأَمَّا مَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا حَانُوتٌ احْتَرَقَ فِي السُّوقِ وَصَارَ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا يُسْتَأْجَرُ أَلْبَتَّةَ وَحَوْضُ مَحَلَّةٍ خَرِبَ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُ عِمَارَتُهُ فَهُوَ لِلْوَاقِفِ وَلِوَرَثَتِهِ فَإِنْ كَانَ وَاقِفُهُ وَوَرَثَتُهُ لَا تُعْرَفُ فَهُوَ لُقَطَةٌ زَادَ فِي فَتَاوَى الْخَاصِّيِّ إذَا كَانَ كَاللُّقَطَةِ يَتَصَدَّقُونَ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ يَبِيعُهُ الْفَقِيرُ

ــ

[منحة الخالق]

بِخِلَافِ مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَا تَنْسَ مَا قَدَّمَهُ بِأَسْطُرٍ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ بِنَقْلِ الذَّخِيرَةِ حِينَ سُئِلَ عَنْ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ إذَا تَعَطَّلَتْ هَلْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ مَكَانَهَا أُخْرَى قَالَ نَعَمْ وَلَا قَوْلُهُمْ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَلَا اتِّفَاقُ الْمَشَايِخِ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَنْصِبُوا مُتَوَلِّيًا وَلَا يُعْلِمُوا الْقَاضِيَ فِي زَمَانِنَا لِمَا عُلِمَ مِنْ طَمَعِ الْقُضَاةِ فِي أُمُورِ الْأَوْقَافِ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مَسْأَلَةً إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَجِبُ تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ اسْتِيلَاءُ الْكُفَّارِ يُوجِبُ مِلْكَهُمْ عَلَى الْبَلْدَةِ بِأَنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِدَارِهِمْ أَمَّا إذَا كَانَتْ بَيْنَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَمْلِكُونَهَا بِذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ لِلْمُقَاتِلِينَ قِسْمَتُهَا بَيْنَهُمْ فَيَبْطُلُ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَيَأْخُذُهَا مَالِكُهَا وَلَوْ اُتُّخِذَتْ مَسْجِدًا وَصَارَ كَمَا لَوْ غَصَبَ أَرْضَ الْغَيْرِ وَاتَّخَذَهَا مَسْجِدًا تَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>