للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِمَارَةَ فِي الْوَقْفِ فَإِنَّهُ تُقَدَّمُ الْعِمَارَةُ عَلَى صَاحِبِ الْغَلَّةِ إلَّا إذَا جُعِلَتْ غَلَّتُهَا لِفُلَانٍ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ ثُمَّ بَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ شَرَطَ الْعِمَارَةَ مِنْ الْغَلَّةِ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ الْعِمَارَةَ عَنْ حَقِّ صَاحِبِ الْغَلَّةِ لِأَنَّا لَوْ صَرَفْنَا الْغَلَّةَ إلَى الْعِمَارَةِ أَوَّلًا أَدَّى إلَى إبْطَالِ حَقِّ صَاحِبِ الْغَلَّةِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْغَلَّةِ فِي مُدَّةٍ مَخْصُوصَةٍ فَتَنْتَهِي بِمُضِيِّهَا وَلَوْ صَرَفْنَاهَا إلَيْهِ أَوَّلًا لَا يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِ عِمَارَةِ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ عِمَارَتُهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا إذَا كَانَ فِي تَأْخِيرِ الْعِمَارَةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ بِالْوَقْفِ فَحِينَئِذٍ تُقَدَّمُ الْعِمَارَةُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى إبْطَالِ مَقْصُودِ الْوَاقِفِ. اهـ.

وَقَيَّدَ بِالسَّنَتَيْنِ لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَأَمَّا الْمَشْرُوطُ لَهُ الْغَلَّةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ يُؤْخَذُ بِالْعِمَارَةِ اهـ.

السَّادِسَةُ فِي بَيَانِ مَنْ يُقَدَّمُ مَعَ الْعِمَارَةِ وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالشَّعَائِرِ وَلَمْ أَرَهُ إلَّا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ قَالَ وَاَلَّذِي يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ الْوَقْفِ عِمَارَتُهُ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَوْ لَا ثُمَّ مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ وَأَعَمُّ

لِلْمَصْلَحَةِ

كَالْإِمَامِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُدَرِّسِ لِلْمَدْرَسَةِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ إلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِمْ ثُمَّ السِّرَاجُ وَالْبِسَاطُ كَذَلِكَ إلَى آخِرِ الْمَصَالِحِ. اهـ.

وَظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْإِمَامِ وَالْمُدَرِّسِ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْتَحِقِّينَ بِلَا شَرْطٍ وَالتَّسْوِيَةُ بِالْعِمَارَةِ

ــ

[منحة الخالق]

يَكُنْ فِي تَرْكِ تَعْمِيرِ الْوَقْفِ هَلَاكُ الْوَقْفِ يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُ الْخَصَّافِ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيلِ لِلْحُكْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِمَارَةِ سَنَةً لَيْسَ مِمَّا يُخْرِجُ الْوَقْفَ عَنْ حَالِهِ

(قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَهُ إلَّا فِي الْحَاوِي) فِيهِ أَنَّهُ قَدَّمَ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ الْفَتْحِ بَيَانَ ذَلِكَ وَمُفَادُهُ مُسَاوَاةُ مَنْ خِيفَ بِقَطْعِهِ الضَّرَرُ لِلتَّعْمِيرِ (قَوْلُهُ إلَى آخِرِ الْمَصَالِحِ) تَمَامُ عِبَارَةِ الْحَاوِي هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مُعَيَّنًا عَلَى شَيْءٍ يُصْرَفُ إلَيْهِ بَعْدَ عِمَارَةِ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْإِمَامِ وَالْمُدَرِّسِ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْتَحِقِّينَ بِلَا شَرْطٍ) أَيْ بِلَا شَرْطٍ مِنْ الْوَاقِفِ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْمُدَرِّسَ يُقَدَّمَانِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ كَلَامَ الْحَاوِي فِيهِ حَيْثُ قَالَ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ وَالتَّسْوِيَةُ بِالْعِمَارَةِ تَقْتَضِي تَقْدِيمَهَا إلَخْ) الْمُرَادُ بِالتَّسْوِيَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ قَوْلِهِ مَا هُوَ أَقْرَبُ لِلْعِمَارَةِ مَعَ أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ بِثُمَّ الْمُفِيدَةِ لِلتَّرْتِيبِ لَكِنْ مَا قَرُبَ مِنْ الشَّيْءِ يُعْطَى حُكْمَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالتَّسْوِيَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ السَّابِقِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْدِيمِ مَنْ ذُكِرَ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ قَالَ فِي النَّهْرِ نَازَعَهُ فِيهِ بَعْضُ الْمَوَالِي بِقَوْلِ الْحَاوِي هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا. اهـ.

وَعَلَى مَا قُلْنَا مِنْ احْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ التَّسْوِيَةُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ تَنْدَفِعُ الْمُنَازَعَةُ تَأَمَّلْ يَقُولُ الْفَقِيرُ جَامِعُ هَذِهِ الْحَوَاشِي رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا الْمُحَشِّي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَا نَصُّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى وَبَعْدُ فَقَدْ رُفِعَ لِعُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ سُؤَالٌ عَلَى لِسَانِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَالْمَقَامَيْنِ الْمُنِيفَيْنِ وَهُوَ مَا يُفِيدُ مَوَالِينَا مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ أَدَامَ اللَّهَ تَعَالَى الِانْقِيَادَ إلَيْهِمْ وَالِاسْتِسْلَامَ فِي وَاقِفٍ شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ خَطِيبًا وَإِمَامًا وَمُؤَذِّنِينَ وَبَوَّابِينَ وَخَدَمَةً وَمُدَرِّسِينَ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَطَلَبَةً وَقُرَّاءَ وَغَيْرَ ذَلِكَ ثُمَّ شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ إذَا ضَاقَ رِيعُ الْوَقْفِ عَنْ الْمَصَارِفِ قُدِّمَ مَا هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَالْحَالُ أَنَّ الْوَاقِفَ عَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورِينَ قَدْرًا مُعَيَّنًا وَشَرَطَ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ قَدْرًا مُعَيَّنًا فَهَلْ إذَا ضَاقَ رِيعُ الْوَقْفِ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ تُقَدَّمُ جِهَةُ الْحَرَمَيْنِ بِمَا شُرِطَ لَهُمْ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ أَوْ يُلْغَى هَذَا الشَّرْطُ وَيُسَوَّى فِي هَذَا الْوَقْفِ بَيْنَ جَمِيعِ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِمْ أَمْ تُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ بِمَا شَرَطَ لَهُمْ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْحَرَمَيْنِ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ آمِينَ فَكَتَبَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا قَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ بِمَا لَفْظُهُ الَّذِي يُبْدَأُ بِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ الْوَقْفِ عِمَارَتُهُ شُرِطَ أَوْ لَا ثُمَّ مَا هُوَ أَقْرَبُ لِلْعِمَارَةِ وَأَعَمُّ لِلْمَصْلَحَةِ كَالْإِمَامِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُدَرِّسِ لِلْمُدَرِّسَةِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ قَدْرُ كِفَايَتِهِمْ ثُمَّ السِّرَاجُ وَالْبِسَاطُ كَذَلِكَ اهـ.

قَالَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ الْإِمَامُ وَالْمُدَرِّسُ وَالْوَقَّادُ وَالْفَرَّاشُ وَمَنْ كَانَ بِمَعْنَاهُمْ لِتَعْبِيرِهِ بِالْكَافِ وَظَاهِرُهَا يُفِيدُ أَيْضًا تَقْدِيمَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ لَا جَعْلُهُمْ كَالْعِمَارَةِ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ اسْتِوَاءَ الْعِمَارَةِ بِالْمُسْتَحَقِّينَ لَمْ يُعْتَبَرْ شَرْطُهُ وَإِنَّمَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ فَكَذَا هُمْ. اهـ.

مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَعَلَى مُقْتَضَى مَا أَفَادَهُ مِنْ أَنَّ عِبَارَةَ الْحَاوِي تُفِيدُ أَنَّ أَرْبَابَ الشَّعَائِرِ يُقَدَّمُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ تُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ فِي هَذَا الْوَقْفِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ فِي حَالَةِ شَرْطِ اسْتِوَاءِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ بِغَيْرِهِمْ لَا تُحْرَمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ بِالْكُلِّيَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ أُلْغِيَ شَرْطُ الِاسْتِوَاءِ فَإِلْغَاؤُهُ فِي حَالَةٍ قَدْ يُحْرَمُونَ فِيهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَهِيَ حَالَةُ شَرْطِ تَقْدِيمِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ عَلَيْهِمْ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَفْضُلَ شَيْءٌ لِأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَيْهِمْ بِالْأَوْلَى ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَحَاصِلُ تَوَقُّفِهِ أَنَّهُ قَالَ لَا نُسَلِّمُ أَوَّلًا أَنْ يُقَاسَ حُكْمُ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى حُكْمِ الْعِمَارَةِ لِأَنَّ انْتِظَامَ مَصَالِحِ الْوَقْفِ بِإِقَامَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>