غَلَّةَ الْمُدَرِّسِ فِي الْمَدْرَسَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ يُدَرِّسُ بَعْضَ الْأَيَّامِ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَبَعْضَهَا فِي الْأُخْرَى لَا يَسْتَحِقُّ غَلَّتَهُمَا بِتَمَامِهَا وَحُكْمُ الْمُتَعَلِّمِ وَالْمُدَرِّسِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ سَوَاءٌ. اهـ.
وَاسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَسْتَحِقُّ غَلَّتَهُمَا بِتَمَامِهَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فِي أَصْحَابِ الْوَظَائِفِ فِي زَمَانِنَا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لَهُ وَعَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ وَيُقْسَمُ الْمَشْرُوطُ عَلَى عَمَلِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّهُ يَقُولُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَشْرُوطَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْمَشْرُوطِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ وَقَوْلُهُ ثُمَّ السِّرَاجُ بِكَسْرِ السِّين أَيْ الْقَنَادِيلُ وَمُرَادُهُ مَعَ زَيْتِهَا وَالْبِسَاطُ بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ الْحَصِيرُ وَيُلْحَقُ بِهِمَا مَعْلُومُ خَادِمِهَا وَهُوَ الْوَقَّادُ وَالْفَرَّاشُ فَيُقَدَّمَانِ وَتَعْبِيرُهُ بِثُمَّ دُونَ الْوَاوِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا مُؤَخَّرَانِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْمُدَرِّسِ وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ اشْتَرَى بِسَاطًا نَفِيسًا مِنْ غَلَّتِهِ جَازَ إذَا اسْتَغْنَى الْمَسْجِدُ عَنْ الْعِمَارَةِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ إلَى آخِرِ الْمَصَالِحِ أَيْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ فَيَدْخُلُ الْمُؤَذِّنُ وَالنَّاظِرُ لِأَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّهُمْ مِنْ الْمَصَالِحِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْخَطِيبَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ إمَامُ الْجَامِعِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الشَّعَائِرَ الَّتِي تُقَدَّمُ فِي الصَّرْفِ مُطْلَقًا بَعْدَ الْعِمَارَةِ الْإِمَامُ وَالْخَطِيبُ وَالْمُدَرِّسُ وَالْوَقَّادُ وَالْفَرَّاشُ وَالْمُؤَذِّنُ وَالنَّاظِرُ وَثَمَنُ الْقَنَادِيلِ وَالزَّيْتِ وَالْحُصْرِ وَيَلْحَقُ بِثَمَنِ الزَّيْتِ وَالْحُصْرِ ثَمَنُ مَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ أُجْرَةُ حَمْلِهِ أَوْ كُلْفَةُ نَقْلِهِ مِنْ الْبِئْرِ إلَى الْمِيضَأَةِ فَلَيْسَ الْمُبَاشِرُ وَالشَّاهِدُ وَالْجَابِي وَالشَّادُّ وَخَازِنُ الْكُتُبِ مِنْ الشَّعَائِرِ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِمِصْرَ فِي دِيوَانِ الْمُحَاسَبَةِ بِتَقْدِيمِهِمْ مَعَ الْمَذْكُورِينَ أَوَّلًا وَلَيْسَ شَرْعِيًّا وَيَقَعُ الِاشْتِبَاهُ فِي الْبَوَّابِ والمزملاتي وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ جَعَلَ حُجْرَتَهُ لِدُهْنِ سِرَاجِ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَزِدْ صَارَتْ وَقْفًا عَلَى الْمَسْجِدِ إذَا سَلَّمَهَا إلَى الْمُتَوَلِّي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَصْرِفَ الْغَلَّةَ إلَى غَيْرِ الدُّهْنِ اهـ.
فَعَلَى هَذَا الْمَوْقُوفُ عَلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ لَا يُصْرَفُ لِغَيْرِهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَعْمَالِ الْبِرِّ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْرَجَ الْمَسْجِدُ مِنْهُ قَالَ الْفَقِيه أَبُو بَكْرٍ يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ عَلَى سِرَاجِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ ذَلِكَ إسْرَافٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يُزَيِّنُ الْمَسْجِدَ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ. اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ مَنْعُ الْكَثْرَةِ الْوَاقِعَةِ فِي رَمَضَانَ فِي مَسَاجِدِ الْقَاهِرَةِ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ لِأَنَّ شَرْطَهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَفِي الْقُنْيَةِ وَإِسْرَاجُ السُّرُجِ الْكَثِيرَةِ فِي السِّكَكِ وَالْأَسْوَاقِ لَيْلَةَ الْبَرَاءَةِ بِدْعَةٌ وَكَذَا فِي الْمَسَاجِدِ وَيَضْمَنُ الْقَيِّمُ وَكَذَا يَضْمَنُ إذَا أَسْرَفَ فِي السُّرُجِ فِي رَمَضَانَ وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَيَجُوزُ الْإِسْرَاجُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فِي السِّكَّةِ أَوْ السُّوقِ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ شَمْعًا فِي رَمَضَانَ يَضْمَنُ قُلْتُ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ أَنْ يُنْفَقَ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ جَازَ وَيُنْفَقُ فِي سِرَاجِهِ وَنَحْوِهِ قَالَ هِشَامٌ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ عَلَى قَنَادِيلِهِ وَسُرُجِهِ وَالنَّفْطِ وَالزَّيْتِ اهـ.
السَّابِعَةُ إذَا احْتَاجَ الْوَقْفُ إلَى الْعِمَارَةِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ غَلَّةٌ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْقَرْضُ إلَّا بِرِبْحٍ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ رَامِزًا لِيُوسُفَ التَّرْجُمَانِيِّ الصَّغِيرِ قَالَ الْبُصَرَاءُ لِلْقَيِّمِ إنْ لَمْ تَهْدِمْ الْمَسْجِدَ الْعَامَّ يَكُونُ ضَرَرُهُ فِي الْقَابِلِ أَعْظَمَ فَلَهُ هَدْمُهُ وَإِنْ خَالَفَهُ بَعْضُ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ وَلَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ إذَا أَمْكَنَهُ الْعِمَارَةُ فَلَوْ هَدَمَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ غَلَّةٌ لِلْعِمَارَةِ فِي الْحَالِ فَاسْتَقْرَضَ الْعَشَرَةَ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ فِي السَّنَةِ وَاشْتَرَى مِنْ الْمُقْرِضِ شَيْئًا يَسِيرًا بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ يَرْجِعُ فِي غَلَّتِهِ بِالْعَشَرَةِ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ اهـ.
وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ مِنْ أَنَّهُ
ــ
[منحة الخالق]
تَدْرِيسٌ إذَا غَابَ مُدَرِّسُهُ لَمْ يُقْطَعْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ جَامِعًا وَيَتَعَطَّلُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَدْرَسَةً فَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالشَّادُّ) قِيلَ هُوَ الدَّعْجِيُّ قُلْتُ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي الْقَامُوسِ الْإِشَادَةُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالشَّيْءِ وَتَعْرِيفُ الضَّالَّةِ وَالْإِهْلَالُ وَالشِّيَادُ الدُّعَاءُ بِالْإِبِلِ وَدَلْكُ الطِّيبِ بِالْجِلْدِ (قَوْلُهُ وَيَقَعُ الِاشْتِبَاهُ فِي الْبَوَّابِ والمزملاتي) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى الْمُزَمِّلَاتِيُّ هُوَ الشَّاوِي بِعُرْفِ أَهْلِ الشَّامِ وَذَكَرَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ أَنَّ ظُهُورَ شُمُولِ تَقْدِيمِ الْبَوَّابِ والمزملاتي وَخَادِمِ الْمَطْهَرَةِ مِمَّا لَا يُتَرَدَّدُ فِيهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَصْرِفَ الْغَلَّةَ إلَى غَيْرِ الدُّهْنِ) سَيَأْتِي لِهَذَا زِيَادَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ (قَوْلُهُ قَالَ هِشَامٌ إلَخْ) فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ أَرَادَ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ دُهْنًا أَوْ حُصْرًا أَوْ آجُرًّا أَوْ حَصًى لِيُفْرَشَ فِيهِ يَجُوزُ إنْ وَسَّعَ الْوَاقِفُ فِي ذَلِكَ لِلْقَيِّمِ بِأَنْ قَالَ يَفْعَلُ مَا يَرَاهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يُوَسِّعْ بَلْ وَقَفَهُ لِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَعِمَارَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعِمَارَةِ وَالْبِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ شَرْطُهُ فِي ذَلِكَ يَنْظُرْ هَذَا الْقَيِّمُ إلَى مَنْ كَانَ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ يَشْتَرِي مِنْ الْغَلَّةِ مَا ذَكَرْنَا جَازَ لَهُ الشِّرَاءُ وَإِلَّا فَلَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَيَبِيعَهُ وَيَصْرِفَهُ عَلَى الْعِمَارَةِ وَيَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى الْوَقْفِ الْجَوَابُ نَعَمْ كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ. اهـ.
أَقُولُ: بَيْنَهُمَا مَا يُشْبِهُ الْمُخَالَفَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَمْ يَلْزَمْ الْأَجَلُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَرْضِ بَقِيَ مُجَرَّدُ شِرَاءِ الْيَسِيرِ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ فَتَمَحَّضَ ضَرَرًا عَلَى الْوَقْفِ فَلَمْ تَلْزَمْهُ الزِّيَادَةُ فَكَانَتْ عَلَى الْقَيِّمِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ شِرَاءِ الْمَتَاعِ وَبَيْعِهِ لِلُزُومِ الْأَجَلِ فِي جُمْلَةِ الثَّمَنِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.
لَكِنْ قَالَ الْمَقْدِسِيَّ