اهـ.
وَهُوَ عَجِيبٌ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِاسْتِبْدَالِ الْوَقْفِ إذَا خَرِبَ وَصَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْأَرْضِ وَالدَّارِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ هِشَامٌ سَمِعْت مُحَمَّدًا يَقُولُ الْوَقْفُ إذَا صَارَ بِحَيْثُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَسَاكِينُ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِلْقَاضِي. اهـ.
وَأَمَّا عَوْدُ الْوَقْفِ بَعْدَ خَرَابِهِ إلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ أَوْ وَرَثَتِهِ فَقَدْ قَدَّمْنَا ضَعْفَهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ السُّكْنَى إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْعِمَارَةِ وَلَمْ يُوجَدْ مُسْتَأْجِرٌ بَاعَهَا الْقَاضِي وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا مَا يَكُونُ وَقْفًا وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ خَانٌ أَوْ رِبَاطُ سَبِيلٍ أَرَادَ أَنْ يَخْرَبَ يُؤَاجِرُهُ الْمُتَوَلِّي وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ فَإِذَا صَارَ مَعْمُورًا لَا يُؤَاجِرُهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَاجِرْهُ يَنْدَرِسُ. اهـ.
لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَشَايِخِ أَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِبْدَالِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ إنَّمَا هُوَ الْأَرْضُ لَا الْبَيْتُ وَقَدْ حَقَّقْنَاهُ فِي رِسَالَةٍ فِي الِاسْتِبْدَالِ.
قَوْلُهُ (وَيُصْرَفُ نَقْضُهُ إلَى عِمَارَتِهِ إنْ احْتَاجَ وَإِلَّا حَفِظَهُ لِلِاحْتِيَاجِ وَلَا يَقْسِمُهُ بَيْنَ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ) بَيَانٌ لِمَا انْهَدَمَ مِنْ بِنَاءِ الْوَقْفِ وَخَشَبِهِ وَالنَّقْضُ بِالضَّمِّ الْبِنَاءُ الْمَنْقُوضُ وَالْجَمْعُ نُقُوضٌ وَعَنْ الْوَبَرِيِّ النِّقْضُ بِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَذَكَرَ فِي الْقَامُوسِ أَوَّلًا أَنَّ النِّقْضَ بِالْكَسْرِ الْمَنْقُوضُ وَثَانِيًا أَنَّهُ بِالضَّمِّ مَا اُنْتُقِضَ مِنْ الْبُنْيَانِ وَذَكَرَ أَنَّ الْجَمْعَ أَنْقَاضٌ وَنُقُوضٌ وَفَاعِلُ يَصْرِفُ الْحَاكِمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَمَّرَهَا الْحَاكِمُ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَوَلِّي وَالْحَاكِمِ فِي الْإِجَارَةِ وَالتَّعْمِيرِ فَكَذَا فِي النِّقْضِ وَقَدْ سَوَّى بَيْنَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ فَإِنْ احْتَاجَ الْوَقْفُ إلَى عَوْدِ النِّقْضِ أَعَادَهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ أَمْسَكَهُ إلَى أَنْ يَحْتَاجَ إلَى عِمَارَتِهِ وَلَا يَجُوزُ قِسْمَتُهُ بَيْنَ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْعَيْنِ وَلَا حَقَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِيهَا وَإِنَّمَا حَقُّهُمْ فِي الْمَنَافِعِ وَالْعَيْنُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُصْرَفُ لَهُمْ غَيْرُ حَقِّهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ بَيْعَهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ تَعَذَّرَ إعَادَةُ عَيْنِهِ إلَى مَوْضِعِهِ بِيعَ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ إلَى الْمَرَمَّةِ صَرْفًا لِلْبَدَلِ إلَى مَصْرِفِ الْمُبْدَلِ. اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَيْثُ أَمْكَنَ إعَادَتُهُ وَهَلْ يَفْسُدُ الْبَيْعُ أَوْ يَصِحُّ مَعَ إثْمِ الْمُتَوَلِّي لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَيَنْبَغِي الْفَسَادُ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ لِمَرَمَّةِ الْبَاقِي بِثَمَنِ مَا بَاعَ زَادَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ هَدَمَ الْبِنَاءَ يَنْبَغِي عَزْلُ النَّاظِرِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَأْتَمِنَ الْخَائِنَ وَسَبِيلُهُ أَنْ يَعْزِلَهُ. اهـ.
وَفِي الْحَاوِي فَإِنْ خِيفَ هَلَاكُ النَّقْضِ بَاعَهُ الْحَاكِمُ وَأَمْسَكَ ثَمَنَهُ لِعِمَارَتِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ. اهـ.
فَعَلَى هَذَا يُبَاعُ النَّقْضُ فِي مَوْضِعَيْنِ عِنْدَ تَعَذُّرِ عَوْدِهِ وَعِنْدَ خَوْفِ هَلَاكِهِ وَالْمُرَادُ مَا انْهَدَمَ مِنْ الْوَقْفِ فَلَوْ انْهَدَمَ الْوَقْفُ كُلُّهُ فَقَدْ سُئِلَ عَنْهُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ سُئِلَ عَنْ وَقْفٍ تَهَدَّمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ يُعَمَّرُ مِنْهُ وَلَا أَمْكَنَ إجَارَتُهُ وَلَا تَعْمِيرُهُ هَلْ تُبَاعُ أَنْقَاضُهُ مِنْ حَجَرٍ وَطُوبٍ وَخَشَبٍ أَجَابَ إنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ صَحَّ بَيْعُهُ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ أَوْ يُشْتَرَى بِثَمَنِهِ وَقْفٌ مَكَانَهُ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ رَدَّهُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ إنْ وُجِدُوا وَإِلَّا صُرِفَ إلَى الْفُقَرَاءِ اهـ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ جَعَلَ الْوَاقِفُ غَلَّةَ الْوَقْفِ لِنَفْسِهِ أَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ إلَيْهِ صَحَّ) أَيْ لَوْ شَرَطَ عِنْدَ الْإِيقَافِ ذَلِكَ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَجُوزُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ
ــ
[منحة الخالق]
عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْوَرَقَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ (قَوْلُهُ وَهُوَ عَجِيبٌ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ كَلَامُ الْفَتْحِ. اهـ.
مِنْ أَنْ يَجِدَ مُسْتَبْدَلًا أَوْ لَا وَيُحْمَلُ عَلَى الثَّانِي إنْ رَأَى الِاسْتِبْدَالَ أَوْ عَلَيْهِمَا إنْ لَمْ يَرَهُ فَلَا يَجِبُ تَأَمَّلْ وَقَدْ فَرَّقَ الشَّيْخُ الْمُؤَلِّفُ فِي رِسَالَةٍ فِي الِاسْتِبْدَالِ بَيْنَ الْأَرْضِ فَأَجَازَهُ فِيهَا وَبَيْنَ الدَّارِ فَلَمْ يُجِزْهُ وَأَتَى بِأَشْيَاءَ لَا تَدُلُّ عَلَى دَعْوَاهُ وَقَوْلُهُ الْآتِي لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمَشَايِخِ أَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِبْدَالِ الْأَرْضُ لَا الْبَيْتُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُنْتَقَى شَامِلٌ لَهُمَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالدَّارِ غَيْرُ صَحِيحٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِلْقَاضِي) قَالَ الرَّمْلِيُّ عَلَيْكَ أَنْ تَتَأَمَّلَ وَتُرَاجِعَ كُتُبَ الْأَوْقَافِ فَقَدْ قَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يَمْلِكُ إلَخْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا ضَعُفَتْ الْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ عَنْ الِاسْتِبْدَالِ وَالْقَيِّمُ يَجِدُ بِثَمَنِهَا أُخْرَى أَكْثَرَ رِيعًا كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا مَا هُوَ أَكْثَرُ رِيعًا وَقِيلَ هَذَا إذَا بَاعَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لِضَرُورَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِصِحَّةِ الْبَيْعِ يَنْفُذُ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا وَفِي الذَّخِيرَةِ سُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ إذَا تَعَطَّلَتْ وَتَعَذَّرَ اسْتِغْلَالُهَا هَلْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا مَكَانَهَا أُخْرَى قَالَ نَعَمْ وَقَدْ أَشْبَعَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ لِمَرَمَّةِ الْبَاقِي) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَيْعُ عَقَارِ الْمَسْجِدِ لِمَصْلَحَتِهِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَإِنْ بَاعَ بَعْضَهُ لِإِصْلَاحِ بَاقِيهِ لِخَرَابِ كُلِّهِ جَازَ اهـ.
وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا) يُبَاعُ النِّقْضُ فِي مَوْضِعَيْنِ يُزَادُ عَلَيْهِمَا مَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ بَيْعِهِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِ وَقْفُ الْوَاقِفِ أَمَّا فِيمَا اشْتَرَاهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِلَا هَذَا الشَّرْطِ وَهَذَا