للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّدٍ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ التَّسْلِيمَ لِلْقَيِّمِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ فَإِذَا سَلَّمَ لَمْ يَبْقَ لَهُ وِلَايَةٌ فِيهِ وَلَنَا أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إنَّمَا يَسْتَفِيدُ فِيهِ الْوِلَايَةَ مِنْ جِهَتِهِ بِشَرْطِهِ فَيَسْتَحِيلُ أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ الْوِلَايَةُ وَغَيْرُهُ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى هَذَا الْوَقْفِ فَيَكُونُ أَوْلَى بِوِلَايَتِهِ كَمَنْ اتَّخَذَ مَسْجِدًا يَكُونُ أَوْلَى بِعِمَارَتِهِ وَنَصْبِ الْمُؤَذِّنِ فِيهِ وَكَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّيَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ كِلَاهُمَا صَحِيحَانِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهِلَالٍ الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ كِلَاهُمَا بَاطِلَانِ اهـ.

فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ هِلَالٍ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا شَرَطَ فِي الْوَقْفِ الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ فِي عَزْلِ الْقَيِّمِ وَاسْتِبْدَالِهِ لَهُمْ وَمَا هُوَ مِنْ نَوْعِ الْوِلَايَةِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ يَدِ الْمُتَوَلِّي جَازَ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا وِلَايَةَ لِلْوَاقِفِ وَالْوِلَايَةُ لِلْقَيِّمِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَلَهُ وَصِيٌّ لَا وِلَايَةَ لِوَصِيِّهِ وَالْوِلَايَةُ لِلْقَيِّمِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْوِلَايَةُ لِلْوَاقِفِ وَلَهُ أَنْ يَعْزِلَ الْقَيِّمَ فِي حَيَاتِهِ وَإِذَا مَاتَ الْوَاقِفُ بَطَلَتْ وِلَايَةُ الْقَيِّمِ وَمَشَايِخُ بَلْخٍ يُفْتُونَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ. اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ لَمَّا لَمْ يَشْتَرِطْ التَّسْلِيمَ إلَى الْمُتَوَلِّي جَازَ عِنْدَهُ ابْتِدَاءُ شَرْطِ التَّوْلِيَةِ إلَى نَفْسِهِ وَإِذَا وَلَّى غَيْرَهُ كَانَ وَكِيلًا عَنْهُ فَلَهُ عَزْلُهُ وَإِذَا مَاتَ الْوَاقِفُ بَطَلَتْ وِلَايَتُهُ ومُحَمَّدٌ لَمَّا شَرَطَهُ انْعَكَسَتْ الْأَحْكَامُ عِنْدَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

وَالْكَلَامُ هُنَا فِي النَّاظِرِ يَقَعُ فِي مَوَاضِعَ الْأَوَّلُ فِي أَهْلِهِ وَفِيهِ بَيَانُ عَزْلِهِ وَعَزْلِ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ الثَّانِي فِي النَّاظِرِ بِالشَّرْطِ الثَّالِثُ فِي النَّاظِرِ مِنْ الْقَاضِي الرَّابِعُ فِي تَصَرُّفَاتِهِ وَفِيهِ بَيَانُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ وَمَالَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الصَّالِحُ لِلنَّظَرِ مَنْ لَمْ يَسْأَلْ الْوِلَايَةَ لِلْوَقْفِ وَلَيْسَ فِيهِ فِسْقٌ يُعْرَفُ قَالَ وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ مِمَّا يَخْرُجُ بِهِ النَّاظِرُ مَا إذَا ظَهَرَ بِهِ فِسْقٌ كَشُرْبِهِ الْخَمْرَ وَنَحْوِهِ. اهـ.

وَفِي الْإِسْعَافِ لَا يُوَلَّى إلَّا أَمِينٌ قَادِرٌ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ النَّظَرِ وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ تَوْلِيَةُ الْخَائِنِ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ وَكَذَا تَوْلِيَةُ الْعَاجِزِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ بِهِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَكَذَا الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَكَذَا الْمَحْدُودُ فِي قَذْفٍ إذَا تَابَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ. رَجُلٌ طَلَبَ التَّوْلِيَةَ عَلَى الْوَقْفِ قَالُوا لَا يُعْطَى لَهُ وَهُوَ كَمَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ لَا يُقَلَّدُ اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا شَرَائِطُ الْأَوْلَوِيَّةِ لَا شَرَائِطُ الصِّحَّةِ وَأَنَّ النَّاظِرَ إذَا فَسَقَ اسْتَحَقَّ الْعَزْلَ وَلَا يَنْعَزِلُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ أَشْرَفُ مِنْ التَّوْلِيَةِ وَيُحْتَاطُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ التَّوْلِيَةِ وَالْعَدَالَةُ فِيهِ شَرْطُ الْأَوْلَوِيَّةِ حَتَّى يَصِحَّ تَقْلِيدُ الْفَاسِقِ وَإِذَا فَسَقَ الْقَاضِي لَا يَنْعَزِلُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُفْتَى بِهِ فَكَذَا النَّاظِرُ وَيُقِرُّ أَيُخْرَجُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْهُمَامِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ يَجِبُ إخْرَاجُهُ وَلَا يَنْعَزِلُ وَيُشْتَرَطُ لِلصِّحَّةِ بُلُوغُهُ وَعَقْلُهُ لِمَا فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ أَوْصَى إلَى صَبِيٍّ تَبْطُلُ فِي الْقِيَاسِ مُطْلَقًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هِيَ بَاطِلَةٌ مَا دَامَ صَغِيرًا فَإِذَا كَبِرَ تَكُونُ

ــ

[منحة الخالق]

عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِ شَيْخِنَا عَبْدِ الْحَيِّ ثُمَّ رَأَيْت لِلْعَلَّامَةِ الطُّورِيِّ رِسَالَةً مَشَى فِيهَا أَنَّ الْحَقَّ إذَا كَانَ لِمُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ فَرَاجِعْهُ يَقُولُ الْفَقِيرُ جَامِعُ هَذِهِ الْحَوَاشِي كَذَا بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ فِي هَامِشِ الْبَحْرِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَرَأَيْت بَعْدَهُ بِخَطِّ شَيْخِنَا الْمُحَشِّي مَا نَصُّهُ قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ تَحْقِيقًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالشَّرِيكُ لِشَرِيكِهِ فَرَاجِعْهُ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا وَلَّى غَيْرَهُ كَانَ وَكِيلًا عَنْهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَصِحُّ عَزْلُهُ بِجُنْحَةٍ وَغَيْرِ جُنْحَةٍ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ وَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ الْوَكِيلِ مُطْلَقًا وَسَيَذْكُرُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ بَطَلَتْ وِلَايَتُهُ) إلَّا إذَا جَعَلَهُ قَيِّمًا فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ كَمَا مَرَّ قَبْلَ عِشْرِينَ وَرَقَةً (قَوْلُهُ وَمُحَمَّدٌ لَمَّا شَرَطَهُ انْعَكَسَتْ الْأَحْكَامُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ التَّوْلِيَةِ لِنَفْسِهِ وَإِذَا وَلَّى غَيْرَهُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ وَلَا تَبْطُلُ وِلَايَتُهُ بِمَوْتِهِ عِنْدَهُ.

(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ الْعَدَالَةَ فِي النَّاظِرِ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ عَوْدُهُ لِجَمِيعِ مَا مَرَّ بِقَرِينَةِ جَمْعِهِ الشَّرَائِطَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ لِلنَّظَرِ بُلُوغُهُ إلَخْ) أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْحَلَبِيِّ فَقَالَ فِي فَتَاوَاهُ وَأَمَّا الْإِسْنَادُ لِلصَّغِيرِ فَلَا يَصِحُّ بِحَالٍ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ بِالنَّظَرِ وَلَا عَلَى سَبِيلِ الْمُشَارَكَةِ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ النَّظَرَ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ وَالصَّغِيرُ يُوَلَّى عَلَيْهِ لِقُصُورِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُوَلَّى عَلَى غَيْرِهِ. اهـ.

لَكِنْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ وَيَصْلُحُ وَصِيًّا وَنَاظِرًا وَيُقِيمُ الْقَاضِي مَكَانَهُ بَالِغًا إلَى بُلُوغِهِ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ مِنْ الْوَصَايَا. اهـ.

أَقُولُ: وَرَأَيْتُ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْإِمَامِ الْأُسْرُوشَنِيُّ مَا نَصُّهُ وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقَاضِي إذَا فَوَّضَ التَّوْلِيَةَ إلَى صَبِيٍّ يَجُوزُ إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْحِفْظِ وَيَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ كَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ يَمْلِكُ إذْنَ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ لَا يَأْذَنُ وَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ وَتَجُوزُ التَّوْلِيَةُ إلَى الْعَبْدِ الْغَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَانِعَ حَقُّ الْمَوْلَى وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِالْإِذْنِ. اهـ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ مَا فِي الْإِسْعَافِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْحِفْظِ بِأَنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ وَمَا فِي الْأَشْبَاهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ أَهْلًا فَتَدَبَّرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>