للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَكَذَا فِي سَائِرِ الْوَظَائِفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَنْزُولُ لَهُ أَهْلًا لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُقَرِّرُهُ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا فَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَأَفْتَى الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ بِأَنَّ مَنْ فَرَغَ لِإِنْسَانٍ عَنْ وَظِيفَتِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا سَوَاءٌ قَرَّرَ النَّاظِرُ الْمَنْزُولَ لَهُ أَوْ لَا اهـ.

فَالْقَاضِي بِالْأَوْلَى وَقَدْ جَرَى التَّعَارُفُ بِمِصْرَ الْفَرَاغُ بِالدَّرَاهِمِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَيَنْبَغِي الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ بَعْدَهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ امْتَنَعَ مِنْ الْعَمَلِ وَلَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ بِعَزْلِ نَفْسِهِ إلَى الْحَاكِمِ لَا يَخْرُجُ عَنْ التَّوْلِيَةِ. اهـ.

فَإِنْ قُلْتَ هَلْ لِلْقَاضِي عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ بِغَيْرِ جُنْحَةٍ. قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ نَصَبَ الْقَاضِي قَيِّمًا آخَرَ لَا يَنْعَزِلُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ مَنْصُوبَ الْوَاقِفِ وَإِنْ كَانَ مَنْصُوبَهُ وَيَعْلَمُهُ وَقْتَ نَصَبَ الثَّانِي يَنْعَزِلُ بِخِلَافِ مَا إذَا نَصَبَ السُّلْطَانُ قَاضِيًا فِي بَلْدَةٍ لَا يَنْعَزِلُ الْأَوَّلُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ تَكْثُرُ الْقُضَاةُ فِي بَلْدَةٍ دُونَ الْقُوَّامِ فِي الْوَقْفِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ. اهـ. وَسَيَأْتِي عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ.

الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ فِي تَصَرُّفَاتِ النَّاظِرِ وَفِيهِ بَيَانُ مَا عَلَيْهِ وَلَهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَوَّلُ مَا يَفْعَلُهُ الْقَيِّمُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ الْبُدَاءَةُ بِالْعِمَارَةِ وَأُجْرَةِ الْقُوَّامِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا الْوَاقِفُ وَيَتَحَرَّى فِي تَصَرُّفَاتِهِ النَّظَرَ لِلْوَقْفِ وَالْغِبْطَةَ حَتَّى لَوْ آجَرَ الْوَقْفَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ سَكَنَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا إذَا آجَرَهُ مِنْ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ لِلتُّهْمَةِ وَلَا نَظَرَ مَعَهَا كَذَا فِي الْإِسْعَافِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْمُتَوَلِّي لَوْ آجَرَ دَارَ الْوَقْفِ مِنْ ابْنِهِ الْبَالِغِ أَوْ أَبِيهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ كَبَيْعِ الْوَصِيِّ لَوْ بِقِيمَتِهِ صَحَّ عِنْدَهُمَا وَلَوْ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ صَحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَا مُتَوَلٍّ أَجَّرَ مِنْ نَفْسِهِ لَوْ خَيْرٌ صَحَّ وَإِلَّا لَا وَمَعْنَى الْخَيْرِيَّةِ مَرَّ فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ مِنْ نَفْسِهِ وَبِهِ يُفْتَى. اهـ.

فَعُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْإِسْعَافِ ضَعِيفٌ وَلَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ لِأَجْنَبِيٍّ إلَّا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِأَنَّ مَا نَقَصَ يَكُونُ إضْرَارًا بِالْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْقُنْيَةِ فِي الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ الْمُسَبَّلَةِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ يُمْسِكُهَا بِغَبَنٍ فَاحِشٍ نِصْفُ الْمِثْلِ أَوْ نَحْوُهُ لَا يُعْذَرُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ فِي

ــ

[منحة الخالق]

مَسْأَلَةِ إسْنَادِ النَّاظِرِ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ بِلَا شَرْطٍ فَإِنَّهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ صَحِيحٌ لَا فِي الصِّحَّةِ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهَا. اهـ.

فَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي مَسْأَلَةِ النَّاظِرِ فَلْيُحْمَلْ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا مِنْ جَوَازِ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ عَلَى غَيْرِ وَظِيفَةِ النَّظَرِ كَوَظِيفَةِ تَدْرِيسٍ وَإِمَامَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنَّ حَمْلَ جَوَازِ النُّزُولِ عَنْ النَّظَرِ عَلَى مَا إذَا كَانَ عِنْدَ الْقَاضِي يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ يُخَصَّصُ بِهِ كَلَامُهُمْ وَالْمُؤَلِّفُ لَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ هُنَا تَأَمَّلْ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْأَشْبَاهِ أَوَائِلَ كِتَابِ الْوَقْفِ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ عَزْلَ النَّاظِرِ حَالَ الْوَقْفِ صَحَّ اتِّفَاقًا وَإِلَّا لَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَيَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ عَزْلِهِ لِلْمُدَرِّسِ وَالْإِمَامِ الَّذِي وَلَّاهُمَا وَلَا يُمْكِنُ الْإِلْحَاقُ بِالنَّاظِرِ لِتَعْلِيلِهِمْ لِصِحَّةِ عَزْلِهِ عِنْدَ الثَّانِي بِكَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْهُ وَلَيْسَ صَاحِبُ الْوَظِيفَةِ وَكِيلًا عَنْ الْوَاقِفِ إلَخْ فَهَذَا يُفِيدُ الْفَرْقَ بَيْنَ النَّاظِرِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ الْوَظَائِفِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَأَفْتَى الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ بِأَنَّ مَنْ فَرَّغَ لِإِنْسَانٍ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ تَقْرِيرِ النَّاظِرِ لِغَيْرِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِفَرَاغِهِ لَدَى الْقَاضِي أَمْ لَا لِأَنَّهُ عَزَلَهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْرِيرُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ ذُو وَظِيفَةٍ فَقَرَّرَ النَّاظِرُ آخَرَ فَبَانَ أَنَّهُ نَزَلَ عَنْهَا الْآخَرُ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي التَّقْرِيرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بَلْ لَوْ قَرَّرَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ فَكَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ.

وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِي ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ عَزْلًا فَقَدْ شَغَرَتْ الْوَظِيفَةُ لِعَدَمِ تَقْرِيرِ الْقَاضِي فَيَجِبُ التَّقْيِيدُ بِمَا إذَا لَمْ يُقَرِّرْ الْقَاضِي الْمَنْزُولَ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ التَّقْرِيرُ الثَّانِي كَانَ عَزْلًا بِغَيْرِ جُنْحَةٍ عَنْ وَظِيفَةٍ صَارَتْ حَقَّهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ إذْ هُوَ حَقٌّ مُجَرَّدٌ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ فَلَا طَرِيقَ لِجَوَازِهِ وَقِيَاسُهُ عَلَى الْخُلْعِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ إذْ الْمَالُ فِي الْخُلْعِ مُقَابَلٌ بِإِزَاءِ مِلْكِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْخُلْعِ صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا مِلْكَ لِلْفَارِغِ عَنْ الْوَظِيفَةِ حَتَّى يَكُونَ أَخْذُهُ لَهُ مُقَابَلًا بِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ إلَخْ) سَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْتُ: هَلْ لِأَحَدِ النَّاظِرَيْنِ أَنْ يُؤَاجِرَ الْآخَرَ أَنَّ لِلْقَاضِي عَزْلَ مَنْصُوبِ قَاضٍ آخَرَ بِلَا خِيَانَةٍ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا عَنْ الْقُنْيَةِ قَالَ أَبُو السُّعُودِ تَعَقَّبَهُ الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ شَاهِينُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي الْفَصْلِ الْأَخِيرِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَنَصُّهُ إذَا كَانَ لِلْوَقْفِ مُتَوَلٍّ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ أَوْ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ مِنْ الْقُضَاةِ لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي نَصْبَ مُتَوَلٍّ آخَرَ بِلَا سَبَبٍ مُوجِبٍ لِذَلِكَ وَهُوَ ظُهُورُ خِيَانَةِ الْأَوَّلِ أَوْ شَيْءٍ آخَرَ. اهـ.

ثُمَّ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ فَلْيَكُنْ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مُقَدَّمًا عَلَى مَا فِي الْقُنْيَةِ. اهـ.

قُلْتُ: التَّعَقُّبُ مَدْفُوعٌ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَسَيَأْتِي عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ وَقَوْلُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَوْ شَيْءٍ آخَرَ يَشْمَلُ مَا إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فَلَا مُنَافَاةَ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ مُقَيَّدٌ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَتَدَبَّرْ لَكِنْ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ مَا يُخَالِفُ هَذَا حَيْثُ قَالَ فِي أَثْنَاءِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَسْأَلَةِ الِاسْتِبْدَالِ مَعَ شَرْطِ الْوَاقِفِ عَدَمَهُ وَنَصُّهُ وَلِأَنَّ مَا قُلْنَاهُ لَا يَكُونُ أَبْلَغَ مِمَّا قَالُوا فِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَزَلَ الْوَصِيَّ الْعَدْلَ الْكَافِيَ يَصِحُّ وَلَهُ أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ خِيَانَةٌ فِي الظَّاهِرِ اهـ.

إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ كَلَامَهُ بِالْمَصْلَحَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ تَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>