للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْعِمَارَةِ وَلَهُ غَلَّةٌ أُجْبِرَ عَلَيْهَا فَإِنْ فَعَلَ فِيهَا وَإِلَّا أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَمِنْ الْخِيَانَةِ الْمُجَوِّزَةِ لِعَزْلِهِ أَنْ يَبِيعَ الْوَقْفَ أَوْ بَعْضَهُ لَكِنْ ظَاهِرُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَدْمِ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِذَا خَرِبَتْ أَرْضُ الْوَقْفِ وَأَرَادَ الْقَيِّمُ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَهَا مِنْهَا لِيَرُمَّ الْبَاقِيَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ بَاعَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ فَإِنْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ أَوْ صَرَمَ النَّخْلَ فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَ الْقَيِّمَ عَنْ هَذَا الْوَقْفِ لِأَنَّهُ صَارَ خَائِنًا وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمَنَ الْخَائِنَ بَلْ سَبِيلُهُ أَنْ يَعْزِلَهُ اهـ.

ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قَرْيَةٌ وَقْفٌ عَلَى أَرْبَابٍ مُسَمَّيْنَ فِي يَدِ الْمُتَوَلِّي بَاعَ الْمُتَوَلِّي وَرَقَ أَشْجَارِ التُّوتِ جَازَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَلَّةِ فَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي قَطْعَ قَوَائِمِ الشَّجَرِ يُمْنَعُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَبِيعَةٍ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُتَوَلِّي مِنْ مَنْعِ الْمُشْتَرِي عَنْ قَطْعِ الْقَوَائِمِ كَانَ ذَلِكَ خِيَانَةً مِنْهُ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْنَعْ مَنْ يُتْلِفُ شَيْئًا لِلْوَقْفِ كَانَ خَائِنًا وَيُعْزَلُ وَفِي الْقُنْيَةِ قَيِّمٌ يَخْلِطُ غَلَّةَ الدُّهْنِ بِغَلَّةِ الْبَوَارِي فَهُوَ سَارِقٌ خَائِنٌ اهـ.

فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ إذَا تَصَرَّفَ بِمَا لَا يَجُوزُ كَانَ خَائِنًا يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ وَلْيُقَسْ مَا لَمْ يَقُلْ فَإِنْ قُلْتَ إذَا ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ ثِقَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْزِلَهُ قُلْتُ نَعَمْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَصَلَ بِضَمِّ الثِّقَةِ إلَيْهِ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ بَاعَ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ أَرْضِهِ فَهُوَ خِيَانَةٌ فَيُعْزَلُ أَوْ يُضَمُّ إلَيْهِ ثِقَةٌ. اهـ.

وَمِنْ أَحْكَامِ الْمُتَوَلِّي مِنْ الْقَاضِي مَا فِي الْقُنْيَةِ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا فُوِّضَ إلَيْهِ إنْ عَمَّمَ الْقَاضِي التَّفْوِيضَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ يَبْقَى مَا نَصَبَهُ عَلَى حَالِهِ. اهـ.

فَإِنْ قُلْتَ مَا حُكْمُ تَوْلِيَةِ الْقَاضِي النَّاظِرَ حِسْبَةً مَعَ وُجُودِ النَّاظِرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ قُلْتُ صَحِيحَةٌ إذَا شَكَّ النَّاظِرُ أَوْ ارْتَابَ الْقَاضِي فِي أَمَانَتِهِ لِقَوْلِ الْخَصَّافِ كَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ وَأَمَّا إذَا أَدْخَلَ مَعَهُ رَجُلًا إلَخْ لَا يَأْخُذُ مِنْ مَعْلُومِ الْمُتَوَلِّي وَلَا مِنْ الْوَقْفِ شَيْئًا لِأَنَّهُ إنَّمَا وَلَّاهُ الْقَاضِي حِسْبَةً أَيْ بِغَيْرِ مَعْلُومٍ الرَّابِعُ إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَنْصِبُ غَيْرَهُ وَهَلْ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ فِي غَيْبَةِ الْقَاضِي الْجَوَابُ لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يَبْلُغَ الْقَاضِيَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْوَصِيِّ وَالْقَاضِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ إذَا عَلِمَ الْقَاضِي سَوَاءٌ عَزَلَهُ الْقَاضِي أَوْ لَمْ يَعْزِلْهُ وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ قَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ عَزَلْتُ نَفْسِي لَا يَنْعَزِلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ أَوْ لِلْقَاضِي فَيُخْرِجَهُ. اهـ.

وَمِنْ عَزْلِ نَفْسِهِ الْفَرَاغُ عَنْ وَظِيفَةِ النَّظَرِ لِرَجُلٍ عِنْدَ الْقَاضِي وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُقَرِّرَ الْمَنْزُولَ لَهُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ لَكِنْ ظَاهِرُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ بَاعَ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ رَهَنَهُ فَهُوَ خِيَانَةٌ (قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ قَيِّمٌ يَخْلِطُ غَلَّةَ الدُّهْنِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَعْنِي الْغَلَّةَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى شِرَاءِ الدُّهْنِ بِالْغَلَّةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى شِرَاءِ الْبَوَارِي أَيْ الْحُصْرِ اهـ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ مَسْجِدٌ لَهُ أَوْقَافٌ مُخْتَلِفَةٌ لَا بَأْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَخْلِطَ غَلَّتَهَا كُلَّهَا (قَوْلُهُ قُلْتُ: نَعَمْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَصَلَ إلَخْ) سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُنْزَعُ لَوْ خَائِنًا إنَّ عَزْلَ الْخَائِنِ وَاجِبٌ عَلَى الْقَاضِي فَيُنَافِي مَا هُنَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُرَادَ مِنْ عَزْلِهِ إزَالَةُ ضَرَرِهِ عَنْ الْوَقْفِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِضَمِّ ثِقَةٍ إلَيْهِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَصَلَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا أَدْخَلَ مَعَهُ رَجُلًا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ إذَا أَدْخَلَ مَعَهُ رَجُلًا وَرَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ شَيْئًا فَلَا بَأْسَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَنْ عَزَلَ نَفْسَهُ الْفَرَاغَ عَنْ وَظِيفَتِهِ لِرَجُلٍ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فَائِدَةٌ أَخَذَ السُّبْكِيُّ مِنْ صِحَّةِ خَلْعِ الْأَجْنَبِيِّ جَوَازُ بَذْلِ مَالٍ لِمَنْ بِيَدِهِ وَظِيفَةٌ يَسْتَنْزِلُهُ عَنْهَا لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَيَحِلُّ لَهُ حِينَئِذٍ أَخْذُ الْعِوَضِ وَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهَا وَيَبْقَى الْأَمْرُ بَعْدَ ذَلِكَ لِنَاظِرِ الْوَظِيفَةِ يَفْعَلُ مَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ شَرْعًا كَذَا فِي شَرْحِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْهَاجِ أَقُولُ: وَقَوْلُ هَذَا الشَّارِحِ هُنَا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَيَنْبَغِي الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ بَعْدَهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ وَحُرْمَةِ الْأَخْذِ وَهُوَ مَحَلٌّ يَحْتَاجُ إلَى التَّحْرِيرِ وَفِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي الْفَنِّ الْأَوَّلِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْعُرْفِ الْخَاصِّ أَقُولُ: عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ قَدْ تَعَارَفَ الْفُقَهَاءُ بِالْقَاهِرَةِ النُّزُولَ عَنْ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ يُعْطَى لِصَاحِبِهَا وَتَعَارَفُوا ذَلِكَ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ وَأَنَّهُ لَوْ نَزَلَ لَهُ وَقَبَضَ الْمَبْلَغَ مِنْهُ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. اهـ.

وَرَأَيْت بَعْضَ الْفُضَلَاءِ كَتَبَ عَلَى هَذَا الْمَحَلِّ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْوَظَائِفِ وَمَا قَالَهُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِمَّا سَيَأْتِي الْحُقُوقُ الْمُجَرَّدَةُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ وَمَسَائِلَ أُخَرَ سَرَدَهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ تَرُدُّ هَذَا. اهـ. تَأَمَّلْ. اهـ. كَلَامُ الرَّمْلِيِّ.

أَقُولُ: بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ صِحَّةِ الْفَرَاغِ عَنْ وَظِيفَةِ النَّظَرِ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ قَبْلَ وَرَقَةٍ وَنِصْفٍ نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ بِقَوْلِهِ الْمُتَوَلِّي إذَا أَرَادَ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ إنْ كَانَ الْوِلَايَةُ بِالْإِيصَاءِ يَجُوزُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ التَّفْوِيضُ إلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْمِيمِ. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَيِّمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْزِلَ عَنْ وَظِيفَةِ النَّظَرِ إلَّا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى سَبِيلِ الْإِيصَاءِ وَأَمَّا فِي صِحَّتِهِ فَلَا إلَّا إذَا كَانَ الْوَاقِفُ أَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ وَمَرَّ بَيَانُهُ فِيمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الطَّرَسُوسِيِّ وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْعَلَائِيِّ أَيْضًا مَا نَصُّهُ الْفِعْلُ فِي الْمَرَضِ أَحَطُّ رُتْبَةً مِنْ الْفِعْلِ فِي الصِّحَّةِ إلَّا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>