الَّذِي يَمْلِكُ نَصْبَ الْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَيَكُونُ لَهُ النَّظَرُ عَلَى الْأَوْقَافِ قُلْتُ وَهُوَ قَاضِي الْقُضَاةِ لَا كُلُّ قَاضٍ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ فَالْأَوْثَقُ أَنْ يَكْتُبَ فِي الصُّكُوكِ وَالسِّجِلَّاتِ وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ جِهَةِ حَاكِمٍ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَصِيِّ وَالتَّوْلِيَةُ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ رُبَّمَا يَكُونُ مِنْ حَاكِمٍ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَصِيِّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ نَصْبَ الْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي إلَّا إذَا كَانَ ذِكْرُ التَّصَرُّفِ فِي الْأَوْقَافِ وَالْأَيْتَامِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي مَنْشُورِهِ فَصَارَ كَحُكْمِ نَائِبِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ أَنْ يَذْكُرُوا أَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ مَأْذُونٌ بِالْإِنَابَةِ تَحَرُّزًا عَنْ هَذَا الْوَهْمِ. اهـ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ السُّلْطَانِ جَعَلْتُكَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ كَالتَّنْصِيصِ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْمَنْشُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ فِي الِاسْتِدَانَةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي الْمُرَادُ بِهِ قَاضِي الْقُضَاةِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ ذُكِرَ وَالْقَاضِي فِي أُمُورِ الْأَوْقَافِ بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ وَإِذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمُ قَاضٍ أَمْضَاهُ فَإِنَّهُ أَعَمُّ كَمَا لَا يَخْفَى الثَّالِثُ إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَعْزِلُهُ وَيَنْصِبُ أَمِينًا قَالَ فِي آخِرِ أَوْقَافِ الْخَصَّافِ مَا تَقُولُ إنْ طَعَنَ عَلَيْهِ فِي الْأَمَانَةِ فَرَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يُدْخِلَ مَعَهُ آخَرَ أَوْ يُخْرِجَهُ مِنْ يَدِهِ وَيُصَيِّرَهُ إلَى غَيْرِهِ قَالَ أَمَّا إخْرَاجُهُ فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَّا بِخِيَانَةٍ ظَاهِرَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِذَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَصِحُّ وَاسْتَحَقَّ إخْرَاجَ الْوَقْفِ مِنْ يَدِهِ قَطَعَ عَنْهُ مَا كَانَ أَجْرَى لَهُ الْوَاقِفُ.
وَأَمَّا إذَا أَدْخَلَ مَعَهُ رَجُلًا فِي الْقِيَامِ بِذَلِكَ فَالْأَجْرُ لَهُ قَائِمٌ فَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَجْعَلَ لِلرَّجُلِ الَّذِي أَدْخَلَ مَعَهُ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْمَالِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي سُمِّيَ لَهُ قَلِيلًا ضَيِّقًا فَرَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَجْعَلَ لِلرَّجُلِ الَّذِي أَدْخَلَهُ مَعَهُ رِزْقًا مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقْتَصِدَ فِيمَا يُجْرِيهِ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ مَا تَقُولُ إنْ كَانَ الْحَاكِمُ أَخْرَجَهُ مِنْ الْقِيَامِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ وَقَطَعَ عَنْهُ مَا كَانَ أَجْرَاهُ لَهُ الْوَاقِفُ ثُمَّ جَاءَ حَاكِمٌ آخَرُ فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ هَذَا الرَّجُلُ وَقَالَ إنَّ الْحَاكِمَ الَّذِي كَانَ قَبْلَكَ إنَّمَا أَخْرَجَنِي مِنْ الْقِيَامِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ بِتَحَامُلٍ مِنْ قَوْمٍ سَعَوْا بِهِ إلَيْهِ وَلَمْ يَصِحَّ عَلَيَّ شَيْءٌ اسْتَحَقَّ بِهِ إخْرَاجِي مِنْ الْقِيَامِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ قَالَ أُمُورُ الْحَاكِمِ عِنْدَنَا إنَّمَا تَجْرِي عَلَى الصِّحَّةِ وَالِاسْتِقَامَةِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَ هَذَا الرَّجُلِ فِيمَا ادَّعَاهُ عَلَى الْحَاكِمِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَكِنْ يَقُولُ صَحِّحْ أَنَّكَ مَوْضِعٌ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ أَرُدّكَ إلَى الْقِيَامِ بِذَلِكَ فَإِنْ صَحَّ عِنْدَ هَذَا الْحَاكِمِ أَنَّهُ مَوْضِعٌ لِذَلِكَ رَدَّهُ وَأَجْرَى ذَلِكَ الْمَالَ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْحَاكِمَ الَّذِي كَانَ أَخْرَجَهُ صَحَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَابَ وَرَجَعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ وَصَارَ مَوْضِعًا لِلْقِيَامِ بِهِ وَجَبَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى ذَلِكَ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ الْمَالَ الَّذِي كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَهُ لَهُ اهـ.
وَقَدْ عَلِمْتَ فِيمَا سَبَقَ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَهُ بِغَيْرِ جُنْحَةٍ لَا يَنْعَزِلُ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يُعِيدُ الطَّالِبَ لِلتَّوَلِّيَةِ بَعْدَ عَزْلِهِ إذَا أَنَابَ وَرَجَعَ مَعَ قَوْلِهِمْ طَالِبُ التَّوْلِيَةِ لَا يُوَلَّى قُلْتُ مَحْمُولٌ عَلَى طَلَبِهَا ابْتِدَاءً وَأَمَّا طَلَبُ الْعَوْدِ بَعْدَ الْعَزْلِ فَلَا جَمْعًا بَيْنَ كَلَامِهِمْ وَمِنْ الْخِيَانَةِ امْتِنَاعُهُ مِنْ الْعِمَارَةِ قَالَ فِي الْخَصَّافِ إذَا امْتَنَعَ
ــ
[منحة الخالق]
مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا شَرَطَ فِي مَنْشُورِهِ تَزْوِيجَ الصِّغَارِ وَالصَّغَائِرِ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ ثُمَّ لِمَنْصُوبِهِ فَجَلَعُوا إذْنَ السُّلْطَانِ لِلْقَاضِي فِي التَّزْوِيجِ كَافِيًا فِي مُبَاشَرَتِهِ وَمَنْصُوبُهُ كَذَلِكَ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ.
وَإِذَا جَازَ لِلنَّائِبِ مُبَاشَرَةُ الْأَنْكِحَةِ مَعَ تَنْصِيصِهِمْ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَطَ لِلْقَاضِي فِي مَنْشُورِهِ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ وَعِبَارَةُ ابْنِ الْهُمَامِ فِي تَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ فِي النِّكَاحِ هَكَذَا ثُمَّ السُّلْطَانُ ثُمَّ الْقَاضِي إذَا شَرَطَ فِي عُهْدَةِ تَزْوِيجِ الصَّغَائِرِ وَالصِّغَارِ ثُمَّ مَنْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي فَجَعَلَ الشَّرْطَ أَعْنِي قَوْلَهُ الَّذِي شَرَطَ فِي عُهْدَةٍ إلَخْ رَاجِعًا إلَى الْقَاضِي فَقَطْ وَلَمْ يَجْعَلْ رَاجِعًا لَهُ وَلِمَنْصُوبِهِ حَيْثُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ عَنْهُمَا نَعَمْ قَدْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ أَخَّرَ الشَّرْطَ عَنْ الْقَاضِي وَمَنْ نَصَّبَهُ فَكَانَتْ عِبَارَتُهُ مُحْتَمَلَةً لِرُجُوعِهِ إلَى الْقَاضِي لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ أَوْ لَهُمَا. اهـ.
لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْخَيْرِيَّةُ أَوَّلَ الْوَقْفِ عِبَارَةَ الْبَحْرِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا ثُمَّ قَالَ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ نَائِبَ الْقَاضِي لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرَ لَهُ السُّلْطَانُ فِي مَنْشُورِهِ نَصْبَ الْوُلَاةِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَفَوَّضَ لَهُ أُمُورَ الْأَوْقَافِ وَيَنْبَغِي الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ شَيْخُنَا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ سِرَاجِ الدِّينِ الْحَانُوتِيُّ لِمَا فِي إطْلَاقِ مِثْلِهِ لِلنُّوَّابِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ الِاخْتِلَالِ وَالْمَسْأَلَةُ لَا نَصَّ فِيهَا بِخُصُوصِهَا فِيمَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ فِيمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ وَالشَّيْخُ زَيْنٌ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَإِنَّمَا اسْتَخْرَجَهَا تَفَقُّهًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ قُلْتُ مَحْمُولٌ عَلَى طَلَبِهَا ابْتِدَاءً) قَالَ فِي النَّهْرِ الْحَقُّ أَنَّ مَا فِي الْخَصَّافِ فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ التَّوْلِيَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُ وَقَوْلُهُمْ طَالِبُ التَّوْلِيَةِ لَا يُوَلَّى فِي غَيْرِهِ وَبِهِ عُرِفَ أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ النَّظَرُ لَوْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي تَقْرِيرَهُ فِيهِ إجَابَةً فِيهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُرِيدُ التَّنْفِيذَ لَا أَصْلَ التَّوْلِيَةِ لِأَنَّهُ مُوَلًّى وَهَذَا فِقْهٌ حَسَنٌ فَاحْفَظْهُ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute