للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِيَانَةً مِنْ النَّاظِرِ وَكَذَا إجَارَتُهُ بِالْأَقَلِّ عَالِمًا بِذَلِكَ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْوَاقِفَ أَيْضًا إذَا أَجَّرَ بِالْأَقَلِّ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَإِنَّهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ وَيُبْطِلُهَا الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ مَأْمُونًا وَفَعَلَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ أَقَرَّهُ الْقَاضِي فِي يَدِهِ وَأَمَرَهُ بِإِجَارَتِهَا بِالْأَصْلَحِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ أَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهَا فِي يَدِ مَنْ يَثِقُ بِدِينِهِ وَكَذَا إذَا أَجَّرَهَا الْوَاقِفُ سِنِينَ كَثِيرَةً مِمَّنْ يَخَافُ أَنْ تَتْلَفَ فِي يَدِهِ قَالَ يُبْطِلُ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ وَيُخْرِجُهَا مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ اهـ.

فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْوَاقِفِ فَالْمُتَوَلِّي أَوْلَى وَفِي الْإِسْعَافِ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْمُتَوَلِّي الْوَقْفَ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَأَنْ لَا يَدْفَعَهُ مُزَارَعَةً أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَعْمَلَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْأَشْجَارِ أَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ إلَّا ثَلَاثَ سِنِينَ ثُمَّ لَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ كَانَ شَرْطُهُ مُعْتَبَرًا وَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ اهـ.

وَسَيَأْتِي فِي بَيَانِ الشُّرُوطِ مَا لَا يُعْتَبَرُ مِنْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ بَيَانُ مُدَّتِهَا فِي الْأَوْقَافِ وَحُكْمُ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَخَافُ مِنْهُ عَلَى رَقَبَةِ الْوَقْفِ يَفْسَخُ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ وَيُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَمِينَ الْقَاضِي ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إذَا آجَرَ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِنُقْصَانٍ فَاحِشٍ حَتَّى فَسَدَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ وَلَا دُرْبَةَ أَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا مَا نَقَصَ وَهُوَ غَلَطٌ صَرَّحَ بِهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوَاهُ مُسْتَنِدًا إلَى النُّقُولِ الصَّرِيحَةِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ اسْتَبَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِأَلْفٍ وَآخَرَ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ وَالْأَوَّلُ أَمْلَأُ يَبِيعُ الْوَصِيُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَكَذَا الْإِجَارَةُ تُؤَجَّرُ بِثَمَانِيَةٍ لِلْأَمْلَأِ لَا بِعَشَرَةٍ لِغَيْرِهِ وَكَذَا مُتَوَلِّي الْوَقْفِ. اهـ.

فَإِنْ قُلْتُ: هَلْ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ الْإِيجَارِ مَعَ وُجُودِ الْمُتَوَلِّي قُلْتُ: نَعَمْ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَجَّرَهَا الْحَاكِمُ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ أَنَّ التَّمَكُّنَ فِي الْفَاسِدَةِ لَا يَكْفِي

ــ

[منحة الخالق]

الْقَاضِي لِلْمُسْتَأْجِرِ بِرَفْعِ بِنَائِهِ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ عَنْ الضَّرَرِ فَيَأْمُرُ الْمُتَوَلِّيَ بِتَمَلُّكِهِ مَقْلُوعًا إنْ رَضِيَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَيُؤَجِّرُ الْمُتَوَلِّي الْأَرْضَ مِنْ الْغَيْرِ وَيَبْقَى الْبَانِي إلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مِلْكُهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَلَبَّانِي عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ رَفْعَهُ فَكَأَنَّهَا غَيْرُ مَشْغُولَةٍ هَكَذَا قَالُوا وَلَكِنْ مَنْ يَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ مَعَ بِنَاءِ الْحَانُوتِ فِيهَا إذْ لَا يُمْكِنُهُ التَّمَتُّعُ فِيهَا.

فَالْوَجْهُ أَنْ يَرْضَى بِضَرَرِ الْقَلْعِ وَيُؤْمَرُ بِهِ وَهُوَ يَسِيرٌ غَالِبًا فَيُؤْخَذُ الْبِنَاءُ غَيْرَ مَقْلُوعٍ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا وَيَحْصُلُ لِلْوَقْفِ غِبْطَةٌ عَظِيمَةٌ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ ابْتِدَاءً أَوْ الْآنَ وَإِلَّا فَلَا تُفْسَخُ بِزِيَادَةِ أَحَدٍ وَإِنْ زَادَ ضَعْفَ الْأُجْرَةِ إلَّا أَنْ تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَيُعْطِيَهَا لِلطَّالِبِ بِالزِّيَادَةِ أَمَّا إذَا زَادَ أُجْرَةُ الْأَرْضِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَفْسَخُهَا فِي خِلَالِ الْمُدَّةِ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ إبْقَاؤُهَا بِحَالٍ. اهـ.

مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْتُ: إلَخْ) سُئِلَ هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُؤَجِّرَ مَعَ بَقَاءِ النَّاظِرِ فَأَجَابَ نَصَّ الْأُسْرُوشَنِيُّ عَلَى أَنَّ إجَارَةَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْقَاضِي وَهَذَا بِإِطْلَاقِهِ يَقْتَضِي أَنَّ لِلْقَاضِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ لِلْوَقْفِ مُتَوَلٍّ لَكِنْ نَصُّهُمْ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ مَحْجُورٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ عِنْدَ وَصِيِّ الْمَيِّتِ وَعِنْدَ مَنْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي عَنْ الْمَيِّتِ يَقْتَضِي بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يُؤَجِّرُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ مُتَوَلٍّ أَوْ كَانَ لَهُ مُتَوَلٍّ لَكِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِيجَارِ وَيَكُونُ هَذَا مَحْمَلَ كَلَامِ الْأُسْرُوشَنِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَتَاوَى حَانُوتِيٍّ.

(قَوْلُهُ قُلْتُ: نَعَمْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الَّذِي قَدَّمَهُ لَا يُفِيدُ الْقَطْعَ بِالْحُكْمِ بَلْ التَّرَدُّدَ فِيهِ وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ لَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا أَبَى الْمُتَوَلِّي إجَارَتَهَا فَتَأَمَّلْ وَقَدْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ بَعْدَمَا فَرَّعَ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَلَى هَذَا لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ نَاظِرٍ وَلَوْ مِنْ قِبَلِهِ وَالْإِجَارَةُ تَصَرُّفٌ فِي تَوَقُّفٍ بِخِلَافِ تَقْرِيرِ الْوَظَائِفِ لِغَيْرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ تَأَمَّلْ وَفِي أَوْقَافِ هِلَالٍ أَرَأَيْت الْقَاضِيَ إذَا أَجَّرَ الدَّارَ الْوَقْفَ.

قَالَ الْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَّرَهَا وَكِيلُ الْقَاضِي بِأَمْرِهِ قَالَ نَعَمْ وَظَاهِرُهُ إطْلَاقُ الْجَوَازِ مَعَ وُجُودِ الْمُتَوَلِّي وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ اهـ.

كَلَامُ الرَّمْلِيِّ مُلَخَّصًا قُلْتُ: وَجَدْتُ فِي التَّجْنِيسِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ الْمَسْأَلَةِ وَنَصُّهُ أَرْضُ وَقْفٍ بِدِرْعَمَ وَهِيَ نَاحِيَةٌ مِنْ نَوَاحِي سَمَرْقَنْدَ وَلَهَا مُتَوَلٍّ مِنْ جِهَةِ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ فَاسْتَأْجَرَهَا رَجُلٌ مِنْ حَاكِمٍ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ فَزَرَعَهَا فَلَمَّا حَصَلَتْ الْغَلَّةُ طَلَبَ الْمُتَوَلِّي الْحِصَّةَ مِنْ الْغَلَّةِ كَمَا جَرَى الْعُرْفُ فِي الْمُزَارَعَةِ بِدِرْعَمَ فَقَالَ الرَّجُلُ عَلَى الْأُجْرَةِ كَانَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَأْخُذَ الْحِصَّةَ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْحَاكِمِ لِأَنَّ تَوْلِيَةَ الْقَاضِي لِهَذَا الْمُتَوَلِّي إنْ كَانَ قَبْلَ تَقْلِيدِ الْحَاكِمِ لَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ فِي تَقْلِيدِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ خَرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ وِلَايَةِ تِلْكَ الْأَرْضِ فَلَمْ تَصِحَّ إجَارَتُهُ فَإِذَا زَرَعَهَا.

وَقَدْ جَرَى الْعُرْفُ بِالْمُزَارَعَةِ عَلَى النِّصْفِ أَوْ عَلَى الثُّلُثِ صَارَ كَأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ دَفَعَهَا إلَيْهِ مُزَارَعَةً عَلَى ذَلِكَ اهـ.

وَنَحْوُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْإِسْعَافِ أَيْضًا فِي فَصْلِ إجَارَةِ الْوَقْفِ بِأَوْضَحَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَصَرَّحَ بِأَنَّ الْحَاكِمَ مِنْ جِهَةِ قَاضِي الْبَلْدَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْعُدُولَ عَنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>