للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ بِعُمُومِهِ يَتَنَاوَلُ الْوَقْفَ وَقَدْ صَرَّحَ الْخَصَّافُ بِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إذَا أَجَّرَهُ إجَارَةً فَاسِدَةً وَتَمَكَّنَ الْمُسْتَأْجِرُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ حَقِيقَةً فَإِنَّهُ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْقَيِّمِ الْوَقْفَ بِعَرَضٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ إذَا أَجَّرَ دَارًا لِلْيَتِيمِ بِعَرَضٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الْقُنْيَةِ وَلَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ شِرَاءُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ لِنَفْسِهِ وَلَا الْبَيْعُ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْمَسْجِدِ. اهـ.

فَإِنْ قُلْتُ: إذَا أَمَرَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ فَفَعَلَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْعِيٍّ أَوْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْوَقْفِ هَلْ يَكُونُ الْقَيِّمُ ضَامِنًا قُلْتُ: قَالَ فِي الْقُنْيَةِ طَالَبَ الْقَيِّمَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ لِلْإِمَامِ فَأَبَى فَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِهِ فَأَقْرَضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِمَامُ مُفْلِسًا لَا يَضْمَنُ الْقَيِّمُ. اهـ.

مَعَ أَنَّ الْقَيِّمَ لَيْسَ لَهُ إقْرَاضُ مَالِ الْمَسْجِدِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي إيدَاعُ مَالِ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ إلَّا مِمَّنْ فِي عِيَالِهِ وَلَا إقْرَاضُهُ فَلَوْ أَقْرَضَهُ ضَمِنَ وَكَذَا الْمُسْتَقْرِضُ وَذَكَرَ أَنَّ الْقَيِّمَ لَوْ أَقْرَضَ مَالَ الْمَسْجِدِ لِيَأْخُذَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَهُوَ أَحْرَزُ مِنْ إمْسَاكِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَفِي الْعُدَّةِ يَسَعُ الْمُتَوَلِّيَ إقْرَاضُ مَا فَضَلَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَوْ أَحْرَزَ. اهـ.

فَإِنْ قُلْتُ: إذَا قَصَّرَ الْمُتَوَلِّي فِي شَيْءٍ مِنْ مَصَالِحِ الْوَقْفِ هَلْ يَضْمَنُ قُلْتُ: إنْ كَانَ فِي عَيْنٍ ضَمِنَهَا وَإِنْ كَانَ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَضْمَنُ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ فَلَمْ يَحْفَظْهُ الْقَيِّمُ حَتَّى ضَاعَتْ خَشَبَةٌ يَضْمَنُ اشْتَرَى الْقَيِّمُ مِنْ الدَّهَّانِ دُهْنًا وَدَفَعَ الثَّمَنَ ثُمَّ أَفْلَسَ الدَّهَّانُ بَعْدُ لَمْ يَضْمَنْ. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ امْتَنَعَ الْمُتَوَلِّي عَنْ تَقَاضِي مَا عَلَى الْمُتَقَبِّلِينَ لَا يَأْثَمُ فَإِنْ هَرَبَ بَعْضُ الْمُتَقَبِّلِينَ بَعْدَمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مَالٌ كَثِيرٌ بِحَقِّ الْقَبَالَةِ لَا يَضْمَنُ الْمُتَوَلِّي. اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ أَجَّرَ الْقَيِّمُ ثُمَّ عُزِلَ وَنُصِّبَ قَيِّمٌ آخَرُ فَقِيلَ أَخْذُ الْأَجْرِ لِلْمَعْزُولِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لِلْمَنْصُوبِ لِأَنَّ الْمَعْزُولَ أَجَّرَهَا لِلْوَقْفِ لَا لِنَفْسِهِ وَلَوْ بَاعَ الْقَيِّمُ دَارًا اشْتَرَاهَا بِمَالِ الْوَقْفِ فَلَهُ أَنْ يُقِيلَ الْبَيْعَ مَعَ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَكَذَا إذَا عُزِلَ وَنُصِبَ غَيْرُهُ فَلِلْمَنْصُوبِ إقَالَتُهُ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ أَذِنَ الْقَاضِي لِلْقَيِّمِ فِي خَلْطِ مَالِ الْوَقْفِ بِمَالِهِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ جَازَ وَلَا يَضْمَنُ وَكَذَا الْقَاضِي إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ لَا يَضْمَنُ وَلِلْقَيِّمِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ قَبْضِ الْأَجْرِ وَيَنْفُذُ فَسْخُهُ عَلَى الْوَقْفِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ لَا وَلَوْ أَبْرَأَ الْقَيِّمُ الْمُسْتَأْجِرَ عَنْ الْأُجْرَةِ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَيَضْمَنُ لِلْقَيِّمِ صَرْفَ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ إلَى كَتَبَةِ الْفَتْوَى وَمَحَاضِرِ الدَّعْوَى لِاسْتِخْلَاصِ الْوَقْفِ وَالْمُتَوَلِّي إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ فِي عَمَلِ الْمَسْجِدِ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ لَمْ يَجُزْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ يُفْتَى. اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إذْ لَا يَصْلُحُ مُؤَاجِرًا وَمُسْتَأْجِرًا وَصَحَّ لَوْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِعَمَلٍ فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَفِي الْقُنْيَةِ الْقَيِّمُ ضَمِنَ مَالَ الْوَقْفِ بِالِاسْتِهْلَاكِ ثُمَّ صَرَفَ قَدْرَ الضَّمَانِ إلَى الْمَصْرِفِ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ. اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَحْتَالَ بِمَالِ الْوَقْفِ عَلَى إنْسَانٍ إذَا كَانَ مَلِيًّا وَإِنْ أَخَذَ كَفِيلًا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْمُتَوَلِّي يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ لَوْ خَيْرًا لِلْوَقْفِ فَإِنْ قُلْتُ: حَلَّ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَصْرِفَ غَلَّةَ سَنَةٍ عَنْ سَنَةٍ قَبْلَهَا قُلْتُ: لَا لِمَا فِي الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ وَغَيْرِهِ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ قَيِّمٍ جَمَعَ الْغَلَّةَ فَقَسَمَهَا عَلَى أَهْلِ الْوَقْفِ وَحَرَمَ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَلَمْ يُعْطِهِ وَصَرَفَ نَصِيبَهُ إلَى حَاجَةِ نَفْسِهِ فَلَمَّا خَرَجَتْ الْغَلَّةُ الثَّانِيَةُ طَلَبَ الْمَحْرُومُ نَصِيبَهُ هَلْ لَهُ ذَلِكَ قَالَ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَيِّمَ وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ شُرَكَاءَهُ فَشَارَكَهُمْ فِيمَا أَخَذُوا فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْقَيِّمِ سَلِمَ لَهُمْ مَا أَخَذُوا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْعَامِ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ اتِّبَاعَ الشُّرَكَاءِ فَإِنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الْمُتَوَلِّي وَإِنَّ الْمُتَوَلِّي لَا يَدْفَعُ لِلْمَحْرُومِ مِنْ غَلَّةِ الثَّانِيَةِ شَيْئًا سَوَاءٌ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ أَوْ اتِّبَاعَ الشُّرَكَاءِ لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ الشُّرَكَاءِ وَالشَّرِكَةَ فِيمَا أَخَذُوا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ الشُّرَكَاءِ مِنْ الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَارَ اتِّبَاعَ الشُّرَكَاءِ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ أَخَذُوا

ــ

[منحة الخالق]

أَوْ مَأْمُورَهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِيجَارِ مَعَ حُضُورِ الْمُتَوَلِّي إلَى التَّعْلِيلِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي تَعْلِيلِهِ أَوْ خَارِجٌ عَنْهُ يُفِيدُ مِلْكَ الْقَاضِي لِذَلِكَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ أَجَّرَ الْقَيِّمُ ثُمَّ عُزِلَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَدْ أَفْتَى الشَّارِحُ بِأَنَّ أَخْذَهَا لِلْمَعْزُولِ وَهِيَ فِي فَتَاوَاهُ وَلَمْ يُنْقَلْ خِلَافُهُ وَقَدْ عُلِمَ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ إفْتَاءٌ بِخِلَافِ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ لِلْقَيِّمِ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ إلَى كَتَبَةِ الْفَتْوَى) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَمِثْلُهُ لَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ ظَالِمٌ وَلَمْ يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ عَنْهُ إلَّا بِصَرْفِ مَالِهِ فَصَرَفَ لَا يَضْمَنُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ إذَا طَمَعَ السُّلْطَانُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ عَنْهُ إلَّا بِدَفْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَعَرَضَ لَهُ مِثْلُ هَذَا الْأَمْرِ فَاسْتَدَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَوْ اسْتَأْذَنَ الْقَاضِيَ فِي بَذْلِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ فِي مَالِ الْوَقْفِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا أَيْضًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَيِّمَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>