للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَجُوزُ لَهُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِكَنْسِ الْمَسْجِدِ وَفَتْحِهِ وَإِغْلَاقِهِ بِمَالِ الْمَسْجِدِ يَجُوزُ اهـ.

وَلَيْسَ لِأَحَدِ النَّاظِرَيْنِ التَّصَرُّفُ دُونَ الْآخَرِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ أَنَّ قَيِّمَيْنِ فِي وَقْفٍ أَقَامَ كُلَّ قَيِّمٍ قَاضِي بَلْدَةٍ غَيْرُ قَاضِي بَلْدَةٍ أُخْرَى هَلْ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ بِدُونِ الْآخَرِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ تَصَرُّفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الْقَاضِيَيْنِ أَرَادَ أَنْ يَعْزِلَ الْقَيِّمَ الَّذِي أَقَامَهُ الْقَاضِي الْآخَرُ فَإِنْ رَأَى الْقَاضِي الْمَصْلَحَةَ فِي عَزْلِ الْآخَرِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي عَزْلَ مَنْصُوبِ قَاضٍ آخَرَ بِغَيْرِ خِيَانَةٍ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ. اهـ.

فَإِنْ قُلْتُ: هَلْ لِأَحَدِ النَّاظِرَيْنِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْآخَرَ قُلْتُ: لَا يَجُوزُ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا لَوْ بَاعَ أَحَدُ الْوَصِيِّينَ لِصَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيِّينَ بِالتَّصَرُّفِ. اهـ.

وَالنَّاظِرُ إمَّا وَصِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَخْذُ مَالِ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً وَلَا لِلْقَيِّمِ أَنْ يَزْرَعَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ. اهـ.

فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ زَرَعَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِيَانَةً يَسْتَحِقُّ بِهَا الْعَزْلَ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ أَذِنَ قَيِّمٌ مُؤَذِّنًا لِيَخْدُمَ مَسْجِدًا وَقَطَعَ لَهُ الْأَجْرَ وَجَعَلَ ذَلِكَ أُجْرَةَ الْمَنْزِلِ وَهُوَ أَجْرُ الْمِثْلِ جَازَ وَفِي الْخَانِيَّةِ الْمُتَوَلِّي إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ بِدِرْهَمٍ وَدَانِقٍ وَأَجْرُ مِثْلِهِ دِرْهَمٌ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَنَقَدَ الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ قَالُوا يَكُونُ ضَامِنًا جَمِيعَ مَا نُقِدَ لِأَنَّهُ لَمَّا زَادَ فِي الْأَجْرِ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِنَفْسِهِ دُونَ الْمَسْجِدِ فَإِذَا نَقَدَ الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ كَانَ ضَامِنًا الْمُتَوَلِّي إذَا أَمَرَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يَخْدُمَ الْمَسْجِدَ وَسَمَّى لَهُ أَجْرًا مَعْلُومًا لِكُلِّ سَنَةٍ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الِاسْتِئْجَارَ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَنْظُرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ أَجْرَ عَمَلِهِ أَوْ زِيَادَةً يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِلْمَسْجِدِ فَإِذَا نَقَدَ الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ حَلَّ لِلْمُؤَذِّنِ أَخْذُهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَجْرِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِلْمُتَوَلِّي لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِئْجَارَ لِلْمَسْجِدِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَإِذَا أَدَّى الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ كَانَ ضَامِنًا وَإِنْ عَلِمَ الْمُؤَذِّنُ بِذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ اهـ.

ثُمَّ قَالَ فَقِيرٌ سَكَنَ دَارًا مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ بِأَجْرٍ وَتَرَكَ الْمُتَوَلِّي مَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ جَازَ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ خَرَاجَ الْأَرْضِ لِمَنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِحِصَّتِهِ. اهـ.

وَذَكَرَ فِيهَا ثَلَاثَ مَسَائِلَ فِي غَصْبِ الْوَقْفِ مُنَاسِبَةً لِتَصَرُّفِ الْمُتَوَلِّي الْأُولَى لَوْ غُصِبَ الْوَقْفُ وَاسْتَرَدَّهُ الْقَيِّمُ وَكَانَ الْغَاصِبُ زَادَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا مُتَقَوِّمًا بِأَنْ كَرَبَ الْأَرْضَ أَوْ حَفَرَ النَّهْرَ أَوْ أَلْقَى فِي ذَلِكَ السِّرْقِينَ وَاخْتَلَطَ ذَلِكَ بِالتُّرَابِ اسْتَرَدَّهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ كَانَتْ مَالًا مُتَقَوِّمًا كَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ أَمَرَ الْغَاصِبَ بِرَفْعِهِ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْأَرْضِ وَإِنْ أَضَرَّ بِأَنْ خَرَّبَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّفْعُ وَيَضْمَنُ الْقَيِّمُ لَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ قِيمَةَ الْغِرَاسِ مَقْلُوعًا وَقِيمَةَ الْبِنَاءِ مَرْفُوعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ أَجَّرَ الْوَقْفَ وَأَعْطَى الضَّمَانَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ اخْتَارَ الْغَاصِبُ قَلْعَ الْأَشْجَارِ مِنْ أَقْصَى مَوْضِعٍ لَا تَخْرَبُ الْأَرْضُ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ ثُمَّ يَضْمَنُ الْقَيِّمُ مَا بَقِيَ فِي الْأَرْضِ مِنْ الشَّجَرِ إنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ الثَّانِيَةُ لَوْ اسْتَوْلَى عَلَى الْوَقْفِ غَاصِبٌ وَعَجَزَ الْمُتَوَلِّي عَنْ اسْتِرْدَادِهِ وَأَرَادَ الْغَاصِبُ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهَا كَانَ لِلْمُتَوَلِّي أَخْذَ الْقِيمَةِ أَوْ الصُّلْحُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ يَشْتَرِي بِالْمَأْخُوذِ مِنْ الْغَاصِبِ أَرْضًا أُخْرَى فَيَجْعَلُهُ وَقْفًا عَلَى شَرَائِطِ الْأُولَى لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَهْلِكِ فَيَجُوزُ أَخْذُ الْقِيمَةِ الثَّالِثَةُ رَجُلٌ غَصَبَ أَرْضًا مَوْقُوفَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ ثُمَّ غَصَبَ مِنْ الْغَاصِبِ رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَمَا زَادَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ وَصَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّيَ يَتَّبِعُ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ إنْ كَانَ مَلِيًّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى جَعْلَ الْعَقَارِ مَضْمُونًا بِالْغَصْبِ لِأَنَّ تَضْمِينَ الثَّانِي أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْتُ: هَلْ لِأَحَدِ النَّاظِرَيْنِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْآخَرَ احْتِرَازٌ عَنْ النَّاظِرِ وَالْقَاضِي) قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ تَقَبَّلَ الْمُتَوَلِّي الْوَقْفَ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ إلَّا إذَا تَقَبَّلَهُ مِنْ الْقَاضِي لِنَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ يَتِمُّ لِقِيَامِهِ بِاثْنَيْنِ. اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ أَحَدِ النَّاظِرَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِيَانَةً) أَقُولُ: صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ فِي بَابِ الرَّجُلِ يَجْعَلُ أَرْضًا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً ثُمَّ يَزْرَعُهَا وَنَصُّهُ قُلْتُ: فَمَا تَقُولُ فِي وَالِي هَذِهِ الصَّدْقَةِ إنْ زَرَعَ أَرْضَ الْوَقْفِ ثُمَّ اخْتَلَفَ هُوَ وَأَهْلُ الْوَقْفِ فِي الزَّرْعِ فَقَالَ وَالِيهَا إنَّمَا زَرَعْتُهَا لِنَفْسِي بِبَذْرِي وَنَفَقَتِي وَقَالَ أَهْلُ الْوَقْفِ بَلْ زَرَعْتَهَا لَنَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْبَذْرَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>