للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَمْلَأَ مِنْ الثَّانِي يَتَّبِعُ الْأَوَّلَ لِأَنَّ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ يَكُونُ أَنْفَعَ لِلْوَقْفِ وَإِذَا اتَّبَعَ الْقَيِّمُ أَحَدَهُمَا بَرِئَ الْآخَرُ عَنْ الضَّمَانِ كَالْمَالِكِ إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي بَرِئَ الْآخَرُ. اهـ.

وَمِنْهَا أَكَّارٌ تَنَاوَلَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَصَالَحَهُ الْمُتَوَلِّي عَلَى شَيْءٍ وَالْأَكَّارُ غَنِيٌّ لَا يَجُوزُ الْحَطُّ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَإِنْ كَانَ الْأَكَّارُ فَقِيرًا جَازَ ذَلِكَ. اهـ.

وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِيمَا إذَا سَكَنَ الْفَقِيرُ دَارَ الْوَقْفِ وَسَامَحَهُ الْمُتَوَلِّي بِالْأَجْرِ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ وَمُسْتَحِقِّينَ مَخْصُوصِينَ لَا تَجُوزُ الْمُسَامَحَةُ وَالْحَطُّ بِالصُّلْحِ مُطْلَقًا وَعَلَى هَذَا لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرٍ الْمِثْلِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ مِنْ فَقِيرٍ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ وَإِنْ كَانَ وَقْفَ الْفُقَرَاءِ جَازَ وَفِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ اشْتَرَى بِغَلَّتِهِ ثَوْبًا وَدَفَعَهُ إلَى الْمَسَاكِينِ يَضْمَنُ مَا نَقَدَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ لِوُقُوعِ الشِّرَاءِ لَهُ حَائِطٌ بَيْنَ دَارَيْنِ إحْدَاهُمَا وَقْفٌ وَالْأُخْرَى مِلْكٌ فَانْهَدَمَ وَبَنَاهُ صَاحِبُ الْمِلْكِ فِي حَدِّ دَارِ الْوَقْفِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يَرْفَعُ الْقَيِّمُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُجْبِرَهُ عَلَى نَقْضِهِ ثُمَّ يَبْنِيهِ حَيْثُ كَانَ فِي الْقَدِيمِ وَلَوْ قَالَ الْقَيِّمُ لَلَبَّانِي أَنَا أُعْطِيكَ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَأُقِرُّهُ حَيْثُ بَنَيْتَ وَابْنِ أَنْت لِنَفْسِكَ حَائِطًا آخَرَ فِي حَدِّكَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ لَيْسَ لِلْقَيِّمِ ذَلِكَ بَلْ يَأْمُرُهُ بِنَقْضِهِ وَبِنَائِهِ حَيْثُ كَانَ فِي الْقَدِيمِ. اهـ.

وَلَوْ أَخَذَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مِنْ غَلَّتِهِ شَيْئًا ثُمَّ مَاتَ بِلَا بَيَانٍ لَا يَكُونُ ضَامِنًا هَكَذَا قَالُوا وَقَيَّدَهُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ بَحْثًا بِمَا إذَا لَمْ يُطَالِبْ الْمُسْتَحِقُّ أَمَّا إذَا طَالَبَهُ الْمُسْتَحِقُّ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ ثُمَّ مَاتَ بِلَا بَيَانٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا. اهـ.

وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى فِي حَيَاتِهِ الْهَلَاكَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَارَ ضَامِنًا بِمَنْعِ الْمُسْتَحِقِّ بَعْدَ الطَّلَبِ وَفِي الْقُنْيَةِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُحَاسِبَ أُمَنَاءَهُ فِيمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى لِيَعْرِفَ الْخَائِنَ فَيَسْتَبْدِلَهُ وَكَذَا الْقُوَّامُ عَلَى الْأَوْقَافِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي مِقْدَارِ مَا حَصَلَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ مِقْدَارِ الْغَلَّاتِ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فِيهِ سَوَاءٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَابِضِ فِي مِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ وَفِيمَا يُخْبِرُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ أَوْ عَلَى الضَّيْعَةِ وَمُؤْنَاتِ الْأَرَاضِيِ وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي الْمُحْتَمَلِ دُونَ الْقَيِّمِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ الْحِفْظُ وَالتَّصَرُّفُ وَالْقَيِّمُ مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ الْحِفْظُ دُونَ التَّصَرُّفِ وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا سَوَّوْا بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ فِيمَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَقَالُوا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا فِيهِ وَقَاسُوهُ عَلَى قَيِّمِ الْمَسْجِدِ أَوْ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ إذَا اشْتَرَى لِلْمَسْجِدِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْحَصِيرِ وَالْحَشِيشِ وَالدُّهْنِ وَأَجَّرَ الْخَادِمَ وَنَحْوَهُ لَا يَضْمَنُ لِلْأُذُنِ دَلَالَةً وَلَا يَتَعَطَّلُ الْمَسْجِدُ كَذَا هَذَا وَبِهِ يُفْتَى فِي زَمَانِنَا قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ فِي عُرْفِنَا بِخُوَارِزْمَ هَذَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (ط) وَإِنْ اتَّهَمَهُ الْقَاضِي يُحَلِّفُهُ وَإِنْ كَانَ أَمِينًا كَالْمُودَعِ يَدَّعِي هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ أَوْ رَدَّهَا قِيلَ إنَّمَا يُسْتَحْلَفُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا مَعْلُومًا وَقِيلَ يَحْلِفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ أَخْبَرُوا أَنَّهُمْ أَنْفَقُوا عَلَى الْيَتِيمِ وَالضَّيْعَةِ مِنْ إنْزَالِ الْأَرْضِ كَذَا وَبَقِيَ فِي أَيْدِينَا كَذَا فَإِنْ عُرِفَ بِالْأَمَانَةِ يَقْبَلُ الْقَاضِي الْإِجْمَالَ وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى التَّفْسِيرِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَى التَّفْسِيرِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَلَا يَحْبِسُهُ وَلَكِنْ يُحْضِرُهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ يُخَوِّفُهُ وَيُهَدِّدُهُ إنْ لَمْ يُفَسِّرْهُ فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا يَكْتَفِي مِنْهُ بِالْيَمِينِ وَلَوْ عُزِلَ الْقَاضِي وَنُصِّبَ غَيْرُهُ فَقَالَ الْوَصِيُّ لِلْمَنْصُوبِ حَاسَبَنِي الْمَعْزُولُ لَا يُقْبَلُ

ــ

[منحة الخالق]

فَمَا حَدَثَ مِنْ الزَّرْعِ مِنْ هَذَا الْبَذْرِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاقِفِ فِيمَا يُزْرَعُ لَهُ قُلْتُ: فَتَرَى إخْرَاجَهُ مِنْ يَدِهِ بِمَا فَعَلَ قَالَ نَعَمْ وَيَضْمَنُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ الطَّرَسُوسِيُّ إلَخْ) نَصُّ عِبَارَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّفْصِيلُ فِيهَا أَنَّهُ إنْ حَصَلَ طَلَبُ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْهُ الْمَالَ وَأَخَّرَ ثُمَّ مَاتَ مُجْهَلًا أَنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طَلَبٌ مِنْهُمْ وَمَاتَ مُجْهَلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ أَيْضًا إنْ كَانَ مَحْمُودًا بَيْنَ النَّاسِ مَعْرُوفًا بِالدِّيَانَةِ وَالْأَمَانَةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَمَضَى زَمَنٌ وَالْمَالُ بِيَدِهِ وَلَمْ يُفَرِّقْهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ أَنَّهُ يَضْمَنُ. اهـ.

وَكَانَ قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّفْصِيلُ إلَخْ سَقَطَ مِنْ نُسْخَةِ الرَّمْلِيِّ فَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ وَالْعَمَلُ بِإِطْلَاقِهِمْ مُتَعَيِّنٌ وَلَا نَظَرَ لِمَا قَالَهُ الطَّرَسُوسِيُّ بَحْثًا وَيَكْفِي الْمَانِعَ احْتِمَالُهُ وَقَدْ قِيلَ فِي حَقِّ الطَّرَسُوسِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْقَائِلُ فِيهِ ذَلِكَ الْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ.

تَأَمَّلْ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبِيرِيَّ فِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ ذَكَرَ أَنَّ قَوْلَهُ غَلَّاتُ الْوَقْفِ وَقَعَ هَكَذَا مُطْلَقًا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَقَيَّدَهُ قَاضِي خَانْ بِمُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا أَخَذَ غَلَّاتِ الْمَسْجِدِ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ اهـ.

أَقُولُ: أَمَّا إذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ مُسْتَحَقَّةً لِقَوْمٍ بِالشَّرْطِ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا ثُمَّ ذَكَرَ الِاسْتِدْلَالَ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ إنَّ غَلَّةَ الْوَقْفِ يَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ وَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ مِنْ أَنَّ دَعْوَى الْغَلَّةِ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ فِي حُكْمِ سَائِرِ الْأَمَانَاتِ فَتَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ كَشَرِيكٍ وَمُفَاوَضٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>