للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ تَعَالَى غَايَتُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ وَمِنْ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ مَا صَرَّحَ بِهِ الْخَصَّافُ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْمُتَوَلِّي الْأَرْضَ فَإِنَّ إجَارَتَهَا بَاطِلَةٌ وَكَذَا اشْتَرَطَ أَنْ لَا يُعَامَلَ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ نَخْلٍ وَأَشْجَارٍ وَكَذَا إذَا شَرَطَ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إذَا أَجَّرَهَا فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ التَّوْلِيَةِ فَإِذَا خَالَفَ الْمُتَوَلِّي صَارَ خَارِجًا وَيُوَلِّيهَا الْقَاضِي مَنْ يَثِقُ بِأَمَانَتِهِ وَكَذَا إذَا شَرَطَ أَنَّهُ إنْ أَحْدَثَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْوَقْفِ حَدَثًا فِي الْوَقْفِ يُرِيدُ إبْطَالَهُ كَانَ خَارِجٌ اُعْتُبِرَ فَإِنْ نَازَعَ الْبَعْضُ وَقَالَ أَرَدْتُ تَصْحِيحَ الْوَقْفِ وَقَالَ سَائِرُ أَهْلِ الْوَقْفِ إنَّمَا أَرَدْتَ إبْطَالَهُ نَظَرَ الْقَاضِي فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ تَنَازَعُوا فَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ تَصْحِيحَهُ فَلَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ إبْطَالَهُ أَخْرَجَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى إخْرَاجِهِمْ.

وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ نَازَعَ الْقَيِّمَ وَتَعَرَّضَ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ لِإِبْطَالِهِ فَنَازَعَهُ الْبَعْضُ وَقَالَ مَنَعَنِي حَقِّي صَارَ خَارِجًا وَلَوْ كَانَ طَالِبًا حَقَّهُ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ طَالَبَهُ بِحَقِّهِ فَلِلْمُتَوَلِّي إخْرَاجُهُ فَلَوْ أَخْرَجَهُ لَيْسَ لَهُ إعَادَتُهُ بِدُونِ الشَّرْطِ وَمِنْهَا مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ إلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ صَارَ خَارِجًا فَانْتَقَلَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ صَارَ خَارِجًا فَإِنْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ صَارَ مُعْتَزِلِيًّا فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ إلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ صَارَ خَارِجًا اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ إلَى غَيْرِهِ فَصَارَ خَارِجِيًّا أَوْ رَافِضِيًّا خَرَجَ فَلَوْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْإِسْلَامِ خَرَجَ الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ فَلَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ مَذْهَبِ الْإِثْبَاتِ إلَى غَيْرِهِ خَرَجَ فَخَرَجَ وَاحِدٌ ثُمَّ عَادَ إلَى مَذْهَبِ الْإِثْبَاتِ لَا يَعُودُ إلَى الْوَقْفِ إلَّا بِالشَّرْطِ وَكَذَلِكَ لَوْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ مَذْهَبًا مِنْ الْمَذَاهِبِ وَشَرَطَ أَنَّهُ إنْ انْتَقَلَ عَنْهُ خَرَجَ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ.

وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ قَرَابَتِهِ مِنْ بَغْدَادَ فَلَا حَقَّ لَهُ اُعْتُبِرَ لَكِنْ هُنَا إذَا عَادَ إلَى بَغْدَادَ رُدَّ إلَى الْوَقْفِ وَلَوْ شَرَطَ وَقْفَهُ عَلَى الْعُمْيَانِ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّ فِيهِمْ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ وَكَذَا عَلَى الْعُورَانِ وَالْعُرْجَانِ وَالزَّمْنَى. اهـ.

مُخْتَصَرًا وَمِنْهَا مَا فِي قَاضِي خَانْ لَوْ وَقَفَ عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَشَرَطَ عَدَمَ تَزَوُّجِهِنَّ كَانَ الشَّرْطُ صَحِيحًا فَعَلَى هَذَا لَوْ شَرَطَ فِي حَقِّ الصُّوفِيَّةِ بِالْمَدْرَسَةِ عَدَمَ التَّزَوُّجِ كَمَا بِالْمَدْرَسَةِ الشَّيْخُونِيَّةِ بِالْقَاهِرَةِ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ وَمِنْهَا مَا فِي الْفَتَاوَى أَيْضًا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا تُؤَاجَرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهَا وَكَانَتْ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ فَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤَاجِرَهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَلَكِنَّهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُؤَاجِرَهَا الْقَاضِي أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ النَّظَرِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَعَلَى الْمَيِّتِ أَيْضًا وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا تُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إلَّا إذَا كَانَ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤَاجِرَهَا بِنَفْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إذَا كَانَ رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَاضِي. اهـ.

وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الشَّرَائِطَ الرَّاجِعَةَ إلَى الْغَلَّةِ وَتَحْصِيلَهَا لَا يَقْدِرُ الْمُتَوَلِّي عَلَى مُخَالَفَتِهَا وَلَوْ كَانَ أَصْلَحَ لِلْوَقْفِ وَإِنَّمَا يُخَالِفُهَا الْقَاضِي وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَمْ تَرْجِعْ إلَى الْغَلَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مُخَالَفَةُ الْقَاضِي كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي تَقْرِيرِ الْقَاضِي فَرَّاشًا لِلْمَسْجِدِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَفِي الْقُنْيَةِ وَقَفَ عَلَى الْمُتَفَقِّهَةِ حِنْطَةً فَيَدْفَعُهَا الْقَيِّمُ دَنَانِيرَ

ــ

[منحة الخالق]

حُكْمًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ قَالَ وَمَا خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَهُوَ حُكْمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ نَصَّهُ فِي الْوَاقِفِ نَصًّا أَوْ ظَاهِرًا. اهـ.

قَالَ هَذَا الشَّارِحُ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ مَشَايِخِنَا كَغَيْرِهِمْ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ اهـ.

فَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ أَيْضًا تَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ.

قُلْتُ: اسْتَثْنَى الْمُؤَلِّفُ فِي أَشْبَاهِهِ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلَ الْأُولَى شَرَطَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْزِلُ النَّاظِرَ فَلَهُ عَزْلُ غَيْرِ الْأَهْلِ الثَّانِيَةُ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ وَقْفُهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهِ سَنَةً أَوْ كَانَ فِي الزِّيَادَةِ نَفْعٌ لِلْفُقَرَاءِ فَلِلْقَاضِي الْمُخَالَفَةُ دُونَ النَّاظِرِ الثَّالِثَةُ لَوْ شَرَطَ أَنْ يُقْرَأَ عَلَى قَبْرِهِ فَالتَّعْيِينُ بَاطِلٌ الرَّابِعَةُ شَرَطَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَاضِلِ الْغَلَّةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ فِي مَسْجِدِ كَذَا كُلَّ يَوْمٍ لَمْ يُرَاعَ شَرْطُهُ وَلِلْقَيِّمِ التَّصَدُّقُ عَلَى سَائِلِ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى مَنْ لَا يَسْأَلُهُ الْخَامِسَةُ لَوْ شَرَطَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ خُبْزًا وَلَحْمًا مُعَيَّنًا كُلَّ يَوْمٍ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَدْفَعَ الْقِيمَةَ مِنْ النَّقْدِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَهُمْ طَلَبُ الْعَيْنِ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ السَّادِسَةُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنْ الْقَاضِي عَلَى مَعْلُومِ الْإِمَامِ إذَا كَانَ لَا يَكْفِيهِ وَكَانَ عَالِمًا تَقِيًّا السَّابِعَةُ شَرَطَ الْوَاقِفُ عَدَمَ الِاسْتِبْدَالِ فَلِلْقَاضِي الِاسْتِبْدَالُ إذَا كَانَ أَصْلَحَ. اهـ.

كَلَامُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ هُنَا إذَا عَادَ إلَخْ) لِأَنَّ النَّظَرَ هَاهُنَا إلَى حَالِهِمْ يَوْمَ الْقِسْمَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ وَكَانَ فِيهِمْ فُقَرَاءُ وَأَغْنِيَاءُ تَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ لَوْ افْتَقَرَ الْأَغْنِيَاءُ وَاسْتَغْنَى الْفُقَرَاءُ تَكُونُ الْغَلَّةُ لِمَنْ افْتَقَرَ دُونَ مَنْ اسْتَغْنَى وَلَوْ لَمْ يُنْظَرْ إلَى حَالِهِمْ يَوْمَ الْقِسْمَةِ لَرُبَّمَا لَزِمَهُ دَفْعُ الْغَلَّةِ إلَى الْأَغْنِيَاءِ دُونَ الْفُقَرَاءِ إسْعَافٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>