للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَهُمْ طَلَبُ الْحِنْطَةِ وَلَهُمْ أَخْذُ الدَّنَانِيرِ إنْ شَاءُوا. اهـ.

وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْخِيَارَ لَلْمُسْتَحِقِّينَ فِي أَخْذِ الْخُبْزِ الْمَشْرُوطِ لَهُمْ أَوْ قِيمَتِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُتَوَلِّي وَأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ مَا شَاءُوا وَفِي الْقُنْيَةِ يَجُوزُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ وُجُوهِ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ إلَى الْإِمَامِ إذَا كَانَ يَتَعَطَّلُ لَوْ لَمْ يَصْرِفْ إلَيْهِ يَجُوزُ صَرْفُ الْفَاضِلِ عَنْ الْمَصَالِحِ إلَى الْإِمَامِ الْفَقِيرِ بِإِذْنِ الْقَاضِي لَا بَأْسَ بِأَنْ يُعَيِّنَ شَيْئًا مِنْ مُسَبَّلَاتِ الْمَصَالِحِ لِلْإِمَامِ زَيْدٍ فِي وَجْهِ الْإِمَامِ مِنْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ نُصِبَ إمَامٌ آخَرُ فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لِقِلَّةِ وُجُودِ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ لِمَعْنًى فِي الْإِمَامِ الْأَوَّلِ نَحْوُ فَضِيلَةٍ أَوْ زِيَادَةِ حَاجَةٍ فَلَا تَحِلُّ لِلثَّانِي قَالَ الْإِمَامُ لِلْقَاضِي إنَّ مَرْسُومِي الْمُعَيَّنِ لَا يَفِي بِنَفَقَتِي وَنَفَقَةِ عِيَالِي فَزَادَ الْقَاضِي فِي مَرْسُومِهِ مِنْ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ رِضَا أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَالْإِمَامُ مُسْتَغْنٍ وَغَيْرُهُ يَؤُمُّ بِالْمَرْسُومِ الْمَعْهُودِ تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ إذَا كَانَ عَالِمًا تَقِيًّا. اهـ.

ثُمَّ قَالَ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شَاءَ أَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَضَعَهَا حَيْثُ شَاءَ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْأَغْنِيَاءَ وَفِيهَا مِنْ بَابِ الْوَقْفِ الَّذِي مَضَى زَمَنُ صَرْفِهِ وَلَمْ يَصْرِفْهُ إلَى الْمَصْرِفِ مَاذَا يَصْنَعُ بِهِ وَقَفَ مُسْتَغَلًّا عَلَى أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَلَّتِهِ كَذَا شَاةً كُلَّ سَنَةٍ وَقْفًا صَحِيحًا وَلَمْ يُضَحِّ الْقَيِّمُ عَنْهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَفِيهَا بَابُ تَصَرُّفَاتِ الْقَيِّمِ مِنْ التَّبْدِيلِ وَتَغْيِيرِ الشُّرُوطِ وَنَحْوِهَا قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا جَعَلَ الْوَقْفَ عَلَى شِرَاءِ الْخُبْزِ وَالثِّيَابِ وَالتَّصَدُّقِ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ يَجُوزُ عِنْدِي بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ مِنْ غَيْرِ شِرَاءِ خُبْزٍ وَلَا ثَوْبٍ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ هُوَ الْمَقْصُودُ حَتَّى جَازَ التَّقَرُّبُ بِالتَّصَدُّقِ دُونَ الشِّرَاءِ.

وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ عَلَى مُحْتَاجِي الْمُجَاهِدِينَ جَازَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ كَالْخُبْزِ وَالثِّيَابِ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُسَلِّمَهُ الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ فَيُجَاهِدَ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ وَيَسْتَرِدَّ مِمَّنْ أَحَبَّ ثُمَّ يَدْفَعَ إلَى مَنْ أَحَبَّ جَازَ الْوَقْفُ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَلَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ وَلَا بِالسِّلَاحِ بَلْ يَشْتَرِي الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ وَيَبْذُلُهَا لِأَهْلِهَا عَلَى وَجْهِهَا لِأَنَّ الْوَقْفَ وَقَعَ لِلْإِبَاحَةِ لَا لِلتَّمْلِيكِ وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى شِرَاءِ النَّسَمِ وَعِتْقِهَا جَازَ وَلَمْ يَجُزْ إعْطَاءُ الْغَلَّةِ وَكَذَا لَوْ وَقَفَ لِيُضَحِّيَ أَوْ لِيُهْدِيَ إلَى مَكَّةَ فَيَذْبَحَ عَنْهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ جَازَ وَهُوَ دَائِمٌ أَبَدًا وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ يُرَاعَى فِيهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَمَا لَوْ نَذَرَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ بِذَبْحِ شَاتِهِ أُضْحِيَّةً لَمْ يَتَصَدَّقْ بِقِيمَتِهِ وَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا سَمَّى وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَبْدِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ شَاتِه أَوْ ثَوْبِهِ جَازَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ.

وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مُحْتَاجِي أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُمْ الثِّيَابَ وَالْمِدَادَ وَالْكَاغَدَ وَنَحْوَهَا مِنْ مَصَالِحِهِمْ جَازَ الْوَقْفُ وَهُوَ دَائِمٌ لِأَنَّ لِلْعُلُومِ طُلَّابًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَجُوزُ مُرَاعَاةُ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ التَّصَدُّقُ عَلَيْهِمْ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ وَلَوْ وَقَفَ لِيَشْتَرِيَ بِهِ الْكُتُبَ وَيَدْفَعَ إلَى أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنْ كَانَ تَمْلِيكًا جَازَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ وَإِنْ كَانَ إبَاحَةً وَإِعَارَةً فَلَا وَقَفَ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ يَوْمٍ مَنًّا مِنْ الْخُبْزِ وَرُبْعًا مِنْ اللَّحْمِ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِمْ قِيمَةَ ذَلِكَ وَرِقًا وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَاضِلِ غَلَّةِ الْوَقْفِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ فِي مَسْجِدِ كَذَا كُلَّ يَوْمٍ.

فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى السُّؤَالِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى فَقِيرٍ لَا يَسْأَلُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْأَوْلَى عِنْدِي أَنْ يُرَاعَى فِي هَذَا الْأَخِيرِ شَرْطُ الْوَاقِفِ. اهـ.

فَإِنْ قُلْتُ: هَلْ الْوَصْفُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ كَصَرِيحِ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى إمَامٍ حَنَفِيٍّ قُلْتُ: نَعَمْ فَلَا يَجُوزُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَبِهَذَا يُعْلَمُ إلَخْ) أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ثُبُوتَ طَلَبِ الْحِنْطَةِ لَهُمْ لِكَوْنِهَا أَصْلَ الْمَشْرُوطِ لَهُمْ وَأَمَّا أَنَّ لَهُمْ أَخْذَ الدَّنَانِيرِ فَهُوَ لِكَوْنِ الْقَيِّمِ رَضِيَ بِذَلِكَ فَإِذَا رَضُوا أَيْضًا بِأَخْذِهَا بَدَلًا عَنْ أَصْلِ الْمَشْرُوطِ لَهُمْ جَازَ ذَلِكَ وَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لَهُمْ اسْتِبْدَالَ الْمَشْرُوطِ لَهُمْ بِالدَّنَانِيرِ سَوَاءٌ رَضِيَ الْقَيِّمُ أَوْ لَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ يَجُوزُ صَرْفُ شَيْءٍ إلَخْ) أَيْ إذَا اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ كَمَا مَرَّ فِي آخِرِ قَوْلِهِ وَيُبْدَأُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بِعِمَارَتِهِ فِي قَوْلِهِ السَّادِسَ عَشَرَ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَام لِلْقَاضِي إنَّ مَرْسُومِي إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ (عت) فِي وُجُوهِ الْإِمَامَةِ قِلَّةٌ فَزَادَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ دَارًا لَهُ مِنْ مُسَبَّلَاتِ الْمَسْجِدِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِ لَا يَنْفُذُ نَقَلَهُ الزَّاهِدِيُّ فِي قُنْيَتِهِ وَكَذَا فِي حَاوِيهِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي رِسَالَتِهِ الْقَوْلُ النَّفْيُ نَاقِلًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ كَانَ لِلْإِمَامِ مَعْلُومٌ فَزَادُوهُ وَحَكَمَ بِذَلِكَ حَاكِمٌ هَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ قَالَ لَا. اهـ.

وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْحَاوِي قَالَ فِي الرِّسَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَذَا يُفِيدُ مَنْعَ الزِّيَادَةِ فِي الْمَعَالِيمِ الْوَاقِعَةِ فِي زَمَانِنَا إذَا كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ شَرْطِ الْوَاقِفِينَ وَأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي لَيْسَ بِنَافِذٍ فِيهَا فَمَنْ جَعَلَ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي مُطْلَقًا فَقَدْ زَادَ فِي الشَّرِيعَةِ بِرَأْيِهِ وَأَفْسَدَ الدِّينَ بِسُوءِ فَهْمِهِ فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ حَاكِمٍ رَوْعُهُ وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مَنْعُهُ اهـ.

أَقُولُ: يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَطَّلْ الْمَسْجِدُ بِقُلِّ الْمَرْسُومِ عَنْ الْإِمَامَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الَّذِي يَقْبَلُ الْقَلِيلَ عَالِمًا تَقِيًّا أَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ جَاهِلًا فَاسِقًا فَهُوَ كَالْعَدَمِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْأَشْبَاهِ بِجَوَازِ الزِّيَادَةِ بِقَوْلِهِ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنْ الْقَاضِي عَلَى مَعْلُومِ الْإِمَامِ إذَا كَانَ لَا يَكْفِيهِ وَكَانَ عَالِمًا تَقِيًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>