للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ كَانَتْ غَلَّتُهُ دُونَ غَلَّةِ الْأُولَى فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَقْفٌ عَلَى مُسَمَّيْنَ خَرِبَ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا يُسْتَأْجَرُ أَصْلُهُ يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ يُسْتَأْجَرُ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ يَبْقَى أَصْلُهُ وَقْفًا. اهـ.

وَيَجِبُ حِفْظُ هَذَا فَإِنَّهُ قَدْ تَخْرَبُ الدَّارُ وَتَصِيرُ كَوْمًا وَهِيَ بِحَيْثُ لَوْ نُقِلَ نَقْضُهَا اسْتَأْجَرَ أَرْضَهَا مَنْ يَبْنِي أَوْ يَغْرِسُ وَلَوْ بِقَلِيلٍ فَيَغْفُلُ عَنْ ذَلِكَ وَتُبَاعُ كُلُّهَا لِلْوَاقِفِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مِنْهَا إلَيْهِ إلَّا النِّقْضُ فَإِنْ قُلْتُ: عَلَى هَذَا تَكُونُ مَسْأَلَةُ الرِّبَاطِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مُقَيَّدَةً بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ أَرْضُهُ بِحَيْثُ تُسْتَأْجَرُ قُلْنَا لَا لِأَنَّ الرِّبَاطَ مَوْقُوفٌ لِلسُّكْنَى وَامْتَنَعَتْ بِانْهِدَامِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّ الْمُرَادَ وَقْفٌ لِاسْتِغْلَالِ الْجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. اهـ.

مَا فِي الْفَتْحِ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ بَسَطَ مِنْ مَالِهِ حَصِيرًا لِلْمَسْجِدِ فَخَرِبَ الْمَسْجِدُ وَوَقَعَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَهُ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا وَإِنْ بَلَى ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ حَصِيرًا آخَرَ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى حَشِيشًا أَوْ قِنْدِيلًا فَوَقَعَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُبَاعُ ذَلِكَ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ إلَى حَوَائِجِ الْمَسْجِدِ فَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ هَذَا الْمَسْجِدُ يُحَوَّلُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ كَفَّنَ مَيِّتًا فَافْتَرَسَهُ سَبُعٌ فَإِنَّ الْكَفَنَ يَكُونُ لِلْمُكَفِّنِ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَارِثِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْمَسْجِدِ بَاعُوا حَشِيشَ الْمَسْجِدِ أَوْ جِنَازَةً أَوْ نَعْشًا صَارَ خَلَقًا وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَائِبٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي آلَاتِ الْمَسْجِدِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي تَأْبِيدِ الْمَسْجِدِ وَأَمَّا قِيَاسُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْحَصِيرَ عَلَى الْجِنَازَةِ وَالنَّعْشِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ إذَا وَقَفَ جِنَازَةً أَوْ نَعْشًا أَوْ مُغْتَسَلًا وَهُوَ التَّوْرُ الْعَظِيمُ فِي مَحَلَّةٍ خَرِبَتْ الْمَحَلَّةُ وَلَمْ يَبْقَ أَهْلُهَا قَالُوا لَا تُرَدُّ إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ بَلْ تُحَوَّلُ إلَى مَحَلَّةٍ أُخْرَى أَقْرَبَ إلَى هَذِهِ الْمَحَلَّةِ فَرَّقُوا بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ إذَا خَرِبَ مَا حَوْلَهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَصِيرُ مِيرَاثًا لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مِمَّا لَا يُنْقَلُ إلَى مَكَان آخَرَ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِمَّا تُنْقَلُ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ حَوْضٌ أَوْ مَسْجِدٌ خَرِبَ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَصْرِفَ أَوْقَافَهُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَلَوْ خَرِبَ أَحَدُ الْمَسْجِدَيْنِ فِي قَرْيَةٍ وَاحِدَةٍ فَلِلْقَاضِي صَرْفُ خَشَبِهِ إلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ

ــ

[منحة الخالق]

كَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ جِهَةِ أَبِي يُوسُفَ إيرَادًا عَلَى مُحَمَّدٍ.

(قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَهُوَ الصَّحِيحُ) لَا تَنْسَ مَا قَدَّمْنَا آنِفًا عَنْ الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا قِيَاسُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْحَصِيرَ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ قَالَ فِيمَا سَبَقَ فَإِنْ صَحَّ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ فَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْبَوَارِي وَالْحُصْرُ أَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى الْوَارِثِ وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ صَحَّ هَذَا إلَى الْجِنَازَةِ وَالْمِلْأَةِ وَالْمُغْتَسَلِ فَقَدْ جَعَلَ الرِّوَايَةَ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ رِوَايَةً فِي الْحَصِيرِ وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ فَأَنَّهُ فِيمَا مَرَّ آنِفًا جَعَلَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي آلَاتِ الْمَسْجِدِ إذَا خَرِبَ مِنْ أَنَّهَا تَعُودُ إلَى الْمِلْكِ.

وَفِي الْجِنَازَةِ وَنَحْوِهَا مَشَى عَلَى أَنَّهَا لَا تَعُودُ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ بِكَوْنِهِ مِمَّا يُنْقَلُ يَشْمَلُ الْكُلَّ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْتُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ مَذْكُورًا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ وَاقِعَاتِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ حَيْثُ نَقَلَ أَوَّلًا مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَنْ الْخَانِيَّةِ مَعَ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ قَالَ وَفِي هَذِهِ الْفُصُولِ نَوْعُ إشْكَالٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ إلَى مِلْكِ الْوَارِثِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْحُصْرِ وَالْبَوَارِي وَلَئِنْ صَحَّ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ تَصِيرُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ رِوَايَةً فِي الْحَصِيرِ وَالْبَوَارِي أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْوَارِثِ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ حَوْضٌ إلَخْ) وَفِي الْخَانِيَّةِ رِبَاطٌ بَعِيدٌ اسْتَغْنَى عَنْهُ الْمَارَّةُ وَبِجَنْبِهِ رِبَاطٌ آخَرُ قَالَ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو شُجَاعٍ تُصْرَفُ غَلَّتُهُ إلَى الرِّبَاطِ الثَّانِي كَالْمَسْجِدِ إذَا خَرِبَ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي فَبَاعَ الْخَشَبَ وَصَرَفَ الثَّمَنَ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ جَازَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إذَا خَرِبَ الرِّبَاطُ أَوْ الْمَسْجِدُ وَاسْتَغْنَى النَّاسُ عَنْهُمَا يَصِيرُ مِيرَاثًا وَكَذَا حَوْضُ الْعَامَّةِ إذَا خَرِبَ. اهـ.

لَكِنْ ذَكَرَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ فَهُوَ خِلَافُ الْمُفْتَى بِهِ وَخِلَافُ الصَّحِيحِ الْمَذْكُورِ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ قَالَ وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ فَتْوَى بَعْضِ الْمَشَايِخِ فِي عَصْرِنَا بِمَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا بَلْ وَمَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ كَالشَّيْخِ الْإِمَام أَمِينِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَالِ وَالشَّيْخِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ الشَّلَبِيِّ وَالشَّيْخِ زَيْنِ بْنِ نُجَيْمٍ وَالشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْوَفَائِيِّ فَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِنَقْلِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِنَقْلِهِ وَنَقْلِ مَالِهِ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَقَدْ مَشَى الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ سِرَاجِ الدِّينِ الْحَانُوتِيُّ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ عَدَمِ نَقْلِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُوَافِقْ الْمَذْكُورِينَ اهـ.

لَكِنَّ الشُّرُنْبُلَالِيُّ جَعَلَ مَا ذُكِرَ خَاصًّا بِالْمَسْجِدِ أَمَّا الْحَوْضُ وَالْبِئْرُ وَنَحْوُهُمَا فَقَالَ يَجُوزُ نَقْلُهُ إلَى آخَرَ كَالْحَصِيرِ تَأَمَّلْ هَذَا وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ سُئِلْت عَنْهَا فِي أَمِيرٍ أَرَادَ نَقْلَ أَحْجَارٍ مِنْ مَسْجِدٍ خَرَابٍ فِي سَفْحِ جَبَلِ قَاسِيُونَ فِي دِمَشْقَ وَأَرَادَ أَنْ يُبَلِّطَ بِهَا صَحْنَ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ فَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الْمُتَغَلِّبِينَ نَقَلَ الْأَحْجَارَ الْمَذْكُورَةَ إلَى عِمَارَةِ دَارِهِ فَنَدِمْتُ عَلَى مَا أَفْتَيْتُ بِهِ ثُمَّ رَأَيْتُ الْآنَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>